فاضل المالكي

الشيخ فاضل المالكي: ضرب الأولويات الشرعية عرض الجدران، هو ضرب من تزيين الشيطان

الاجتهاد: الشيخ فاضل المالكي: ضرب الأولويات الشرعية عرضَ الجدران بذريعة تعظيم الشعائر، هو ضرب من تزيين الشيطان، ولهو ولعب بأحكام الديّان، وكل ذلك موجب الغضب الإمام عليه السلام، فكيف يرضيه بما هو عليه غضبان؟!

أثار المنبر المطلي بالذهب في حسينية قصر الزهراء بالكاظمية في العراق، جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك الأوساط الدينية الشيعية منتقداً غالبيتهم هذا المنبر الذهبي، خاصة في وقت يُعاني العراق من أزمات اقتصادية ومالية.

وفي سياق ذلك وعقب سؤال وجه لسماحة آية الله الشيخ فاضل المالكي بهذا الشأن ما نصه:

سماحة المرجع الديني المجدد الشيخ فاضل المالكي دام ظله

س. ما هو الحكم الشرعي في تزيين المساجد والمشاهد الشريفة وتذهيبها، بل وبلغ الأمر الى تطعيم المنبر الحسيني بالذهب الخالص الذي قيل أنه كلف ثمانمائة ألف دولار؟! بينما توجد آلاف الموارد الأهم للصرف شرعا؟!

ج. ۱- قال الله تعالى : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [سورة الحشر 7]. وقد ثبت أن رسول الله وأهل بيته صلوات الله عليهم نهوا عن تزيين المساجد وتذهيبها، وبطريق أولى يثبت النهي عن تذهيب المنابر،

وحينئذ، فلا يصح التقرب إلى الله بما نهى عنه ولو تنزيهاً، على التحقيق، ولا يثاب الفاعل عليه بل قد يأثم به، على القول بالنهي التحريمي، لا سيما والرسول صلى الله عليه واله يقول : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).

ثم وليت شعري، كيف تطيب نفس موالٍ لهم صلوات الله عليهم بمخالفة نهيهم، بل وكيف يخلُص ولاؤه للإمام عليه السلام وهو يقدم هواه على هداه ؟! هذا بحسب العنوان الأولي.

2. وأما بحسب العنوان الثانوي، فبما أن التذهيب من الكماليات، وإغاثة الملهوفين كالفقراء والمرضى، وهم بالملايين في عصرنا، من الضروريات الواجب تقديمها على غيرها، فمن المقطوع به حينئذ، حرمة صرف المال الشخصي فضلا عن الشرعي على الكماليات.

وأما ضرب الاولويات الشرعية عرضَ الجدران بذريعة تعظيم الشعائر، فهو ضرب من تزيين الشيطان، ولهو ولعب بأحكام الديّان، وكل ذلك موجب الغضب الإمام عليه السلام، فكيف يرضيه بما هو عليه غضبان؟!

وكذا الحال في المناهي الواردة عن زخرفة المساجد ونحوها وتزيينها بالنقوش، والمبالغة في الصرف على كمالياتها،

فقد ورد في تفسير القمي عن النبي صلى الله عليه وآله في أحوال آخرالزمان قال: (والذي نفسي بيده .. إن عندها تُزخرف المساجد كما تزخرف البيَع والكنائس وتُحلّى المصاحف وتُطوَّل المنارات وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة ).

وجاء في مكارم الأخلاق للطبرسي “ره” من وصية النبي “ص” لعبد الله بن مسعود “ره” في مقام الذم لمن وصفهم بأنهم « يزخرفون المساجد » .

وأخرج الجمهور عن أبي الدرداء عن رسول الله “صلى الله عليه وآله” قال: (إذا زخرفتم مساجدكم, وحليتم مصاحفكم, فالدمار عليكم). وعن ابن عباس قال: «لَتُزخرِفُنَّها كما زخرفت اليهود والنصاری ».

فما ظنك بمن أسفّ وأسرف في ذلك بما نجزم بعدم رضا أئمتنا عليهم السلام به، كما هو المعلوم من سيرتهم في رعاية الأولويات، وإلا فلو بُعثَ مولانا علي عليه السلام من قبره وسُئِل عن صرف الأموال الطائلة الهائلة في أمثال ذلك، أو صرفها على مرضى السرطان ونحوه أو الجرحى في العراق وغيره وعلى مَن لا سَكَنَ لهم، أو يسكنون المقابر وأكواخ القمامة، أو على من لا قوت لهم ولا رأسمال يؤمّن معاشهم ويقيهم الكفر والجريمة، ولا مبلغ زواج يحصّنون به أنفسهم من الانحراف ؟؟ حاشا للإمام عليه السلام أن يرضى بغير إغاثة الملهوفين وتقديم ضرورات المعوزين على غيرها ؟! كيف؟ وهو القائل :
هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع! أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى، وأكباد حرى،

أو أكون كما قال القائل :

وحسبك عارا أن تبيت ببطنة

وحولك أكباد تحن إلى القِدّ(1)

فليتق الله أولئك العابثون بقيم الدين لخدمة شعائر الدين بزعمهم! (فإن الله لا يطاع من حيث يعصى).

ثم إن هذا كله غيض من فيض، ولو كان الظرف مساعدا والناصر مساندا، ولولا كيد المستأكلين باسم الدين الذين فتحوا به دكاكين، ولولا خطرهم على عقول المساكين، وقلة الناصر والمعين، لفصلنا القول في صور أخرى وأخطر من العبث بالدين، ولكن نتأسى بالمأثور من قول زين العابدين عليه السلام:

إني لأكتم من علمي جواهره

کیلا يرى الحق ذو جهل فيفتننا

وقد تقدم في هذا أبوحسن

إلى الحسين ووصي قبله الحسنا

یا رب جوهر علم لو أبوح به

لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا

ولاستحل رجال مسلمون دمي

يرون أقبح ما يأتونه حسنا

والى الله المشتکی، وهو المستعان على ما يصفون.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky