الاجتهاد: صدر مؤخرًا عن مؤسسة القرن كتاب « رجل الله في العراق … حياة وقيادة آية الله العظمى علي السيستاني»، من تأليف الباحث العراقي سجاد جياد، وترجمة: حسان حساني.
يقع الكتاب في حوالي 140 صفحة، ويحتوي على مقدمة وأربعة فصول، تعقبها ملاحظات.
إن الكتابة عن شخصية حية ذات سلطة هائلة هي مهمة شاقة، وعند تقييم حياة السيد السيستاني ثمة عدة أمور يجب أخذها بالاعتبار، وأحدها هو أن السيد السيستاني مرجع ديني يتبع تعليماته وتوجيهاته عشرات الملايين من الناس حول العالم، ويُنظر إلى دوره على أنه امتداد للقيادة الإلهية.
والحقيقة الأخرى هي صعوبة الوصول إلى السيد السيستاني، وأننا لا نعلم سوى القليل جداً عن حياته قبل عام 2003، وما تعرفه بعد ذلك العام فيقتصر معظمه على البيانات الرسمية، ما يجعل تقييم آرائه السياسية أكثر صعوبة مما ينبغي، وذلك نظراً لدوره المهم في العراق.
كما أن الكتابة بأكبر قدر من الموضوعية عن شخصية يحترمها مؤلف هذا الكتاب أشد الاحترام، عندما تقترن تلك الكتابة بضرورة إلقاء نظرة نقدية على السياسة والقادة العراقيين ليس بالأمر الهين.
يهدف هذا الكتاب إلى وصف الدور السياسي للسيد السيستاني بصفته مرجعاً، لا إلى تقديم سيرة ذاتية كاملة عنه، أو تقديم وصف شامل للأيديولوجية السياسية الشيعية.
وكما يصف الفصل الأول من هذا الكتاب فإن مرجعية السيد السيستاني تتبنى سياسة التعتيم ما يصعب من البحث فيه وتحليله. بدأ اهتمامي بالسيد السيستاني في عام 2002 خلال الفترة التي سبقت الغزو الأمريكي للعراق، وسعيتُ إلى فهم موقف السيد السيستاني في العراق وما سيكون عليه بعد الحرب.
وفي السنوات العشرين التي تلت ذلك سعيت لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن السيد السيستاني، فأفردت كثيراً من زياراتي إلى النجف لفهم كيفية عمل مرجعيته وتحدثت إلى العديد من طلاب السيد السيستاني ورجال الدين في النجف وقم في إيران ممن كانوا على دراية بنهج السيد السيستاني في السياسة، والسياسيين الذين تفاعلوا مع السيد السيستاني، وقد وفّرت هذه اللقاءات والمقابلات كثيراً من المواد المصدرية لهذا الكتاب، لا سيما مواقف وآراء السيد السيستاني
وأفكاره.
وإن معظم المعلومات التي تلقيتها في هذه الاجتماعات والمقابلات قدمت إلي بشكل خاص فاحترمت طلبات عدم الكشف عن هوية من قدمها لي في هذا العمل.
تقع هذه الدراسة في أربعة فصول يعطي أولها خلفية عن دور المراجع في السياسة، وفيه تقييم لسلطتهم السياسية وسبب كون المرجعية مؤسسة مغلقة،
فيما يقدم الفصل الثاني سيرة ذاتية مختصرة للسيد السيستاني ويوثق تدخلاته السياسية منذ عام 2003 وما بعد؛
ويحلل الفصل الثالث آراء السيد السيستاني وأفعاله في محاولة لوصف أيديولوجيته السياسية
وأما الفصل الأخير فهو خاتمة تبحث في إرث السيد السيستاني وانتقاداته الرئيسة ومستقبل المرجعية بعد السيد السيستاني.
يُعد هذا الكتاب الأول من نوعه، ومن المأمول أن تعطي هذه المساهمة للقراء صورة أوضح عن فلسفة السيد السيستاني وسبب أهميته للعراق، فالسيد السيستاني في نظري – بكل المقاييس المطبقة تقليدياً لتقييم مكانة آية من آيات الله – هو أكثر مراجع النجف تأثيراً على الإطلاق، وسيكون لإرثه تأثير على العراق والمسلمين الشيعة لأجيال قادمة
فصول الكتاب الأربعة هي كالآتي:
الفصل الأول: السلطة الدينية في المذهب الشيعي
الفصل الثاني: السيستاني الرجل والمرجع
الفصل الثالث: الايدولوجيا السياسية في النجف
الفصل الرابع: إرث السيستاني
فتوى السيد السيستاني وتأثير حاسم
في صيف عام 2014، عندما اجتاح تنظيم داعش العراق، رفع رجل دين شيعي زاهد صوته وحشد البلاد لوقف المسيرة الدموية للمتطرفين.
أصدر السيد السيستاني، فتوى في خطبة صلاة الجمعة في 13 حزيران (يونيو) 2014 قال فيها:
“إن المواطنين القادرين على حمل السلاح ومحاربة الإرهابيين دفاعًا عن وطنهم وشعبهم ومقدساتهم، عليهم أن يتطوعوا للالتحاق بالقوات الأمنية.”
هذا الدعوة، الذي أصبحت تعرف باسم فتوى الجهاد، نجحت في حشد العراقيين من مختلف الخلفيات العرقية والطائفية لصد تنظيم داعش.
لم تكن هذه اللحظة إلا أحد الأمثلة الصارخة على تأثير السيستاني الحاسم!
ليس فقط في العراق ولكن في عالم الإسلام الشيعي الأوسع.
لقد بذل السيستاني جهودًا لتحقيق الاستقرار في العراق أكثر من أي شخصية أخرى.
وربما نال إعجاب أغلبية المسلمين الشيعة حول العالم بفضل نموذجه غير المباشر للسلطة الدينية.
إعادة تعريف دور رجال الدين الشيعة في السياسة
وجاء في صفحة مؤسسة القرن للتعريف بالكتاب، إن جياد “اعتمد خليطًا من المصادر الجديدة ومئات المقابلات عُقدت على مدار عقود من العمل الميداني داخل العراق للقول بأن السيستاني قد أعاد تعريف دور رجال الدين الشيعة في السياسة”.
“داخل العراق لإظهار كيف أن السيستاني – بصفته رجل الدين الشيعي الكبير الموقر في بلد ذي أغلبية شيعية – يحظى بولاء الملايين من المؤمنين. بسلطته الهادئة، حاول السيستاني من وراء الكواليس توجيه العراق عبر سلسلة من الأزمات الوجودية منذ الغزو الأمريكي وسقوط نظام صدام حسين في عام 2003. خلال عقود من الاضطرابات والحرب وتغيير النظام في العراق، برز السيستاني في الأفق أمام كل رجل دين وسياسي عراقي”.
كذلك سيجد مراقبو العراق والقوة الشيعية أن كتاب رجل الله في العراق يقدم تقييمًا لا مثيل له لإرث السيستاني – ودليل لا يقدر بثمن للمرحلة الانتقالية المحفوفة بالمخاطر التي ستلي فترة ولايته.
رجل الله في العراق متاح على الإنترنت ومن بائعي الكتب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التقارير التي يعاد نشرها من المواقع الأخرى تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع