العملات الافتراضية

العملات الافتراضية حكمها، ودور الدولة تجاهها “دراسة فقهية مقارنة”

الاجتهاد: أهداف البحث: ١ – إلقاء الضوء على ماهية العملات الافتراضية. ٢ – البحث في حكم التعامل بالعملات الافتراضية من الناحية الشرعية. ٣ – بيان هل يصح النظر إلى العملات الافتراضية على أنها نقد. 4- تحديد أدوار الدولة تجاه العملات الافتراضية. 5- إبراز الأمور التي ينبغي مراعاتها تجاه الجانب المستقبلي للعملات الافتراضية. / بقلم: وائل محمد رزق موسى*

ملخص الدراسة: في الوقت الذي انتشر فيه التعامل بالعملات الافتراضية، بل وفرضت فيه تلك العملات وجودها في سوق التعاملات المالية العالمية، كان من اللازم البحث في ماهية تلك العملات، والنظر في خصائصها وآثارها، لمحاولة الوصول إلى حكم شرعي تجاهها، وذلك من خلال النظر في قواعد الشرع ومقاصد الدين، وعمل موازنة بين إيجابيات العملات الافتراضية وسلبياتها، مع عدم إغفال التطورات المتلاحقة في نواحي الحياة المختلفة، والتي يأتي على رأسها في وتيرة التغير المستمر الجوانب المالية، فكان هذا البحث، والذي عني بالإجابة عن الأسئلة التالية: ما هي حقيقة العملات الافتراضية؟ وما حكم التعامل بها؟ وهل تعتبر عملة مالية بالفعل؟ وما هو واجب الدولة تجاه العملات الافتراضية؟

وكانت محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال دراسة الموضوع من خلال المنهج الوصفي التحليلي الفقهي المقارن، وذلك بإعطاء تصور عن العملات الافتراضية وتحليل وضعها مقارنة بالعملات النقدية والحكم عليها من خلال جمع آراء الفقهاء المعاصرين ومؤسسات الفتوى في هذه المسألة ودراسة أدلة كل رأي بهدف التوصل إلى الرأي المختار منها.

 

مقدمة البحث

إن المال هو عصب الحياة، وقوام المعيشة، من خلاله يصل الإنسان إلى مآربه، وبه يحقق مبتغاه، ونظرًا لقيام المال بدور الوسيط في التعاملات، وقياس قيم الأشياء والخدمات فقد تعددت مراحل وجوده، وتنوعت أشكاله، وتطورت صوره بما يحقق للإنسان المصلحة، ويدفع عنه المشقة.

وقد استقر الوضع الآن على التعامل بالأوراق النقدية الإلزامية، والتي حققت كثيرا من المقصود منها، فساعدت على التوسع في النشاط التجاري، ودفع عجلة الإنتاج ومن ورائه نمو الاقتصاد الدولي والعالمي، وتيسر التعاملات الضخمة بين الدول والشركات العملاقة، وذلك كله من خلال ثقة الناس بهذه العملات الورقية وبالجهات التي أصدرتها،

إلا أن هذا النظام اتسم ببعض السلبيات، مثل اعتماده على وجود وسيط ليقوم بنقل الأموال من حساب إلى آخر أو من بنك إلى بنك، وفرْض هذا الوسيط رسومًا مقابل تحويله الأموال، وأيضًا فقد اتسم بالبطء في التحويلات ونقل الأموال، وهذه السلبيات قد تحملها المتعاملون فترة من الزمن لعدم وجود بديل لهم عن تلك الطريقة.

ولكن التطور التكنولوجي في مجال الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت)، والتقدم التقني في وسائل الاتصال، كان لهما الأثر الواضح والكبير على كافة مناحي الحياة، ومنها بلا شك الجانب المالي والاقتصادي، والذي كان من أكثر العناصر تأثراً بالتكنولوجيا الحديثة، فترتب على ذلك ظهور نوع جديد من العملات والتي اتسمت بالعديد من السمات منها أنها ليست محسوسة مثل العملات النقدية، بل هي مجرد أرقام وقيم افتراضية موجودة في حسابات معينة على الشبكة الدولية للمعلومات،

ولما كان الإنسان مغرماً باختبار الجديد، مع المزايا المتعددة التي تقدمها تلك العملة الجديدة، وأيضًا سيل الإعلانات الكبيرة والضخمة، والتي تمني بالحصول على أرباح كبيرة جراء المتاجرة والمضاربة بتلك العملات الافتراضية، كل ذلك ساهم في سرعة انتشار تلك العملات الافتراضية، بل وظهور أنواع متعددة منها، مما أدى إلى تضاعف سعر هذه العملات مئات الآلاف من المرات، وزيادة حجم تداولها، حتى أصبح لها حضورها الواضح في سوق التعاملات المالية العالمية.

وبسبب الانتشار الواسع لهذه العملات الافتراضية فقد ثارت العديد من التساؤلات حول قدرتها على القيام بوظائف الأوراق النقدية، وفرص حلولها كبديل للعملات النقدية، وثارت أيضًا عدة شكوك فيها، وذلك لأسباب عدة، منها: جهالة هوية أول من أعلن عن تلك العملة، فلا تعرف حقيقة شخصيته، ومنها: أن هذه العملات لا قيمة فعلية لها، وإنما يتحكم في سعرها فقط قانون العرض والطلب، وأيضًا عدم وجود مؤسسة معروفة تضمن قيمة هذه العملات أو تعمل على تجنيبها المخاطر المحدقة بالنقود بوجه عام،

ومن أجل كل ذلك كله جاءت فكرة هذا البحث بدراسة حكم هذه النازلة الجديدة من الناحية الفقهية، ومدى مشروعية التعامل بهذه العملات الافتراضية حسب أحكام وقواعد الشريعة الإسلامية.

أهمية البحث:
۱ – عنايته بدراسة نازلة فقهية مالية معاصرة ازداد انتشار التعامل بها.
۲ – بیانه دور ومسؤولية الدولة تجاه تلك العملات الافتراضية.
3- إسهامه في محاولة استشراف مستقبل هذه العملات والتعاطي معها بصورةتحقق المصلحة.

 مشكلة البحث

تدور مشكلة البحث حول تكييف المعاملات الافتراضية من الناحية الشرعية، وينبثق عن هذا بعض الأسئلة، منها ما حقيقة العملات الافتراضية؟ هل يحكم للعملات الافتراضية بأنها نقد ؟ ما حكم التعامل بالعملات الافتراضية؟ ما هو دور الدولة تجاه العملات الافتراضية؟

أهداف البحث:
١ – إلقاء الضوء على ماهية العملات الافتراضيّة.
٢ – البحث في حكم التعامل بالعملات الافتراضية من الناحية الشرعية.
٣ – بيان هل يصح النظر إلى العملات الافتراضية على أنها نقد.
4- تحديد أدوار الدولة تجاه العملات الافتراضيّة.
5- إبراز الأمور التي ينبغي مراعاتها تجاه الجانب المستقبلي للعملات الافتراضيّة.

الدراسات السابقة:

تناولت بعض الدراسات العلمية السابقة موضوع البحث، منها ما يأتي:

١- النقود الافتراضيّة د/ عبد الله بن سليمان الباحوث، بحث تقدم به الباحث إلى حلقة بحثية بعنوان ” النقد الافتراضي” أقامها مركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة، جامعة الإمام محمد ابن سعود بالرياض، يوم الأربعاء الموافق ١٤٤٠/١/٢٣هـ

۲ – حكم التعامل بالبيتكوين هل هو مقامرة أم متاجرة؟ د/ منصور بن عبد الرحمن بن محمد الغامدي، بحث تقدم به الباحث إلى الحلقة البحثية “النقد الافتراضي” السابق ذكرها.

٣- العملات الافتراضيّة د/ ياسر بن عبد الرحمن آل عبد السلام، بحث تقدم به الباحث إلى الحلقة البحثية “النقد الافتراضي” السابق ذكرها.

٤ – النقد الافتراضي، بتكوين أنموذجا، إبراهيم بن أحمد بن محمد یحیی، بحث تقدم به الباحث إلى الحلقة البحثية “النقد الافتراضي” السابق ذكرها.

٥- النقود الرقمية الرؤية الشرعية والآثار الاقتصادية د / عبد الستار أبو غدة، بحث تقدم به الباحث إلى مؤتمر الدوحة الرابع للمال الإسلامي المنعقد يوم 9 يناير ۲۰۱۸ في الدوحة – قطر.

٦- أثر تعدين البيتكوين والعملات الافتراضيّة على استقرار النظام النقدي العالمي، صويلحي نور الدين بحث منشور بمجلة آفاق علمية، المركز الجامعي بتامنغست – الجزائر، ۲۰۱۸، المجلد ۱۰ عدد ۲.

وهذه الدراسات تناولت موضوع حكم العملات الافتراضيّة، وقد رجع إليها الباحث وغيرها، واستفاد منها، ويأتي هذا البحث أيضًا في محاولة من الباحث لطرق الموضع ذاته، وجمع ما ورد في جل هذه البحوث السابقة من أقوال، وإيراد الأدلة وما ورد على بعضها من مناقشات والموضوع يستحق مزيد دراسات حوله؛ وذلك لجدته، واحتياج الناس إلى بيان القول راجح تجاه هذه المسألة.

منهج البحث:
انتهج البحث المنهج الوصفي التحليلي المقارن، وذلك بإعطاء تصور عن العملات الافتراضيّة، وتحليل وضعها مقارنة بالعملات النقدية، والحكم عليها من خلال جمع أقوال الفقهاء المعاصرين ومؤسسات الفتوى والمجامع الفقهية في هذه المسألة، ودراسة أدلة كل قول بهدف الوصول إلى المختار منها، مع مراعاة الإجراءات الآتية:

۱ – عزو الآيات القرآنية إلى مواضعها في المصحف الشريف.

٢ – تخريج الأحاديث والآثار من كتب السنة، مع ذكر حكمها عند أئمة الحديث في حال عدم وجودها في صحيحي البخاري ومسلم – رحمهما الله تعالى –

۳ – دراسة المسائل المتفق على حكمها بتوثيق الاتفاق، وذكر الأدلة عليها.

٤ – دراسة المسائل المختلف فيها دراسة فقهية مقارنة، وذلك بعرض الأقوال فيها، وذكر الأدلة، وبيان وجه الدلالة منها، والاعتراضات والردود التي وجهت إلى بعضها لمحاولة الوصول إلى الرأي الراجح فيها.

٥ – توثيق الأقوال من مصادرها الأصيلة.

٦ – بيان معاني الكلمات الغريبة، والمصطلحات العلمية الغامضة.

خطة البحث:

جاء البحث في خطة تضمنت مقدمة وتمهيدًا وثلاثة مباحث جاءت كالتالي:

المبحث الأول: حقيقة العملات الافتراضيّة
المبحث الثاني: تكييف العملات الافتراضيّة وحكم التعامل بها
المبحث الثالث: دور الدولة تجاه العملات الافتراضيّة
ثم الخاتمة وفيها أبرز النتائج والتوصيات.

 

 
* قسم الفقه المقارن، كلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف – دقهلية، جامعة الأزهر، مصر.
مركز الدراسات الإسلامية، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة أم القرى، السعودية.

 

تحميل البحث

pdf العملات الافتراضية حكمها، ودور الدولة تجاهها

 

 

المصدر: مجلة كلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف – دقهلية، جامعة الأزهر- المجلد 25 العدد الرابع ديسمبر 2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky