الاجتهاد: إنّ الشيعة ومحبي أهل البیت علیهم السلام إذ يُقيمون مجالس العزاء الفاطمي ويقفون على أعتاب ذكراها بكلّ إجلال وإخلاص وخشوع إنّما يريدون من وراء ذلك تبيين التاريخ الحقيقي للعالَم وعرض شيئ من فضائل ومقامات هذه الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله علیها.
أصدر المرجع الديني سماحة آية الله العظمى الشيخ لطف الله صافي الكلبایكاني بيانا بمناسبة حلول أيام الفاطمية (ع) المأساوية.
بسم الله الرّحمن الرّحیم
اللهم صلّ وسلّم علی الصدیقة الشهیدة الرّضیة المرضیة الحوراء الانسیة المظلومة المغصوبة فاطمة الزهراء سیدة نساء العالمین.
في ذكرى شهادة سيدة نساء الإنسانية، مولاتنا الصدیقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله علیها اتقدّم بأحرّ التعازي الى القلب المقدّس المحزون لولدها المفجوع المنتقم للدماء الزكية، حضرة مولانا بقیّة الله الأعظم عجّل الله تعالی فرجه الشریف.
لقد طلب مني ـ وأنا المفتاق الضعيف ـ جمع من المحبين لساحة القدس الفاطمی أن أقول كلمة حول إقامة مراسم العزاء والحزن في مناسبة أيام الفاطمية ، وامتثالاً للأمر اقدّم بعض الكلمات بهذا الشأن:
إنّ الشخصیة النورانیة والإلهية لحضرة الصدیقة الطاهرة علیها السلام لا ينبغي أن يتصدّى لتعريفها سوى بارئ فاطمة وأبيها العظيم وزوجها الرفيع وأبناؤها الكرام صلوات الله علیهم أجمعین.
إنّ الله جلّ وعلا في قرآنه الکریم في آیة المباهلة الشریفة أو في آیة التطهیر أو في سورة الإنسان المبارکة وأيضاً في الآیات المبارکة من سورة الکوثر قد عرّف هذه السيدة الجليلة بأنّها أعزّ شخص على الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وأنّها الاُسوة في الطهارة والعصمة والشخصية النموذجية الفذّة في الفضائل الإنسانية ومكارم الأخلاق.
وإنّ شهر جمادى ليذكّرنا بأشدّ حوادث التاريخ حزناً وأسيً ممّا لا نظير له ولا شبيه، وإذا أردنا أن نبيّن الحقيقة المحزنة لهذه المصيبة الأليمة فعلينا أن نقول بأنّ السماوات والأرض والنجوم والأفلاك لا تطيق رؤية ولا سماع هذه المصيبة العظمى ، حيث إنّ أمير المؤمنين علي عليه السلام وهو جبل الصبر والثبات وأشجع إنسان على وجه الأرض قد وصل به الحزن الى حدّ حينما سمع بشهادة زوجته الحنون اُغمي عليه وأنشأ يقول بعد:
نفسي علی زفراتِها محبوسةٌ * یا لیتَها خرجـتْ مع الزَّفراتِ
لا خیرَ بعدكِ في الحیاةِ وإنّما * أبكي مخافةَ أن تطولَ حیاتي
ثمّ إنّ الشيعة ومحبي أهل البیت علیهم السلام إذ يُقيمون لها مجالس العزاء ويقفون على أعتاب ذكراها بكلّ إجلال وإخلاص وخشوع إنّما يريدون من وراء ذلك تبيين التاريخ الحقيقي للعالَم وعرض شيئ من فضائل ومقامات هذه الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله علیها وأن يكشفوا لكلّ من يؤمن بالله ولأحرار العالم ما اشتملت عليه الخطبة الفدكية من المعارف الإلهية السامية.
هؤلاء الشيعة ومحبّو هذه السيدة الطاهرة اليوم ومن خلال إقامتهم لمراسم ومجالس العزاء مع مراعاتهم الضوابط الصحية قد أثبتوا للعالَم أجمع عظمة وجلال المراسم الفاطمية ، وسجّلوا لأنفسهم مفخرة الدفاع عن مقام الولاية والإمامة الشامخ وأنّهم قد حُظُوا بالاقتداء بها.
نسأل الله العليّ القدير تعجيل الفرج البهيج لوليّ العصر روحی وأرواح العالمین له الفداء وأن يزيل الغموم والهموم والبلايا والأمراض عن المؤمنين ببركة الأنوار القدسية لهؤلاء العظماء ، وذلك بالتضرّع إليه تعالى بحقّ المعصومين علیهم السلام سيما السيدة الزهراء المرضية سلام الله علیها وببركة قراءة حدیث الكساء الشریف ودعاء التوسّل.
والسلام علیکم و رحمه الله و برکاته
10 جمادی الاولی 1442 هـ . ق
لطف الله الصافي
المصدر: وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا