الاجتهاد: دعا الشيخ حسن الصفار للاستفادة من الفرص المهمة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي، لتطوير المعرفة، وخدمة الدين والقيم الإنسانية.
وتابع: إنّ أيَّ تطور أو إنجاز جديد ترافقه تحدّيات، وهناك إمكان لسوء استخدامه، لكن ذلك لا ينبغي أن يكون سببًا للتشاؤم واتخاذ موقف سلبي تجاهه، بل يجب أن يدفعنا للمبادرة للاستفادة منه، وتوظيفه بالاتجاه الإيجابي، ومعالجة السلبيات.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: الذكاء الاصطناعي الفرص والتحديات.
وأوضح الشيخ الصفار أن الله تعالى فتح أمام الإنسان آفاق العلم والمعرفة، ومنحه القدرات العقلية الجبارة لارتيادها، وحفّزه لمواصلة السعي والبحث عن أسرار الكون والحياة، فالعلم لا حدود له ولا نهاية.
وتابع: من تجليات تقدم العلم والمعرفة لإنسان هذا العصر، برامج الذكاء الاصطناعي، إذ يعتبر سمة العصر الحديث البارزة، طوّره الإنسان لخدمته في إنجاز مهماته بدقة كبيرة وسرعة عالية.
وعن تعريف الذكاء الاصطناعي قال: عُرّف بإنه البرمجيات التي تمكّن الآلات المحوسبة من محاكاة الذكاء البشري في التعلّم، واتخاذ القرارات، وحلّ المشكلات، والتنبؤ بالنتائج، والتوصيات، والمفاضلة بين الخيارات، لتحقيق أهداف محددة.
وأبان أن التحدّيات التي يثيرها هذا التقدّم العلمي «الذكاء الاصطناعي»، أحدثت قلقًا تجاه هذا الوافد الجديد، ينتاب مفكرين في شرق العالم وغربه، وحتى ممن ساهموا أو يساهمون فعليًا في تطوير منصات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته.
وتابع: فقد صدر في مايو 2023 م بيان وقَّعه 300 من كبار الباحثين ومديري الشركات العاملة في مجال التقنية، ينبّه إلى المخاطر الوجودية التي ربما تنجم عن التوسع المنفلت في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وأضاف: من هنا تأتي ضرورة التحصين الأخلاقي، والتّحذير من استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي، ووسائل التواصل الاجتماعي، فيما ينافي التشريعات الدينية والأخلاق الإنسانية.
ولفت إلى أن مسيرة الذكاء الاصطناعي قد بدأت لتستمر وتتطور، كما حصل لسائر التطورات العلمية السابقة، والتي تأخرنا في الاستفادة منها بسبب المبالغة في القلق من آثارها السلبية، كالتلفزيون والهاتف والانترنت، وقبلها طباعة الكتب.
وأشار إلى أن من نماذج الاستجابة الإيجابية لهذا التطور العلمي، انعقاد سلسلة جلسات من قبل علماء وباحثين في الحوزة العلمية في قم، لبحث دور الذكاء الاصطناعي والنظم الخبيرة في دعم الاجتهاد الفقهي.
وتابع: كما بحث مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذكاء الاصطناعي: أحكامه وضوابطه وأخلاقيّاته، في إحدى جلسات الدورة السادسة والعشرون في دولة قطر.
وذكر أن الذكاء الاصطناعي وسيلة من وسائل دعم الجهود العلمية ولابد من التعامل معه على أنه وسيلة لا غاية، وعلى أنه إضافة وليس بديلًا عن العقل البشري، أو أي من وسائل انتاج المعرفة الأخرى.
ودعا المؤسسات العلمية والدينية، أن تكثّف دورها في ساحة العالم الافتراضي، ومجال التقنية الإلكترونية، وأن تهتم بتدريب كوادر متخصصة، لتعزيز حضور المعرفة الدينية والقيم الأخلاقية في هذا الميدان، ولتستفيد من فرص التطوير في المعرفة وفي وسائل البث والانتشار.
وطالب كل ذي الكفاءة أن ينهض بما يمكنه من دور، وأن يبذل ما يستطيعه من جهد على هذا الصعيد، لخدمة دينيه ومجتمعه، ولتوعية الناس وتثقيفهم للاستفادة المثلى من الذكاء الاصطناعي، وتجنّب السلبيات والمزالق.
وأشار إلى ضرورة الوعي والانتباه في التعامل مع هذا الفضاء الإلكتروني الفسيح، والالتزام بمعايير التقويم السليمة، في استقبال الأفكار والمعلومات، والتثبّت من صحتها.
ورفض اعتبار برامج الذكاء الاصطناعي كال «شات جي بي تي» مرجعًا في أخذ الآراء والفتاوى الدينية، وكذلك في التعامل مع القضايا الطبية، والأمور التخصصية الأخرى، ويمكن الاستفادة منها في المعلومات الأولية مع الرجوع إلى الجهات المختصة في الرأي الأخير.