الاجتهاد: حذّر سماحة الشيخ حسن الصفار من الانشغال بالجدل الطائفي الاستفزازي عن قضايا الأمة المهمة.
وتابع: إن هذا الجدل الطائفي يعكر صفو العلاقة مع أبناء الوطن والأمة المختلفين في الانتماء المذهبي والفكري.
جاء ذلك في خطبة الجمعة 23 ذو القعدة 1445هـ الموافق 31 مايو 2024م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: احتواء الجدل المذهبي في نهج الامام الصادق .
وأوضح سماحته أنه مع تعدد المذاهب الدينية والاتجاهات الفكرية في المجتمع، تحصل حالة اهتمام بالجدل والنقاش، في موارد الاختلاف بين تلك المذاهب والاتجاهات، وذلك من منطلقات ودوافع مختلفة.
وتابع قد يندفع الانسان للجدل في المسألة الدينية او الفكرية، من منطلق البحث عن الحق والصواب، ومعرفة الحقيقة في موضع الاختلاف.
وأضاف أن الإنسان قد يشعر بالمسؤولية عن اظهار الحق الذي يؤمن به للآخرين، ودعوتهم اليه، وذلك عبر مجادلتهم، لإقناعهم بما يراه حقا، لينال من الله تعالى ثواب الدعوة الى الحق والخير، وليكون سببًا في هداية الآخرين ونصرة الحق.
وأبان أن الانتماء المذهبي او الفكري قد يكون جزءاً من معادلة موازين القوة والتنافس الاجتماعي.
وتابع لذلك تسعى كل جهة لتوسيع رقعة امتدادها وتأثيرها في الساحة الاجتماعية، باستقطاب الآخرين إلى جهتها، والدفاع عن نفسها، والتقليل من شأن الجهة الأخرى.
وقد يعبر عن ذلك بالتبشير المذهبي.
وأشار إلى أن من الدوافع وجود عامل سياسي، يتمثل في سعي جهات خارجية معادية، او جهات داخلية مغرضة، لإشغال ساحة المجتمع بالجدل المذهبي والفتن الطائفية.
عصر الإمام الصادق عليه السلام
وذكر سماحته أن في عصر الامام الصادق عليه السلام كانت هذه العوامل وغيرها، تدفع كثيراً ممن حول الامام من التلامذة والموالين، للاستغراق في حالة الجدل المذهبي مع اتباع المذاهب والمدارس الفكرية المختلفة.
ومضى يقول: لقد تصدى الإمام الصادق عليه السلام لضبط ايقاع حركة الجدل والحوار، حتى لا تخرج عن المسار الصحيح، ولا تكون سبباً لإشعال الفتن والنزاعات في جمهور الامة، واشغال الناس عن قضاياهم وهموم حياتهم.
وتابع ولمنع السلطات العباسية الحاكمة آنذاك من استغلالها في التعبئة واثارة الحساسية ضد مدرسة اهل البيت، ومحاصرة وعزل اتباعهم عن ساحة الامة.
وأضاف ان موقف الامام الصادق عليه السلام من هذه الظاهرة يظهر في كبح جماح الاندفاع نحو الجدل والتبشير المذهبي.
وبيّن أن في مصادر الحديث الشيعية عددًا كبيرًا من الروايات عن ائمة اهل البيت تنهي عامة أبناء المجتمع الشيعي عن احتراف الجدل، والاستغراق في السجالات العقدية، والتبشير المذهبي.
ولفت إلى أن الإمام الصادق سمح فقط للكفوئين من ذوي اللباقة على المناظرة والحوار.
واستشهد بما ورد عن عبدالاعلى قال: «قلت لابي عبدالله : ان الناس يعيبون عليِّ الكلام، وانا اكلم الناس، فقال : اما مثلك من يقع ثم يطير فنعم، واما من يقع ثم لا يطير فلا.
وأشار إلى أن الامام الصادق عليه السلام استوحى موقفه هذا من القرآن الكريم حيث نجد فيه نوعين من الآيات، أحدهما يشجع على الحوار والجدل المنضبط بالقيم الأخلاقية، ومراعاة الظروف المناسبة الصالحة، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
وحث على اتخاذ رؤية من موقف الامام الصادق تجاه ما نراه من استغراق واحتراف بعض الجهات من السنة والشيعة للجدل المذهبي في وقتنا الحاضر، عبر فضائيات متخصصة بهذا الشأن وبأسلوب يتنافى مع المنهج القرآني الذي يؤكد على الجدال بالتي هي أحسن، وليس بالسباب واللعن والتجريح واثارة الضغائن والفتن بين المسلمين.
وشدد على ان اقل واجب على الواعين فعله تجاه قنوات الفتنة من السنة والشيعة وبرامجها الاستفزازية هو مقاطعتها والاعراض عنها، وتوعية الآخرين بأضرارها على الدين والأمة والوطن.
ودعا إلى عدم الاستجابة للإثارات التي تطرحها هذه الجهات والقنوات، فننشغل بها عن قضايانا المهمة، وتعكر صفو علاقاتنا مع أبناء وطننا وامتنا المختلفين معنا في الانتماء المذهبي والفكري.