الاجتهاد: أشاد سماحة الشيخ حسن الصفار بالمكانة العلمية المرموقة للمرجع الراحل السيّد محمد سعيد الحكيم، وحرصه على الألفة والانسجام في الساحة الدينية، ودعا أن تكون وصياه – رحمه الله – دافعًا للتماسك والالفة بين المؤمنين، ولتحصين ساحتهم من محاولات التمزيق والاختلاف.
جاء ذلك خلال خطبة الجمعة 3 صفر 1443هـ الموافق 10 سبتمبر 2021م في مسجد الرسالة بمدينة القطيف شرق السعودية.
وأبان سماحته أن الساحة العلمية الدينية فقدت بفقده مرجعًا كبيرًا، وفقيهًا بارزًا، كانت الآمال تعقد على المزيد من عطائه ودوره في القيادة الدينية.
وتابع الشيخ حسن الصفار: هذا الفقيه الذي ينتمي إلى أسرة علمية عريقة وقد شهدت ساحة الحوزة العلمية بفضله عبر دروسه التخصصية في علمي الفقه والأصول.
وأضاف: كما عرف بتربيته لكوكبة من العلماء والفضلاء، وبإنتاجه لمجموعة من الكتب القيمة ذات العمق العلمي.
وأوضح أن المرجع الحكيم رحمه الله كان أنموذجًا في الصبر والثبات وتحمل الأذى في جنب الله، حيث قضى سنوات في سجون الظلم والطغيان، وأثكل بقتل العشرات من أعلام أسرته الشريفة آل الحكيم.
ودعا للوقوف والاستفادة من وصاياه التي كان يوجهها للمؤمنين بعد تلمسه لحاجات ساحتهم الاجتماعية.
ومضى يقول: أريد التركيز على وصية من وصاياه ترتبط بتعزيز الألفة والانسجام في الساحة الدينية.
وقرأ من الرسالة الأبوية التي وجهها المرجع الحكيم للمؤمنين في البلدان الأجنبية، قوله رحمه الله: المتوقع عندكم ـ كما في كل مكان ـ اختلاف وجهات النظر بين المؤمنين، وتعدد اتجاهاتهم.
وتابع السيد محمد سعيد الحكيم: وأول أمر نؤكد عليه في ذلك أن يكون اتخاذ القرار، وتبني وجهة النظر الخاصة لكل أحد مبنيًا ـ بعد اللجأ إلى الله تعالى في التوفيق والتسديد ـ على التثبيت والتروّي، وملاحظة رضى الله تعالى، وصلاح الدين والمؤمنين، وأداء الواجب في ذلك، بعيدًا عن الدوافع الخارجية، والمصالح الفردية، والمنافع المادية والوهمية، من حب الظهور ونحوه، فإن الله تعالى فوق كل شيء، وإليه يرجع الأمر كله.
وأضاف رحمه الله: ثم نؤكد بعد ذلك على استبعاد التعصب والعنف في فرض وجهة النظر على الغير، واحترام وجهة نظر الآخرين، والتعامل معها بتعقل وسعة صدر، ومحاولة توحيد الكلمة، وتقريب وجهات النظر، وتقليل نقاط الخلاف مهما أمكن، والاهتمام بالمصالح المشتركة، فإن ذي ذلك جمع شملكم، وصلاح شأنكم وفيه رضا الله تعالى، وسرور رسوله الكريم، وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
وأشاد الشيخ الصفار بالرسالة التي أصدرها المرجع الراحل بعنوان: (الأصولية والأخبارية بين الأسماء والواقع). الذي أكد فيها – رحمه الله -أن الخلافات تضر بالطائفة وتجر عليها التفرق والانشقاق الذي يجرّ للتعصب، فيمنع من مصداقيَّة الرؤية، ويحول دون الوصول للحقيقة، “مع أن الطائفة في غنىً عن ذلك كله بعد وحدتها تحت راية أهل البيت “.
يعزوا السيد الحكيم سبب حدوث الانشقاقات والاختلافات في الساحة الدينية بين المؤمنين إلى خلل في ممارسات بعض الأعلام لأسباب نفسية أخلاقية، تدفع الساحة الاجتماعية ثمنها الباهض.
ونقل عن السيد الحكيم في كتابه المذكور: “فبعض الأعلام لا يملك نفسه عند عرض قناعاته، بل يتجاوز حدود الحوار العلمي الموضوعي الهادئ إلى النيل ممَّن يخالفه في اندفاع عاطفي يتراوح بين مراتب العنف شدّة وضعفاً”.
وأشار الشيخ الصفار إلى أن المأمول من العلماء والخطباء وهم يتحدثون عن سيرة الفقيد الراحل ومآثره أن يُذكّروا المؤمنين بمثل هذه الوصية المهمة، لتكون دافعًا للتماسك والالفة بين المؤمنين، ولتحصين ساحتهم من محاولات التمزيق والاختلاف.