الاجتهاد: ان اسقاط الجنين يعني الإجهاض بأي نحو كان من المحرمات ومن الكبائر قتل النفس حتى لو كان نطفة بمجرد ان تخصب النطفة في رحم الام صارت نفساً وحينئذ يجري عليها حكم القتل سواء كان الإسقاط بفعل الام او الاب او الطبيب او أي احد هذا اسقاط الا اذا توقفت حياة الام على ان تسقط حملها هذه في حالات الضرورة ويدور الأمر بين حياة الأم وحياة الطفل هذا أمر آخر .
المنع من الحمل ما لم تتخصب البويضة هذا لااشكال فيه خاصة برضى الطرفين الاب والام الزوج والزوجة لكن اذا تم تخصيب البويضة وتحقق الحمل حينئذ يجري عليها اسقاط الجنين ويكون فيه الدية حسب مراحله اذا ارتكب ذلك الأم او الأب او الطبيب فما هو الحكم ؟
في الكافي عن الحسن ابن محبوب عن ابن ذئاب عن ابي عبيدة قال سألت ابا حعفر (ع) يعني الامام الباقر (ع) عن امرأة شربت دواء وهي حامل ولم يعلم بذلك زوجها فألقت ولدها فقال (ع) ان كان له عظم وقد نبت عليه اللحم عليها دية تسلمها لأبيه وان كان حين طرحته علقة او مضغة فان عليها اربعين دينارا او غِرة (1) تؤديها الى ابيه قلت له فهي لاترث ولدها من ديته مع ابيه قال لا لأنها قتلته فلا ترثه .
عندنا قاعدة ان القاتل لايرث اذا قتل الاب ابنه والابن اباه والام ولدها والولد امه من الارحام القاتل لايحسب من الورثة ابدا ، الام اذا قتلت ولدها اذا شربت دواء واسقطت شرعا لاترثه وتتحمل الدية والدية لمن يكون يرثه ابوه ، الذي يرث الطفل ابواه امه وابوه اذا كانا حيين اولى بأرثه فلما تكون الام قاتله او الاب قاتلا الطرف الثاني يرث .
اذن الجنين يحرم اسقاطه حتى لو كان مضغة لم تتكون العظام واللحم ، اذا كان الجنين في بطن امه تام التكوين عظام ولحم حينئذ يكون حكمه حكم الانسان الكامل في الدية وفي القصاص وفي غير ذلك يكون دية كاملة ، هنا في الام لاتقتل به لكن عليها الدية لأبيه .
عندنا قاعدة ايضا ان الام والاب لايقتلان بأبنهما هذه الرواية عن الامام الباقر (ع) تبين حرمة اسقاط الجنين وان المباشر لأسقاطه يتحمل الدية ، لو فرض ان الاب قال للام اذهبي عند الطبيب واسقطي الحمل هي ايضا ذهبت وقالت للطبيب اسقط حملي الأب آمر وعليه معصية كبيرة ولكنه غير مباشر الأم هنا اذنت للطبيب وأمرت الطبيب ولكنها غير مباشره الطبيب الذي باشر او الطبيبة التي باشرت واعطت الحامل الابرة هي تكون قاتله وتكون عليها مسئولية الدية شرعا وفي هذه الحالة الأم والأب يرثان من الدية ، اذا كان الطفل تام التكوين وله عظم ولحم في هذه الحالة دية انسان كامل يعني حدود ثلاث او اربع كيلوات من الذهب يجب على هذه المضمدة او الطبيب ان يعطي لوالديه وشرعا مسئول عن ذلك الاثم الذي حمله في رقبته ،
في جواهر الكلام قال خبر ابي جرير القمي قال سألت العبد الصالح (ع) عن النطفة مافيها من الدية وما في العلقة وما في المضغة وما في المخلقه وما يقر في الارحام قال انه يخلق في بطن امه خلقا من بعد خلق يكون نطفة اربعين يوما ثم يكون علقة اربعين يوما ثم يكون مضغة اربعين يوما هذه ثلاثة مراحل ففي النطفة اربعون دينارا وفي العلقة ستون دينارا وفي المضغة ثمانون دينارا فاذا كسيت العظام لحما ففيه مئة دينار قال الله عز وجل ثم انشناه خلقا آخر فتبارك الله احسن الخالقين فان كان ذكرا ففيه الدية وان كان انثى ففيها ديتها بعد هذه المرحلة اذا تكون عظمه ولحمه تكون على قاتله الدية دية الذكر او دية الانثى في المقال خلاف للعماني ابن ابي عقيل .
العماني اوجب الدية كاملة في اسقاط الجنين سواء كان ذكرا او انثى فقال صاحب الجواهر لادية بحسبه يقول العماني اوجب فيه الدية لصحيح ابي عبيده عن الصادق (ع) امرأة شربت دواء عمدا وهي حامل لتطرح ولدها قال ان كان له عظم نبت عليه اللحم وشق له السمع والبصر فأن عليها دية تسلمها الى ابيه وان كان جنينا علقة او مضغة فأن عليها اربعون دينارا او غِرة – يعني عبد او أمة – الغِرة تسلمها الى ابيه عتق قلت فهي لاترث من ولدها قال لا لأنها قتلته اذن من المباشر الاسقاط افرض ان الاب ضرب الام على بطنها او احد ضربها على بطنها او الاب اعطاها دواء وهي لاتعرف اوالطبيب اعطاها اوالمضمد الذي يباشر يكون عليه شرعا دية هذا الجنين دية الجنين الدية الكاملة يقدرها فقهائنا على حسب مرجع التقليد الذي يقدر ثلاث كيلوات وكسر ذهبا وبعضها يصل فيها الى اربع كيلوات وكسر ذهبا هذا اذا كان الجنين كاملا اما اذا كان اقل من ذلك فحسب المرحلة يبدأ من اربعين دينار او ستين دبنار يعني تقريبا ثلث الدية الى ثلثين الدية على حسب سنه .
في مصدر الفقه السني قال النووي في مجموعه اذا شربت الحامل دواء فألقت به جنينا فعليها غِرة لاترث منها شيئا اذن مطلق اسقاط الجنين من قبل امه في فتوى الحنابلة انه عليها غِرة وتكون الغِرة لسائر ورثته وعليها عتق رقبة كما قدمنا ولو كان الجاني المسقط للجنين اباه او غيره من ورثته فعليه غِرة ايضا . الظاهر ان النووي وغيره يفتون بان اسقاط الجنين فيه غِرة ولا يفتون مثل فقهائنا بلزوم الدية كاملة .
ان الدية عند فقهائا الشيعة نوعاً دية انسان كامل دية ذكر للذكر ودية انثى للأنثى وانه لايكفي فيها ان يعتق عبدا ان يعطي لأبيه غِرة يعني عبدا او غُرة يعني انسانا مملوكا كأن يعني مثلا يشتري بمقدار عُشر الدية لايكفي الغُرة
الفقهاء السنة نوعا يفتون بأن في الجنين غُرة في هذه الحالة يكفي ان بعطي مثلا نسبة قيمة العبد الى مجموع الدية قد يكون مثلا العُشر او اقل من العُشر .
ان اسقاط الحمل بأي شكل من الاشكال لم تجزه الشريعة المقدسة حتى لو كان نعوذ بالله من زنا لايجوز اسقاطه .
ومن غرائب ما رأيت ان امرأة جائت تستفتي وتقول انها أسقطت طفلين لها ولأن اسقاطها كان بأمر زوجها فهي تريد دية من زوجها ، الذي اقدم على الفعل هي وهي التي عليها الدية ، نعم اذا أمر الزوج يكون فعل معصية كبيرة وهو يرث من الدية الا اذا سامحها في دية الطفل وكذلك اذا الطبيب اذا باشر عليه الدية اذن المضمدة الواعية العاقلة التي تعرف ما تقدم عليه ايضا تكون عليها الدية وهذا بشكل عام محرم ولا يرضى به الشرع حتى والعياذ بالله حتى لو كان الحمل حملا غير شرعي هذا ما كان من أمر الإجهاض واسقاط الجنين وديته ويجب على من ساء حظه وارتكب مثل هذه الجريمة ان يعرف حكمها الشرعي من مرجع التقليدي ويتوب الى الله عز وجل من عمله .
هناك حقان يترتبان على اسقاط الجنين حق في ذمته لله تبارك وتعالى واثم ارتكبه هذا يجب ان يتوب منه وتكون توبته توبتا نصوحا لايعود الى عمل من هذا النوع ويترتب عليه ايضا الدية لورثة هذا الطفل الذي جنى عليه ، لابد ان يعرف مقدار ما يجب عليه من الدية حالة الحمل كيف كانت ومقدار الدية ويؤديها لذويه او يسامحه ويحلله من ذلك
(1) الغِرة يعني العبد او الأمة د ص
(2) في حالة امر الزوج زوجته فاسقطت جنينها ، لماذا لاتسقط الدية باسقاط حقه
دروس سماحة الشيخ علي الكوراني
المصدر: شبكة رافد للتنميه الثقافيه