الاجتهاد: يواصل مركز إحياء التراث الثقافيِّ والدينيِّ التابع لقسم الشؤون الفكريَّة والثقافيَّة في العتبة الحسينيَّة المقدَّسة مشروعه العلميّ في تحقيق وإحياء نفائس التراث الإسلاميّ وفق برمجةٍ دقيقة ومدروسة، فيعمل على تحقيق كتاب (ضوابط الأصول) للفقيه الأصوليِّ الكبير السيِّد محمَّد إبراهيم بن محمَّد باقر القزوينيّ الحائريّ (رحمه الله) المتوفّى (1262هـ)، المعروف بـ (صاحب الضوابط والدلائل).ويأتي هذا العمل ضمن سلسلة من الإصدارات التي يُعنى بها المركز لإحياء التراث الأصوليّ والفقهيّ للحوزات العلميَّة في كربلاء المقدَّسة والنجف الأشرف.
يُعدّ كتاب (ضوابط الأصول) من أبرز المؤلَّفات الأصوليَّة في القرن الثالث عشر الهجريّ، وأحد أعمدة التراث العلميِّ في الحوزة العلميَّة في كربلاء المقدَّسة.
ألّفه السيِّد إبراهيم القزوينيُّ، وهو من كبار تلامذة شريف العلماء المازندرانيّ (رحمه الله)، ويُظهر سياقُ الكتاب ومضمونه أنّه في الغالب تقريراتٌ لبحوث أستاذه شريف العلماء، مع إضافاتٍ وتحقيقاتٍ من المؤلّف نفسه، ما جعله مرجعاً أصيلاً في الفكر الأصوليّ الإماميّ.
ويمثِّل هذا الكتاب مرحلة فكريَّة مهمَّة في تطوُّر المدرسة الأصوليَّة الحديثة؛ إذ يجسِّد انتقال الفكر الحوزويّ من طور التأسيس إلى طور النضج والتحليل الدقيق للمباني الأصوليَّة.
يهدف الكتاب إلى بيان الضوابط والقواعد الأصوليَّة وصياغة مباحثه بأسلوبٍ تحليليٍّ عميق، يجمع بين دقَّة العبارة وسلاسة العرض، فكان كما أراده كاتبه: مرجعاً للمبتدئ والباحث والمجتهد على حدّ سواء.
يمتاز الكتاب بما يلي:
– عرضه المنهجي للمسائل الأصوليَّة ضمن فصول مرتَّبة بعناية.
– الجمع بين النقل والتحليل العقليِّ في مناقشة الأدلّة الأصوليَّة.
– المحافظة على تراث المدرسة الكربلائيَّة في علم الأصول ورائدها شريف العلماء وتلامذته.
– دقّة التعبير وعمق الفكرة، ممَّا جعل (ضوابط الأصول) أحد أهم المراجع التعليميَّة في الحوزات العلمية.
وقد قام مركز إحياء التراث الثقافي والديني بتحقيق هذا السفر العلميّ اعتماداً على عدد من النسخ الخطيَّة الموثوقة، أبرزها نسخة بخط المؤلف تعود إلى سنة 1249 هـ، مع مقارنة دقيقة بين النسخ وتصحيح النصّ وتخريج مصادره.
وبهذا الجهد العلميّ الرصين، يعود كتاب (ضوابط الأصول) إلى القرّاء والباحثين في حلّة علميَّة موثَّقة ومُنقّحة، ليبقى شاهدًا على مرحلةٍ فكريَّة متميِّزة من تاريخ علم الأصول، وعلى عمق التراث العلميّ الشيعيّ في كربلاء والنجف خلال القرن الثالث عشر الهجريّ.