النوروز

حديث النوروز في كلام العلامة ابن فهد الحلّي (ره) / المحقق رضا مختاري

الاجتهاد: يعتقد الباحث أن ابن فهد هو أوّل عالم أورد حديث فضيلة النوروز عن المعلّى، ثم يقوم بدراسة مصدر الحديث وسلسلة تداوله في المصادر إلى أن ينتهي بكتاب مختصر المصباح للشيخ الطوسي، ويورد الكاتب أدلة على أنّ هذه الرواية مدسوسة في نسخ مختصر المصباح، وليست من أصله. مضافاً إلى عدم نقله في المصادر المعتبرة القديمة، ثم إن الإبهامات في تعيين يوم النوروز إلى القرن التاسع ممّا يضعف الحديث ويُثبت وضعه.

اعلم أنّ العلامة ابن فهد الحلّي (طَيّب الله ثراه وجعل الجنة منقلبه ومثواه) أوّل من روى ونقل الحديث المعروف في فضيلة النيروز في كتابه المشهور المهذَّب البارع (ج۱، ص ۱۹۴ – ۱۹۶) فيما نعلم وفيما وصل إلينا من المصادر وسيأتي نصه نقلا عن المهذب.

نعم، أول كتاب فقهي ورد فيه استحباب الغسل يوم النيروز هو كتاب السرائر (ج 1، ص ۳۱۵) لابن إدريس الحلي نقلا عن مختصر المصباح للشيخ الطوسي على كلام فيه سيأتي إن شاء الله سبحانه. ولكن ابن إدريس لم ينقل نص الحديث واكتفى بالإشارة إلى ما ورد في مختصر المصباح.

قال ابن فهد في المهذَّب البارع (ج۱، ص ۱۹۴ – ۱۹۶):

ومما ورد في فضله ويعضد ما قلناه ما حدثني به المولى السيّد المرتضى العلّامة بهاء الدين علي بن عبد الحميد النسّابة (دامت فضائله) ما رواه بإسناده إلى المعلّى بن خُنيس عن الصادق (عليه السلام): «إن يوم النوروز هو اليوم الذي أخذ فيه النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) العهد بغدير خم، فأقرّوا له بالولاية، فطوبى لمن ثبت عليها والويل لمن نكثها.

وهو اليوم الذي وَجَّه فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً (عليه السلام) إلى وادي الجن، فأخذ عليهم العهود والمواثيق، وهو اليوم الذي ظفر فيه بأهل النَّهروان وقتل ذَا الثَدية.

وهو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت وولاة الأمر ويظفره الله تعالى بالدجّال، فيصلبه على كناسة الكوفة، وما من يوم نوروز إلا ونحن نتوقع فيه الفرج، لأنه من أيامنا حفظه الفرس وضيّّعتموه.

ثم إنّ نبيّاً من أنبياء بني إسرائيل سأل رَبَّه أَنْ يُحيي القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فأماتهم الله تعالى، فأوحى إليه أن صُبَّ عليهم الماء في مضاجعهم، فصَبَّ عليهم الماء في هذا اليوم، فعاشوا وهم ثلاثون ألفاً، فصار صبّ الماء في يوم النيروز سنّة ماضيةً لا يعرف سببها إلّا الراسخون في العلم، وهو أول يوم من سنة الفرس.

قال المعلى: وأملى عليّ ذلك، فكتبته من إملائه.

وعن المعلّى أيضاً قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) في صبيحة يوم النيروز.
فقال يا معلى أتعرف هذا اليوم ؟
قلت: لا، ولكنه يوم يعظّمه العجم، يتبارك فيه.
قال: كلا والبيت العتيق الذي ببطن مكة ما هذا اليوم إلا لأمر قديم، أفسّره لك حتى تعلمه.

قلت: لعلمي هذا من عندك أحبّ إلي من أن تعيش أترابي ويهلك الله أعداءكم {أمواتي وتموت أعدائي).

قال: يا معلى يوم النيروز، هو اليوم الذي أخذ الله فيه ميثاق العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وأن يدينوا برسله وحججه وأوليائه، وهو أول يوم طلع فيه الشمس، وهبّت فيه الرياح اللّواقح، وخلقت فيه زهرة الأرض.

وهو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح (عليه السلام) على الجودي، وهو اليوم الذي أحيا الله فيه القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم.

وهو اليوم الذي هبط فيه جبرئیل (علیه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو اليوم الذي كسر فيه إبراهيم (عليه السلام) أصنام قومه وهو اليوم الذي حمل فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين عليا ( عليه السلام) على منكبه حتّى رمى أصنام قريش من فوق البيت الحرام وهشمها … الخبر بطوله.

وقال أيضاً في المهذب البارع (ج1، ص 191):
هنالك أغسال أُخر… مثل غسل يوم النيروز، نيروز الفرس، ومستنده رواية المعلّى، وذكره الشيخ في مختصر المصباح ويستحب فيه الصيام وصلاة أربع ركعات بعد صلاة الظهرين، ويسجد بعدها ويدعو بالمرسوم يغفر له ذنوب خمس سنين.

أقول: أما بالنسبة إلى الخبر المنقول عن مختصر المصباح للشيخ الطوسي “ره”(م460) فأول من أشار إليه هو ابن إدريس الحلي “قدس سره” (م595) في السرائر (ج١، ص ٣١٥) أي بعد أكثر من مائة سنة من وفاة الشيخ “رحمه الله”.

هذا الخبر لم يذكره الشيخ في مختصر المصباح قطعاً وجزماً، ولا يوجد في النسخ المخطوطة لمختصر المصباح، وإنما وضعه بعض الوضاعين، وألحقه بآخِر نسخة من المختصر بعد إتمام الكتاب وبعد إتمام كلام الشيخ، فتوهّم الشيخ ابن إدريس “رحمه الله ” أنه من كلام الشيخ، وأفتى بمضمونه ونسبه إليه.

ونقله عن ابن إدريس من تأخّر عنه ناسباً له إلى مختصر المصباح، اعتماداً على ابن إدريس، وتصوّر أنه من كلام الشيخ، بينما هو مَن دسّ الوضّاعين، وإليك نصّ ما أُلحق بآخر مختصر المصباح وليس من كلام الشيخ:

عن المعلّى بن خُنَيس، عن مولانا الصادق “عليه السلام” في يوم النيروز قال: إذا كان يوم النوروز فاغتسل والبس أنظف ثيابك، وتطيب بأطيب طيبك. وتكون ذلك اليوم صائماً، فإذا صليت النوافل والظهر والعصر فصل بعد ذلك أربع ركعات تقرأ في أول كل ركعة فاتحة الكتاب وعشر مرات (إنا أنزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ)، وفي الثانية فاتحة الكتاب و عشر مرات (قُلْ يَأْيُّهَا الكَافِرُونَ)، وفي الثالثة فاتحة الكتاب وعشر مرات (قل هو الله أحد)، وفي الرابعة فاتحة الكتاب وعشر مرات المعوذتين، وتسجد بعد فراغك من الركعات سجدة الشكر، وتدعو { خ ل؛ بعدها، خ ل: فيها} بهذا الدعاء: اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين، وعلى جميع أنبيائك ورسلك بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، وصلِّ على أرواحهم وأجسادهم. 

 

المصدر: العدد المزدوج (13و 14) من مجلة كتاب الشيعة 

لقراءة المقالة كاملة وتحميلها راجع موقع مجلات نور التخصصية (noormags) بالاشتراك في الموقع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky