الاجتهاد: نظمت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان وكلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية ومركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، لقاءاً حوارياً بعنوان:” الحوار الثقافي والحضاري العربي- الإيراني، في الجامعة اللبنانية.
نظمت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان وكلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية ومركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، وبرعاية وحضور رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين، لقاءاً حوارياً بعنوان:” الحوار الثقافي والحضاري العربي- الإيراني، في قاعة المؤتمرات في الإدارة المركزية في الجامعة اللبنانية.
وحضر اللقاء المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان السيد محمد مهدي شريعتمدار، المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية ورئيس مركز الدراسات في رئاسة الجمهورية الدكتور حسام الدين آشنا، مساعد الشؤون الدولية لمنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية الدكتور عباس خاميار، ممثل جمعية التعليم الديني الحاج عبد الرحيم فخر الدين، ممثل الجماعة الإسلامية الأستاذ عمر المصري، ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور مروان عبد العال، الوزير السابق ابراهيم شمس الدين، ممثل رئيس جامعة LIU الدكتور حسان خشف، عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية الدكتور كميل حبيب وعدد من الأساتذة والمديرين والموظفين وشخصيات ثقافية ودينية ووسائل الإعلام.
بعد النشيد الوطني اللبناني والنشيد الوطني الإيراني، أشار مدير مركز الدراسات في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية الدكتور أحمد ملّي إلى أهمية انعقاد هذا اللقاء الحواري الذي يندرج في إطار البحث الواعي عن استراتيجيات علمية ومشتركات تجمع بين مكونات الإقليم الواحد من جوارٍ ثقافي إلى مشتركات دينية وثقافية.
السيد محمد مهدي شريعتمدار
ألقى المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان السيد محمد مهدي شريعتمدار كلمة وقال فيها:” ينعقد لقاؤنا الحواري هذا في خضم الأحداث الجارية التي تشهدها منطقتنا وما يسودها من صراعات ونزاعات لا تؤدي إلا |إلى استنزاف طاقات شعوبنا وتدمير قوتنا، رغم أن جزءاً كبيراً منها يعبّر عن صراع لبسط النفوذ وفرض القوة.
ورغم كل الصعوبات والتحديات والتهديدات والمخاطر، وفي خضم هذه الصراعات واستخدام العنف المفرط وما تقوم به التيارات المتطرفة والتكفيرية والإرهابية، تبقى الحاجة للحوار ليست ضرورة تاريخية ملحّة فحسب، وإنما إلزاماً معرفياً نابعاً عن فلسفة الكون لأن الخالق لم يخلق الخلق للتنازع وإنما للتعارف والحوار وكلمة السواء والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة”.
وتابع:” من هنا جاءت فكرة عقد سلسلة من الندوات الحوارية لتأكيد ضرورة الحوار الثقافي والحضاري بعيداً عن سخونة الأحداث والسجالات السياسية الجارية في المنطقة وبواسطة مجموعة من النخب والمثقفين، لدراسة المباني النظرية والخلفيات التاريخية والهواجس المشتركة للحوار الإيراني العربي، ومن ثم البحث عن وسائل وآليات وبناء الثقة لتعزيز الحوار الثقافي والحضاري بين الجانبين.”
الدكتور عدنان السيد حسين
رحّب رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين بالحضور وجميع المشاركين في هذا اللقاء الحواري من المراكز الثقافية في بيروت وألقى كلمة قال فيها: “أرادت كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية تنظيم هذه الندوة تمهيداً لعقد مؤتمر حوار عربي – إيراني، مؤتمر وقد سبقه عدة مؤتمرات، ونحن اليوم بأشد الحاجة لهذه اللقاءات لأن الدول الفتية والشعوب المتحضرة تلجأ للحوار في وقت الأزمات، بينما المتخلفون يصدون الأبواب لعدم قدرتهم على التفاوض والعمل الديبلوماسي، وعدم مواكبة ما يجري في العالم.”
ودعا العرب والإيرانيين إلى التفكر في معنى انتهاء الحرب الباردة وانهيار منظمات كانت تقسم العالم، وأن يعلموا أن مسار حقوق الإنسان والتنمية والديمقراطية آخذة بالصعود على الرغم من الخلافات العربية العربية والعربية الإيرانية.
وأضاف:” البعض يتحدث عن الأمة الإسلامية والفكر الإسلامي والحركة الإسلامية، كل هذه الشعارات كيف تصرف اجتماعياً وسياسياً وإقتصادياً والأهم ثقافياً عندما يجري الحديث عن الحركة الإسلامية. فأين يجب أن تقف المذاهب عند حدود الدين؟ وإذا كان هناك حضارة إسلامية وهي بالفعل موجودة، فما المانع اليوم من حصول تجدد حضاري يقوم به العرب والإيرانيون والأتراك وغيرهم…
وأضاف قائلاً:” هذا الكلام لا يعني استبعاد غير المسلمين لا في بلادنا ولا في عالم الغرب ولا عالم الشرق، لأن الحضارة الإنسانية تجمعنا ولأن قيمة الحضارة الإسلامية كانت في بعدها ومضمونها الإنساني.”
ونوّه السيد الحسين بالإنتخابات التي جرت في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لافتاً إلى حصول انتخابات في بلادنا وفي دول العالم النامية، لكن في ظل هذه الفلسفة الإسلامية والسياسية الجديدة في ايران يصعد ثلاثة تيارات: المحافظون والإصلاحيون والوسطيون، أي هناك تعددية في الفكر السياسي والوجهة السياسية ولا داعي للخشية من ذلك طالما أنها تحت سقف الدستور ومظلّة الحضارة الإسلامية التي أرادتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وقال أن الحضارة الإسلامية ليست حضارة مذهبية، شيعية أو سنية، بل هي حضارة عامة تجمعنا في إطار إنساني رفيع راقٍ وجامع، وأعرب عن سروره بهذا الحوار خاصةً أن القضية المركزية التي تجمع العرب والعالم الإسلامي هي فلسطين ، متسائلاً عن مصير هذه القضية. ففلسطين هي قبلتنا ولا أدري إذا نسي المسلمون صلاتهم وواجباتهم فلا معنى للصلاة والحج إذا أخطأوا هذه القبلة.
أما غير المسلمين، فهم أبناء هذه الحضارة الإسلامية وروادها ومن مؤسسيها، ومن الذين دافعوا عنها واستشهدوا في سبيلها. هم ليسوا أقلية بل جزء من هذه الجماعة التي تسمّى الأمة والتي تعيش فيها عدة أمم بالمعنى الإجتماعي السياسي والثقافي .
وتابع:” مشكلتنا أننا لم نجتهد بعد بالإئتلاف والإتفاق، بل نستعين بالخارج ونبكي على الإستقلال الوطني. الحكومات تأتي وتذهب، والحكام يغادرون وتبقى قضية الأمة. ولا أعتقد أن هذه الأمة الإسلامية تريد الإنقسامات والصراعات والفتنة التي هي قمّة التخلّف، فهي تقتل أولادنا وتشردهم على موائد الكبار قي هذا العالم.”
وختم رئيس الجامعة متمنياً النجاح لهذا الحوار والإستمرار به خاصةً في هذه الظروف، وأن نضغط على رؤسائنا وقادتنا للسير نحو التعاون والإئتلاف السياسي في دائرة الإنتماء الحضاري.
المستشار الإيراني الدكتور حسام الدين آشنا
ثم كانت كلمة للمستشار الإيراني الدكتور حسام الدين آشنا وقال فيها:” نلتقي اليوم في وقت تسود فيه الإنقسامات والمخاطر والتهديدات والحيرة في أرجاء عالمنا الإسلامي ولذات السبب هو وقت نحتاج فيه بشكل أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى إلى الحوار وتجاوز الخلافات في ما بيننا، نحن الذين نواجه مشاكل وتحديات مشتركة في سبيل تحقيق الإستقلال والسلام والتقدم والأمن والعدالة.”
وتابع:” لنفترض واقعاً مغايراً تماماً وفي ظرف مثالي، إقليمياً زاخراً بالثروات المعدنية والطاقات البشرية الشبابية وشعوب مترابطة ثقافياً ودينياً يتمتع بالإستقرار منذ سنوات طويلة، تتكامل فيه الدول على الخطط التنموية وتنويع المصادر الإقتصادية وتتكاتف فيما بينها البؤر المتصدعة والمناطق النائية ختر لا تصبح حجر عثرةٍ أمام عجلة التنمية وإزدهار المنطقة، وتتمتع بنظام مالي وجمركي وضريبي مشترك ومرونة في نظام الفيزا بين دولها مما يسهل انتقال القوى العاملة الماهرة وبناء استثمارات مشتركة فيما بينها لتكثّل قوة متصاعدة جديدة في النظام الدولي، حيث تعمل بناء على الأهداف والمصالح المشتركة لها لتلعب دوراً مؤثراً في حلحلة الأزمات الدولية وخلق التوازنات المناطقية القائمة على المبادئ والقيم الثقافية والدينية المشتركة التي تمثلها، ويكون للإنسان فيها مكانة وكرامة وتكون الثقافة فيها مزدهرة والتعليم فيها متطور.
وأضاف:”كم نبعد عن هذا الظرف المثالي؟ وهل هو نسج خيال لا يمت بالواقع بصلة؟ فهذا التصور ليس هناك عصا سحرية للإنتقال إليه، بل يبدأ تدشينه من تصوره كبديل وطرحه كخيار وترسيمه كاستراتيجية وتداوله كفكرة والإيمان به كقضية والنقاش حوله كموضوع مشترك والسعي لتنفيذه كخطة.”
وأشار إلى أن الواقع ليس له بعد واحد ولا يمكن اختزاله بالسياسة أو الأمن، والتاريخ سيقاضينا ماذا فعلنا وماذا تركنا لشعوبنا وأجيالنا القادمة من مكانة وفرص وكرامة. لذلك يجب الإرتقاء إلى مستوى خير أمة أخرحت للناس، أمة قادرة على تجسيد رسالة نبيها الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق, وفي هذه الحالة يمكننا ترقب مستقبل تستحقه هذه الأوطان.