صدر حديثا (2019م) عن دار الانتشار العربي في بيروت كتاب ” التغيير والإصلاح .. مطالعة في التأسيسات والإشكاليات والمعوقات ” للباحثة الكويتية إيمان شمس الدين . ويتألف الكتاب من ثلاثة فصول. الفصل الأول من ثلاث عناوين رئيسية: أ. عناصر التغيير الداخلي، ب. عناصر التغيير الخارجي ج. أهم معوقات التغيير. أما الفصل الثاني وهو بعنوان الاصلاح ومعوقات النهوض، والفصل الثالث: الاعلام ودوره في التغيير وحركة الاصلاح.
خاص الاجتهاد: تقول الكاتبة في مقدمة الكتاب إن التغيير مطلب فطري إنساني وطبيعي، فالكون ليس ثابتا بل هو في حركة مستمرة، والطبيعة من حيث أنها بيئة ومناخات وكائنات تتفاعل كلها مع بعضها البعض، وعادة التفاعلات تنتج تغيرات مستمرة تتطلب تكيفات بيئية وبيولوجية، وهذه التكيفات هي بذاتها تغير يدلل على الحركة لا على السكون.
والإنسان كذلك هو في حركة مستمرة، هذه الحركة متفاعلة أيضا مع التغيرات الطبيعية من جهة، ومتفاعلة مع التغيرات الاجتماعية من جهة أخرى،وهذا التفاعل يتطلب حركة داخلية وخارجية تؤثر وتتأثر بكل المناخات سواءالطبيعية منها أو الاجتماعية.
ما يهمني في هذا البحث هو محاولة فهم طبيعة التغيرات الاجتماعية المتفاعلة مع البعدين السياسي والديني، كون كلاهما من أكثر المؤثرات في حركة الإنسان وفي التغيرات الاجتماعية على مر التاريخ، وكلاهما معنيان في موضوع العدالة كمفهوم عام وفي تطبيق هذا المفهوم على حياة الإنسان، فالعدالة في توزيع الثروات، وفي الحقوق والواجبات، و في الحريات، والعدالة الاجتماعية.
وكذلك عدالة الحاكم، وعدالة الفقيه، وأيضا العدالة كمرجعية مقاصدية تعرض عليها القوانين والأحكام, فأصل بعثة الأنبياء كانت لغرض التوحيد وإقامة العدل، وكان الجدل دوما يدور حول من يحدد معايير العدالة، وما هي المرجعية المعرفية التي يجب اعتمادها لتكون المُؤَسِّسَة لمعايير العدالة؟
فكل التغييرات الاجتماعية عبر التاريخ مهما كانت أسبابها الظاهرية تعود في الأغلب الأعم إلى أساس واحد هو غياب العدالة، والأخيرة هي الهدف الرئيسي الذي يخلق الدافعية عند الإنسان كي يتحرك لأجل التغيير وتحقيق العدالة بكافة مصاديقها.
فكل حقبة زمنية خاض رجالها صراع التغيير منطلقين بل متفاعلين مع الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بهم. وكلما حققوا أهدافهم التي لأجلها نهضوا مطالبين بالتغيير، جاءت حقبة تالية تفاعل الإنسان معها فنتج عنها إشكاليات جديدة، دفعت الإنسان مجددا للمطالبة بالتغيير وهكذا.
إلا أن أغلب الحركات التغييرية كانت انفعالية، إذ أنها تفاعلت مع محيطها وظروفها، فجاءت كرد فعل ثوري عاطفي غالبا دون وجود مشروع دولة بديل لما هو موجود، لذلك لم تكن فاعلة له، ولأسباب كثيرة قد يأتي ذكر بعضها خلال البحث. لذلك لم تقدم مشروعا متكاملا حول الاصلاح السياسي والديني، هذا فضلا عن الخلل في ملاحظة محفزات التغيير ومنطلقاته، من أين يجب أن يبدأ؟ وكيف يجب أن ينطلق؟، وما هي أنواعه؟ وهل الجغرافيا لها دور في رسم معالمه؟
إضافة للإجابة على سؤال مهم هو: أي شكل ومشروع يمكنه أن يحقق العدالة بكافة مصاديقها؟ وهل التغيير المطلوب تغييرا ظاهريا خارجيا، أم أن التغيير المطلوب هو تغيير داخل إنساني، متعلق بنفسه ومنظومة أفكاره والإجابة عن سؤال كيف نفكر وبماذا نفكر؟ واعتقاداته وقيمه، وخارج إنساني متعلق بالنظم الحاكمة والاجتماعية والدينية؟ ومن يحدد طبيعة هذه المنظومة الداخلية والخارجية؟ وهل هناك قوانين وسنن تتحكم بالتاريخ وتحكم عملية التغيير؟
مدخل:
إن التغيير كمفهوم عام له مساران يسيران بشكل متوازٍ، تغيير داخلي وآخر خارجي. وكوننا هنا نركز على الفرد والمجتمع، بالتالي يكون المجهر مسلط على تغيير الفرد والمجتمع الداخلي والخارجي، ولأن التغيير متعلقه الإنسان، فتكون المسارات متداخلة تتشابك في مناطق وتنفك في أخرى، وهذه المسارات فيها بعد سماوى مرتبط من جهة بالداخل وهو الفطرة ، ومن جهة أخرى بالخارج، وهي التشريعات والقوانين الضابطة والمنظمة والمحققة للعدالة.
وهناك أيضا إضافة للبعد السماوي بعدا أرضيا مرتبطا بالداخل، وهي الأفكار والمؤثرات في تشكيل هذه الأفكار، ومرتبط بالخارج وهو المحيط كالبيئة الاجتماعية والأسرة، والجغرافيا والمجتمع وغيره، ودور كل هذا المحيط في التأثير على تشكيل هذه الأفكار.
لذلك سنحاول السير في عملية التغيير في مسارين:
الأول: المسار الداخلي للتغيير
والثاني: المسار الخارجي للتغيير
مع الأخذ في الحسبان البعدان السماوى والأرضي، وتشابكاتهما المؤثرة في عملية التغيير. فأي عملية تغيير لابد لها أن تنطلق من الداخل على مستوى الفرد، ولكن؛ ما هو الداخل المعني بعملية التغيير؟ وكيف يكون ذلك التغيير؟ وما هو أثر تغيير الداخل على إيقاع التغيير الخارجي؟ وهل للمؤثرات الخارجية تأثير على داخل الفرد؟ وهل يلعب دورا في عملية التغيير الداخلي؟ هي أسئلة أحاول أن أسلط الضوء عليها بشكل موجز في هذا الكتاب بحول الله.
“فالتاريخ يحقق نفسه من خلال الشعوب والجماهير لا من خلال “المفكرين” أو “المثقفين” أو “القادة”. وليس هناك برهان أقوى على صحة هذا مما يجري الآن في أنحاء مختلفة من العالم، وبخاصة في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي ـ سابقا ـ والصين. إلا أن الحركات الاجتماعية (كما يدعو هذه الظاهرة عالم الاجتماع الفرنسي ألان تورين) لا تقوم خارج أو ضد الفكر والنظرية بل من خلالهما. فالممارسة والفكر يسيران يدا بيد في الحركات الشعبية، ولا يمكن للتغيير الاجتماعي أو السياسي أن يحدث دون نضوج الرؤية والهدف داخل المجتمع.”
فمسار التغيير لا يمكنه أن يسير إلا من خلال تظافر الأفكار والنظريات مع حركة وعي الشعب بها وبالأهداف الكبرى لأي عملية تغيير، وبما أنني هنا أتحدث عن أفراد تشكل الجماهير، بالتالي أنا معنية في هذا الفصل بتسليط الضوء على عملية التغيير الشاملة، والتي تعني في بعديها الفردي والاجتماعي، والداخلي والخارجي:
سيتألف الفصل الأول من ثلاث عناوين رئيسية:
أ. عناصر التغيير الداخلي، وسيشمل:
١. التفكير:
ـ المؤثرات الخارجية في عملية التفكير و تشكيل الأفكار:
-أـ الدولة والأسرة ومحورية التربية والتعليم في تشكيل بنية التفكير
ب ـ التفكير بين العقل الفلسفي والتلقين
ج ـ التربية والتعليم وهدف التوحيد
د ـ التفكير بين المعرفة والتطرف: تفكيك منهجي
٢ـ حب الذات
١.٢ ـ اثر حب الذات على الكيان الداخلي للإنسان
٢.٢ ـ أثر حب الذات في المجتمع
٣.٢ ـ حب الذات والتزاحم
ب. عناصر التغيير الخارجي وسيشمل:
ـ المرجعية المعيارية في تحديد الأصلح في المنظومة الاجتماعية
١.القاعدة الفكرية
-٢ ـ مكونات المجتمع وعناصره
٣ ـ المثل الأعلى
٤ ـ القانون والضبط الاجتماعي
١.٤ ـ الضبط الاجتماعي وصياغة الوعي
٢.٤ ـ الضبط الاجتماعي والقانون
٣.٤ ـ مصادر التقنين
٤.٤ ـ العلاقة والنسبة بين القانون والحق والتكليف
٥.٤ـ ضابط الالزام في تطبيق القانون
٥. التغيير الاجتماعي سنن وقوانين
١.٥ـ التغيير الاجتماعي في فكر الشهيد الصدر
٢.٥ ـ التغيير بين الفرد والمجتمع:
٣.٥. دوركايم وأصالة المجتمع
ـ انتقادات على دوركايم
٤.٥. المدرسة الاسلامية والتغيير بين الفرد والمجتمع
ج. أهم معوقات التغيير وسيشمل:
ج.١. الفرد والمجتمع بين الاتباع والمعرفة
ج.٢ ـ المعرفة والسلوك الاختياري
ج.٣ ـ أدوات المعرفة
ج.٤ ـ التقليد والاختيار
ملحق الفصل الأول:
١.التغيير بين الداخل والخارج
٢.التغيير بين العنف والسلم الداخلي
الفصل الثاني:
ـ الاصلاح ومعوقات النهوض
١. غياب النزعة النقدية
١.١ النقد الإيجابي بهدف التدوير والتدرج
٢.١ التفكير الناقد والتغيير
٣.١ إشكاليات منهج النقد
٢. الاصلاح والتجديد بين التخلف والاستبداد
١.٢ نظم الاستبداد وموت العقل
٢.٢ ما هو الاستبداد
ـ أشكال الاستبداد السياسي
ـ الاصلاح بين الأنظمة السلطوية والشبه سلطوية
ـ الأحزاب وأشكالية الاستبداد
٣.٢ مظاهر الاستبداد
٤.٢ صناعة التخلف وانقلاب الصورة
٥.٢ المجتمع المقهور ومواجهة التجديد
٦.٢ التقليد ودوره في صناعة التخلف والاستبداد
٧.٢ التجديد ومواجهة الاستبداد
٨.٢ إدارة العقل
٣. الإصلاح الديني بين الارتهان السياسي واعتبارات القداسة
١.٣ البدء والمنطلق
٢.٣ الاصلاح وحقيقة الشعارات
٣.٣ بين الذات وشعارات الاصلاح
٤.٣ الاصلاح الديني واعتبارات القداسة
٥.٣ الاصلاح الديني والارتهان السياسي
٦.٣ الاصلاح بين جدلية الحقيقة والمصلحة
الفصل الثالث:
١. الاعلام ودوره في التغيير وحركة الاصلاح
١.١الاعلام: بين صناعة الوعي وسلطة التجهيل.
٢.١ الاعلام من التمكين إلى التجهيل بصناعة الوعي
٣.١ أليات المواجهة والمقابلة: مرواحة أم مقابلة
ملحق الفصل الثالث:
ـ الاعلام الديني وأزمة الخطاب
ـ قراءة في واقع الخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا مساء الخير
شكرا جزيلا لكل فكر جميل ينشر .. أتمنى اليها وإلى هذا الوجود حياة طيبة من كل قلبي