التقريب-بين-المذاهب-الإسلامية

الدكتور شهرياري: التعاون بين حوزة قم والأزهر في مصر يحمل نتائج مفيدة لمسلمي العالم

الاجتهاد: قال الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية حجة الإسلام الشيخ حميد شهرياري إن التواصل والتعاون الوثيقين بين حوزة قم والأزهر في مصر يمكن أن يكون له نتائج مفيدة للمسلمين حول العالم في مكافحة التكفير والتطرف.

وفي ندوة افتراضية بعنوان “دور المراكز العلمية و الثقافية في تقريب المذاهب الاسلامية” التي أقامها المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية يوم الاربعاء (2021/7/14) بمناسبة مرور 50 عاما لزيارة وفد الازهر الشریف برئاسة شيخ الأزهر الى ايران، وبمشاركة علماء من ايران ومصر، العراق، سوريا، لبنان وامريكا، قال حجة الإسلام حميد شهرياري، إن الإسلام يعتبر المسلمين أخوة، وبالتالي يقوي الرابطة العاطفية بين المسلمين، موضحا أن الاخوة تقتضي أن يكون هناك سلام وإصلاح بين الأفراد، كما يقول سبحانه وتعالى “انما المومنون اخوة فأصلحوا بین اخویکم”.

وفي إشارة إلى تاريخ إنشاء الأزهر في مصر، قال: لقد أثبت الأزهر في تاريخه أنه كان رائدا في تحقيق الوحدة والأخوة، ومما لا شك فيه أن المؤسسات الدينية الكبرى مثل الأزهر والزيتونة في تونس وحوزات النجف الأشرف وقم قادرة على لعب دور فعال في خلق ثقافة التقريب والوحدة إذا كانت لديها حرية العمل والامكانيات.

وقال الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية إن الدعوة إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية لا تعني الاندماج في مذاهب أخرى والتحول إلى مذهب واحد، ولكن مفهوم التقريب هو محاولة التعايش بين المذاهب دون تحيز وعداء، وإن أفضل طريقة عملية للتعامل مع المفاهيم الخاطئة في المذاهب المختلفة هو الحوار، لأن الحوار المباشر واللقاء يمكن أن يحسم الصراع بين المذاهب المختلفة الذي لا مبرر له، ورؤية الأزهر الشريف في الحوار مع الآخرين، وفق القواعد المشتركة لكل البشر حتى يتمكنوا من إدارة اختلافاتهم بطريقة إنسانية من خلال التقارب من بعضهم البعض.

وبخصوص تجارب الأزهر في مصر في التقريب بين المذاهب، قال حجة الاسلام شهرياري، ان مصر لديها خبرة قيمة في التقريب بين المذاهب الإسلامية، وفي أربعينيات القرن الماضي، تم إنشاء جمعية التقريب بين المذاهب الإسلامية في مصر، والتي تميزت بالاهتمام بخصائص المذهبين السنة والشيعية الإمامية، وتعززت فكرة التقريب بعد إنشاء دار التقريب في مصر، وبعدها أصدر الشيخ محمود شلتوت الملقب بالإمام الأكبر فتوى تعترف بمذهب الشيعة الإمامية .

وتابع: كما أصدرت دار التقريب العدد الأول من مجلة “رسالة الإسلام” عام 1949، وبحلول عام 1972 ، تم إصدار 60 عددا من هذه المجلة، كما صدرت في ذلك الوقت، الموسوعة الفقهية على أساس المذاهب الإسلامية الثمانية، وهي الجعفري والزيدي والإباضي والظاهري والمذاهب السنية الأربعة، و في عام 2006 استأنف الأزهر عمل دار التقريب، وقال الشيخ محمود عاشور رئيس الأزهر في هذا الصدد ان مهمة دار التقريب ردم الهوة بين الأمة الإسلامية والتقرب، لأن الاختلاف بين الشيعة والسنة اختلاف فقهي ولا يضر العلاقات بينهما.

وتابع شهرياري: هذا الرأي موجود الآن عند الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الحالي، وهو يقول إن الشيعة إخواننا المسلمين وهناك فتوى مشهورة وواضحة للشيخ محمود شلتوت عن التقريب والوحدة بين الشيعة والسنة.

كما أكد المشاركون في هذا المؤتمر الافتراضي، على دور مراجع الدين الكبار كالشيخ شلتوت والمرجع بروجردي في تأسيس فكرة التقريب بين المذاهب الاسلامية وأن التقريب يعني التأكيد على المشتركات في السلوك الديني والإنساني.

وفي كلمة له في هذا المؤتمر أشار استاذ جامعة طهران الدكتور محمد علي آذرشب،، إلى اهمية وانعطافة هذه الزيارة التاريخية التي جائت عن معرفة ووعي لأهمية التقريب بين المذاهب الاسلامية، مؤكدا ان الحدث لم يقتصر على التقريب بل جاء لإحياء الهوية الاسلامية للمسلمين، لأن احياء الهوية الاسلامية تخرج المسلم من دائرة الحواجز المذهبية والقومية وتدخله دائرة اكبر واوسع .

واضاف: ان كثيراً من علماء الدين في ايران ومصر كانوا من دعاة احياء الهوية والحضارة الاسلامية ومكافحة هيمنة المستعمر الاجنبي على البلاد الاسلامية.

كما قالت رئيسة منظمة الوثائق والمكتبة الوطنية الايرانية، السيدة اشرف بروجردي، في كلمتها في هذا المؤتمر بأن مفهوم التقريب هو التأكيد على المشتركات في السلوك الديني والقيم الانسانية بهدف القضاء على العصبيات التي تحدد القدرة على التفكر المستقل وتعزز الجهل .

واكدت بروجردي: ان التقريب يركز على كرامة الانسان، وكرامة الانسان ليس بانتماءه الى الاديان او المذاهب، مشيرا الى التصنيف الصحيح يبنى على اساس التقوى وليس الانتماء المذهبي. وأضاف: ان دعوة علماء الدين الكبار كالمرجع القمي وشيخ الأزهر الكبير محمود شلتوت الى الوحدة يأتي في اطار مسؤولية المسلم تجاه اخيه المسلم الآخر بغض النظر عن انتماءه المذهبي، مؤكدا ان هذه الرؤية تؤدي في النهاية الى وحدة المسلمين .

واما السيد دحام طاها سفير السلام للأمم المتحدة، دعا الى ضرورة ان يشمل التقريب سائر الطوائف الاسلامية اضافة الى المذهبين السني والشيعي وأن تكون الدعوة على اساسيتين ذكرها القران الكريم الاولى “تعالوا الى كلمة سواء” و”اعتصموا بحبل الله جمعيا”.

واكد طاها على ضرورة تبيين اهداف التقريب والتخرج من دائرة الإنصهار في مذهب واحد الى الاعتراف بكل المذاهب الاسلامية لأن هذا الاعتراف سيجعل مصلحة المسلمين اولى من المصالح المذهبية والفئوية .

والكلمة الاخرى كانت للسيد “غلامرضا اميرخاني” الذي اكد على ضرورة نشر ثقافة تحمل آراء الآخرين، فالحديث عن التقريب والحوار البناء بين المذاهب والآراء المختلفة اثرى المكتبة الاسلامية بالمقالات والدراسات والكتب في هذا المجال.

وأضاف: انه كلما حكم اجواء المجتمع الفكر الجمودي الذي يرفض الآخر والمخالفين له شهدت المكتبة الاسلامية اخلاءها من الكتب او حرق الكتب بذريعة انها كتب ضالة.

واكد ان احدى عوامل التفرقة وإثارة الكراهية والحقد بين المسلمين هو رواج التصورات والآراء الخاطئة عن الاخر الذي يستغلها الاستعمار لإثارة الفتن .

المتحدث الاخير في هذا المؤتمر هو الدكتور “مصطفى ذوالفقار طلب” الذي اشار الى الدبلوماسية الثقافية لتعزيز التلاحم بين الامة والذي اسس هذه الدبلوماسية هو الرسول الاعظم محمد (ص) عندما قام بعقد اتفاقيات متعددة مع من كان حوله من العشائر والقويات والاديان المختلفة للحفاظ على كيان الحكم الاسلامي مثل ما جرى مع يهود قريضة والنجاشي والحوار مع كبار اساقفة المسيحيين .

ومن ثم اشار الى الزيارات المتعددة التي قام بها بعض علماء الدين والمفكرين الايرانيين امثال المرحوم واعظ زاده خراساني والمرحوم خسروشاهي والشيخ الدكتور احمد مبلغي الى مصر لتعزيز التقارب بين المذهبين والشعبين، كل ذلك حسب رأي هذا الاستاذ الجامعي يدخل ضمن اطار الدبلوماسية الثقافية .

وفي ختام كلمته دعا الى ضرورة ان يكون الحديث بين المفكرين والعلماء حول الاسلام فقط وليس المذهب، وليس يعنى تهميش المذهب بل نجعل العنوان الرئيسي الإسلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky