خاص الاجتهاد: بيان صادر عن مكتب المرجع الديني آية الله شبيري الزنجاني بشأن ضرورة تبيين وحماية الأصول الاعتقادية لمذهب الإمامية الشريف
انطلاقاً من الأهمية البالغة لتبيين الأسس الاعتقادية لمذهب الإمامية الحق، وضرورة صيانة الأصول الراسخة لهذا المنهج النوراني، أصدر مكتب المرجع الديني آية الله شبيري الزنجاني بياناً جاء فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، واللعن على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «شِيعَةُ عَلِيٍّ هُمُ الفائزُونَ يَومَ القِيامَةِ»
إن معتقدات الشيعة الإمامية تستند إلى دعائم متينة وجذور راسخة قوامها البراهين العقلية، ومحكمات الكتاب الإلهي، ومسلمات دين الإسلام الحنيف، والأحاديث المتواترة، والروايات المحفوفة بالقرائن القطعية والمؤيدة بالحقائق التاريخية الثابتة. وعلى رأس هذه الأسس والمباني، يتربع الاعتقاد بإمامة ووصاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) بلا فصل، ومن بعده إمامة وولاية ذريته الطاهرة، التي تُعد بحق عمود الإيمان وأساس الديانة القويمة. وكما بينت الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) في خطبتها بمسجد النبي (صلى الله عليه وآله) – بعد رحيله – أن اتباع آل العصمة (عليهم السلام) هو قوام نظام الأمة الإسلامية، وأن جوهر الإمامة هو عامل الوحدة والأمان من كل فرقة وتشتت.
وعلى مر القرون المديدة، نهض علماء الأعلام والمحققون الكبار، بدءاً بالشيخ الصدوق والشيخ المفيد والسيد الشريف المرتضى والشيخ الطوسي، وصولاً إلى العلامة الحلي والخواجة الطوسي والمير حامد حسين الهندي (رضوان الله عليهم)، ببيان هذه الأصول الاعتقادية، وأقاموا الحجة على الجميع من خلال تدوين مؤلفات قيمة ونفيسة، وعبر الاستدلال وإقامة البراهين، ومهدوا طريق الهداية لطلاب الحقيقة؛ تلك المؤلفات التي تشكل بحد ذاتها شهادة واضحة على حقانية مذهب أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام).
بناءً على ذلك، يقع على عاتق العلماء والمفكرين وأصحاب الأقلام مسؤولية الاستعانة بالمصادر الموثوقة والمستندة، لتبيين وترويج والدفاع عن معارف أهل البيت (عليهم السلام) الحقّة، وإظهار الحقيقة النورانية لشجرة الولاية الطيبة بأبعادها المختلفة بوضوح وجلاء؛ إذ أن الإسلام الحقيقي، بدون الاعتقاد بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، سيكون قالباً فارغاً من المعنى وفاقداً للحقيقة.
وقد أكد علماء المذهب، اقتداءً بالأئمة الهداة (عليهم السلام) وتوصياتهم، دوماً على ضرورة الابتعاد عن الفتنة والنزاع، ولكن كما أن إثارة الفتنة بين المسلمين أمر غير جائز، فإن إضعاف المعتقدات الحقّة هو خطأ جسيم وخسارة لا تعوض.
ومما يبعث على الأسف الشديد أنه في بلد يفتخر باتباع مذهب أهل بيت العصمة النوراني (عليهم السلام) ويحمل راية ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، تُنشر بين الحين والآخر مطالب مهينة تتنافى مع أسس معتقدات المذهب، ويجري تحريف أو كتمان لحقيقة من معارف الدين، مما يملأ قلب الإمام العصر المقدس (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وقلوب عموم الشيعة بالحزن والأسى.
لذا، يتعين على القائمين على وسائل الإعلام تصحيح النهج الخاطئ المتمثل في السطحية والتساهل في عرض العقائد الثابتة للشيعة الاثني عشرية، والاستعانة بآراء المتخصصين في فهم الدين وأصحاب الفكر، وتحمل مسؤوليتهم تجاه الكيان الاعتقادي للشيعة، والتعويض عن التقصير الحاصل من خلال اتباع أسلوب علمي رصين، ووضع خطط مناسبة، واستخدام الدقة اللازمة.
ومن الواضح أن باب الحوار العلمي القائم على مستندات الكتاب والسنة، كما كان يروج له أعلام كبار مثل آية الله العظمى البروجردي (رحمة الله عليه)، لا يزال مفتوحاً على مصراعيه، وأن الحوزات العلمية الشيعية تعلن باستمرار عن استعدادها للبحث والنقاش بهدف تبيين معارف الإسلام.
نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع ويسددهم في الذود عن الدين الإلهي ونشر معارف أهل البيت (عليهم السلام) النقية، وأن يجعلنا من أتباعهم الصادقين.
والسلام على من اتبع الهدى
مكتب آية الله شبيري الزنجاني (مد ظله)
الأول من ذي القعدة الحرام ۱۴۴۶