الاجتهاد موقع فقهي
الاجتهاد: إنّ عملية التجسس لها آثار مهمة وخطيرة على المستويين الإجتماعي والأمني، لذا من الضرورة بمكان التعرف على موقف الشارع المقدس من هذه العملية. / بقلم: م.م. حسين بدر نجف
والتجسس له بعدان كما سيتضح: بعد سلبي وآخر ايجابي، حسب المصلحة العامة والشخصية المترتبة عليه،
فالسلبي منه: ما يلزم هتك العورات وتقويض الحرية الشخصية ليس لأغراض معهودة، والتشريع الإسلامي وضع معالجات ناجعة لتقويض ارتكاب وامتهان مثل هذا عمل من النفوس الوضيعة،
والإيجابي منه: له غرض معلوم قوامه حفظ الأمن العام للدولة والتعرف على نقاط القوة والضعف في المؤسسات والعمل والاطلاع على نشاطات المعادين وأهل النفاق والجواسيس والأحزاب السرّية الداخلية المعاندة.
مقدمة
إنّ التشريع الإسلامي ساعٍ بالمحافظة على كيان الدولة المسلمة على الأصعدة كافة، فهو يحاول المحافظة على كيانها المتعلق بأمن الأفراد والمجتمع الذي يشكل قوام الدولة الاجتماعي، وكذلك يحاول المحافظة على أمن الدولة العام، وحماية كيانها من الانهيار، أو التعدي عليه من قبل الأعداء، فيسعى إلى حمايته من تهديد الأخطار الداخلية والخارجية الناشئة من سعي أعداء الدولة المسلمة الى القضاء على أسس الدولة وقوامها.
وكلا جانبي الأمن – الداخلي والخارجي – يحتاج الى الإعداد العسكري السليم لجيش المسلمين كما صرح بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) (1) .
يشير مدلول الآية المباركة إلى وجود أعداء في داخل وخارج الدولة الاسلامية من المشركين والمنافقين وأعداء الإنسانية(2).
ومن الواضح أن التجسس يعد من أشد الأخطار الداخلية والخارجية وسيتضح لك من خلال البحث: إن التجسس يكون على نوعين نوع سلبي وآخر ايجابي .
أما السلبي منه: فالتشريع الإسلامي وضع له محددات خاصة تقوض منه، تشتمل على عقوبات مناسبة ليضمن سلامة وأمن الدولة و مواطنيها، الداخلية والخارجية.
فمن أهم اثاره السلبية هو ارتباطه بالعدو الخارجي لأنه يمد العدو بمعلومات عن قوة الدولة ونقاط ضعفها، مما يسهل على العدو استغلال نقاط ضعفها، والسعي الى القضاء على نقاط قوتها، ومن الداخل فأن الجاسوس يعتبر هاتك للحريات الشخصية مما يؤدي الى آثار اجتماعية سيئة، ومن الضروري التعرف على أصناف الجاسوس ليتسنى لنا معرفة الحكم الشرعي لكل صنف.
والجاسوس له أصناف وأقسام مختلفة تختلف أحكامها، فقد يكون مسلما، وقد يكون كافرا، والكافر أيضا له أصناف، فقد يكون ذميا، وقد يكون محاربا، وقد يكون مستأمنا .
ولكل صنف حكم شرعي خاص به، أما آثاره الإيجابية فتتلخص في حفظ النظام العام للدولة إذ إنّ حفظ نظام المسلمين من أهمّ ما اهتمّ به الشرع فلا محالة وجبت مقدّماته بحكم العقل والفطرة.
فعلى الدولة الإسلاميّة أن تحصل على الإطلاعات الكافية حول أوضاع الدول والأُمم الأجنبية وقراراتهم ضد الإسلام والمسلمين، وتجمع الأخبار حول تحرّكاتهم وتحرّكات عملائهم وجواسيسهم، ومؤامرات الكفّار وأهل النفاق والبغي والطغيان، وأن تراقب رجال الدولة والموظّفين وأحوال الناس وحوائجهم العامّة .
ولذلك قسمنا هذا البحث إلى مبحثين، خصصنا الأول للبحث والدراسة عن التجسس السلبي وما يتعلق من عقوبات بحق الجاسوس المسلم و الجاسوس الكافر بأصنافه المختلفة، وأما المبحث الثاني فقد تناولنا فيه التجسس الإيجابي وأهم تطبيقاته في عصر الدولة الحديثة.
فهرس المحتويات
المطلب الأول
التجسس السلبي
عقوبات الجاسوس
أولاً : عقوبة الجاسوس المسلم
ثانياً : الجاسوس الكافر .
الفرع الأول : حكم الجاسوس الذمي
الفرع الثاني : الجاسوس الحربي.
الفرع الثالث : الجاسوس المستأمن.
المطلب الثاني
التجسس الإيجابي
الهوامش
المصدر: مجلة كلية الدراسات الإسلامية – العدد السابع – 2017م
تحميل المقالة
