الاجتهاد: يتناول كتاب “العمارة الإسلامية والبيئة” للدكتور يحيى حسن وزيرى مراعاة العمارة الإسلامية لعوامل البيئة واستفادتها منها وتأثرها بالأصول الإسلامية في صناعة عمارة بديعة متفننة. وفيه معلومات ونتائج عجيبة، ودراسات حديثة أثبتت أن المهندس المسلم كان على دراية كافية منذ وقت مبكر بتصميم المباني بحيث تتناسب مع طبيعة المناخ، وكيف ابتكر حلولا في غاية الذكاء للمعالجات المناخية.
ناقش عديد من الأبحاث والكتابات والمؤثرات البيئية في العمائر والمدن الإسلامية في محاولة لإظهار ردود فعل العمارة والفكر الإسلاميين تجاه معطيات البيئة، خصوصا في المناطق الصحراوية من العالم الإسلامي، ولكن يلاحظ أن أغلب هذه المحاولات تركز على المؤثرات المناخية فقط، التي بلا شك تمثل أحد أهم جوانب البيئة الطبيعية، كما أن هذه الدراسات غالبا ما تركز على عمارة المسكن الإسلامي دون سائر الأنواع الأخرى من المباني، التي يأتي على رأسها المسجد.
ونحن نرى أنه لا يمكن فهم العمارة الإسلامية إلا بنظرة أكثر شمولية وأكثر عمقا، فالعمارة شكلتها وأنضجتها عدة روافد دينية وحضارية مناخية، وهذه الروافد في مجملها تمثل الرؤية الأكثر شمولا لمفهوم البيئة، التي يجب ألا تقتصر على العوامل المناخية فقط، ولكن تتعدى لتشمل أيضا البيئة الدينية والاجتماعية والثقافية.
وفي هذه الدراسة – التي يصلح طرفا العلاقة فيها (العمارة الإسلامية-البيئة) أن يكونا موضوعا قائما بذاته- جاء طرح هذه العلاقة المتشعبة الجوانب بأسلوب يمتاز بشمولية النظرة، مع عدم الاقتصار على جوانب بيئية بذاتها، ومن جهة أخرى، فإن الكتاب يعرض ويناقش بعض الرؤى غير التقليدية الخاصة بالعمارة الإسلامية، من أجل استجلاء بعض الجوانب، التي يمكن ألا تكون ظاهرة للعيان عند الحديث عن العمارة الإسلامية.
لقد حاول المؤلف في هذه الدراسة أن يعطي القارئ والمثقف غير المتخصص فكرة أكثر وضوحا عن العمارة الإسلامية من خلال تتبع تفاعلاته مع البيئات المختلفة التي وجدت فيها المجتمعات الإسلامية بثقافاتها المحلية المتباينة. إنها محاولة لاستكشاف كيفية إسهام العوامل والروافد البيئية المختلفة في تشكيل العمران والعمارة الإسلامية في هذه المجتمعات.