قال الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في ندوة «منظومة الإعجاز التشريعي في القرآن والسنة»: إن غلق باب الاجتهاد والجهل أدى لاستخدام القوانين بدلًا من الشريعة… وأطالب بتوحيد أهلة الشهور الهجرية.. تطبق في العديد من البلاد العربية النظم القانونية بدلًا من الشريعة الإسلامية.
موقع الاجتهاد: في إطار موسمها الثقافي نظمت لجنة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، اليوم الثلاثاء، بجامعة الأزهر ندوة بعنوان «منظومة الإعجاز التشريعي في القرآن والسنة» بمركز صالح كامل.
وقدم الندوة الدكتور طه أبو كريشة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وألقاها الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية.
وقال الدكتور محمد الشحات الجندي، في كلمته، إن هناك قضايا فقهية طرأت في الآونة الأخيرة تحتاج إلى اجتهاد جماعي من المؤسسات الدينية مثل قضية البيع والشراء عبر الإنترنت، وكذلك عقوبة من يسرق من خلال الإنترنت وغيرهما من المستجدات.
توحيد رؤية الأهلة:
وطالب عضو مجمع البحوث الإسلامية، المجامع الفقهية بإصدار فتوى بتوحيد أهلة الشهور العربية في جميع البلاد الإسلامية والعربية.
وأشار «الجندي» إلى أن جميع البلاد العربية تشترك مع بعضها في جزأ من الليل وجزأ من النهار، مؤكدًا أن رؤية الهلال يترتب عليها ركنان في الإسلام وهما الصوم والحج، في شهري رمضان، وذي الحجة، ولذا ينبغى على أن يكون المسلمون متحدين ومتشتركين في صومهم وحجهم.
الاجتهاد المباح شرعًا:
ولفت الدكتور محمد الشحات الجندي، إلى أن آيات القرآن الكريم نوعان، الأول «قطعيُّ الثبوت قطعيُّ الدلالة»، والثاني «قطعي الثبوت ظنيُّ الدلالة».
وأوضح أن الآيات «قطعية الثبوت قطعية الدلالة» لا يجوز الاجتهاد فيها، ضاربًا مثلًا لها مثل آيات المواريث في سورة النساء كما في قوله تعالى: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ»، مؤكدًا أن هذه الآية لا تحتاج لتفسير ولا اجتهاد بل واجبة التنفيذ لأنها أمر مباشر من الله، منوهًا بأن الخالق اختص نفسه بتوزيع المواريث ولم يكلف بها نبيا أو ملكًا.
وأضاف أن الآيات «قطعية الثبوت ظنيّة الدلالة» يجوز الاجتهاد في تفسيرها، ويكون ذلك من جانب العلماء الكبار المختصين في العلوم الشرعية، مشيرًا إلى أن الفقيه الإسلامي دوره يكون بالاجتهاد في آيات القرآن الكريم لاستنباط الأحكام الفقهية التي تتماشى مع العصر.
غزو غربي على الشريعة الإسلامية:
ورأى الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن هناك غزوًا على الشريعة الإسلامية في عقر دارها، مشيرًا إلى أنه تطبق في العديد من البلاد العربية النظم القانونية بدلًا من الشريعة الإسلامية.
ونوه «الجندي» خلال كلمته بندوة «منظومة الإعجاز التشريعي في القرآن والسنة» التي تنظمها لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية، في إطار موسمها الثقافي، بأن البلاد العربية ينبغي عليها أن تحافظ على أحكام الشريعة الإسلامية وتتطبقها في قوانينها.
عوائق تطبيق الشريعة الإسلامية:
وأشار عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى أن هناك عوامل وقفت عائقًا أمام تطبيق الشريعة الإسلامية، منها: الأُمية والجهل الديني الذي سيطر على أغلب المسلمين، وأيضًا غلق باب الاجتهاد في بعض المسائل الفقهية الحديثة والمعاصرة دون التحدث فيها، وأيضا الاستعمار وبعض الأنظمة الحاكمة، كل هذا جعل البعض يلجأ إلى تطبيق الأنظمة القانونية بدلًا من الشريعة الإسلامية، وأصبحت شؤونهم العامة والخاصة تدار بأنظمة قانونية أجنبية مما أدى إلى تراجع المنظمومة التشريعية الإسلامية.
وتابع: ومن العوامل التي وقفت عائقًا أمام تطبيق الشريعة الإسلامية: «التنافس» على إدارة النظام الدولي وظهور قوى الطغيان أدى إلى فقدان الشريعة الإسلامية كثيرًا من مواقعها، وأيضًا تراجع دور المؤسسات الدينية في السنوات الأخيرة أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة، ولجأ البعض إلى فقه التشدد والتطرف الذي أعطى انطباعًا مخالفًا عن مكانة الشريعة الإسلامية.
قانون نابليون مقتبس من الفقه المالكي:
اعتبر الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، دور القوافل الأزهرية إلى البلاد الأوروبية والغربية، مؤثرًا قويًا، حيث أدى إلى اعتراف الغرب بالشريعة الإسلامية ودورها في حل كثير من المشكلات، مشيرًا إلى أن مدونة الفقه المدني المعروفة بمدونة نابليون اقتبس فيها الكثير من المذهب المالكي، خاصة في مادة الأحكام والعقود والالتزامات.
دور الأزهر في تصحيح صورة الفقه الإسلامي:
واستطرد: أن الأزهر قام بدوره في تصحيح صورة الشريعة الإسلامية في خارج للتأكيد على أنها صالحة في كل زمان ومكان، مشيرًا إلى أنه في عام 1951 كان للأزهر دور مشرف في مؤتمري القانون المقارن، والفقه الإسلامي الذي أقيم في باريس بفرنسا، حيث ترأس القافلة الأزهرية الشيخ العلامة محمد عبد الله دراز.
وألمح المفكر الإسلامي، إلى أن تحدث الشيخ «دراز» عن الشريعة بصورة مميزة جعل الحاضرين يؤكدون اعترافهم بالشريعة الإسلامية واعتمادها ضمن الأنظمة القانونية في العالم، إلى جانب «القانون المدني الفرنسي والأمريكي، والاشتراكي، والكاثوليكي»، كما أدى ذلك إلى الاعتراف بالفقه الإسلامي في محكمة العدل الدولية، وتعيين قاض مسلم بها، وممن عين في هذا المنصب الدكتور محمد العريان، وانتهاء بالدكتور نبيل العربي قبل توليه رئاسة الجامعة العربية.
واستكمل: أن كثيرًا من العلماء الأوروبيين اعترفوا بأن الشريعة الإسلامية المتمثلة في الفقه، كان تأثيرها في الأندلس «إسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا» أقوى من تأثير المسيحية.