الاجتهاد: يحاول كتاب تجديد أصول الفقه – دراسة تحليلية نقدية لمحاولات المعاصرين للمفكر زكي الميلاد أن ينبه على ضرورة استعادة العلاقة بين الفكر الإسلامي وأصول الفقه، وتفعيل هذه العلاقة وتنميتها، ليكون أصول الفقه منهجا وخبرة ومعرفة، حاضرا وفاعلا ومؤثرا في ساحة الفكر الإسلامي.
من يقترب من أصول الفقه ويتعرف إليه، يجد فيه علما بديعا تتجلى فيه روح الإبداع والابتكار، وهو من أكثر العلوم الإسلامية التي تظهر تفوق العقل الإسلامي، ونبوغ الثقافة الإسلامية، وذكاء الحضارة الإسلامية، كان وما زال علم فريداً من نوعه، يتصل بعلوم عديدة يأخذ منها، ويستقل عنها، ويتفرد عليها.
ولعل من أبلغ الأقوال وصفاً وتعبيرا عن جوهر هذا العلم وحقيقته، هو ما ذكره الشيخ أبو حامد الغزالي في مقدمة كتابه المستصفى من علم الأصول، إذ يقول: إن أصول الفقه هو من أشرف العلوم، لأنه يأخذ من صفو الشرع والعقل سواء السبيل، فلا هو تصرف بمحض العقول، بحيث لا يتلقاه الشرع بالقبول، ولا هو مبني على محض التقليد الذي لا يشهد له العقل بالتأييد والتسديد.
مع ذلك فإن من يقترب من الفكر الإسلامي حقلاً ودراسة، لا يجد فيه تجليات أصول الفقه واضحة عليه، وكأن هناك ما يشبه الافتراق أو الابتعاد ما بين الفكر الإسلامي وأصول الفقه على ما بينهما من وشائج.
وهذه مفارقة غريبة ما كان ينبغي أن تحصل أساسا بين هذين الحقلين، ولا أن تبقى وتستمر بهذا النمط الذي كانت عليه، وطيلة هذه الفترة الزمنية الطويلة والممتدة .
ومن هذه الجهة، فإن هذا الكتاب يحاول أن ينبه على ضرورة استعادة العلاقة بين الفكر الإسلامي وأصول الفقه، وتفعيل هذه العلاقة وتنميتها، ليكون أصول الفقه منهجا وخبرة ومعرفة، حاضرا وفاعلا ومؤثرا في ساحة الفكر الإسلامي.
ومن جهة أخرى فإن هذا الكتاب ليس عن أصول الفقه علماً، وإنما عن أصول الفقه فكراً، وهذا ما نحتاجه فعلا، فالدراسات في أصول الفقه كانت كثيرة، وهي التي استحوذت على الاهتمام قديما وحديثا، في حين أن الدراسات التي عنه كانت قليلة ومتفرقة ومتباعدة، لكنها تزايدت وأخذت وتيرة متصاعدة في فترة ما بعد ثمانينيات القرن العشرين.
وما هو جدير بالإشارة، فإن الدراسات التي جاءت عن أصول الفقه، هي التي فتحت أمامه آفاق التجديد والتطوير، وبلورة مسارات واتجاهات هذه الآفاق، وهي التي أكدت على حاجة وضرورة هذا المنحى في ساحة أصول الفقه، وكشفت عن قيمته وحيويته.
كما أن هذا النمط من الدراسات هو الذي بعث في أصول الفقه روح الحداثة واليقظة، ونبه على ضرورة الالتفات إلى ما يشهده العصر من تحولات و تغيرات متسارعة ومتعاظمة، وعلى المستويات كافة، قلبت معها إيقاع العصر، وغيرت منظورات الرؤية إليه، وذلك في ظل ما عرف بثورة المعلومات وانفجار المعرفة، ومع ما حصل من تیار العولمة الكاسح، إلى جانب تلك التطورات المذهلة في تقنيات الإعلام وشبكات الاتصال.
ومن جانب آخر، فإن هذا النمط من الدراسات أيضا، هو الذي نبه أصول الفقه إلى ضرورة الالفتات إلى ما تشهده علوم العصر من تجدد وتراكم متسارع ومتعاظم، غيرت من إيقاع المعرفة وصورتها وحركتها في عالم اليوم.
وقد حاولت قدر الإمكان في دراسات هذا الكتاب، أن تكون من نمط الدراسات الجديدة والحديثة، وتكشف عن الاتجاهات الجديدة في ساحة أصول الفقه، وتقدم جديدا في هذا المجال. وهذا ما أسعى إليه قدر المستطاع في عموم كتاباتي ومؤلفاتي التي أحاول فيها أن تكون مواكبة التطورات الفكر الإسلامي، وما يستجد في ساحته من تحولات وتجددات.
يتكون الكتاب من مقدمة وخاتمة وثمانية فصول هي:
الفصل الأول: السيد محمد باقر الصدر.. وتطور الفكر العلمي لأصول الفقه
الفصل الثاني: السيد محمد باقر الصدر.. والتجديد المنهجي لأصول الفقه
الفصل الثالث: أصول الفقه والفلسفة.. قراءة في نظرية السيد محمد باقر الصدر.
الفصل الرابع: أصول الفقه والفلسفة.. قراءة في نظرية الشيخ مصطفى عبدالرازق
الفصل الخامس: الشيخ محمد مهدي شمس الدين والنقد المنهجي لأصول الفقه
الفصل السادس: أصول الفقه.. ومسألة المنهج
الفصل السابع: الإجماع في أصول الفقه.. من الشورى إلى النظام النيابي
الفصل الثامن: أصول الفقه.. وتطور فكرة العقلانية في المجال الإسلامي
وحملت الخاتمة عنوان: تطور الدراسات في مجال تجديد أصول الفقه.
رابط قراءة الكتاب