خاص الاجتهاد: صدر حديثا عن مؤسسة نور الشريعة كتاب حضانة المولود بين الشريعة والقانون، وهو بحث فقهي استدلالي مقارن بين الفقه الجعفري والمذاهب الأربعة وقانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188، بقلم القاضي الشرعي الشيخ محمد رضا السائدي. الطبعة الأولى 1447، 2025 م. عدد الصفحات 150
إن الإسلام جاء كمنهج للحياة في كل مستوياتها الفردية والجماعية، بما يحفظ كرامة الانسان ويكفل له سعادة الدارين، فسطر في تشريعاته ما يغطي كل وقائع الحياة الخاصة والعامة، اذ ما من واقع الا ولها حكم شرعي.
ومما اهتم به المشرع العظيم هو بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالأسرة والزواج والطلاق والنفقة والحضانة بما يحفظ حال المجتمع الاسلامي بل الانساني، لان الله تعالى هو خلقنا ويعلم ما يضرنا او ينفعنا وما يصلح حالنا او يفسده، قال تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخبير ) .
وقال تعالى في بيان ضرورة الاستجابة الله وللرسول لان في ذلك حياتنا السعيدة في الدارين: (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِما يُحْيِيَكُمْ).
ووصف تلك الحياة الطيبة مع الالتزام بالعمل بما انزله الله من شريعة دون غيرها كما قال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً).
وحرم الاستهانة والكراهة للأحكام الشرعية في القلب او التطبيق فقال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ).
فلا يصح ان نعمل بما يخالف الشرع المبين وما يخالف القرآن الكريم ونجعل أنفسنا في مقام التشريع مقابل تشريعات الله تعالى او نركن الى تشريعات ارضية فنكون من المفترين او الخاسرين (… فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ).
ولا يجوز ان نفتي بلا علم او حجة شرعية كما قال تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا).
ونظام الاحوال الشخصية – ومنه تشريع الحضانة – من تلك المساحات التي استوعبها في تشريعاته لحفظ البنية الاسرية حتى بعد افتراق الوالدين عن بعضهما بالطلاق او بالموت او مع موتهما.
فعالج هذه المسالة الحساسة تفصيلا بها لا تجده في كل التشريعات الارضية وبها يحفظ حق الوالدين بالحضانة من جهة، وبها يراعى مصلحة المحضون من جهة اخرى، واخذت التشريعات الأرضية منه بعض بنوده بعد نقص تشريعاتها عن تغطية ذلك كحال الكثير من سد النقص في تشريعاتهم كما صرحوا بذلك خصوصا في قانون الاحوال الشخصية.
وفي هذا البحث محاولة لعرض الحضانة تعريفا وموضوعا وحكما وفروعا وتطبيقا لتحري الوصول الى راي الشرع فيها بعد ان كانت مثارا للخلاف والاختلاف بين الشريعة والقانون.
وجاء بحثها مختصرا الى حد ما، وذلك بما يناسب الهدف الذي اريد منه، وهو بيان الحكم الشرعي في الحضانة ومدى مخالفة القانون الوضعي لذلك الحكم، وتم ارجاء التفاصيل الاستدلالية لمناسبة أخرى ان شاء الله تعالى.
وكان سبب الكتابة في هذه المسالة هو كثرة الابتلاء فيها عند الناس عموما وعند المشرع الشرعي والقانوني خصوصا ، وبالأخص في هذه الايام التي نشهد فيها الخلاف الكبير على تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي بما يناسب الفقه الجعفري.
كما جاء ذلك على انه جزء من مشروع كبير يدعو الى (اسلمة القوانين) الوضعية وجعلها مطابقة للشرع من خلال اعادة صياغتها بلغة قانونية طبقا للشريعة الاسلامية، في كل نواحي الحياة سواء الاجتماعية او التربوية او القانونية او ادارة الدولة او الاقتصاد والمصارف.
وقد جعلته بحثا مقارنا بين المذهب الجعفري والمذاهب الاربعة الاخرى والقانون الوضعي العراقي، لكي يكون القارئ اللبيب على بصيرة من احقية مذهب اهل البيت عليهم السلام وموافقته للقران والسنة النبوية والعقل والفطرة والعدل.
واحتوى الكتاب على اثني عشر مبحثا، اجيب فيه عن اهم الاسئلة حول الحضانة.
فتناول مجموعة مباحث كتعريف الحضانة وبيان حكمها شرعا، وهل الوجوب فيها عيني او كفائي؟ وهل هي حكم او حق؟ وهل هي ثابت للاب او الام؟ وفي اي عمر تثبت، ومتى تنتهي؟
ومع فقد الابوين الى من ينتقل هذا الحق…الخ من المباحث.
اهدي هذا الجهد المتواضع الى سيدتي ومولاتي السيدة الطاهرة فاطمة بنت محمد صلوات الله وسلامه عليها، راجيا من الله نيل شفاعتها الكبرى يوم القيامة.
والحمد لله اولا واخرا.
محمد رضا الساعدي / النجف الاشرف
١ ربيع الاول ١٤٤٦
فهرس المحتويات
تحميل الكتاب
حضانة_المولود_بحث_فقهي_استدلالي_مقارن