السيد علي الشهرستاني

دراسة الآراء العلمية للأستاذ المحقق السيد علي الشهرستاني

الاجتهاد: عُقد قبل أيام ندوة لدراسة الأعمال والآراء العلمية للأستاذ المحقق السيد علي الشهرستاني في كلية “إلهيات ومعارف إسلامي” بجامعة طهران.

في هذه الندوة، ناقش كل من الأساتذة عابدين مؤمني، عبد الهادي فقهي زاده، مجيد معارف، السيد حسن الشهرستاني، و هادي أنصاري بعض خصائص وآراء الأستاذ الشهرستاني العلمية.

ووفقاً لتقرير شبكة الاجتهاد، في البداية قدم حجة الإسلام والمسلمين “محسن تحقیقی وطني”، السكرتير العلمي للندوة، تقريراً موجزاً عن مجموعة أعمال الأستاذ السيد علي الشهرستاني، وأضاف أنّه خلال 30 عامًا من نشاطه العلمي، ألّف أكثر من 50 عنوانًا في مجال البحوث القرآنية والحديثية وفقه الكلامية والتاريخية واللغوية و كذلك الشبهات. وتمّ نشر مجموعة أعمال الأستاذ الشهرستاني من قبل العتبة العباسية العام الماضي في 23 مجلداً. كما تمّ عقد مؤتمر إزاحة هذا العمل في الفصل الربيع من هذا العام بالتعاون مع العتبة العباسية والعتبة الرضوية المقدسة ومعهد “كلامنا” العلمي البحثي في مشهد المقدسة.

ثم تحدّث المتحدث الأول في هذه الندوة، الدكتور عابدين مؤمني، أستاذ قسم الفقه ومباني الحقوق الإسلامية في الكلية، عن فكر الأستاذ الشهرستاني الفقهي الكلامي، وقال: يعتقد الأستاذ الشهرستاني أنّ مذهب الإمامية الاثني عشرية هو مذهب معياري، و بناءً على المذهب المعياري، يتمّ تقييم الأفكار الأخرى المطروحة في مجال الدين الإسلامي، وما يتوافق مع المذهب المعياري هو مقبول.

ثم قدّم مؤمني خلال بحثه أدلة من مصادر الفقه السني لإثبات هذه الفرضية، وأضاف: الفقه الكلامي هو وجهة نظر تهدف إلى إثبات المرجعية العلمية لأهل البيت عليهم السلام من خلال مراجعة آراء المذاهب الإسلامية في الفروع الفقهية المختلف عليها مع طريقة البحث عن أسباب الاختلاف. كما تثبت هذه النظرية أن السنة الصحيحة للنبي “صلى الله عليه وآله وسلم” لا تتوفر إلا لأهل البيت عليهم السلام، وأن السبيل الوحيد للوصول إلى فقه أهل البيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو مذهب الإمامية الحقة.

كما تحدّث الدكتور عبد الهادي فقهي زاده؛ أستاذ قسم علوم القرآن والحديث في كلية إلاهيات، عن أحد أعمال الأستاذ المحقق السيد علي الشهرستاني بعنوان “أمية النبي”، و في بيان أحد أهم خصائص هذا العمل، قال: “ما لفت انتباهي في هذا العمل الرائع هو أنّ الأستاذ الشهرستاني ليس مقلّدًا على الإطلاق، ولم ينظر أبدًا إلى أيّ مقولة علمية من لسان كبار العلماء السابقين كمقلِّد.

وأضاف فقهي زاده: رأيي في بيان هذه النقطة هو أنّ الطلاب لا ينبغي أن يعتقدوا أنّ التفكير النقدي هو مسألة حديثة خاصة بالمستشرقين الأوروبيين أو المجدّدين من الجيل الجديد، بل إنّ شخصية علمية نشأت من بيوتات العلماء ومارست هذا العمل في تحقيقاته الخاصة، و أعماله مثل “امية النبي” مليئة بالتأملات التجديدية.

وقال أستاذ قسم علوم القرآن و الحديث في كلية إلاهيات: إن المؤلف الفاضل حاول في هذا الكتاب أن يثبت أن مصطلح “أمي” في القرآن الكريم لا يدل على عدم القدرة على الكتابة والقراءة، بل هو وصف لحالة واقعية مفادها أن النبي الأعظم “صلى الله عليه وآله وسلم” لم يقرأ ولم يكتب قبل بعثته، دون أن يعني ذلك أنه كان يفتقر إلى القدرة على الكتابة والقراءة.

وأوضح فقهي زادة أن الأستاذ الشهرستاني أثبت في كتابه هذا أن النبي الأعظم “صلى الله عليه وآله وسلم” “أمي” قطعًا بحسب ما تدل عليه آيات القرآن الكريم، ولكن ليس بالمعنى المتداول الذي يفسره البعض، ذلك لأن هذا المعنى يُلحق نقصًا بوجود النبي الأعظم “صلى الله عليه وآله وسلم”، بينما يصفه القرآن الكريم بهذه الصفة كصفة تميز وفضيلة.

وأكّد مدير قسم علوم القرآن والحديث أن الأستاذ الشهرستاني أثبت في مؤلفه أن المعنى الشائع لكلمة “أمي” والمتمثل في عدم القدرة على الكتابة والقراءة قد تمّ فرضه لأول مرة من قبل بني أمية على هذه الكلمة، وتمّ ترسيخه من خلال الترويج الذي قام به عملاء بني أمية الثقافيين مثل ضحاك وقتادة. وكان هدف بني أمية من هذا العمل هو إقصاء الفضائل الكثيرة عن النبي الأعظم “صلى الله عليه وآله وسلم” وبني هاشم، وفي المقابل جذب الفضائل المزعومة الكثيرة إلى المذهب المناوئ لمذهب أهل البيت عليهم السلام.

كما تناول في هذه الجلسة، الدكتور مجيد معارف؛ أستاذ قسم علوم القرآن والحديث في كلية الاهيات بجامعة طهران، شرح أفكار و آراء الأستاذ السيد علي الشهرستاني المتعلقة بالحديث، مع التركيز على كتابيه “تاريخ الحديث النبوي الشريف” و “منع تدوين الحديث”.

وأشار الدكتور معارف إلى أن الأستاذ الشهرستاني في كتابه “تاريخ الحديث” يفرق بين تاريخ الحديث وتاريخ المحدثين، ويعتقد أن الكتب المعروفة باسم “تاريخ الحديث” بين الشيعة والسنة لا تفرق بين تاريخ الحديث وتاريخ المحدثين، بل تركز بشكل أكبر على تاريخ المحدثين.

ومن منظور الأستاذ الشهرستاني، هناك علمان مهمان لم يحظيا باهتمام كافٍ بين العلوم المتعلقة بالحديث: وهما علم فقه الحديث، الذي تعج أعماله بالنقاط الفقهية الحديثية، وعلم تاريخ الحديث.

وأضاف معارف أن تاريخ الحديث، من وجهة نظر الأستاذ الشهرستاني، هو في المقام الأول تاريخ التعامل مع آراء وسيرة وسنة رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” خلال حياته وفي القرون الأولى والثانية. جوهر تاريخ الحديث هو توضيح وتببين مسائل الحديث في هذه الفترة الزمنية التي امتدت 150 عامًا، وإذا لزم الأمر، يجب البحث عن جذورها قبل البعثة أيضًا.

ثم بعد نقل أربع وجهات نظر معروفة (ثلاث وجهات نظر من أهل السنة ووجهة نظر واحدة من الشيعة) حول مسألة تدوين حديث النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” وانتقاده لبعضها، قال معارف: إن الأستاذ الشهرستاني لا ينكر أبدًا وجهة نظر الشيعة السائدة على أن أحد أهداف الخلفاء من منع كتابة حديث رسول الله هو محو فضائل أهل البيت “عليهم السلام”. ومع ذلك، يعتقد الأستاذ الشهرستاني أن هذا السبب لا يمكن أن يكون السبب الرئيسي لمعارضة جهاز الخلافة لنقل وتدوين أحاديث النبي “صلى الله عليه وآله وسلم”. و في كتابه “منع تدوين الحديث” يثبت السيد الشهرستاني  أن السبب الرئيسي لهذه المسألة هو مساواة الخلفاء، وخاصة الشيخين، بالنبي الأعظم “صلى الله عليه وآله وسلم”. لذلك، فإن كلام الخليفة الثاني الذي يقول: “متعتان کانتا محللتین علی عهد رسول الله و انا احرمهما و اعاقب علیهما” لا ينم عن شيء سوى مساواة نفسه بالنبي الأعظم “صلى الله عليه وآله وسلم”.

ثم بعد ذلك، قدم الدكتور السيد حسن الشهرستاني، أستاذ “جامعة هنر”، شرحًا لمجلة “أجوبة المسائل الشرعية” التي كان يصدرها آية الله السيد عبد الرضا الشهرستاني (والد الأستاذ السيد علي الشهرستاني) في كربلاء، كما تطرق إلى بعض النقاط حول تأثير الثقافة الشيعية على الأدب الفارسي وقال: يعتقد الأستاذ السيد علي الشهرستاني أن شعراء الشيعة استخدموا سلاح الشعر لنقل فضائل أهل البيت عليهم السلام. وضرب مثالاً على ذلك بشاعر الفارسي الشيعي كسائي مروزي، الذي قال:

منبري کآلوده گشت از پای مروان و یزید / حق صادق کی شناسد وان زین العابدین

(منبر دنّسته أقدام مروانَ و يزيد، فكيفَ يَعرفُ الحقَّ الصادقَ مَنْ هُوَ مِنْ زينِ العابدينَ)

كما اعتبر وجود شخصيات علمية مجهولة مثل الأستاذ السيد علي الشهرستاني فخراً للتشيع، وشدد على أهمية نشر أفكاره في المجال الأكاديمي والجامعي.

وفي ختام الندوة، تحدث الباحث التاريخي المعاصر الدكتور هادي أنصاري عن تأثير آل الشهرستاني في نشر المعارف الشيعية في العراق وإيران، واعتبر أن أهم ميزة لأعمال الأستاذ السيد علي الشهرستاني هي إبداعها وإبتكارها، حيث طرح العديد من العناوين والموضوعات لأول مرة في العالم الإسلامي.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة عقدت بالتعاون بين معاونية البحث العلمي في كلية الاهيات بجامعة طهران ومعهد كلامنا للبحوث العلمية في قاعة الشهيد مطهري بكلية الاهيات.

 

سيرة العلامة السيد علي الشهرستاني.

هو علي بن عبد الرضا بن زين العابدين بن محمد حسين الشهرستاني الحائري، وُلد في ٢٨ شهر الصيام ۱۳۷۷للهجرة الموافق لعام ١٩٥٧م تقريبا فی كربلاء من عائلة دينية علمية عريقة من جهة الام بنت السيد محمد طه البحراني من اعلام كربلاء ،ومن جهة الاب السيد عبد الرضا الشهرستاني وهو الآخر من علماء كربلاء.

دخل المدارس النظامية فأنهى المرحلة المتوسطة ودخل الحوزة العلمية وهو في عمر 14 عاما فدرس المقدمات وشيئا من السطوح عند:
الشيخ جعفر الرشتي. والده السيد عبدالرضا.
الشيخ عبدالحسين البيضاني.
السيد مختار الهندي.
الشهيد الشيخ عبد الرضا الصافي.
وفي عام ١٣٩٨للهجرة هاجر مع عائلته إلى إيران على أثر ضغط البعثيين على العوائل العلمية فتوطن مشهد المقدسة وفيها صاهر الميرزا حسن علي المرواريد،وأكمل ماتبقى له من
السطوح فحضر عند:
الشيخ الميرزا علي الفلسفي. السيد حسن المرتضوي. السيد عز الدين الزنجاني ثم حضر البحث الخارج عند: الشيخ الميرزا علي الفلسفي.
السيد إبراهيم علم الهدى السيد حسن المرتضوي.
السيد حسين الشمس الخراساني.
ومع حضوره دروس الأعلام زاول مجال التحقيق والبحث والتأليف

مؤلفاته:
وضوء النبي (٤) مجلدات).
الأذان بين الأصالة والتحريف (۳)مجلدات).
صلاة النبي. تاریخ تدوين الحديث النبوي.
مصحف أمير المؤمنين بين المنزل والمفسر.
من الصديق ومن الصديقة.
زواج أم كلثوم الزواج اللغز.
التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي. توثيق فقه الإمامية من الصحاح والسنن. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky