الاجتهاد: البيان الختامي لاختتام الاجتماع التشاوري الأربعين لمفتي الولايات التركية وذلك بعد جلسة التقييم التي ترأسها رئيس الشؤون الدينية الأستاذ الدكتور علي أرباش.
في الاجتماع الذي عقد في العاصمة أنقرة حول جدول أعمال “الفترة الوبائية والتغير الاجتماعي والخدمات الدينية” والذي استمر لمدة خمسة أيام وحضره كبار المسؤولين التنفيذيين في الرئاسة و81 مفتيا من مفتي الولايات، وتمت مناقشة الخدمات التي قامت بها رئاسة الشؤون الدينية في تركيا. واختتمت التقييمات التي أجريت في الجلسات بإصدار البيان الختامي.
وقد شارك رئيس الشؤون الدينية أرباش البيان الختامي للاجتماع التشاوري الأربعين لمفتي الولايات مع الرأي العام متمنياً في أن تكون القرارات المتخذة وسيلة لكل خير.
ويتألف النص الكامل للبيان الختامي من 18 بندا وهو على الشكل التالي:
عُقد الاجتماع التشاوري الأربعون لمفتي الولايات في العاصمة أنقرة بين 4 و 8 كانون الأول 2021 لمناقشة التطورات والخطط الجديدة وتقييم الخدمات التي تقدمها رئاسة الشؤون الدينية لشعبنا ولتعزيز التواصل بين أعضائنا في المؤسسة ولتبادل المعرفة والخبرة ولضمان وحدة المبادئ والأساليب. خلال الاجتماع أجريت مفاوضات مكثفة حول العنوان “الفترة الوبائية والتغير الاجتماعي والخدمات الدينية”.
ونتيجة للاجتماع التشاوري الأربعين لمفتي الولايات كان من المفيد مشاركة القضايا التالية مع الرأي العام:
1- تواصل رئاسة الشؤون الدينية القيام بأنشطتها وخدماتها بما يتماشى مع الظروف الحالية في هذه الفترة، حيث أثر الوباء الذي تعرضت له البشرية بشكل خطير على الحياة في جميع النواحي، لا سيما الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
وفي هذه الفترة تم إعطاء الأولوية لخدمات الدعم المعنوي بالنظر إلى الدمار الذي تسبب فيه الوباء والذي غيّر بشكل خطير مسار الحياة الطبيعي في روح الناس ودنيا المعنى. وبالمثل وبمساهمة جميع أعضائنا الذين يمثلون وعي الإخلاص فقد تم بذل جهود مكثفة لتلبية الاحتياجات الاجتماعية لشعبنا، وخاصة لكبار السن والمرضى.
ومن ناحية أخرى وحتى في أكثر فترات الوباء الحدة لم تنقطع أنشطتنا التعليمية والإرشادية واستمرت خطبنا ومحادثاتنا وندواتنا من خلال الإمكانيات الرقمية. وفي هذه البيئة التي يستمر فيها الوباء في تهديد البشرية، فإن رئاسة الشؤون الدينية ستواصل توجيه شعبنا لإنتاج خدمات بخطط مناسبة لتطوير الظروف والامتثال للتدابير الوبائية والقضاء على الوباء في أسرع وقت ممكن والالتزام بما يجب القيام به.
2- التدخل غير المحدود في عالم الوجود من خلال التكنولوجيا وانتشار السيناريوهات المليئة بالقلق حول المغامرة الطبيعية للحياة والمناقشات حول الإنسانية العابرة تزيد من اهتمام البشرية بالمستقبل وتعمق البحث عن المعنى.
وفي مثل هذه البيئة حيث يتم ملئ الأذهان بجميع أنواع السيناريوهات والنظريات من خلال السبل المعلوماتية فتتغير الاهتمامات والتوجهات بسرعة وتتلاشى تصورات الناس وحساسياتهم تجاه الدين والمجتمع والحياة.
لذلك فإن الجهود المبذولة لقراءة خلفية واتجاه التغيرات العالمية بشكل صحيح وخاصة الدراسات الأكاديمية لها أهمية كبيرة من حيث تعزيز الأمل في مستقبل صحي وسلمي.
3- الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي وجود أزمة “أخلاق وحضارة” على محور “المعنى والقيم” في خلفية المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التي تحيط بعالمنا.
وللأسف تم إهمال الجانب الروحي للإنسان والبعد المتسامي للوجود في مفهوم الحياة في العصر الحديث. ونتيجة لذلك أصبح الحفاظ على الفضائل أكثر صعوبة مع الانجراف الذي حدث على أساس القيم الأخلاقية. وتقع البشرية اليوم في قبضة مشاكل اجتماعية خطيرة يمكن وصفها بالإسراف والأنانية والاستهلاك من ناحية والجوع والفقر والبؤس من ناحية أخرى.
وإن الإرهاب والهجرة والعنف والوباء والظلم المحيط بالعالم كله يحكم على الغالبية العظمى من الناس بحياة صعبة وتعيسة في دوامة اليأس والعجز. وهذا الوضع يمهد الطريق لانقطاعات خطيرة في الأبعاد العالمية والنفسية من حيث العلاقات الاجتماعية ويسبب كسادًا ماديًا ومعنويًا.
4- الفرصة العظمى التي ستوجه البشرية نحو المستقبل المشرق في الفترة الصعبة التي يمر بها العالم هي مبادئ الإسلام الواهبة للحياة مثل الثقة والعدالة، والرحمة والجدارة والمسؤولية.
وإن مسؤولية البلدان والمجتمعات المسلمة التي لا يمكن إهمالها ولا تجاوزها أن تقوم بحل سريع لقضاياها الداخلية والمشاكل فيما بينها وأن تضع مشاريع على نطاق عالمي تتصل بجميع مجالات الحياة بتعاون قوي، وأن تشارك في أنشطة تعطي الأمل للبشرية من خلال العمل المشترك، وأن تنتج خدمات للبشرية جمعاء دون تمييز.
ولكي تعود هذه المُثل العليا إلى الحياة، يصبح من الأهمية قراءة قيمنا الحضارية مناسبة بالحقائق الحديثة، التي بقيت ضمانة للسلام على الأرض لقرون، وإعادة اقتراحها على الإنسانية مرة أخرى حسب واقع اليوم. وسوف يسعى جميع أعضاء رئاسة الشؤون الدينية جاهدين لأداء واجباتهم بأفضل طريقة ممكنة بهذا الوعي.
5- المشاكل التي تواجهها بلادنا والجغرافيا الإسلامية والإنسانية جمعاء اليوم تتطلب الكفاح بجهد قوي يغذيه الإيمان الراسخ والمعرفة الصحيحة دون الوقوع في اليأس والتخلي عن العزيمة.
ويجب أن نعلم أن الفتور والتجاهل سيزيدان من التشائم، كما أن اللامبالاة والجهل بقوانين التغير الاجتماعي سيجعلان التغلب على المشاكل أمرًا صعبًا.
وفي هذه المرحلة تتمثل مسؤوليتنا الكبرى في العمل ببصيرة وحكمة لمواصلة العمل من أجل رفاهية البشرية من خلال توحيد قلوبنا في مناخ العلم والحكمة والعدل والرحمة والسلام والمحبة في الإسلام. والمثال الأعلى بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بأن هناك يسرين بعد كل عسر هو العمل من أجل بناء حياة يسودها الرخاء والسلام والأمن مع إدراك أن تكون أمة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف.
6- والجدير بالذكر أن البشر الذين هم كائنات اجتماعية ينجرون إلى حياة محكوم عليها بالوحدة في القرن الذي نعيش فيه. وإن مفهوم الحياة القائم على الفردية والذي يعزل الناس عن المجتمع يجلب معه مشاكل مثل الأنانية وعدم الحساسية والوحدة وعدم الأمان والتغرب.
وهذا الوضع الذي يضعف المسؤوليات الاجتماعية والعلاقات الإنسانية والأسرة وعلاقات الجوار والقرابة يؤثر سلبيا على الجميع من الفرد إلى المجتمع ومن اليوم إلى الأجيال القادمة.
ولهذا السبب ولأننا من أتباع عقيدة تدعو المؤمنين إلى أن يكونوا سواسية كأسنان المشط الواحد ومتماسكين كالبنيان المرصوص وحساسين لبعضهم البعض كالجسد الواحد فمن الضروري إظهار المزيد من الجهد في إعادة الحياة والحفاظ على القيم الإنسانية والاجتماعية وإحيائها.
7- في زماننا هذا أصبح “العنف” وللأسف مشكلة عالمية تتغلغل في كل جانب من جوانب الحياة. وإن العنف الذي لا يتوافق أبدًا مع كرامة الإنسان هو سلوك واضطراب عقلي.
والواجب الديني والإنساني الأساسي هو محاربة جميع أنواع العنف بإرادة من خلال الوقوف ضد التفاهم والمعتقدات والعادات والتقاليد التي تعتبر عنفا شرعيًا، بغض النظر عن سببه ومصدره، وبغض النظر عمن يأتي منه أو ضده وبغض النظر عمن ارتكبه.
وتواصل رئاسة الشؤون الدينية في بلدنا كفاحها بكل إمكانياتها من أجل خلق وعي شامل ضد العنف الذي يفسد روابطنا الاجتماعية، ويدعو كل من لديه مسؤولية إلى أن يكون أكثر حساسية حول هذه المسألة.
8- كل القيم التي جاء بها ديننا السامي دين الإسلام؛ تهدف إلى إخراج البشرية من دوامة الجهل والفساد وجميع أنواع الشر إلى نور المعرفة والخير والحكمة والحقيقة. والهدف النهائي من الأحكام الدينية هو بناء أفراد أصحاء ومجتمع سعداء يخلقونه بترابطهم وقوة إيمانهم. لهذا الغرض يأمرنا ديننا بإقامة فضائل مثل الخير والإيثار والتعاون والتضامن والمشاركة بفهم يشمل جميع أفراد المجتمع وأن يتم الاهتمام بأخلاق وقانون العيش معًا.
وبالتالي التصرف بأنانية واتباع نهج لتحقيق المنفعة الشخصية وإخفاء المنتجات واحتكارها وعدم طرحها بالسوق لتحصيل ربح أكبر هي سلوكيات محرمة تتنافى مع المبادئ الأخلاقية السامية للإسلام. وهي غير مقبولة أيضاً من الناحية الإنسانية.
9- تحتل الأسرة مكانة أساسية في بناء مجتمع فاضل ومطمئن. فهي المدرسة الأساسية والمركز الأقوى في تربية الأسرة والإيمان والأخلاق والعبادة. ومع ذلك فإن تنظيم الأسرة التي يتم التشكيك في معناها اليوم تواجه تهديدات خطيرة.
ونتيجة لتجاهل القيم مثل الحب والاحترام والولاء والمسؤولية فإن نقاط الضعف مثل الإهمال واللامبالاة والأنانية تسيطر على الأسرة.
وهكذا فإن الأسرة التي يجب أن تكون بيت السلام والرحمة والمودة يمكن أن تصبح بؤرة للمشاكل والعنف والمآسي. لذلك فإن خدمات حماية الأسرة وتقويتها ودعمها لها أهمية حيوية في زماننا هذا. إن واجبنا الأساسي هو اتخاذ موقف جماعي ضد التفاهمات والمواقف التي تؤثر سلبيا على الأسرة وتضعفها وتجعلها مختلة. من خلال هذا الوعي ستستمر رئاستنا بشكل متزايد في تقديم خدماتها للأسرة وخاصة للنساء والأطفال والشباب.
10- تولي رئاسة الشؤون الدينية أهمية خاصة للإرشاد الديني وخدمات الدعم المعنوي لشبابنا. لأن الإساءة للدين تحولت أيضا إلى قضية ثقة. ففي بيئة تحدد فيها الهياكل التعسفية الشباب كمجموعة مستهدفة أساسية من الضروري توجيه شبابنا نحو محور المعرفة الدينية السليمة وقواعد الحضارة السليمة.
فاهتمام شبابنا بنشاطات رئاستنا وحساسيتهم للقضايا الاجتماعية وبحثهم عن مستقبل أفضل على محور الإيمان والقيم هي أمور مُرضية. وفي هذا السياق فإن المهمة الأساسية لرئاستنا هي الوقوف إلى جانب شبابنا ضد الاتجاهات والأفكار والهياكل والعادات التي تؤثر سلبيا على نظرتهم للحياة وتضر بتطورهم المادي والمعنوي وجمع شبابنا مع قوة الشفاء والتوحيد والدمج بين الإيمان والعبادة في مواجهة الانهيار الأخلاقي والفساد الفكري والانحرافات الدينية التي تتعرض لها البشرية.
11- يقدم عالم النشر الذي يشهد توسعًا وتنوعًا سريعًا اليوم فرصًا وتسهيلات مهمة من أجل نقل الرسالات العالمية للإسلام إلى جميع شرائح المجتمع بشكل أكثر فعالية. واليوم تولي رئاسة الشؤون الدينية التي تتمتع بشبكة نشر واسعة النطاق أهمية كبيرة لهذا المجال كوسيلة للإرشاد والتعليم والتوجيه.
وفي هذا السياق تعد أنشطة البث المرئي والسمعي والمطبوع والمنشورات الدورية والرقمية التي تقوم بها رئاستنا لشعبنا من جميع الأعمار فرصة ثمينة لنقل مبادئ الإسلام العالمية إلى المجتمع بشكل فعال والاطلاع على العصر وفهمه.
وإن رئاسة الشؤون الدينية في خدمة شعبنا والإنسانية من خلال أنشطتها الإذاعية متعددة المجالات التي تعزز الإيمان والروح وتعزز الوعي بالهوية والانتماء وتساهم في التكامل الاجتماعي.
12- مساجدنا التي لها مكانة مهمة في الوحدة والتطور الروحي لمجتمعنا على محور حضارتنا هي أماكن تلتقي فيها جذور القيم لجميع مجالات الحياة من الإيمان إلى العبادة ومن التعليم إلى الفن ومن الأسرة إلى البيئة الاجتماعية.
فالخطب وأنشطة الإرشاد والتعليم التي تقدم في المساجد لها مكانة مهمة في نقل مبادئ الإسلام الواهبة للحياة إلى شعبنا مباشرة. ومع ذلك فإن فترة الوباء التي نشهدها قد أثرت على خدماتنا التي تقدم في المساجد وكذلك على مجالات الحياة الأخرى.
وفي هذه الفترة، فإن الحساسية والنموذجية التي أبداها مجتمعنا وموظفونا فيما يتعلق باحترام التدابير الوبائية في مساجدنا أمر جدير بالإعجاب. وفي يومنا هذا من المهم تعزيز مناخ التطهير والتجديد في مساجدنا كفرصة تصل لجميع أنحاء البلاد وكل أفراد الشعب من أجل مداواة جراحنا الروحية والعاطفية والاجتماعية التي سببها الوباء.
13- ومن مجالات نشاط رئاستنا الدورات القرآنية التي تحظى بمكانة خاصة، فهي تهدف إلى تنوير المجتمع بالدين وتوجيه الحياة الروحية لشعبنا ونحن نراها كأماكن استثنائية تبني حاضرنا ومستقبلنا. والغرض الأساسي من دوراتنا القرآنية المنتشرة في جميع أنحاء بلادنا هو تزويد شعبنا بالمعرفة الدينية السليمة وإظهار الإيمان والأخلاق الحميدة في إطار حقائق القرآن الثابتة وإظهار طرق الحياة السليمة ذات المغزى.
وفي هذا السياق تجري رئاستنا الدراسات اللازمة للارتقاء بدوراتنا القرآنية إلى المستوى المثالي من كل جانب وتنفذ برامج وتطور مشاريع تجمع أجيالنا مع تلاوة القرآن بعمق المعنى والتوجيه والإرشاد.
14- الفترة الأكثر أهمية في بناء الشخصية الصلبة وضمان نمو سليم جسديًا وعاطفيًا واجتماعيًا هي فترة الطفولة الأولى، عندما يبدأ الشخص في التعرف على البيئة وفهم الحياة. ومن هذا المنطلق فإن دوراتنا القرآنية الموجهة للأعمار بين 4 و 6 سنوات، والتي انتشرت في جميع أنحاء البلاد وتتطور باستمرار في جميع الجوانب، تحظى بتقدير كبير من قبل شعبنا، الذين لديهم حساسية لتنشئة جيل قوي وفاضل.
إن هذا الاهتمام والتوجيه المُرضي من قبل مجتمعنا يزيد من مسؤولية رئاستنا في هذا المجال. وفي هذا الاعتبار نبذل قصارى جهدنا لضمان وصول الموظفين والمناهج والمرافق المادية لدورات القرآن الكريم الموجهة للأعمار بين 4 و 6 سنوات إلى النقطة المثالية ونسعى لتصبح دورات القرآن في متناول الجميع.
15- أهم العوامل الأساسية التي تؤثر على نجاح المؤسسات والمنظمات في إنتاج خدمات عالية الجودة هو توظيف الأفراد ونهج إدارة الموارد البشرية.
وإن مجالات الخدمات في مديرية الشؤون الدينية لدينا، التي تعد واحدة من أكثر الهياكل التنظيمية انتشارا في بلدنا، آخذة في التوسع يوما بعد يوم، ولا سيما الخدمات الدينية ذات المحتوى التعليمي والاجتماعي والثقافي، والإستشارات النفسية والأعمال الإرشادية.
ونتيجة لذلك فإن خدماتنا التي تصل إلى فئات الشعب المختلفة مثل الشباب وذوي الاحتياجات الخاصة واللاجئين وضحايا العنف ومدمني المخدرات تكتسب رؤية في مختلف المجالات الاجتماعية مثل السكنات الطلابية والمستشفيات والسجون ودور ضيافة النساء.
وتظهر الحاجة إلى موظفين ذوي تدريب خاص وتنشئة في هذه المجالات، وتتزايد الحاجة إلى الدعاة والموظفين الخبراء. بالإضافة إلى ذلك يعد توفير موظفي الخدمات المساعدة وإمكانية شراء الخدمات في المجالات المطلوبة مطلبًا مهمًا خاصة في دورات القرآن الكريم للأعمار من 4 إلى 6 سنوات.
16- بين الحين والآخر تجذب المناقشات والمشاركات العشوائية حول مفهوم “الفتوى” الانتباه لا سيما في مواقع التواصل الاجتماعي. فالفتوى هي إجابة العلماء على السؤال الذي يطرحه المسلم من أجل معرفة الحكم الديني في القضايا التي يواجهها في حياته.
ويتخذ المجلس الأعلى للشؤون الدينية القرارات ويعبر عن الآراء ويجيب على الأسئلة في القضايا الدينية “من خلال مراعاة مصادر المعلومات الأساسية ومنهجية دين الإسلام وتجربته التاريخية ومتطلباته واحتياجاته الحالية”.
ومن المؤسف أن بعض الموضوعات والنصوص التي جاءت على جدول الأعمال، كرأي مجلسنا الأعلى للشؤون الدينية، قد تم إخراجها من سياقها وتشويهها وتحويلها إلى مادة لعملية الإدراك. وفي الوقت نفسه يكشف هذا الموقف عن إهمال خطير في نقطة استخدام المعلومات في العالم الرقمي ومشكلة أخلاقية مقلقة.
لذلك من المهم جداً أن يقوم مواطنونا باستخدام أعمال رئاستنا وقنوات الاتصال وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي مباشرة أو أن يقوموا بالتقدم بطلب إلى دار الإفتاء في أمور مثل المعرفة الدينية والآراء والفتاوى.
17- في يومنا هذا جعلت قنوات البث الرقمي الوسائط المكتوبة والمرئية والمسموعة فعالة في جميع مجالات الحياة وجعلتها عنصرًا إرشاديًا في الحياة الفردية والاجتماعية. ولذلك فقد أصبحت وسائل الإعلام، التي يتقدم الناس كثيرًا إليها للحصول على معلومات دينية، أكثر أهمية من حيث خدمات الشؤون الدينية.
وقد أدى هذا الوضع إلى قيام رئاستنا باستخدام قنوات الاتصال بشكل فعال مثل التلفزيون والراديو والمجلات والصحف ومنشورات ومنصات الإنترنت. ومن ناحية أخرى، فإن كون الوسائط الرقمية قد أصبحت المصدر الرئيسي للمعلومات قد جلب معه مسألة الدقة والمصداقية المتعلقة بالمعلومات الدينية الواردة في هذه الوسائط. لهذا السبب من المهم جداً أن نكون حساسين للغاية بشأن الوصول إلى المعرفة الدينية ونقلها.
18- إن سبب وجود رئاسة الشؤون الدينية وواجبها الدستوري هو توعية المجتمع برسالات ومبادئ ومقاييس الإسلام الكونية والخدمة لوطننا وإنسانيتنا بما يتماشى مع قواعد وقيم الدين. وفي هذا الصدد فإن الحساسية الأساسية لرئاستنا هي العمل بفهم شامل فوق كل أنواع الآراء والآراء المختلفة والمواقف الأيديولوجية والعرقية والسياسية.
فمن الخطأ ومن المؤسف أن تنجذب رئاستنا أحيانا إلى المناقشات اليومية وأن تستنزف مؤسستنا وأعضاؤها بسبب معلومات غير دقيقة. لهذا السبب يجب على كل من يكتب ويتحدث ويشارك في أمور الدين والشؤون الدينية أن يكون أكثر حساسية في الالتزام بالحقيقة.
المصدر: ديانت