خاص الاجتهاد: يرى الأستاذ السيد سجاد إيزدهي أنه إذا وصل التهديد إلى مرحلة التنفيذ العملي، فيجب تأمين المجتمع وقيادته بأساليب ردعية وحتى إجراءات حاسمة ذات طبيعة استباقية.
حسب تقرير “الاجتهاد”، انعقد الملتقى العلمي التخصصي “قدرات الفقه في الدفاع عن ولي أمر المسلمين والمجتمع الإسلامي” بحضور نخبة من أساتذة الحوزة والجامعة والباحثين في العلوم الإسلامية، وذلك في قاعة الشهيد بهشتي بجامعة باقر العلوم (عليه السلام). خلال هذا الملتقى، استعرض الأساتذة حسن علي أكبريان، سعيد ضيائي فر، ذبيح الله نعيميان، إبراهيم موسى زاده، قاسم شبان نيا، علي محمدي، السيد إحسان رفيعي علوي، محمد جواد أرسطا، السيد سجاد إيزدهي، محمود حكمت نيا، ورضا إسلامي، الدور الذي لا غنى عنه للفقه الشيعي في صون الحكم الإسلامي والتصدي للتحديات العالمية.
وقام الأساتذة في هذا الملتقى بتوضيح الأبعاد الفقهية والقانونية والحضارية للدفاع عن ولاية الفقيه، مشددين على حتمية إعادة النظر في إمكانيات الفقه الشيعي في مواجهة التهديدات العالمية والحروب الهجينة، كما لفتوا الانتباه إلى فتاوى المراجع العظام بوصفها دعامة راسخة لحفظ هوية الأمة الإسلامية وقوتها
وجوب المبادرة بالدفاع عن رأس المجتمع
عضو الهيئة العلمية في معهد الثقافة والفكر الإسلامي، الأستاذ حجة الإسلام والمسلمين السيد سجاد إيزدهي: إن تهديد الولي الفقيه في النظام الإسلامي ليس مجرد تهديد لشخص أو لمنصب سياسي، بل هو تهديد للهوية الدينية وتماسك الأمة الإسلامية. ولذلك، فإنه في منظومة الفقه السياسي الشيعي، يُعد مصداقًا واضحًا للمحاربة مع الله ورسوله.
في ساحة القتال، العدو الذي يهدد بعمليات عسكرية، حكمه الأولي هو القتل. هذه القاعدة متأصلة في الفقه، ويُلاحظ سوابقها التاريخية في سيرة الأئمة الأطهار (عليهم السلام). إذا كان العدو في ساحة الحرب ويهدد بتدمير هيكل النظام الإسلامي أو رأسه، فإن الحكم الشرعي يقضي بالمواجهة الفورية ودفع التهديد، حتى لو تطلب ذلك عملاً استباقيًا.
العقلانية في الأحكام الأمنية وضرورة العمل الاستباقي
يمكن استخلاص العديد من الأحكام الأمنية بناءً على العقلانية. ففي المسائل المتعلقة بأمن المجتمع الإسلامي، يحكم العقل أيضًا، بشكل مستقل عن الشرع، بضرورة الدفاع عن رأس السلطة والحفاظ عليه. ولذلك، في كثير من الحالات، يكون تنفيذ إجراء استباقي للحفاظ على الأمن ومنع سقوط النظام، ليس فقط جائزًا، بل واجبًا.
في منطق الفقه السياسي الشيعي، الهدف من الحرب والقتال هو الانتصار، وفقدان القائد يعادل الهزيمة. يؤكد كل من العقل والنقل على ضرورة الحفاظ على خيط المسبحة الذي يربط هيكل المجتمع، لأنه إذا أصيب الحاكم الشرعي بضرر، فسوف ينهار النظام وتتحقق الهزيمة.
الأساليب المعتادة للعدو في الحروب الهجينة
في الحروب الأخيرة، ولا سيما في حرب الـ 12 يومًا، سعى أعداء الثورة الإسلامية إلى إزالة القادة لكسر هيكل القيادة. وكما حدث في حرب داعش، تم إحباط التهديد على الحدود من خلال إجراءات استباقية ودقيقة، على الرغم من التهديدات الواسعة النطاق.
من القضايا الفقهية الهامة هي التناسب بين الجريمة والعقوبة. قد يكون هناك تهديد سطحي، مثل إلقاء حذاء، ولكن عندما يكون التهديد هدامًا ومدمرًا للبنية الأساسية، فإن مفهوم التناسب لا ينطبق بنفس المستوى. في هذه الحالات، يجب إزالة التهديد بالكامل، حتى لو أدى ذلك إلى إجراءات ردع صارمة أو مواجهة حاسمة.
اليوم، على الرغم من أن الوضع قد يبدو هادئًا ظاهريًا وأن التهديد الفعلي قد توقف، فإن المراقبة المستمرة والدائمة لأمن قائد المجتمع الإسلامي واجبة. في مثل هذه الظروف، يقع على عاتق الفقه الشيعي واجب توضيح قواعده ومبادئه المتعلقة بالدفاع عن الولي الفقيه.
في يوم عاشوراء، كان الإمام الحسين (ع) آخر من استشهد؛ لأنه لو استشهد الإمام قبل أصحابه، لما بقي أي أثر لجبهة الحق. هذا المنطق سارٍ أيضًا في الفقه السياسي، أي أن بقاء هيكل النظام يعتمد على بقاء رأسه.
إن الحفاظ على مكانة من يؤمن أمن وتماسك المجتمع الإسلامي ليس مجرد واجب أخلاقي وسياسي، بل هو وجوب شرعي وفقهي. فبناءً على آيات القرآن الكريم، فإن من يحارب الله ورسوله، أو يعرض المجتمع للخطر، يستحق حكم القتل. وبما أن الولي الفقيه في عصر الغيبة هو الخليفة الشرعي للإمام المعصوم (ع)، فإن تهديده يشبه تهديد رأس المجتمع الإيماني.
قاعدة “الأولوية” في الفقه
في الفقه، يُعتبر المُهدد الذي يستهدف إزاحة رأس المجتمع الإسلامي، حتى لو لم يكن في ساحة قتال تقليدية، مشمولًا بحكم “الحربي” (عدو محارب)؛ وذلك لمشاركته في مقر عمليات العدو وفي عملية التهديد. لذلك، يجب التعامل معه بحزم قاطع.
من المنظور الفقهي، لا يقتصر مفهوم “الجندي” على العسكري الرسمي فحسب، بل يشمل أي فرد يتحمل مسؤولية كفائية في مواجهة تهديد العدو. إذا دخل العدو المعركة، فإن كل مسلم قادر على الدفاع مُكلّف بأداء واجبه في تطبيق حكم الحرب.
الدفاع الأولي يعني إزالة التهديد لكي لا يجد أحد فرصة للتهديد. أما إذا وصل التهديد إلى مرحلة العمليات الفعلية، فيجب ضمان أمن المجتمع وقيادته عبر أساليب رادعة، وحتى إجراءات قاطعة ذات طابع استباقي. في مثل هذه الحالات، لا يُجيز الفقه الشيعي قتل المُهدد فحسب، بل يراه ضروريًا وواجبًا، لأن بقاء المجتمع الإسلامي مرهون بسلامة رأس السلطة.