السيد الخباز يحذر: ”تمييع الدين“ واختيار الفتاوى السهلة ظاهرة خطيرة

الاجتهاد: أكد السيد منير الخباز أن القيمة الحقيقية للإنسان لا تكمن في الحرية بالمفهوم الغربي أو في كونه طاقة اقتصادية، بل في امتلاكه لهوية مبدئية متكاملة، مؤكّدًا أن المبادئ الدينية لا تصطدم بالواقع، بل يمكن التوفيق بينها من خلال فهم مرن يراعي المستجدات دون المساس بالثوابت.

وخلال محاضرته التي ألقاها بالمركز الإسلامي في مدينة ديربورن الأمريكية، أوضح الخباز أن الصراع المزعوم بين الدين والحياة الحديثة ينبع من سوء فهم لطبيعة الشريعة الإسلامية.

أبرز في مستهل محاضرته أن قيمة الإنسان تكمن في مبدئيته لا في حريته المطلقة أو كونه سلعة اقتصادية، مشيرًا إلى أن التركيز على الحرية الطبيعية والقانونية وحدهما يقود إلى فجوات اجتماعية، فيما القيمة الحقيقية تكمن في التمسك بثوابت ومبادئ.

وانتقل إلى تسليط الضوء على أبرز ثلاثة صراعات واقعية يواجهها المسلمون: أولها التعامل مع نظام القروض الربوية الذي لزم الواقع المعاصر.

وبيّن أن الفقهاء طرحوا حلولًا مثل التفريق بين الربا الإنتاجي والاستهلاكي، وتطبيق عقود التورق لتحويل المعاملات إلى صيغ شرعية.

وتطرق إلى تمكين المرأة من حقوقها في التعليم والعمل دون التنازل عن الحشمة، مع التأكيد على اعتماد ضوابط شرعية واضحة؛ ثالثها ظاهرة الالتقاط الفقهي، حيث انتقى بعض المتدينين الفتوى التي تتوافق مع نمط حياتهم وحده، ما أدى إلى إضعاف الالتزام الشامل.

وبيّن أن الحضارة الغربية، التي ترفع شعار الحرية، قد استخدمت هذه الحرية كأداة لتعزيز الطبقية وهيمنة الأقوياء اقتصاديًا، مما أدى إلى تآكل القيم الإنسانية النبيلة كالإيثار والتعاون.

وفي المقابل، طرح المفهوم الإسلامي الذي يرى قيمة الإنسان في كونه صاحب مبدأ، حيث تتشكل هويته من منظومة متناسقة من المعتقدات والممارسات الأخلاقية والاجتماعية التي تمنحه الكرامة الحقيقية.

وأشار إلى أن الفقه الإسلامي يمتلك أدوات فقهية متطورة لمعالجة القضايا المستجدة، مستعرضًا نظرية ”الثابت والمتغير“ التي تفرق بين الأحكام الثابتة والحاجات المتغيرة التي يفرضها التطور التكنولوجي والثقافي.

في المحور الأخير، تحدث عن نظرية الثابت والمتغير في الإسلام، مستعرضًا ثلاث مقاربات فقهية توضح كيف يمكن للبنية الشرعية أن تستوعب المستجدات – من حكم الصلاة في الطائرة إلى زراعة الأعضاء وتلوث البيئة – وفق آليات مثل الاختصاص الزماني والمكاني والولاية الفقهية.

وحذر السيد الخباز من خطورة ظاهرة ”تمييع الدين“، التي وصفها بأنها نتاج لضعف الثقافة الدينية أو لروح الانهزامية والانبهار بالحضارة الغربية، داعيًا إلى الثبات على المبادئ باعتبارها مصدر العزة والقوة للمؤمن.

واختتم محاضرته بذكر مدرسة كربلاء، مؤكدًا أن الثبات على الدين الذي جسده أبطالها، وفي مقدمتهم العباس بن علي ، هو أعظم درس يمكن استلهامه لمواجهة الواقع.

وأوضح أن تضحياتهم لم تكن استسلامًا لواقع مرير، بل كانت إصرارًا على أن قيمة المبادئ تسمو فوق كل الظروف، وأن الدفاع عن الدين هو جوهر الكرامة الإنسانية.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

Clicky