في بنده الرابع، يشير ميثاق الإمام إلى التزام الإمام “بالعلمانية” التي تحفظ حرية التدين لكل المعتقدات، إضافة إلى “احترام قوانين الجمهورية”. كما يدعوه إلى تشجيع الحوار بين الأديان، ويحذره من “التحريض على الكراهية أو ارتكاب أعمال إجرامية”
الاجتهاد: أعلن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وهو أكبر تجمع للمساجد والجمعيات الإسلامية في فرنسا، الأربعاء، 29 آذار/مارس، عن وثيقة جديدة بعنوان “ميثاق الإمام”. ويأمل المجلس أن تعتمدها المساجد والمؤسسات الإسلامية خلال التعاقد مع الأئمة.
ويتوجب على كل إمام في فرنسا، حسب الميثاق الجديد، أن يعلن “انتماءه لِقِيَم الجمهورية، ولمبادئ العلمانية، وتعلقه بالإسلام الوسطي”.
ميثاق وضعه معهد مسجد باريس يوم 28 مارس/آذار 2017، وتبناه المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، ويهدف إلى مساعدة المساجد على مواجهة “الخطاب المتطرف” و”التزام أئمة فرنسا بإسلام وسطي وبالعهد الجمهوري”، كما أعلن المجلس الذي يضم الاتحادات الإسلامية الرئيسية.
ويتعلق الأمر بـ”ميثاق الإمام” الذي وقعه عميد مسجد باريس دليل بوبكر (باحث إسلامي ومفكر معروف يحمل الجنسيتين الجزائرية والفرنسية)، بحضور ممثلي المؤسسات الإسلامية في فرنسا، وأوضح بوبكر أن الميثاق صدر بسبب ظروف مستعجلة أبرزها زيادة وتيرة الإسلاموفوبيا في فرنسا.
وتحفّظ كل من “اتحاد المساجد في فرنسا” و”مسجد باريس” و”اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية” و”اتحاد المنظمات الإسلامية التركية” على “الوثيقة” التي تهدف إلى مساعدة المساجد على مواجهة التطرف، والتزام الأئمة بخطاب إسلامي معتدل، حيث يدعو القائمون على “الميثاق” كامل مساجد فرنسا إلى التوقيع عليه، وجعله شرطا أساسيا لتوظيف الأئمة.
ويتضمن الميثاق مجموعة من الضوابط التي يتعين على أئمة مساجد فرنسا الالتزام بها في توجيهاتهم لمسلمي فرنسا، وصدر في ظل جدل ونقاش واسع بشأن الإسلام في فرنسا، خاصة بين مرشحي الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجري في أبريل/نيسان ومايو/أيار 2017.
مع العلم أن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية كشف في خريف 2015، وبعد وقت قصير من هجمات 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 في باريس، عن عزمه اقتراح مثل هذا الميثاق، لكن هذا المشروع لم يتخذ شكلا نهائيا منذ ذلك الحين بسبب المصاعب التي وقفت دون تقديم مشروع “إسلام فرنسي” إلى زعماء المسلمين المختلفين.
وفي مايلي أبرز ما ورد في نص “ميثاق الإمام” المكون من 25 بندا، كما جاء في مجلة “لوبوان” الفرنسية:
يشير الميثاق في بنده الأول إلى أن الإسلام في فرنسا ليس إسلاما جديدا، وإنما هو نتيجة إعادة تفسير النص في السياق الراهن، أي الاجتهاد.
ويدعو المسلمين إلى عدم البحث عن ثقافتهم الدينية من وعاظ التلفزيون غير المعترف بهم من طرف علماء الجالية الإسلامية، وإنما يأخذونها من هؤلاء العلماء أنفسهم، وأن يكونوا رحماء ومتضامنين وضد العنصرية وضد خطاب الكراهية.
وفي بند آخر يورد الميثاق أن كل الأديان تعايشت في فرنسا، وعلى كل مسلم أن يحترم قيم وقوانين الجمهورية الفرنسية، موضحا أن الميثاق يتحدث عن “الإسلام في فرنسا” وليس “الإسلام الفرنسي” بما يحمله المعنى من فروقات هائلة.
ويشير أيضا إلى أن فرنسا دولة لائكية (علمانية) بموجب المادة 1905، وهي لا تفضل ديانة على أخرى، وأنها تمنح الحقوق نفسها لكل الطوائف الممثلة للديانات بما فيها الإسلام، ولا يحق لأي مسلم أن يطالب فرنسا بأن تغير قيمها وقوانينها لتتناسب مع إيمانه ومعتقداته.
ويتحدث “ميثاق الإمام” عن أن المسلمين في فرنسا يستهلكون اللحوم الحلال، وأن معاناة الحيوان لا يقبلها الله عز وجل، وعليه هم مطالبون بـ”تقليل المعاناة التي يتعرض لها الحيوان”.
كما يؤكد الميثاق أن كل أشكال معاداة السامية تخالف ما أعلن عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في دستور المدينة، حيث أشار إلى أن جميع الذين يؤمنون بوحدانية الله عز وجل، سواء كانوا مسلمين أو يهودا أو غيرهما هم جزء من أهل الكتاب.
ويتطرق ميثاق معهد مسجد باريس عن العلاقات الاجتماعية والأسرية والعاطفية، ويورد في هذا السياق أن على كل مسلم أن يبرهن على نضجه ومسؤوليته، وفي حياته اليومية يجب على كل مسلم إظهار الاعتدال والتوازن.
ويشير “ميثاق الإمام” أيضا إلى أنه في إطار ممارسة العقيدة الإسلامية اليوم، فإن العقاب البدني وتعدد الزوجات لم يعدا مبررين، وفي المقابل يعتبر أن المساواة بين الرجل والمرأة بات أمرا ضروريا.
وجاء في الميثاق أيضا أنه يحظر على المسلم بدء الحرب، ولا يسمح الجهاد إلا في حالة الدفاع عن النفس ضد المعتدي، كما جاء في القرآن الكريم، وإذا كان الخصم على استعداد لصنع السلام، فمن واجب المسلمين السعي بدورهم إلى تحقيق السلام.
ويوجد في فرنسا نحو 1800 إمام، بعضهم يعمل جزئيا دون مقابل وآخرون يتنقلون ويؤمون الصلاة في قرابة 2500 مسجد ومصلى، بحسب تقديرات.
ومن بين هؤلاء ثلاثمئة “تمت استعارتهم” من الجزائر والمغرب وتركيا، دول المنشأ الرئيسية لنحو أربعة إلى خمسة ملايين مسلم في فرنسا، في إطار اتفاقات بين باريس وهذه الدول.