أدلى جمعٌ من المثقّفين والمفكّرين والأكاديميّين الذين اختلفت توجّهاتهم الدينيّة والعلميّة بآرائهم حول المؤتمر الدوليّ الأوّل (استعادة الصدارة الفكريّة لتعزيز العدل في مجتمعٍ مدنيّ)، الذي نظّمته الأمانتان العامّتان للعتبتين المقدّستين الحسينيّة والعبّاسية بالتعاون مع مؤسّسة الإمام الخوئي(قدّس سرّه) والتحالف العلميّ للبحث والتراث وعُقد في مبنى الأمم المتّحدة، حيث أفردت لهم اللّجنةُ التحضيريّة مساحةً واسعةً من أجل الاستفادة منها وتعشيقها مع مخرجات وتوصيات المؤتمر.
الاجتهاد: شهدت قاعة المجلس الاقتصادي في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك ولأول مرة انعقاد المؤتمر الدولي الذي نظمته العتبتان الحسينية والعباسية المقدستان، بالتعاون مع مؤسسة الخوئي والتحالف العلمي للبحث والتراث، تحت عنوان (استعادة الصدارة الفكرية لتعزيز العدل في مجتمع مدني)، وبحضور شخصيات من شتى بقاع العالم ومن مختلف الديانات.
وقد ذكر طلال الكمالي ممثل العتبة الحسينية المقدسة في المؤتمر في أثناء كلمته في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك أن “فتوى الدفاع الكفائي للتصدي لعصابات داعش الإرهابي وإنقاذ العالم من خطر الإرهاب الدولي المتمثل بداعش، انطلقت من مرقد الإمام الحسين (عليه السلام)، وكان هنالك جملة من التوصيات الإنسانية للمقاتلين، والتي تنص بعدم التعرض للأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء والممتلكات العامة والخاصة، وعدم إيذاء الجرحى وضرورة معاملة الأسرى بالرحمة خلال الحرب ضد داعش الإرهابي”.
مضيفا إن “الوفد الذي حضر إلى نيويورك قد عرض فيلما وثائقيا بين من خلاله كافة المواقف الإنسانية والوطنية التي اتخذتها المرجعية الدينية العليا، واحتضانها كافة أطياف الشعب العراقي، وتأكيدها المتواصل على التسامح والصبر والمحبة، بين أبناء الشعب الواحد، كمبادئ للعيش المشترك”.
وبين الشيخ فاضل السهلاني من مؤسسة الإمام الخوئي في نيويورك أن “هذا المؤتمر هو الأول والوحيد الذي يعقد داخل مبنى الأمم المتحدة لمعالجة بعض الأمور التي تهم العالم الإسلامي بشكل عام، والعالم العربي بشكل خاص، وتأتي هذه الخطوة ضمن المساعي لإعادة الصدارة الفكرية، وتعزيز العدالة والسلام والتعددية الاجتماعية في البلدان العربية”.
ومن تلك الآراء التي طُرحت في ختام الجلسات البحثيّة للمؤتمر هي:
– السيّد محبوب مهدي من مؤسّسة البقيع العالميّة في أمريكا: المؤتمر جيّدٌ شكلاً ومضموناً، ونشكر العتبات المقدّسة في العراق والقائمين عليها على إقامته، الذي ضمّ بين جلساته محوراً للتراث وحمايته، ونحن نعاني من إهمالٍ لتراثنا الإسلاميّ وعدم اهتمامٍ به، فعلينا أن نهتمّ به ونعرّف العالم أجمع عليه وهذه مسؤوليّتنا، ونطالب بإقامة مؤتمرٍ شبيهٍ لهذا في كربلاء المقدّسة.
– الدكتور أسد حيدر من الجمعيّة الإسلاميّة لأمريكا الشمالية: نحيّيكم على ما بذلتموه من جهودٍ في سبيل إقامة هذا المؤتمر الذي اختلف عن سابقاته، ونتمنّى أن تترجم مخرجاتُه على أرض الواقع والعمل على تبنّيها كما ينبغي.
– الأستاذ حيدر بحر العلوم رجل دين ناشطٌ مدنيّ في نيويورك وصاحب مؤسّسة دينيّة: المؤتمرُ من ناحية التنظيم والطرح كان بمستوى راقٍ، لكن ماذا بعد هذا المؤتمر؟ نحتاج لتطبيق توصياته وأن لا يكون كبقيّة المؤتمرات الأخرى تعتمد على الجانب التنظيري فقط، مبارك للعتبات المقدّسة هذا اللقاء الذي هو بحدّ ذاته إنجازٌ مهمّ، وهذا العمل لا تستطيع أن تنهض به مؤسّسة واحدة بل يجب أن تتضافر جهودُ كافّة المؤسّسات لأنّ الموضوع مهمّ ويحتاج الى وقفة جادّة من قبل الجميع.
– الأستاذ عارف اساريا مدير مؤسسة (( Nasimco في شمال أمريكا: أحيّي وأبارك هذا التجمّع الذي اعتمد على أحد أهمّ عنصر في عمل المؤسّسات وبالأخصّ الإسلامية منها، وهو الحبّ والاحترام وقبول رأي الآخر وعدم نفوره واتّباع أسلوب الحوار واللقاءات، لكونها تقرّب وجهات النظر وتعمل على تذويب الجليد وتكسر القيود المصطنعة من أجل إحلال السلام والمحبّة والتعايش.
السيد مصطفى القزويني مديرُ المركز الإسلامي الشيعي في ولاية كاليفورنيا: جهودٌ طيّبة بذلتها العتبتان المقدّستان ومؤسّسة الإمام الخوئي لإقامة هذا المؤتمر والتجمّع الذي يهدف الى تسليط الضوء على نقطةٍ في غاية الأهميّة وهي استعادة الريادة الإسلاميّة، فالإسلام هو للسلام والتفاهم والوئام بين الأديان، فعلينا نحن كأشخاص ومؤسّسات أن نعمل وبكلّ ما أوتينا من قوّة ووسائل لتحسين صورة الإسلام وتشذيبه عن كلّ ما علق به من شوائب، ونشره وفقاً لمبادئه السامية ونتطلّع منكم أنتم النخب تحمّل هذه المهمّة.
– السيد وقار شاه باحث وناشط من الطائفة الصوفيّة وإمام مسجد شاه لطيف: الصفة التي امتاز بها هذا المؤتمر هو التنوّع بين أبناء الأديان والطوائف، لا بل حتّى من أبناء الطائفة الواحدة، وما تواجدنا فيه إلّا دليل على ذلك، وهذا شيء جيّد أن يتواجد الصوفيّون في مثل هكذا تجمّع، وهذا بحدّ ذاته يحسب للعتبتين المقدّستين ومؤسّسة السيّد الخوئي، فنحن كمجتمع مسلم نرى أنّنا مقسّمون وهذا ناقوس خطرٍ يدقّ في أسفين الدين الإسلامي، ممّا يحتّم علينا أن نقف بحزمٍ ونعالج هذا الانقسام والتشظّي هذا من جانب، ومن جانبٍ آخر نحتاج أن ننفتح على باقي الأديان ونركّز على المشتركات.
-السيد محمد رضوي باحث ومفكّر إسلامي من مركز الجعفرية في ولاية تورنتو: المؤتمر جيّد ونتمنّى أن لاينتهي كسابقاته من المؤتمرات، وأن يكون نقطة انطلاقٍ لمؤتمراتٍ قادمة تكون مكمّلةً له وضمن سلسلة مؤتمرات وفقاً لمحاور عديدة.
– يعقوب كوهين (يهودي): جميلٌ أن نكون متواجدين في هذا المؤتمر لنجتمع من أجل نشر السلام الذي يدعو اليه الدين الإسلامي، ويدعو كذلك للوحدة وهي التعاليم التي جاء بها أنبياء الله مبنيّةً على قواعد، منها قاعدة لا تقتل ولا تسرق ولا تزنِ ولا تكذب ولا تغش ولا… .
– سامؤيل بروان (يهودي): جميع الأديان بينها مشتركات، وهذه المشتركات إذا تمّ التركيز عليها من خلال هذه المؤتمرات أو غيرها من الوسائل نستطيع أن نبني السلام والوئام بين جميع البشر.
– الباحث الأمريكي البروفسور بول جافي: جميلٌ جدّاً أن نرى إقامة مثل هكذا مؤتمر وبرعاية جهاتٍ تدعو للوسطيّة والاعتدال وهي العتباتُ المقدّسة، فمن وجهة نظري كأمريكي أنّ هناك إسلامفوبيا أو رهاب الإسلام وهو التحامل والكراهيّة والخوف من الإسلام أو من المسلمين، وهذا بسبب ما علق به من شوائب شوّهت صورته، فيجب أن نزرع بذور السلام التي يدعو اليها الإسلام، وإذا كان بالإمكان تطبيق هذه الفعّاليات على أرض الواقع وإيصال رسالته للعالم نكون قد حقّقنا تقدّماً في هذا المجال.
– الأستاذ محمد حسين باحث ومفكر مقيم في أمريكا: توجد حاجة ملحّة لإعادة بناء المؤسّسات الدينيّة وتجسير علاقتها مع المؤسّسات الأكاديميّة، لكونها تستهدف القاعدة الشبابيّة، ونأمل من هذا المؤتمر أن يحقّق الأهداف التي عُقد من أجلها، وقد وجدنا هناك باحثين جيّدين من المؤسّستين.
–السيد ظهير الحسن (مقدّم برامج في إذاعة كربلاء): يجب أن يكون هناك مؤتمرٌ مشابه لهذا المؤتمر في كربلاء وبمشاركةٍ أوسع من كافّة المرجعيّات الدينيّة السنّية والشيعيّة، وبمساحةٍ أكبر ومحاور أوسع وأشمل، والعتبات المقدّسة قادرة على ذلك، وما نجاحها في تنظيم هذا المؤتمر إلّا دليلٌ على ذلك.
– الأستاذة ديزي خان مديرة مؤسسة نسوية إسلامية في ولاية نيويورك: لا يوجد هناك أيّ فرق بين المسلمين سنّتهم وشيعتهم، وقد أثبت هذا في القرآن فقد وجدتُ أنّه يتعامل مع المسلمين على حدٍّ سواء، ونحن كلّنا واحد أمام العالم ومنها أمريكا، فأنت كمسلم عليك واجب وعليك مسؤولية درء أيّ خطر يهاجم المسلمين وفي أيّ بقعة.
– الدكتور حسنين ولجي عضو في إدارة التحالف العلمي للبحث والتراثفي ولاية نيويورك: الآن انتهى المؤتمر فهنيئاً للقائمين عليه، والآن ابتدأ العمل ورحلة البناء وتصحيح المسار الإسلامي التي بُدئت منذ عقدٍ من الزمن، وما نحتاجه اليوم هو توسيع الطريق الى الأمام، في هذا الوقت نحتاج الى تعاون أكثر من أيّ وقتٍ مضى، فنقل قيادة الفكر هو الموضوع الأهمّ ونأمل أن تكون هذه المحطّة والملتقى ليست الأخيرة.
وشملت الفعالية ثلاث حلقات نقاش تناولت التأكيد على أهمية الحضارة الإسلامية ودور مراكز السياسات في تطوير فهم الإسلام باعتباره قوة حضارية، فضلا عن معالجة جذور التطرف من خلال معالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى تمكين الأقليات والنساء والأطفال، ومحاربة مناهج التطرف في الأدب الإسلامي، وتعزيز القيمة الدينية والحضارية للصداقة من أجل بناء مجتمعات آمنة.
وشاركت في الفعالية نساء ممثلات لمختلف منظمات المجتمع المدني، من بينهن الدكتورة ريما شرارة وهي طبيبة صيدلانية من ولاية ميتشغان الأميركية.
تحدثت ريما شرارة لأخبار الأمم المتحدة عن ضعف مشاركة النساء في المؤتمر. وأشارت إلى أهمية المشاركة النسوية في مثل هذه المؤتمرات. وأعربت عن أملها في تطبيق نتائج المؤتمر ليستفيد منها الجميع، قائلة إنه لا يمكن استعادة الصدارة الفكرية وتعزيز العدل في مجتمع مدني بدون إعطاء المرأة حقوقها.
ودعت الدكتورة ريما علماء المسلمين إلى ضرورة إعادة التفكير حول التشريعات الإسلامية فيما يتعلق بحقوق المرأة:
“فقه المرأة موضوع مهم ولابد من التباحث حوله. ما حقوق المرأة؟ هل هي نفسها منذ أكثر من 1400 عام، أم تغيرت؟ المرأة أكثر من نصف المجتمع وسنخسر أبناءنا إن لم نعط المرأة حقها وإذا لم نتباحث حول حقوق المرأة بإيجابية ومن منظور غير ذكوري. علينا أن نتفكر في المرأة كإنسان وليس كأنثى.”
وأضافت أن هناك بعض التحفظات في المجتمعات الإسلامية التي تحول دون وصول المرأة إلى مكانة الرجل.
وكالات