الاجتهاد: صدر حديثا عن دار الصادقين كتاب(حقوق الطبع والنشر والتأليف) بحث استدلالي في الادلة الشرعية من الكتاب العزيز والسنة المباركة للاستاذ في الحوزة العلمية الشيخ ميثم الفريجي
لا شكَّ أنَّ مسألة حقوق الطبع والنشر والتأليف، من المسائل الجديدة التي لم تكن معهودة سابقاً في زمان وكلمات الأصحاب، فضلا عن وجودها بشكل متميّز في عصر الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وإنما بدأت بالظهور في الأزمنة المتأخرة بعد التطور الملحوظ في وسائل وآليات التأليف والطباعة والترجمة وتحقيق المخطوطات، ونحوها، بأشكال مختلفة، منها:
الأعمال المكتوبة بشكلها الورقي والالكتروني، في الكتب والمقالات والمجلات والاقراص المدمجة وغير ذلك، بل قد يتوسع مجال هذه الحقوق إلى الأعمال المسموعة المرئية، مثل البرامج التلفزيونية والأفلام والفيديوهات على الإنترنت، والأعمال المرئية، مثل اللوحات والملصقات والإعلانات، و مجال ألعاب الفيديو وبرامج الكمبيوتر، وقد تتسع الى مجالات أوسع بحسب تقدّم العلم ووسائل التكنولوجية الحديثة
ومن هنا دعت الحاجة الملحّة الفقهاء إلى تحرير مسألة حقوق الطبع والنشر والتأليف بنحو مستقل في الاستدلال الفقهي في هذه الأزمنة المتأخرة، لبيان الحكم الشرعي فيها، والموقف العملي منها، على اعتبار انها داخلة في ضمن المسائل المستحدثة التي اخترنا في تعريفها: (أنَّها كلُّ موضوع جديد يطلب له حكم شرعي سواء لم يكن في السابق، أو كان سابقاً لكن تغيَّرت بعض قيوده، فالأوَّل من قبيل النقود الاعتبارية التي لم تكن قبل، والثاني من قبيل اعتبار المالية لبعض الاعيان النجسة والتي لم تكن لها مالية في الماضي) ، والتي أفرزتها حاجات العصر الراهن ومتطلباته الكثيرة،
وهي تشغل حيزاً مهمّاً من دائرة البحث الفقهي، فهي مسائل غالباً ما تكون محلَّ ابتلاء يكثر السؤال عنها، وبحكم كونها متجدّدة ومتغيّرة تكون غير محدودة لارتباطها بالتطوّر العلمي والتقني الذي تعيشه البشرية اليوم، بخلاف الأحكام الشرعية التي تكون محدودة من ناحية الكم كتاباً وسنة، وقد أحصيت في الكتب، ونلاحظ أنَّ الموضوع لمسألتنا، وهو حقوق الطبع والنشر والتأليف، من المواضيع المستحدثة التي تجدَّدت في الأزمنة المتأخرة نتيجة ما ذكرناه آنفا
ومن هنا ينفتح باب السؤال: هل أنّ تأليف الكتاب أو تحقيقه أو طباعته ونشره، ـ وغير ذلك من الأعمال المسموعة والمرئية وأعمال الدراما وما ينتج في الانترنيت ووسائل العصر الحديث من برامج وألعاب الكومبيوتر والانترنيت ونحوها ـ يولّد حقّاً يختص بالمؤلّف أو المحقّق والناشر أو المؤسسة والجهة المنتجة للعمل، بحيث يكون هذا الحقُّ معتبراً في نظر الشريعة الإسلامية، فتمنع من التعدّي عليه وتؤطره بإطار الضمان، أو لا يكون الأمر كذلك؟
فيتكفَّل الفقه الاستدلالي بإعطاء جواب تام لهذا التساؤل، فيبحث أوَّلا:
في ثبوت مثل هذه الحقوق لأصحابها، وبيان مناشئها،
وثانياً: في أنّ هذا النوع من الحقوق، هل هو معتبر شرعاً أو لا؟ بمعنى المنع عن التعدّي عليه وتأطيره بالضمان كما ذكرنا.
وقبل بيان الحكم في المسألة لابدَّ من الدخول في مقدمات ومطالب تمهيدية نحرّر فيها النزاع، ونبيّن جملة من الأمور التي تنفعنا كأصل موضوعي حين اعطاء الحكم في مسألتنا وعلى الله التوكل.