خاص الاجتهاد: اعتبر الأستاذ سيد إحسان رفيعي علوي أن الفقه الشيعي يمتلك القدرة على التفاعل الذكي مع القانون الدولي، ودعا إلى مواءمة الخطاب الديني مع المجتمع.
حسب تقرير “الاجتهاد”، انعقد الملتقى العلمي التخصصي “قدرات الفقه في الدفاع عن ولي أمر المسلمين والمجتمع الإسلامي” بحضور نخبة من أساتذة الحوزة والجامعة والباحثين في العلوم الإسلامية، وذلك في قاعة الشهيد بهشتي بجامعة باقر العلوم (عليه السلام). خلال هذا الملتقى، استعرض الأساتذة حسن علي أكبريان، سعيد ضيائي فر، ذبيح الله نعيميان، إبراهيم موسى زاده، قاسم شبان نيا، علي محمدي، السيد إحسان رفيعي علوي، محمد جواد أرسطا، السيد سجاد إيزدهي، محمود حكمت نيا، ورضا إسلامي، الدور الذي لا غنى عنه للفقه الشيعي في صون الحكم الإسلامي والتصدي للتحديات العالمية.
وقام الأساتذة في هذا الملتقى بتوضيح الأبعاد الفقهية والقانونية والحضارية للدفاع عن ولاية الفقيه، مشددين على حتمية إعادة النظر في إمكانيات الفقه الشيعي في مواجهة التهديدات العالمية والحروب الهجينة، كما لفتوا الانتباه إلى فتاوى المراجع العظام بوصفها دعامة راسخة لحفظ هوية الأمة الإسلامية وقوتها.
رئيس جامعة باقر العلوم (ع)، الأستاذ الدكتور السيد إحسان رفيعي علوي: التهديدات التي يصدرها بعض المسؤولين الغربيين، بما في ذلك الرئيس الأمريكي، ضد قائد الثورة المعظم، لا تشكل تهديدًا لشخص بعينه فحسب، بل هي تهديد لوجود الأمة الإسلامية والكيان السياسي الشرعي القائم على مبدأ ولاية الفقيه؛ وهو كيان يستمد شرعيته من المبادئ العقلية والشرعية، ومن قبول الشعب.
لطالما امتلك الفقه الشيعي، عبر تاريخه، قدرات نظرية وتطبيقية عظيمة في سبيل الدفاع عن حياض الإسلام والأمة الإسلامية. واليوم، يتوجب على فقهائنا، من خلال فهم عميق للمتغيرات الدولية والقواعد القانونية الكونية، تقديم حلول رشيدة ومؤثرة لمجابهة التهديدات المستجدة والتفاعل الحصيف مع المنظومات الدولية.
وفي إطار القانون الدولي أيضًا، يتم التسليم بوجود قواعد آمرة، كقاعدة حظر تهديد كبار الشخصيات الرسمية للدول؛ فحتى رئيس دولة كالمغرب، ذو الخلفية العسكرية، يتمتع بالحصانة الدولية وفقًا للمبادئ الخمسة لميثاق الأمم المتحدة. ويثار هنا تساؤل جوهري: إذا كانت هذه القاعدة القانونية راسخة، فكيف يمكن تبرير تهديد زعيم نظام ذي شرعية، ولا سيما من قبل قوة عالمية؟
يجب تحليل العلاقة بين القانون الدولي والدفاع عن القيم الإسلامية بشكل صحيح. قد يتساءل البعض: كيف يمكن للجمهورية الإسلامية أن ترفع شعار “الموت لأمريكا” لسنوات، والآن يقوم الرئيس الأمريكي بتهديد قائد الثورة صراحة؟ هل هذا دليل ضعف أم تعارض؟ الجواب هو أن هذه المسألة يجب أن تدفعنا إلى إعادة قراءة أعمق للعلاقة بين المقاومة والحكمة في النظام الإسلامي.
إن الفقه يمتلك القدرة على الصمود في وجه التهديدات، كما يوفر إمكانية التفاعل الذكي مع القواعد الدولية. وبناءً على ذلك، فإن الفقه السياسي الشيعي ليس فقط نابعًا من الداخل، بل يمتلك أيضًا القدرة على التواجد في الساحات العالمية والدفاع عن الأمة.
أحد التحديات الملحة والمهمة اليوم هو الحاجة الماسة للمجتمع للحصول على إجابات واضحة ومُبرهنة للتساؤلات الجديدة التي تظهر في الفضاء السيبراني. لتحقيق ذلك، يجب مواءمة لغة الدين مع لغة المجتمع، ومن ثم ترسيخ الرسالة الدينية على المستوى العام بالاعتماد على المعرفة الجماعية.
إن إنتاج محتوى ديني عالي الجودة وفي الوقت المناسب يتطلب حضورًا نشطًا ومنظمًا للحوزة العلمية في مجال الدعوة الإلكترونية. وذلك لأن النقل الصحيح للمفاهيم الدينية إلى عامة الناس هو أحد أهم سبل حماية الهوية الإسلامية وتعزيز ارتباط الناس بالولي الفقيه.
وإذا استطاع الفقه الشيعي، مواكبةً للتطورات الحديثة، أن يوسع نظامه المفاهيمي ويتخذ خطوات استراتيجية بفهم عميق للوضع الراهن، فلن يقتصر دوره على الدفاع عن الولي الفقيه فحسب، بل سيلعب أيضًا دورًا محوريًا في تعزيز مكانة الإسلام العالمية.