خاص الاجتهاد: أقيمت ندوة تحضيرية لمؤتمر إحياء ذكرى آية الله الحاج السيد جواد الحسيني الخامنئي “رحمة الله عليه” برعاية مقر إحياء ذكرى هذا العالم الرباني في مدينة مشهد المقدسة، وذلك في صباح يوم الخميس 25تشرين الثاني/نوفمبر 2021، وقد شارك في هذه الجلسة عدد من الباحثين والأساتذة الذين تحدثوا عن أبعاد شخصية هذا العالم الكبير.
وفقا لتقرير موقع الاجتهاد في هذه الندوة التحضيرية التي أقيمت في قاعة متحف القرآن الكريم في الحرم الرضوي الشريف بمشاركة مجموعة أساتذة السطوح العليا في الحوزة العلمية وعدد من الباحثين في الحوزة والجامعة، وعدد من ذوي المرحوم آية الله السيد جواد الخامنئي، وقد أكدّ المشاركون على ضرورة دراسة سيرة وسلوك علماء الدين الكبار، وتبيين مختلف أبعاد حياة تلك الشخصيات التي كان لها عظيم الأثر في المجتمع الإسلامي.
وقد تمحور النقاش في هذه الجلسة التحضيرية على بيان المكانة العلمية والأخلاقية والسيرة الاجتماعية لآية الله السيد جواد الخامنئي، أمّا المحاضرون فيها فهم فضيلة الشيخ رضا مختاري رئيس مؤسسة تراث الشيعة، والدكتور موسى حقاني مدير قسم البحوث في مؤسسة دراسات التاريخ الإيراني، والأستاذ غلامرضا جلالي عضو الهيئة العلمية في مؤسسة أبحاث الإسلام الحضاري، والدكتور أبوالفضل حسن آبادي رئيس مركز المخطوطات في المكتبة المركزية للعتبة الرضوية المقدسة.
وفيما يلي نضع بين أيديكم تقريرا حول أهم المباحث المطروحة في الندوة.
خصائص الشخصية العلمية لآية الله السيد جواد الخامنئي “ره”
المشاركة الأولى كانت لفضيلة الشيخ رضا مختاري وهو من الباحثين والأساتذة في حوزة قم العلمية، والذي أمضى سنوات طوال بالتدريس والبحث وإحياء التراث المكتوب؛ حيث قال في مداخلته في هذه الندوة:
هناك طرق ومعايير متعددة لكشف المكانة العلمية والمعنوية للشخصيات التي نبحث حولها، ومنها التتلمذ على يد أفضل الأساتذة، وعند النظر في الحياة العلمية لآية الله السيد جواد الخامنئي “ره” نراه قد حضر دروس كبار الأساتذة في مشهد والنجف، ولهذا الأنس والتأثر بنفْس ونفَس هؤلاء الأجلاء الأفاضل له الأهمية القصوى، ويجب إيلاؤه الاهتمام اللازم عند دراسة تراجم وسير مثل هذه الشخصيات العلمية، فالمرحوم حضر في مشهد في دروس الميرزا محمد آقازادة والحاج حسين القمي، وحكيم الشهيدي، وفي النجف تتلمذ على العلماء الميرزا النائيني والسيد أبو الحسن الأصفهاني، وآقا ضياء العراقي، والشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني، وجميع هؤلاء من كبار علماء الحوزة العلمية.
وأوضح رئيس مؤسسة تراث الشيعة أنّ العامل الثاني في هذ الدراسة هو عامل الأصحاب والمقرّبين، وقال: من أصحاب آية الله الخامنئي يمكن أن نذكر المرحوم العلامة الطباطبائي، والمرحوم آية الله السيد هادي الميلاني، وعدد آخر من كبار الشيعة، ومثل هذه الصحبة وما يتبعها من أنس تدلنا على سمو مكانته العلمية.
ولفت مختاري إلى أنّه من المعايير التي يمكن الاستناد إليها في هذا الشأن هي تلك العبارات التي وصف بها العلماء الأفاضل الشخصية التي ندرسها، وتابع موضحا:
لقد حصل آية الله السيد جواد الخامنئي “ره” على إجازات متعددة وهامة من علماء الطراز الأول في النجف، ومنهم السيد أبو الحسن الأصفهاني، والميرزا النائيني وآقا ضياء وغيرهم، وأعتقد أنّ الأمر الأكثر أهمية من الإجازات والتعابير والكلمات الواردة فيها هو أنّ سماحته لم ينشر إجازاته أبدا في أيّ مكان، ومنذ فترة وبعد مضي أكثر من ثلاثين عاما على وفاته تمّ نشر إحدى إجازات اجتهاده، لقد كان البعد عن الظهور والشهرة من أهم خصاله، وهي فضيلة أخلاقية يجدر الاقتداء بها.
فضيلة الشيخ مختاري تابع مشاركته بقراءة نصوص إجازات آية الله السيد جواد الخامنئي”ره”؛ مشيرا إلى أبعاد التعابير والكلمات الواردة فيها، وقال: تشير التعابير والكلمات المستخدمة في هذه الإجازات إلى مقامه السامي، ومكانته البارزة، ويثبت أنّ لهذه الإجازات درجة عالية من الاعتبار، فمثلا أُشتهِر عن آية الله الحائري اختصاره في نص منحه الإجازة؛ فقد كان يكتفي بجملة واحدة، ولكنّه أصدر إجازة لآية الله السيد جواد الخامنئي بنص فيه مزيد من التفصيل، وهذا يشير إلى القيمة الفائقة لهذه الإجازة.
وتابع صاحب كتاب «سیمای فرزانگان»(سيماء الحكماء) مشاركته بذكر بعض آراء كبار الشخصيات والعلماء حول آية الله السيد جواد الحسيني الخامنئي، وأضاف: نلاحظ في عبارات وكلمات بعض كبار الشخصيات ما يدلّ على سمو ورفعة مكانة آية الله السيد جواد الخامنئي، ومن أمثلة ذلك الرسالة التي أرسلها آية الله الميلاني إلى متولي العتبة الرضوية المقدسة حينها؛ وتتضمن طلبا بدفن شقيق آية الله الخامنئي في الروضة المنورة، حيث وصفه في هذه الرسالة بعالم المدينة الجليل والمتقي، ومن أمثلة ذلك أيضا ما قاله آية الله شبيري الزنجاني المشهور بالدقة في كلماته وتعابيره؛ حيث وصفه بعبارات راقية، منها أنه من أهل التقوى المخلصين، ومن العبّاد، وأنّه شديد المراقبة لأعماله وأقواله، وأنّه كان عالما حقيقيا، وأنّ تقواه أعلى من علمه.
وفي نهاية مشاركته أشار رئيس مؤسسة تراث الشيعة إلى الجهود التي بذلها العلماء في صون الدين قائلا: للأسف من الأمور التي نغفل عنها ونهملها اليوم هو عدم الاستفادة من سير وسلوك وأخلاق من سبقنا من علماء الدين الأجلاء، ونحن قلما نقتدي بهم في حياتنا، في حين أنّ سِيَر أولئك العلماء الأبرار حافلة وغنية بالدروس القيمة والخصال المفيدة والضرورية لحياتنا.
النهج السياسي الاجتماعي لآية الله السيد جواد الخامنئي
بدوره أشار الدكتور “موسى فقيه حقاني” الأستاذ الجامعي ومدير قسم البحوث في مؤسسة دراسات التاريخ الإيراني إلى حسن مصادفة هذه الندوة التحضيرية لأسبوع قوات التعبئة (البسيج)، وقال: تعدّ المرجعية الشيعية من أهم القوى المؤثرة في التاريخ الإيراني المعاصر؛ حيث استطاعت هذه المرجعية أن تعبئ عموم الناس خلال تاريخ الشيعة أكثر من غيرها من الفئات.
وتحدث حقاني عن المكانة السياسية الاجتماعية للعلماء قبل انتصار الثورة الإسلامية قائلا: في الحقيقة كان تأسيس منظمة قوات التعبئة (البسيج) على يد الإمام الخميني(ره) امتدادا لذلك الدور لعلماء الدين، وطبعا ما قام به الإمام الخميني(ره) والدور الذي أدّاه لم يكن ممكنا في السابق، ولكنّ إنجاز تأسيس منظمة البسيج الكبير إنما تحقق كنتيجة لجهد سلسلة من العلماء قبل انتصار الثورة الإسلامية. والخمسون عاما التي قضاها آية الله السيد جواد الخامنئي إماما لصلاة الجماعة في مدينة مشهد كان لها بلا شك تأثير كبير على تديّن أهالي هذه المدينة، وقد ربّى وأعدّ أفرادا يمكن أن تعتبرهم بالنظر إلى التزامهم وغيرتهم الدينية بسيجيين قبل أن تتشكل منظمة البسيج.
كما لفت الباحث في التاريخ الإيراني المعاصر إلى ضرورة النظر إلى سيرة وحياة الشخصيات من أمثال آية الله السيد جواد الخامنئي من مختلف الأبعاد والجهات، وقال: عندما نقول أنّه كان تاركا للدنيا فالمعنى الصحيح لذلك هو أنّه كان زاهدا فيها ومعرضا عن زخارفها، ولا يعني هذا الوصف أنّه كان تاركا للحياة الاجتماعية، ففي حياته جوانب سياسية مهمة، وللأسف نحن تأخرنا كثيرا في دراسة سيرة وشخصية آية الله السيد جواد الخامنئي، وسبب ذلك أننا بعد الثورة صرنا نهتم بمختلف الشخصيات على أساس حجم نشاطاتها السياسية، وسبب ذلك الأفكار الخاطئة التي نُشرت بين الناس قبل الثورة الإسلامية.
وأضاف: قبل الثورة نشر الدكتور شريعتي آراءه حول الإسلام السياسي وفقا لنظرة سياسة خاصة للإسلام، وهذه النظرة فرضت قيودا على غيرها من الاتجاهات، وهذا الانحراف الفكري أدى للأسف إلى الغفلة عن الاهتمام بكثير من علماء الدين، في حين أنّ الإسلام سياسي في ذاته، ويجب أن ندرس مواقف علماء الشيعة في كلّ فترة تاريخية وفق فهمهم للظروف الخاصة بتلك الفترة.
وتابع الأستاذ حقاني قائلا: إذا ما نظرنا إلى المسائل وفقا للإطار الذي قدمه شريعتي للإسلام السياسي فلن يبق مجال للكلام حول آية الله السيد جواد الخامنئي، لأنّه لم يكن مناضلا سياسيا وفقا لتعريف شريعتي.
وتابع مدير قسم البحوث في مؤسسة دراسات التاريخ الإيراني قائلا: إنّ اتباعنا للفكرة التي تقول “الشخصية التي لم تقم بعمل سياسي يجب ألا نوليها اهتماما” قد تسببت لنا بخسارة كبيرة، ومنعت من التعريف بشخصيات كبيرة، مثلا في بداية الثورة تقرر إنتاج مسلسل تلفزيوني حول الشيخ فضل الله النوري، ولكن أحد السياسيين حينها عارض هذا الأمر، ولم يسمح بتنفيذ العمل، رغم أنّ سماحة السيد قائد الثورة كان موافقا على ذلك وقد رحبّ بهذه الفكرة.
وأضاف حقّاني: لقد تابع آية الله السيد جواد الحسيني الخامنئي بحكمة وبصيرة الأحداث التي جرت في تبريز والنجف ومشهد، ولكنّ الظروف السائدة حينها أجبرته على الانعزال سياسيا، ولا يعني ذلك أنّه لم يكن سياسياً بالأساس، لأنّ اتخاذ مثل هذا القرار وابتعاده عن بعض القضايا هو بذاته يعدّ عملا سياسيا.
وأشار هذا الباحث في التاريخ الإيراني المعاصر إلى الظروف السياسية الاجتماعية التي عاشها آية الله السيد جواد الخامنئي بقوله: بشكل قاطع لم يكن للمرحوم أيّ علاقات مع السلطة البهلوية والأجهزة المرتبطة بها، وهذا أمر مهم للغاية، لأنّه في العامين 65 و66م أُجبر البعض تحت ضغوط شديدة على إقامة علاقات مع الحكومة.
وأوضح أنّ آية الله السيد جواد الخامنئي كان ذا دور وتأثير على الصعيد الاجتماعي، فقد كان له مواقف سياسية، وكان يشعر بوجود الفراغ، ولكنّه مع ذلك اتخذ جانب الاحتياط ، وهذا نفس الخط الذي انتهجه المرحوم آية الله البروجردي والمرحوم آية الله الحائري، وفي الحقيقة الشخص الذي يرى مشروطة تبريز (الثورة الدستورية) عليه أن يصبح حذرا ومحتاطا، فهذه المشروطة وعلى الرغم من أنها كانت دينية بالكامل في بدايتها إلا أنّها بعد انحرافها أساءت بشدة للدين والعلماء، والعامل الآخر في هذه القرار هو “رضا خان” الذي كان يعمل على اجتثاث أصل المذهب الشيعي؛ حتى أنّه أغلق بعض الحوزات العلمية، وقام عامدا بإنهاء عدد من الحوزات العلمية في مختلف مدن البلاد.
وأضاف: اعتقد أنّ العلماء من أمثال آية الله السيد جواد الخامنئي لم يكونوا ينظرون إلى الإسلام عبر ذلك الأفق المحدود الذي ينظر منه البعض، فالإسلام في ذاته وجوهره دين سياسي، ويخطئ من يرى غير ذلك، ولكن أحيانا لا تكون الظروف مهيئة أو واضحة للقيام بالنضال السياسي بشكله المعهود، طبعا لقد كان له نشاطات ضمن هذا المعيار؛ فأحيانا كان يوقع على البيانات التي تصدر اعتراضا على السلطة البهلوية، كما أنّه أوقف صلاة الجماعة التي كان يؤمّها اعتراضا على نفي الإمام الخميني(ره)، وهذا بحد ذاته نوع من النضال السياسي.
كما أشار حقاني إلى بعد آخر من الظروف السياسية الاجتماعية في زمن حياة آية الله السيد جواد الخامنئي موضحا أنّ مذكّرات المقربين منه تبيّن لنا أنّه كان معارضا لسياسات رضا خان وقمعه في تلك المرحلة، تلك السياسات التي كانت تحارب الدين وتحاول فرض الثقافة الغربية عليه، وكان سماحته ملتزما بارتداء لباس علماء الدين، ويمكن اعتبار هذا الالتزام في ذلك الزمان نوعا من النضال السياسي، وكان يعبّر عن الخط المعارض للحكومة ولسياساتها.
وفي ختام مشاركته أوضح مدير قسم البحوث في مركز دراسات تاريخ إيران أنّ دراسة المنهج السياسي الاجتماعي لهذه الشخصية الكبيرة يحتاج إلى مجال أوسع من هذه الجلسة، وقال: للقيام بالنشاط السياسي المطلوب _وكما أكثر علماء الدين_ كان المرحوم آية الله السيد جواد الخامنئي يبحث عن حامل للراية، وينقل سماحة السيد قائد الثورة عن والده أنّه كان يقول: إذا ما قام آية الله الخميني فأنا سأكون أول شخص يسير في ركابه.
خمس مراحل هامة في حياة آية الله السيد جواد الخامنئي
أمّا مشاركة الأستاذ غلامرضا جلالي عضو الهيئة العلمية في مؤسسة أبحاث الإسلام الحضاري فقد بدأت بالإشارة إلى أنّ حضور آية الله السيد جواد الخامنئي في النجف كان في الفترة التي شهدت فيها هذه المدينة أفضل وأبهى فتراتها العلمية.
وقال هذا الباحث في تاريخ رجال الشيعة مشيرا إلى أساليب وطرق دراسة حياة العلماء الكبار من أمثال آية الله السيد جواد الخامنئي: إذا أردنا دراسة سيرة وحياة هذا العالم الجليل دراسة صحيحة ودقيقة علينا أن نستوعب أولا ظروف زمانه ومقتضياتها، وما هي المناهل الثقافية التي أخذ منها، وما هي الثقافات التي أثّر عليها.
وأوضح مدير قسم الأنساب في مجمع البحوث الإسلامية في العتبة الرضوية المقدسة أنّه يمكن تقسيم حياة آية الله السيد جواد الخامنئي إلى خمس مراحل أو خمس محطات، وأضاف: المرحلة الأولى ولادته وحضوره القصير ولكن المهم في النجف الأشرف، والذي استمر حتى سن الثالثة، والاهتمام بهذه المرحلة نابع من درجة التأثر الكبير للطفل بمحيطه وببيئته المعنوية، ومن ثمّ هجرته برفقة والده إلى تبريز، وفي تلك الفترة من الطفولة وبداية الشباب شهد في تبريز حضور كثير من الشخصيات العلمية البارزة؛ ففي تلك الفترة من العهد القاجاري استقر كثير من العلماء المؤثرين في هذه المدينة، كما أنّ المرحوم والده كان من الشخصيات المهمة والخاصة.
وقال جلالي مشيرا إلى أهمية التاريخ العائلي لآية الله السيد جواد الخامنئي: نسب هذا العالم الكبير مشهور وشريف، ومن الضروري للغاية القيام بدراسة دقيقة لنسبه، وهذا أمر يساهم أيضا في التعرف على تاريخ التشيّع في المنطقة، وينبغي أن نعلم أنّه لولا وجود هذه العائلة فإن كثيرا من القيم لم تكن لتصل إلينا أبدا.
وبعد إشادته بمكانته وتخصصه في علم الأنساب نقل جلالي إحدى خواطر آية الله السيد موسى شبيري الزنجاني حيث قال: سألت مرّة آية الله شبيري الزنجاني عن رأيه في شجرة نسب آية الله الخامنئي؛ فأجاب: لا شك في إحراز انتسابه إلى الأئمة(ع)، فهناك شخصيات علمية كبيرة في عائلته، وقد كانوا سببا في شهرة تشتهر هذه العائلة وذكر أسماء أفرادها في كتب التاريخ.
عضو الهيئة العلمية في مؤسسة أبحاث العلوم والثقافة الإسلامية أوضح أنّ آية الله السيد جواد الخامنئي هاجر من تبريز إلى مدينة مشهد المقدسة وفيها أمضى ثماني سنوات، وفي تلك الفترة كان في مشهد الكثير من علماء الدين البارزين، ومنهم آقا بزرك حكيم الشهيدي والذي كان تلميذا للمرحوم الميرزا أبو الحسن الطباطبائي المعروف بـ جلوه وناقل مدرسة طهران الفلسفية إلى مدينة مشهد، ومنهم المرحوم الميرزا محمد آقازادة والحاج حسين القمي، وأيضا الميرزا مهدي الأصفهاني، وهم جميعا من كبار أساتذة الحوزة العلمية في خراسان، وقد تتلمذ آية الله السيد جواد الخامنئي العلم على يد هؤلاء الأساتذة الكبار.
وبيّن جلالي أنّ مرحلة الأساس التالية في حياته كانت هجرته إلى النجف والتي استمرت ست سنين، وقال موضحا: في فترة حضوره في النجف الأشرف كان فيها أفضل الأساتذة، وفي هذه المدينة أمضى أفضل مراحل حياته العلمية؛ فقد تتلمذ في هذه المدينة على يد كبار العلماء؛ من أمثال الآيات: السيد أبو الحسن الأصفهاني، والكمباني، والميرزائي، والنائيني، وآقا ضياء العراقي، وإنّ اكتساب العلم من هؤلاء العلماء الأجلّاء والذي يحمل كلّ واحد منهم مبانيه ومنهجه الفكري الخاص إنّما يدل على نبوغ وحكمة آية الله السيد جواد الخامنئي، والذي استطاع فكريا استيعاب وهضم هذه المباني المتعددة.
أستاذ الحوزة والجامعة أوضح أنّ المحطة والمرحلة الرابعة في حياة آية الله السيد جواد الخامنئي رافقت وصادفت حوادث سياسية بارزة؛ منها نهضات مسجد جوهرشاد والنهضة الوطنية، وإنّ تأثير مواكبته لتلك الأحداث ومشاركته في جميع التغييرات والوقائع الاجتماعية في تلك الفترة مشهود وظاهر فيما نقل عنه من أقوال وأعمال ووثائق.
أمّا المحطة الخامسة في حياته فقد كانت معاصرته لانتصار الثورة الإسلامية كما يبين جلالي الذي أضاف: لقد شكلت هذه الفترة من حياته اختبارا صعبا لهذه الشخصية التي تم تكوينها في تقلبات الزمان؛ لأنه خلال فترة النضال التي تمخضت عنها الثورة الإسلامية كان هناك قدر كبير من الضغط على بيته وعائلته؛ ولا سيّما تلك الضغوط والمضايقات التي تعرضت لها عائلته من قبل السافاك (مخابرات الشاه)، وتنتهي هذه الفترة بمشاركة ولده آية الله السيد على الخامنئي في قيادة البلاد عبر أعلى المناصب ومنها رئاسة الجمهورية، وفي هذه السنوات لم تتغير شخصية آية الله السيد جواد الخامنئي، ولم يكن ينتظر أن يتلقى أيّ مزايا أو مكاسب من ولده، واستمر في العيش في نفس البيت البسيط الذي كان يعيش فيه سابقا.
وفي ختام مشاركته قال جلالي مشيرا إلى رسالة آية الله السيد جواد الخامنئي إلى تلميذه آية الله نصرالله الشبستري: يمكن أن نستخلص نقاطا مهمة ومميزة من مطالعتنا لتلك الرسالة، ومنها أنّ السلوك إلى الله والحكمة التي يمنحها الباري تعالى للإنسان المؤمن والسالك كانت أهم وأثمن زاد في حركته وسيره في تلك الأجواء المتعارضة والمعقدة، وكان نتيجة ذلك أنّه استطاع أن يكون شخصية ثابتة وصلبة ومؤثرة، واليوم نفتخر ونحن إلى جوار حرم مولانا الإمام الرضا(ع) بأن اجتمعنا تكريما لعالم جليل سخَّر حياته وعلمه لنشر ثقافة وتعاليم أهل البيت “عليهم السلام” الأصيلة في هذه المدينة.
اكتشاف عشرة نسخ خطية تتعلق بآية الله السيد جواد الخامنئي
كما شهدت هذه الندوة التحضيرية مشاركة للدكتور أبو الفضل حسن آبادي مدير قسم النسخ الخطية والمدير السابق لمركز التوثيق في العتبة الرضوية المقدسة؛ حيث قال في مستهل مداخلته: عندما نريد تكريم عالم ما ودراسة سيرته وحياته يمكن أن نقوم بهذا العمل من جوانب متعددة، وفي هذا الصدد يغدو للبيئة الزمانية والمكانية التي عاشها ذلك العالم أهمية خاصة.
وتابع هذا الباحث في التاريخ الشفاهي لعلماء خراسان قائلا: هناك جوانب متعددة في الدراسة التاريخية لشخصية آية الله السيد جواد الخامنئي: أولها موضوع هجرة المواطنين الأذربيجانيين إلى مدينة مشهد، حيث كان أكثرهم ينتمون إلى أسر علماء الدين، وكان لهم نشاطات ثقافية مهمة مصاحبة لحياتهم العادية في المدينة، فعلى سبيل المثال كانوا هم من أسس أول مدرسة في المدينة، والجانب الآخر في أهمية تلك الهجرة هو الجانب الاقتصادي،
ومن أمثلة ذلك أنّ المحلة التي كان يعيش فيها آية الله السيد جواد الخامنئي واسمها “سرشور” كانت تضم سوقا ينشط فيها عدد من كبار التجار، والذين كان لهم تأثير كبير في المدينة.
وأوضح أنّ علم الأنساب العلمي والأخلاقي والمحلي كأحد طرق دراسة الشخصيات الكبيرة وأردف قائلا: هناك بحث واسع حول عائلة آية الله السيد جواد الخامنئي، فهي عائلة كبيرة مكونّة من عدة عوائل مشهورة تمتلك نسبا محددا ودقيقا يمتدّ لألف عام، ومكانتهم معروفة وواضحة في المنطقة والبلاد.
وأضاف حسن آبادي مشيرا إلى أهمية دراسة مكان سكنى الشخصية التي ندرسها: لقد عاش سماحته حوالي نصف قرن في مكان واحد، وإمامته لصلاة الجماعة التي امتدت نصف قرن مشهورة في ذلك المكان، لذا ينبغي علينا أن نأخذ هذه النقطة المهمة بالاعتبار في دراستنا وأبحاثنا.
وفي الختام لفت المدير السابق لمركز التوثيق في مكتبة العتبة الرضوية المقدسة إلى حركة الدراسات الأخيرة في النسخ الخطية في العتبة الرضوية المقدسة، وقال: مؤخرا وجدنا مصادر ومنابع مهمة تتعلق بآية الله السيد جواد الخامنئي، وهي عشر نسخ مخطوطة، وقد علمنا عن طريق ملاحظة بخط يد سماحة السيد قائد الثورة أنّ هذه النسخ تتعلق بعائلته.
ندرة الوثائق التي تعرّف الشخصيات العلمية والدينية الكبيرة أمر محزن للغاية
وقال فضيلة الشيخ السيد أميد مؤذني الأمين التنفيذي لمؤتمر تكريم آية الله السيد جواد الخامنئي في مشاركته في هذه الندوة التحضيرية للمؤتمر: من أهداف هذه الجلسات إعداد وتهيئة المقدمات للتعريف الأمثل واللائق بهذا العالم الربّاني، وذلك عبر تعاون ومشاركة العلماء والمهتمين بالتعريف بالعلماء والشخصيات الهامة في البلاد، ولاسيما سماحته.
وقال مشيرا إلى ضرورة إقامة مثل هذه المؤتمرات: من أكبر الآفات الثقافية هو الجهل بالتاريخ والجذور الثقافية للمجتمع وعدم التعريف بها بالشكل الصحيح، والغفلة عما تمتلكه المجتمعات والشعوب من أرصدة وتراث معنوي، وبناء عليه ولتجنب هذه الآفات يغدو من الضروري جدا أن نعمل بجد على التعريف بالعلماء الربانيين الذين كان كلّ واحد منهم حلقة في السلسلة المباركة للعمل بسنّة ومعارف وتعاليم أهل البيت عليهم السلام.
وأضاف مؤذني: كما اهتمت سلسلة العلماء المباركة على مرّ التاريخ بحفظ ونشر كلمات المعصومين(ع) السامية، واهتمت بالحفظ النظري لهذه المعارف فكذلك اجتهد أولئك العلماء في التحقيق العملي لتلك المعارف عبر الاقتداء بأخلاق وسلوك أهل البيت(ع)، فكانوا مجسدين في وجودهم لهذه المعارف، وهو تجسيد تناقلته الأجيال، أي أنّهم عملوا بمعارف وتعاليم أهل البيت(ع)، واثبتوا بكلّ تفانٍ وإخلاص وعبر الالتزام بمعيار التقوى أنّ العمل بمعارف أهل البيت(ع) يوصل الإنسان إلى الفلاح وإلى أسمى درجات الحياة الطيبة.
وقال الأمين التنفيذي لمؤتمر تكريم آية الله الحاج السيد جواد الحسيني الخامنئي: عندما نريد الحديث حول شخصيات كآية الله السيد جواد الحسيني الخامنئي نواجه فقرا في المصادر والوثائق؛ في حين أنّه شخصية كبيرة، وعدم وجود مصادر كافية حول سيرته وحياته أمر محزن للغاية.
وقال مؤذني مشيرا إلى جوانب أهمية شخصية آية الله السيد جواد الخامنئي: لقد عاش سماحته في النجف حتى سن السابعة والثلاثين، وهناك حصل على إجازة الاجتهاد من صفوة علماء النجف، وهذا يثبت المستوى العلمي الراقي الذي وصله، ويمكن القول أنّ سماحته مثال بارز على الشخصية النموذجية في الزهد والتقوى.
ولفت إلى الضغوط التي كانت تمارسها السلطة البهلوية على العلماء، وقال: في العهد البهلوي ورغم القمع والضغوط والصعوبات أصرّ المرحوم آية الله جواد الخامنئي على الاستمرار بارتداء زي علماء الدين، ووجه أبناءه لارتداء هذا الزي وسلوك طريق كسب العلم الديني حتى لا تنقطع سلسلة العلم الجليلة هذه، وبعد عودته من النجف أمضى خمسين عاما من حياته في مدينة مشهد، وفي كلّ تلك السنوات لم تتغير حياته البسيطة الزاهدة؛ حتى عندما أصبح ولده رئيسا للجمهورية الإسلامية، ولكن للأسف لم يحصل إلى اليوم توثيق ودراسة كاملة لسيرة هذه الشخصية الكبيرة.
وأضاف مؤذني: أسرة آية الله السيد جواد الحسيني الخامنئي أسرة علم، وقد خرج من هذه الأسرة فقيه كبير يقف في مقام قيادة العالم الإسلامي، ومضافا إلى السيد قائد الثورة فإنّ بقية أعضاء هذه الأسرة الكريمة كانوا من العلماء الأفذاذ؛ ومنهم والد السيد جواد الخامنئي وشقيقه الذين كانا من العلماء البارزين في فترة الثورة الدستورية (المشروطة)، وهنا يغدو من الضروري دراسة أبعاد سيرة هذه الشخصية من ناحية أسرته الشريفة.
وتابع الأمين التنفيذي لمؤتمر إحياء ذكرى آية الله السيد جواد الخامنئي”ره” متحدثا عن تسلسل أعمال إقامة هذا المؤتمر، وقال: اهتمت مؤسسة البحوث والثقافة للثورة الإسلامية في مدينة مشهد ومنذ العام الفائت بتأسيس مقر هذا المؤتمر، وذلك بالتعاون مع مكتبة العتبة الرضوية المقدسة ومجمع البحوث الإسلامية فيها، ومع علماء الحوزة العلمية في خراسان، وممثلية الولي الفقيه في كلّ من خراسان وتبريز، ومنذ البداية شرعت بنشاطاتها البحثية، والتي كان نتيجتها إلى اليوم إجراء أكثر من مئة حوار ومقابلة فكرية وتاريخية، وجمع أكثر من مئة وثيقة في موضوع المؤتمر.
كما قدّم قائمة موجزة لأهم الجهود والفعاليات البحثية لأمانة المؤتمر، وأضاف: من جملة الوثائق المهمة التي وجدناها في هذه الفترة يمكن الإشارة إلى بعض المؤلفات العلمية وإجازات الاجتهاد لآية الله السيد جواد الخامنئي وبعض أفراد أسرته، ومضافا إلى مصنفاته العلمية وجدنا أكثر من خمسين رسالة أرسلها إلى تلميذه آية الله نصرالله الشبستري، وفيها مضامين مهمة وقيّمة، كما يوجد قسم من تقريراته لدروس آية الله النائيني في الفقه والأصول، ونحن نأمل أن نجمع مزيدا من الوثائق عبر مساعدة الأشخاص الذين كانوا مقربين منه وعلى تواصل معه.
وأضاف الأمين التنفيذي لمؤتمر تكريم آية الله الخامنئي: “تجري الأنشطة البحثية لأمانة المؤتمر في مدن تبريز ومشهد وطهران وقم، كما نرحب بجميع مساهمات مقالات الباحثين المهتمين في مجال البحوث المتعلقة بآية الله السيد جواد الخامنئي “.
وقال مؤذني مشيرا إلى ما تمّ إعداده حتى اليوم من منتجات ثقافية مرتبطة بموضوع المؤتمر: سيتم خلال المؤتمر الرئيسي نشر مذكرة تحتوي على العديد من المقالات والمقابلات، كما أن أعماله العلمية وأعمال عائلته، مثل كتاب والده “حاشية القوانين” هي الآن قيد البحث والتحضير للنشر، ومن هذه المنتجات كتاب قصص قصيرة مقتبسة من سيرته وحياته، وفيلم وثائقي عن حياته وعصره، وسوف تعرض هذه الأعمال على هامش أعمال المؤتمر.
وقال الأمين التنفيذي لمؤتمر تكريم آية الله السيد جواد الخامنئي في ختام مداخلته: بعون الباري تعلى سوف نقيم المؤتمر في العام الإيراني الحالي، وندعو جميع من يمكنه المساهمة والمساعدة في هذا المجال للتعاون معنا؛ حيث يمكنهم التواصل معنا عبر الأمانة العامة للمؤتمر.
على النخب الثقافية والعلمية المساهمة في إنجاح المؤتمر
وأكدّ سماحة السيد جلال الحسيني رئيس مؤسسة المكتبات والمتاحف ومركز التوثيق في العتبة الرضوية المقدسة في بداية هذه الندوة التحضيرية على ضرورة إقامة مثل هذه المؤتمرات بهدف صون وتعزيز الثقافة والعلم في البلاد، وقال: مكتبة العتبة الرضوية المقدسة لا تعتبر نفسها مختصة بالتراث العلمي والفكري المكتوب وحسب بل إنّ من مهام هذه المؤسسة العلمية حفظ وصون الكنوز المعنوية والروحية في البلاد ومن أمثلة ذلك صون تراث علماء الأمة الأبرار، وعليه وجدنا نحن العاملين في المكتبة لزاما علينا المساهمة في إقامة مؤتمر تكريم آية الله السيد جواد الخامنئي “ره”.
وفي الختام ثمّن السيد رضا خوراكيان مدير ممثلية مكتب حفظ ونشر أعمال آية الله الخامنئي”دام ظله” في مشهد مشاركة الأساتذة والعلماء في هذه الندوة التحضيرية، ودعا الباحثين والمهتمين للتعاون في إجراء الدراسات وجمع المعلومات والوثائق والمقالات المتعلقة بشخصية وسيرة آية الله السيد جواد الخامنئي، كما أشار إلى رسالة هذه المؤسسة في نشر الثقافة الأصيلة للثورة الإسلامية، وأعلن عن جهوزيتها للتعاون مع جميع الجهات والمؤسسات الثقافية والتعليمية والعلمية في جميع الفعاليات المتعلقة بفكر إمامي الثورة الإسلامية.
رسالة العلامة الطباطبائي الودية إلى آية الله السيد جواد الخامنئي
تم الكشف عن “الرسالة الودية التي وجهها العلامة الطباطبائي إلى آية الله السيد جواد الخامنئي” خلال الندوة التحضيرية لمؤتمر تكريم آية الله الحاج سيد جواد الحسيني الخامنئي، والتي عقدت بجهود مؤسسة الثورة الإسلامية للبحوث والثقافة بمدينة مشهد صباح يوم الخميس 25 تشرين الثاني /نوفمبر 2021.
وفيما يلي نص هذه الرسالة المكتوبة بخط اليد:
“أرجو أن يكون وجودكم المقدس العالي متنعما بالسلامة والفلاح وبعيدا عن كلّ إعياء، وأن تذكر بين الحين والآخر محبيك والمخلصين لك، قرأت رسالتكم المباركة التي كانت فخرا لي من جهة وتذكيرا للمخلص لكم من جهة ثانية، مسألة تأخير حوالة الأربعمئة وخمسون تومانا غمرتني بالخجل لدرجة أنني والله شاهد لولا رسالتكم الشريفة لما تجرأت على كتابة خطابٍ لفترة طويلة، أدعو الباري سبحانه أن يمنّ على الحاج الشيخ إسماعيل كتابفروش (بائع الكتب) بالإنصاف فقد آخّر مالنا بعد وصوله لشهر ونصف بالتمام. وأخيرا تلقينا المبلغ بواسطة الحاج السيد علي أصغر آقا الخوئي بصعوبة بالغة وأرسلناه بحوالة لجنابكم، على كلّ حال الخير فيما وقع، فمقامكم الشامخ وسماحتكم تتطلب أن تصبروا على مشاق ومتاعب العاملين بين أيديكم.
بالنسبة إلى سلسلة النسب التي تحدثنا حولها؛ فقد عرضت الموضوع على السيد النجفي وكذلك على بعض الأصحاب الذين سافروا إلى طهران، وأرجو أن أتمكن من إرسالها لمحضركم المبارك في غضون أيام قليلة مرفقة بخطاب آخر.
أتقدم من السيد الآقا الميرزا غلام حسين بالسلام والمحبة وخالص التهاني. أرجو أن تذكروني في العتبة المقدسة بين وقت وآخر.
منذ مدّة وأنا أعاني من المرض يرافقه ارتفاع في الحرارة وألم في الصدر وزكام وما إلى ذلك، على الرغم من أنّ الحرارة قد زالت منذ أيام بيد أنّ البراء الكامل لم يحصل بعد، أرجو أن تبلغوا سلامي للحضرات أصحاب الفضيلة الملكي والخوئي والتبريزي والنخجواني وبالخصوص إلى السيد النجف آبادي، وأهل بيتي يبلغون السلام إلى أهل بيتكم المحترمين الكرام، ويطلبون منكم الدعاء لهم للتوفيق بالزيارة مجددا، كما أبلغكم سلام المحترم السيد عبائي. وأرجو المعذرة على الإزعاج”.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد حسين الطباطبائي
من الجدير ذكره أنّ مؤتمر تكريم آية الله السيد جواد الخامنئي “ره” سيقام في غضون الأشهر القادمة بعد إكمال إعداد المؤلفات والمواد العلمية، ويمكن للأساتذة والباحثين التواصل مع أمانة المؤتمر لتنسيق التعاون في مجال النشاط العلمي لهذا المؤتمر.