أحكام الاعتكاف

أحكام الاعتكاف عند المرجع الديني آية الله محمد تقي بهجت “ره”

الاجتهاد: أحكام الاعتكاف: المراد من الاعتكاف وهو «اللبث فى المسجد بقصد العبادة فيه»، و يصح كلّ وقت يصحّ الصوم فيه. و حيث يشترط ـ كما يأتي ـ بالصوم، فلا يكفي فيه قصد التعبّد بنفس اللبث في المسجد، إلاّ أن يقال: لا يلزم ذلك في صدق الاعتكاف و لا في مطلوبيّته مطلقاً، بل في الجملة، و لذا يصحّ الابتداء بالاعتكاف من الليل والانتهاء فيه قبل النهار في الليل.

 افضل اوقات

و أفضل أوقاته، شهر رمضان و أفضله، العشر الأواخر منه.

الاعتكاف واجب او مندوب

و ينقسم إلى واجب و مندوب: والواجب منه، ما وجب بنذر، أو عهد، أو يمين، أو شرط في ضمن عقد، أو اجارة، أو ما كان اطاعة واجبة للوالدين. والمندوب ما عداها. هذا في الابتدا، والاّ فكلّ مندوب، يجب بمضيّ اليومين منه.

جواز النيابة فيه

و تجوز النيابة فيه عن الميت؛ و في النيابة عن الحي فيه تأمّل.

شروط الاعتكاف

و من شروطه، «الايمان»، كما يعتبر في سائر العبادات؛ و «عدم زوال العقل» بجنون في زمن الاعتكاف أو سكر أو إغماء؛ و «نيّة القربة» على الوجه المعتبر في كلّ عبادة؛ و «تعيين المتعدّد».

و تكفي نيّة شخص الأمر في المندوب و إن علم بانقلابه إلى الوجوب بعد اليومين، و إنّما يضرّ قصد الندب بقاءً بعد اليومين، لرجوعه إلى عدم قصد شخص الأمر الذي هو في الواقع غير باق على صفة الندب بعد اليومين؛ و لا يجب التجديد عند مضيّ اليومين و إن كان أحوط.

لزوم الصوم فيه

و من شروطه «الصوم»، فيجب له شرطاً إذا لم يجب لغيره أو نفساً، و يختلف وجوبه أو استحبابه باختلاف الاعتكاف المشروط في ذلك، و باختلاف وجوبه الآتي من قبل غير الاعتكاف كصوم شهر رمضان.

عدم جواز الشروع فيه فى زمان لايسع ثلاثه

و حيث إنّ أقل الاعتكاف، ثلاثة أيّام متواليات ـ (كما يدلّ على كون الأقل ثلاثة، بعد الإجماع المحكىّ نقله عن «التذكرة»، روايات «محمد بن مسلم» و «ابي بصير» و «عمر بن يزيد»، و على التوالي فيها ما روي عن «المشايخ الثلاثة» روايته في الصحيح والموثق عن «ابي عبيدة الحذّاء»، و فيها: «فإن أقام يومين بعد الثلاثة ـ فلا يخرج من المسجد حتى يتمّ ثلاثة أيام»).

و يعتبر فيه الصوم في تلك الثلاثة، كما يدلّ عليه روايات كثيرة موافقة لما عليه الإجماع كما في «الحدائق»، فلا يجوز الشروع فيه في زمان لا يتمكّن فيه من صوم الثلاثة المتوالية لوقوع بعضها في أحد العيدين أو في السفر على قول سبق في محلّه أو مع الحيض أو النفاس، و سيأتي ما فيه.

محلّ النيّه

و ينوي الاعتكاف في أوّله إن زاد على الثلاثة أيّام؛ والاّ فأوّله، طلوع الفجر؛ كما أنّ آخره الغروب من الثالث، فتخرج الليلة الاُولى والرابعة إلاّ مع الزيادة الاختياريّة؛ أو الثلاثة التلفيقيّه ـ أعني ما كان بقدر ثلاثة أيّام بلياليها المتخلّلة ـ لكنّه لا يخلو جواز التلفيق عن تأمّل.

و لو زاد على الثلاثة مع نيّتها في أوّله أو من حين الزيادة ـ على تأمُّل فيه و في غير زيادة يومين ـ جاز، إلاّ أنّه إذا مضى يومان من حين الزيادة، أتمّهما بيوم كالابتداء؛ و هذا هو الأقوى في الخامس و هو الأحوط في التاسع و أمثاله. و ذلك للنص في زيادة الخامس والإشكال في إلغاء الخصوصيّة فيما عداه فيتمسّك بالإطلاق فيه، كما يتمسّك به في يوم أو بعض يوم فيما دون اليومين.

لو نذر الاعتكاف فى اكثر من ثلاثه

و لو نذر الاعتكاف في مدّة تزيد على الثلاثة و لم يشترط التوالي بدلالة عليه، فله التفريق، لكن لا يأتي في كلّ مرّة بأقلّ من ثلاثة و لو كان المنذور واحداً من تلك الثلاثة. و في فاصليّة العيد مثلاً بين ما تقدّم عليه و ما تأخّر مع العلم السابق أو مطلقاً، تأمّل؛ والأحوط الاستئناف إن وجب المتأخّر أو أراد به الاعتكاف المندوب، و مراعاة الاحتياط في احتمال عدم الفصل و لزوم البناء، قد يوجب إتيان الأزيد من ثلاثة بعد العيد، كما فيما لو كان الثالث، العيد، فيزيد رابعاً بعد العيد.

من شروط الاعتكاف: الايقاع فى المسجد

و من شروط الاعتكاف إيقاعه في المسجد، و يجوز ـ على الأظهر ـ في كلّ مسجد جامع؛ والأحوط الأفضل، اختيار المساجد الأربعة التّى منها «مسجد الكوفة» و «البصرة» أو «مسجد المدائن» أو «براثا» على الترتيب مع الإمكان.

و لا يضر الصعود على السطح على الأظهر، و لا الدخول في السراديب «كبيت الطشت» في «جامع الكوفة» و كذا المحاريب، و إلى المتعدّدين احداثاً و إن فضلا بباب و جدار مع الوحدة الاتصاليّة أرضاً. و لا تأثير لقصد أحدهما في نيّة الاعتكاف مع هذه الوحدة على الأظهر، فإنّه كقصد الاعتكاف في بيت من بيوت مسجد واحد؛ كما لا عبرة بالزيادة على المسجد إذا لم تكن من المسجد و إن اتّصل به.

الاشتراط باذن السيد والزوج و…

و من شروط الاعتكاف ـ في غير الواجب بالأصل أو بالعارض كمضي يومين أو تضيق وقت الواجب الموسّع بالنذر الصحيح ـ اذن السيد والزوج، فيبطل مع مَنعِهما و ان كان المملوك مكاتباً لم يتحرّر منه شيء و لم يكن اعتكافه اكتساباً مشروعاً أو كان المملوك ممّن هاياه مولاه فاعتكف في نوبة مولاه، به خلاف ما إذا اعتكف في نوبته.

و فيما لا ينافي حق الزّوج، تأمّل، كما إذا أراد ايقاع الاستمتاع الجائز في المسجد في غيره بدون فرق آخر؛ و كذا المستأجر في اعتكاف الأجير الخاص المندوب فيما ينافي الحق المستحقّ له بالاستئجار؛ و كذا الوالدان في اعتكاف الولد مندوباً.

و يمكن أن يكون المبطل في الأخيرين، المنع و خصوص ما يكون إيذاءً من الاعتكاف للوالدين، لا مجرد عدم الأذن؛ و قد ذكرنا في تعلّق الصوم المندوب بإذن الوالدين ما ينفع في الاعتكاف الذي لا يصحّ إلاّ بالصوم من هذه الحيثيّة.

و اعتكاف الضيف ـ كغيره ـ كغير الاعتكاف من المندوبات من الصوم و غيره على الأظهر.

استدامة اللبث و حكم الخروج

و من شروط الاعتكاف، استدامة اللبث؛ فاذا خرج من المسجد من دون مسوِّغ، بطل الاعتكاف من حين الخروج، فيبطل ما تقدّم عليه فيما تتوقّف صحّته على عدم الخروج في ظرف تحقّقه.

والمبطل، هو الخروج عمداً واختياراً، لا سهواً أو إكراهاً، إلاّ مع طول الزمان الماحي للصورة؛ و لا فرق بين العالم بالحكم أو الجاهل به.

و لا يبطل لو خرج لضرورة عقليّة أو عاديّة أو شرعيّة و لو كانت استحبابيّة متوقّفة على الخروج؛ و منها قضاء الحاجة من بول أو غايط أو اغتسال من الأحداث.

و يراعى الصدق العرفي في اللبث لمعظم البدن، فلا ينافيه خروج بعضه كالرأس أو الرجل أو اليد، كما لا يكفي فيه دخول بعضه ممّا ذكر.

وظيفة من أجنب فى المسجد

و لو أجنب في المسجد و لم يمكنه الاغتسال إلاّ في المسجد أو خارجه، تعيّن ما هو ممكن؛ و إن أمكنه كلاهما؛ فإن كان ذلك في أحد المسجدين و كان زمان الاغتسال مساوياً لزمان الخروج أو أقلّ، تعيّن الاغتسال فيه للاشتراك في زمان مقدار الخروج المغتفر فيه ترك اللبث و اختصاص الاغتسال فيه بدفع الخروج الغير المضطر إليه.

إلاّ أن يقال: إنّه مع مساواة الزمان، يدور أمره فيه بين المحظورين، فيتخيّر بينهما مع عدم المرجّح، به خلاف ما كان زمان الاغتسال فيه أقلّ منه في الخارج، فيتعيّن الاغتسال فيه؛ كما أنّه لو كان في الخارج أقلّ، تعيّن الخروج. و إن كان زمان الاغتسال فيه أكثر و لو بقليل، فالظاهر تعيّن الخروج لئلاّ يقع في اللبث في المسجد في القدر الزائد على الخروج، فإنّه أولى من الخروج للمستحب في الخارج.

و يمكن أن يقال: إنّه يأتي فيه الدور، لتوقّف حليّة الخروج على حرمة اللبث للاغتسال فيه المتوقّفة على حلّية الخروج.

و يمكن دفعه: بأنّ جواز الخروج ليس لحلّيته، بل لدوران الأمر بين حرامين في قدر من الزمان لا مخلص عنهما، والزائد على ذلك القدر حرام يمكن التخلّص عنه بأحد الحرامين دون الآخر؛ فتعيّن الخروج الذي كان مخيّراً بينه و بين الاغتسال فيه لو لا هذه الزيادة في الاغتسال من جهة لابديّة أحد الحرامين، بل الأظهر أنّه مع تساوي درجة الحكمين، لابدّ من ملاحظة المقدار الزائد على زمان الحرام في الاغتسال في المسجد و خارجه؛ فمع التساوي يتخيَّر، و مع التفاوت يختار أقلّ الحرامين زماناً.

و لو فرض أنّ مقدار الخروج غير متيقّن على أيّ تقدير، لوحظ المتيقّن و يراعي الزائد في طرف خصوص الغسل في أحد المكانين.

و لكن تساوي الحكمين قابل للمنع، لجواز الخروج للمستحبّات و عدم جواز بقاء الجنب اختياراً و لو مع التيمّم؛ فالقول بلزوم الخروج و لو كان زمانه أطول من زمان الاغتسال في المسجد، أقوى و أحوط و يتيمّم للخروج اللازم في المسجدين فيما لم يكن زمان الخروج أقصر من زمان التيمّم.

و إن كان ذلك في غير «المسجدين» فالخروج و مقداره غير محرّم، فيلاحظ الأقلّ زماناً بعد ذلك المقدار من الاغتسال في المسجد أو خارجه و مع الخروج يحسب ما قبل الشروع في الاغتسال و ما بعده إلى الدخول، من الغسل هنا؛ كما أنّه يحسب ما زاد على مقدار الخروج من المشي في المسجد للاغتسال من الاغتسال فيه، إلاّ أن يكون مشي الجنب في جوانب المسجد غير محرّم، فيحسب ما بعد المشي، و لو كان غير خروجي، مقيساً مع الغسل في الخارج؛ هذا على تساوى الحكمين، و إلاّ، تعيّن الخروج، لئلاّ يبقى جنباً في المسجد اختياراً.

و لو قصر زمان المشي للاغتسال في المسجد، عن زمان الخروج، ففى ما يساوي مقدار الخروج من زمان الاغتسال غير محرّم ليلاحظ ما خرج عنه مع الغسل في الخارج، بل زمان المشي للاغتسال معدود من زمان الاغتسال إلاّ على تقدير عدم حرمة المشي في الجوانب، و زمان الخروج الواقع يحسب منه ما كان بعد الخروج من الباب، فيلاحظ الزمانان هكذا، و قد عرفت الحال في تعيّن الخروج لِلاغتسال.

هذا كلّه فيما توقّف الغسل في المسجد على اللبث؛ فان أمكن الغسل فيه بدون التلويث بلا لبث، بل ماشياً، بل مجتازاً بلا فرق في الزمان، تعيَّن و لم يجز الخروج؛ و إن زاد على زمان الخروج بلا اغتسال، احتسب الزيادة مع زمان الغسل في الخارج و عمل بما تقدّم.

و لا يخلو عن مناقشة، لأنّ الجائز، الخروج الواقع، لا زمانه مطلقاً، فاللازم إن وصلت النوبة إلى المقايسة، لحاظ الزمان بعد الخروج مع زمان الاغتسال قبله في أيّ حال كان. و ذلك في المسجدين؛ و أمّا في غيرهما، فيحتمل عدم حرمة الزائد على المضطرّ اليه للخروج من ازمنة المشي بطيئاً مغتسلاً، فيكون كالقسم الأول.

ثمّ إنّه يتردّد الأمر بين الأطول زماناً والأقصر، فيقدّم الأطول؛ كما إذا دار الامر بين الغسل في المسجد لابثاً في زمان قصير أو ماشياً في زمان طويل و قلنا بحليّة المشي في المسجد للجنب، فيقدم ما ليس فيه الحرام.

لكنّه اذا كان الغسل للصوم ايضاً و كان الوقت ضيقاً قبل الفجر، فقد يتوهّم جواز الغسل لابثاً، لأنّه و ان اشتمل على اللبث المحرَّم فقد اشتمل عِدله على ترك الواجب و هو الاغتسال لصوم الغد فلا رجحان للعِدل عليه.

لكن حلّيّة اللبث، متوقّفة على حرمة المشي، لما فيه من ترك الواجب و هي متوقّفه على حليّة اللبث دفعاً لترك الواجب، فلا يمكن إثبات شي منهما؛ فليس فيه إلاّ التزاحم بين وجوب الاغتسال للصوم و تحريم لبث الجنب في المسجد، والأول قابل للتنزّل إلى البدل فيتعيّن.

إلاّ أن يقال: إنّ التيمّم يكفي لأجل اللبث في المسجد لما عدا الجزء الاخير من الاغتسال فيه، فيجب الغسل لابثاً للتمكّن به من الجمع بين التكليفين المتزاحمين بعد التيمّم لأجل اللبث.

مضافاً الى ما مرّ من الوجه في عدم حرمة اللبث في الزمان المشترك بين الغسلين، فيختصّ المشتمل على الزيادة بكونه تركاً للواجب و ليس له اختياره اختياراً لكونه فقط تركاً للواجب، فيتعيّن الغسل لابثاً، لكنّه مرّ التأمل فيه أيضاً، فالسابق هو المعتمد.

حكم ما لو خرج لحاجة مسوَّغه

ثم أنّه لو خرج المعتكف من المسجد لقضاء حاجة مسوغة، ففي غير قضائها، لا يجلس تحت الظلال إلى العود، كما يدل عليه صحيح «داود» المعتضد بنقل الاتفاق عليه، بل لا يطيل خروجه بالجلوس لغير الضرورة أو الاضطرار؛ و في المنع من الجلوس مطلقاً اختياراً و لو لم يوجب أطوليّة زمان الخروج، تأمّل.

و حيث خرج خروجاً سائغاً، فمع الدوران بين زمانين، لا محذور في شيء منهما، يختار أقصرهما إلى أن يعود.

عدم جواز الصلاة فى خارج المسجد الاّ فى بعض الموارد

و لا تجوز الصلاة للمعتكف في خارج المسجد إلاّ مع ضيق الوقت أو لصلاة الجمعة أو في «مكّة»، فإنّه يصلّي المعتكف في مسجدها في أيّ بيوتها شاء، و يدلّ على الأخير صحيح «عبداللّه بن سنان» و صحيح «منصور بن حازم» و قد نقل الاتفاق على العمل بها.

مسائل

العدول من اعتكاف الى غيره فى النيّة

1 . لا يجوز العدول بالنيّة من اعتكاف إلى غيره و لا عن نيابة ميّت إلى غيره أو نحو ذلك؛ بل يكون العدول من حينه قطعاً للمعدول عنه و شروعاً في الآخر، فقد يجوز كما في المندوب قبل مضيّ يومين و قد لا يجوز، كما في غيره مع التعيين.

النيابة عن اكثر من واحد

2 . في النيابة في الاعتكاف عن اكثر من واحد تأمّل، فالأحوط تركه و لا بأس باهداء الثواب إلى الأكثر.

صوم الاعتكاف

3 . لا يعتبر في صوم الاعتكاف أن يكون لاجله، لكن الأحوط أن يكون الصوم عمّن يكون الاعتكاف عنه.

جواز الايجار للصوم لِناذر الاعتكاف

و مع حفظ هذا الاتحاد، فلو نذر الاعتكاف، فهل يجوز له أن يؤجر نفسه للصوم و يجتزي به عن الواجب بالاعتكاف؟ الاظهر ذلك و لو كان استئجار بعد النذر، مع اطلاق كل من النذر والاستئجار و تقيّدهما من حيث الزمان المعيّن أو اختلافهما؛ فانّ الواجب بنذر أو بالاعتكاف، الصوم عن المعتكف عنه و ان كان واجباً في زمان الصوم بسبب غير النذر متاخر عنه.

قطع الصوم و الاعتكاف

4 . لو كان الصوم مندوباً والاعتكاف منذوراً، جاز قطع الصوم في اليومين و به ينقطع الاعتكاف (و) إن كان واجباً مطلقاً؛ و لو كان معيَّناً، لم يجز قطع الصوم، لوجوبه بالنذر مع التعيّن؛ و في صورة انقطاع الاعتكاف، يستأنفه.

و حكم الاعتكاف المنذور مع الإطلاق في اليومين الأوّلين، حكم المندوب.

و يجري في خصوص رفع اليد عن الصوم بعد الزوال، ما مرّ في محلّه فى الواجبات الموسّعة من الصيام.

و حيثما جاز رفع اليد عن الصوم، فَرَفَعها، انقطع الاعتكاف.

و قد يجوز رفع اليد عن الاعتكاف دون الصوم، بل قد يجوز له التفكيك فيصوم ولكن يترك الاعتكاف، و قد تبيّن موارده.

و لو عيّن الصوم في نذر الاعتكاف بإتيانه في وقت لا يجب فيه من غير جهة النذر والاعتكاف، لم يجز ما يأتي به وفاء عن نذر آخر أو إجارة سابقة أو لاحقة.

لو نذر اعتكاف اقل من ثلاثة ايام

5 . لو نذر اعتكاف أقلّ من ثلاثة أيام و لم يقصد الاعتكاف اللّغوي، بل المعهود عند المتشرّعة، فإن قيّده بالأقلّيّة، بطل النذر؛ و إن لم يقيّده و لو قصداً، بل قصد الاعتكاف المشروع و إن كان يعتقد حينئذٍ أنّ الاعتكاف في الأقل مشروع، فانّه يصحّ النذر و يجب التكميل إلى ثلاثة.

6 . لو نذر اعتكاف ثلاثة معيّنة فاتّفق كون بعض الثلاثة عيداً، بطل نذره.

لو علَّق الاعتكاف على شى

7 . لو نذر الاعتكاف في يوم قدوم «زيد» فإن علم اليوم، صحّ و وجب من طلوع فجره؛ و ان لم يعلم إلاّ بعد الفجر فأمكن صومه، فإن علم تحقَّقه مقارناً للفجر أو بعده أو قبله، صام ذلك اليوم معتكفاً و ضمّ إليه ثلاثة إن لم يكن اعتكافه ثلاثة كاملة إلاّ مع البناء على جواز التلفيق في الثلاثة، فيتمّم الناقص من اليوم الثالث، لكنّه مرّ التأمّل فيه.

و ان لم يمكن الصوم في يوم القدوم واقعاً و لو لعدم العلم بالقدوم إلاّ بعد الافطار، بطل النذر؛ و يحتمل فيه وجوب القضاء لإمكان صوم اليوم واقعاً و لم يكن النذر مقيداً بالعلم، فمع عدم العلم الاّ بعد الافطار، كان عليه قضاء الواجب الواقعي.

والكلام في نذر ثانى اليوم، هو الكلام في نذر يوم القدوم، إلاّ أنّ اللازم في الصورة الواضحة، هو العلم قبل طلوع الفجر من اليوم الثاني بكونه ثاني يوم القدوم.

بطلان نذر الاعتكاف بدون الليلتين

8 . لو نذر اعتكاف ثلاثة بدون اللّيلتين المتوسطين، لم ينعقد.

9 . لو نذر اعتكاف ثلاثة، لم يجب إدخال الليلة الاُولى؛ و لو نذر اعتكاف شهر، دخلت الليلة الاُولى، لأنَّها من الشهر و إن لم تكن من اليوم و لا تابعة له.

النيابة عن المتعدّد من الأموات

10 . الظاهر عدم صحّة النيابة في الاعتكاف عن غير الواحد من الأموات و لا يقاس فيه على بعض موارد الثبوت كالحج المندوب.

لو نذر اعتكاف شهر

11 . لو نذر اعتكاف شهر، فالظاهر أنّ المحمول عليه عرفاً ما بين الهلالين أو مقداره في الغالب و يتخيّر في تعيين ذلك، و لا يلزم زيادة يوم في الآخر إذا كان الشهر ناقصاً و إن كانت أحوط، لما مرّ من المناقشة في دليلها في غير الثالث والسادس من الاعتكاف، إلاّ اذا عيّن أحد الأمرين في قصده؛ و مقداره الغالب ثلاثون يوماً.

حكم التتابع فيما اذا نذر اعتكاف شهر

12 . اذا نذر اعتكاف شهر، وجب التتابع إن عيّن ما بين الهلالين في قصده؛ والاّ تخيّر بينه و بين المقدار الذي يحصل بلا تتابع بأن يعتكف ثلاثة و ثلاثة و هكذا مع الفصل، بل له اختيار الأمر الذي باعتكاف يوم من المنذور يضمّ اليه يومان ندبيّان لو لا عروض الثالثة على أحدهما أحياناً؛ كما إذا قدّم يوم النذر، فيكون الفصل في هذه الصورة بين آحاد أيّام النذر؛ كما يجوز جعل يومين للنذر منضمّاً بيوم مندوب ذاتاً و يفصل بين كل إثنين من أيّام النذر.

أمّا لو نذر اعتكاف شهر معيَّن، فالظاهر تعيّن ما بين الهلالين و لزوم التتابع و لا شبهة في صحّته حتى في شهر رمضان الغير التام و مقتضاها عدم لزوم الثالث في الآخر إذا كان الشهر ناقصاً، لعدم جوازه في بعض ما يصحّ فيه النذر.

حكم الاخلال فيما اذا نذر الاعتكاف فى زمان

13 . إذا نذر اعتكاف زمان يلزم فيه التتابع ثم أخلّ بيوم منه عمداً أو لعذر، فقد امتنع وفاء النذر به و وجب الاستئناف مع رعاية التتابع. و أمّا صحّته فيما مضى، فتتوقّف على مضىّ الثلاثة قبل الإخلال و كون إتيانه بداعي الأمر الفعلي الذي كان يعتقده نذراً لا بنحو يتقيّد الداعي بالنذريّة.

و إن كان الزَّمان للنذر معيَّناً، فلا يلزم الاستيناف على الأظهر، لأنّ الأيّام متعيّنة للصوم و إنّما الفائت وصف يوجب فواته الكفارة والقضاء؛ و ليس كالكلىّ المقيّد غير منطبق على ما في الخارج.

و ما ذكرناه إنّما هو فيما إذا لم يؤدّ الإخلال بالتتابع إلى اعتكاف الأقلّ من ثلاثة متّصلة؛ والاّ فتعيّن الزمان للاعتكاف، لا ينافي اعتبار اتّصال الثلاثة؛ فمع الانفصال كذلك، يستأنف على الأظهر، أي يقضى بما يتابع فيه؛ و إن بقى شيء من المعيَّن، ابتدء القضاء منه على الأحوط و ينوى الوظيفة الفعليّة في ما أوقعه في المعيَّن والقضاء فيما خرج عنه.

و [ فى فرض النذر المعين إذا أخلّ فيه ] إنّما يقضى خصوص ما أخلّ به، والأحوط التتابع في القضاء مع التعدّد بل وصل القضاء بالمعيّن؛ و لا يفرض هنا بقاء شيء من المعيَّن حتّى يبتدء القضاء منه، إذ لا قضاء للمجموع، إلاّ أن يبنى على لزوم الاستيناف هنا ايضاً.

فإن كان الإخلال بغير عذر، كفّر للحنث؛ و ان كان بالإفطار في المعيّن، كفّر كفّارتين: إحداهما للصوم الواجب المعيّن والاُخرى للاعتكاف.

و إن كان الاخلال بالاعتكاف لعذر، لم يكفّر للاعتكاف، بل للصوم المعيّن إن أخلّ بسبب الإفطار. و فـي «العروة» هنـا في «مسألة 14» ما لا يخلو عن إشكال ظهر وجهه ممّا مرّ.

اذا نذر اعتكاف اربعة أو خمسة

14 . اذا نذر اعتكاف اربعة أيّام و لم يكن ما يدلّ على لزوم التتابع ثم أخلّ بالرابع، أتى الرابع بعد ضمّ يومين إليه، مخيّراً في جعل المنذور واحداً من الثلاثة، حيث لا معيّن زمانيّاً للمنذور و لا يكـون قضاءً، بـل إتياناً لنـفس المنذور؛ فالتعبير في «العروة» بالقضاء، منظور فيه.

و أمّا لو نذر خمسة فأخلّ بالسادس، يحتمل بطلان يومى النذر إذا تابع فيهما بعدم الثالث المتّصل، فيأتى بثلاثة واجبة بنيّة ما استقرّ في ذمّته بالنذر و غيره على الأحوط.

15 . اذا نذر اعتكاف خمسة أيام، زاد السادس، فرّق بين الثّلاثتين أو تابع.

قضاء الاعتكاف

16 . لو نذر زماناً معيّناً صالحاً للاعتكاف بالصوم، شهراً أو غيره، و تركه لعذر أو لغير عذر، وجب قضاءه، و لو نسى ذلك المعيَّن أو غمت الشهور أو جهلت الأيام، عمل بالظن؛ و مع الظن باحد المعيّنين مثلاً، عمل بالأقوى لو كان، والاّ تخيّر كما لو لم يظنّ بشيء.

حكم القضاء لو حدث مانع عن الاتمام

17 . لو اعتكف في مسجد ثمّ اتّفق مانع عن الإتمام فيه، بطل؛ فإن كان عروض المانع بعد اليومين، وجب القضاء في مسجد جامع آخر؛ كما أنّه لو كان واجباً بنذر و شبهه، وجب الاستئناف في المسجد الآخر، و ليس له البناء إلاّ مع كون ما أتى به صالحاً لأنّ يوفى به النذر جامعاً لشرائط الصحّة و لم يكن النذر متعلّقاً بوحدة المسجد فيما كان الاعتكاف منذوراً كليّاً أو معيّناً بحسب الزمان، و لا بالتتابع المختلّ بالخروج.

عدم جواز الاعتكاف فى المشكوك مسجديّته

18 . المشكوك مسجديّته أو جزئيّته للمسجد، لا يجوز الاعتكاف فيه و لا الخروج إليه بلا عذر فيما وجب اللبث في المسجد أو أراده مندوباً، بل لابدّ من إحراز المسجديّه بالعلم أو الشياع المفيد للعلم أو الاطمئنان أو البيّنة أو بحكم الحاكم الشرعي مع ترافع العدول حسبة، و في إخبار العدل الواحد تأمّل؛ و لا أثر لاعتقاد المسجديّه، فلوتبيّن عدمها في مكان اعتكف فيه، تبيّن البطلان.

اعتكاف المرأة

19 . المرأة كالرجل في محلّ الاعتكاف.

اذا شرط الرجوع فى الاعتكاف

20 . في شرط الرجوع في الاعتكاف متى شاء أو لعارض صور: من حيث وقوع الشرط في النذر والاعتكاف المنذور أو في أحدهما مع كون النذر معيّناً أو لا، مشروطاً بالتتابع أو لا.

فإن كان النذر معيّناً، كشهر فلان: فإمّا أن يكون الشرط في النذر والاعتكاف، فالظاهر نفوذ الشرط و أنّ لَه الرجوع المشروط، فيفسخ اعتكافه بالرجوع الخاص المشروط و ليس عليه شيء من القضاء والاستئناف، كان ذلك مع تعيّن النذر زماناً خاصّاً من الشهر مثلاً و عدمه، كان ذلك قبل مضي اليومين أو بعده.

و إن كان الشرط في الاعتكاف، دون النذر: فإن كان معيّناً، فلا أثر للشرط، إلاّ أن يكون تعيَّناً فيالجملة، كالإيقاع في الشهر الخاص دون مثل تمام الشهر الخاص، فيجري في هذا التعيّن ما يجري في المطلق في الجملة؛ و إن كان مطلقاً، فالاعتكاف قابل الانفساخ بالرجوع و لا بدّ من الإتيان بالمندوب في غير ما شرع فيه، فيأتى بالبقيّة إن اعتكف ثلاثة أو أكثر و لم يكن النذر مشروطاً بالتتابع و إلاّ استأنف، و إن بقي أقل من ثلاثة، كمّلها ثلاثة في صورة الإطلاق بالنسبة إلى شرط التتابع.

و منه يعلم حكم صورة التعيّن الإجمالي في الاشتراط في النذر والاعتكاف مع شرط التتابع و عدمه و مع بقاء ثلاثة أو الأقل في لزوم الاستئناف مع اشتراط التتابع و لو لم يمكن، فلا قضاء كالمعيّن تفصيلاً.

و إن كان الشرط المذكور في الاعتكاف دون النذر، فمع عدم بقاء وقت النذر، لا أثر للشرط؛ و مع بقائه، يؤثّر، فيأتي بالمنذور بعد ذلك و يكون الرجوع فيما أتى به كالرجوع في المندوب، أعني غير المنذور.

و مع اشتراط النذر، فإن كان الاعتكاف المأتيّ به بقصد الوفاء، فالظاهر رجوعه إلى الاشتراط في الاعتكاف، لأنّ ما يشرع فيه الرجوع إنّما هو الاعتكاف المشروط

فقد تعلّق النذر به و اعتكف وفاءً بنذره؛ و ان كان مع الغفلة عن النذر، فالظاهر عدم جواز الرجوع في الاعتكاف الغير المشروط و إن كان مسبوقاً بالنذر المشروط؛ و لا فرق بين المعيّن و غيره إلاّ أنّ غير المعيّن انّما لا يرجع فيه بعد اليومين، به خلاف المعيّن، لكنّه حيث كان غافلاً عن النذر والتعيّن والاشتراط، فهو معتقد لجواز الرجوع قبل مضيّ اليومين، فعليه القضاء والكفّارة بعد الإخلال جهلاً بالوظيفة بناءً على ثبوت الكفارة بذلك.

و هذا في الرجوع في نيّة الاعتكاف و متى شاء، و أمّا الرجوع لعذرٍ بنحو لا يفسد الاعتكاف، فلا فرق فيه بين الصور.

و قد ظهر عدم الفرق بين كون الرجوع المشترط لعارض و لو لم يكن عذراً أولا.

تعليق الاعتكاف

و لا يجوز التعليق في الاعتكاف إلاّ إذا علّقه على معلوم الحصول. و مثله الاعتكاف الجزمي في موارد الاشتباه برجاء الصحة.

والظاهر أنّ متعلّق الشرط، حقّ، لا حكم؛ و هو حقّ فسخ الاعتكاف الذي عقده بنيّته، فله إسقاطه كسائر الحقوق القابلة للاسقاط؛ فإذا أسقطه بعد الاشتراط، فليس له العمل بالشرط بعد ذلك.

العدول من نيّة الاعتكاف

21 . لا يجوز العدول في نيّة الاعتكاف من عنوان إلى غيره و من المعتكف عنه إلى غيره، كان عن نفسه أو إلى نفسه، أولا؛ و انّما يجوز رفع اليد عن الاعتكاف ما لم يجب البقاء، والشروع في غيره بمغايرة عنوانيّة أو فيمن يصدر عنه من النيابة والأصالة.

نعم، لا يضرّ الاشتباه بعد قصد الأمر الفعلي المتعلّق بالعنوان الواقعي مع اتحاده واقعاً، و كذا الاشتباه في وصف الوجوب والندب.

اشتراط الرجوع فى اعتكاف آخر

22 . الظاهر أنّه ليس للمعتكف أن يشترط الرجوع في اعتكاف آخر، أو في اعتكاف غيره، أو ولده كالأجنبي و إنّما يسوغ الرجوع بشرطه في شخص الاعتكاف المشروط في ضمنه.

حكم فساد الاعتكاف

23 . اذا أفسد الاعتكاف بأحد المفسدات: فإن كان واجباً معيّناً، وجب قضاؤه، و يصحّ ما تقدّم على الفاسد و ما تأخّر إن كان قابلاً للصحّة، و إلاّ قضاه أو كمّله، كما يكمل القضاء إن كان أقل من الثلاثة؛ و إن كان غير معيّن، يستأنف مع لزوم التّتابع أو عدم صحّة ما مضى، إلاّ مع الشرط المسوّغ للرجوع و لو بالإفساد أو بعده؛ و كذا الحال في المندوب بعد اليومين؛ و أمّا قبلهما، فمرجع استحباب القضاء، الى استحباب الاعتكاف في كلّ وقت.

و سيأتي ما يرجع إلى بعض اقسام النذر المعيّن، أعني المعيّن في الجملة في قبال التّام.

غصب المكان للاعتكاف

  1. إذا غصب مكاناً من المسجد سبق إليه غيره، بأن أزاله فكان فيه، فالأقوى بطلان اعتكافه مع انحصار المكان فيه؛ و كذا إذا كان على فراش مغصوب أو على آجر أو تراب مغصوبين، فإن أمكن إزالته بالخروج الغير المفسد، خرج لذلك؛ و لا يبطله لبس المغصوب؛ و أما مع عدم انحصار المكان في المغصوب، فيحتمل قويّاً صحّته بداعي الأمر بالطبيعة المقدورة فعلاً.

و لو كان الكون في المغصوب ناسياً أو غافلاً أو مع الإكراه أو مع الاضطرار إلى الكون في المسجد لا إلى الكون معتكفاً، لم يبطل اعتكافه في الأوّلين و في الأخيرين على تأمّل و لم يأثم في شيء منها.

و لو وجب الخروج لأداء دين و نحوه و لم يخرج، لم يبطل اعتكافه؛ و كذا لو خرج إلاّ مع الطول المخلّ بالاعتكاف.

لو حرم اللبث فى المسجد لعارض

  1. لو كانت حرمة اللبث في المسجد لعارض، كالخوف من السبع، فالظاهر بطلان الاعتكاف مع حرمة اللبث بلا بدل؛ و كذا لو كان جنباً، فلا يدخل المسجد إلاّ بعد الغسل و لا يتيمّم له على الأحوط، و لو وجب الاعتكاف و لم يتمكن من الغسل، يتيمّم له مع الضيق.

الاجناب فى المسجد

  1. لو أجنب في أثناء الاعتكاف، لزم الخروج مبادراً إلى الغسل، ثم الرجوع على التفصيل المقدم فيما بين زماني الخروج والاغتسال لو أمكن في المسجد. و لو اُجنب في الآخر، خرج للغسل و لم يبطل اعتكافه إلاّ بالطول المخلّ، و يختتم اعتكافه بتمام الثلاث و لو في الخارج، فلو زاد يسيراً، رجع واعتكف فيه إلى التمام.

الطلاق فى الاعتكاف

  1. اذا طلّقت المعتكفة في أثناء الاعتكاف بائناً، فليس لها الرجوع والخروج؛ و ان كان الطلاق رجعيّاً، خرجت للاعتداد في المنزل و بطل الاعتكاف إلاّ مع قصر الزمان في آخر الاعتكاف على ما مرّ في مثله؛ و بعد تمام العدة تستأنف الواجب من الاعتكاف مع الإطلاق أو تقضيه مع التعيّن؛ و لا فرق بين كون الطلاق قبل الثالث أو فيه، و لا بين كون الاعتكاف معيّناً بالنذر أو غيره أولا، فيجب الخروج و لو مع التعين على الظاهر، تقديماً لما فيه حق الناس على غيره، بل عملاً بالإجماع المحكىّ و بإطلاق الخاص.

الاعتكاف بغير الاذن ممّن يعتبر اذنِه

  1. إذا اعتكف العبد بدون إذن المولى، بطل اعتكافه، إلاّ إذا كان واجباً معيّناً بنذر صحيح.

و لو اعتق في الأثناء بعد أن شرع فيه بالإذن، فإن كان بعد اليومين أو بعد الخامس، وجب الإتمام؛ و إلاّ لم يجب إلاّ في الواجب المعيّن.

و إذا أذن المولى في المندوب و ما بحكمه، جاز له الرجوع في الإذن قبل مضيّ اليومين لا بعده، به خلاف المعيّن الواجب بالنّذر الصحيح.

الفصل الثاني : احكام الاعتكاف

حرمة الجماع

يحرم على المعتكف في الواجب، مباشرة النساء بالجماع في أحد الفرجين و باللمس والتقبيل بشهوة على الأحوط في الأخيرين.

و أمّا الاعتكاف الغير الواجب، فالأحوط التحرز عمّا ذكر فيه أيضاً، الاّ مع رفع اليد عن الاعتكاف بفسخه و لو فعلاً في خصوص الجائز من ذلك. و كالأخيرين الاستمناء و لو بالحلال على الاحوط.

والحرمة في الجماع على المعتكف، تكليفيّة و وضعيّة، فيفسد الاعتكاف و لو كان ذلك في الليل، و يجب القضاء في الواجب المعيّن والاستئناف في الواجب الغير المعيّن، إلاّ مع عدم شرطيّة التتابع، فيأتي بما أخلّ فيه بخصوصه إن كان ذلك بعد الثلاثة على وجه يصحّ ما تقدّم و يمكن أن يصحّ ما تأخّر. و سيأتي بيان حكم الجماع في الاعتكاف.

بعض ما يحرم على المعتكف

و يحرم على المعتكف شمّ الطيب والتلذذ بالريحان (والظاهر من التقييد في النص بالتلذّذ اعتبار وجود الرائحة في الريحان)؛ والمماراةُ بالباطل والبيع والشراء ـ للنص والاتفاق المحكى فيهما، أعني المماراة والبيع والشراء ـ و يستثنى من الأخيرين ما يضطّر إليه لحاجته في زمان الاعتكاف. و لا يترك الاحتياط برعاية احتمال الصحّة

والبطلان بمحرّمات الاعتكاف غير الجماع فيتمّه بعد أحدها ثمّ يقضي أو يستأنف.

و لا فرق في التحريم، في الاعتكاف الواجب، بين الليل والنهار.

كفارة ابطال الصوم فيه

و يبطل الاعتكاف ما يبطل الصوم المعتبر فيه. و تجب الكفارة بالجماع في الاعتكاف الواجب المعيّن؛ والكفارة فيه كفارة الإفطار في رمضان، فهي مخيّرة.

والأحوط الاولى، الترتيب فيها ككفارة الظهار، بل المروي، ثبوت الكفارة في الجماع ليلاً و تعدّدها في الجماع نهاراً و أنّه لا تداخل هنا، والمورد في الرواية ل«عبد الأعلى» شهر رمضان، و موثّقة «سماعة» مطلقة، و كذا صحيح «زرارة»، لكن ثبوت كفارة الصيام في الاعتكاف في غير شهر رمضان و قضائه، منفيّ بالأصل؛ كما أنّ التعدد في شهر رمضان و قضائه ثابت هنا.

و هل تجب الكفارة بسائر مفسدات الصوم التي لا كفارة من جهة الصوم فيها؟ نسب إلى «الشيخ» و اكثر المتأخرين، العدم الموافق للأصل؛ و كذا التردد في وجوب الكفارة بما يفسد الاعتكاف الواجب المعيّن ليلاً غير الجماع المنصوص وجوبها به، فيجري الأصل في غير الثابت.

كما تجب الكفارة بالنذر المعيّن أو المعين بغير النذر كمضيّ يومين بما ذكر من الجماع، و تتعدّد بتعدّد الأسباب كالوقوع في نهار رمضان أو قضاءه المعين بالزوال أو ضيق الوقت على حسب ما بيّن في الصوم فقد تجتمع كفّارة الافطار في صوم رمضان أو قضائه بعد الزوال مع كفّارة إبطال الاعتكاف، و كفّارة خلف النذر مع كفّارة إكراه إمرأته المعتكفة حيث يتحمل عنها كفّارة الصيام في رمضان و كفّارة الاعتكاف والنذر لو قيل بالتحمّل في الأخيرين و نحوهما.

قال في «الشرائع»: «فمتى أفطر في اليوم الأوّل أو الثاني، لم تجب به كفّارة إلاّ أن يكون واجباً معيّناً، و إن أفطر في الثالث، وجبت الكفارة. و منهم من خصّ الكفّارة بالجماع حسب واقتصر في غيره من المفطرات، على القضاء و هو الأشبه، و تجب

كفّارة واحدة إن جامع ليلاً و كذا إن جامع نهاراً في غير رمضان، و لو كان فيه أو في قضائه لزمه كفّارتان» انتهى. و فيما اختاره موافقة لما ذكرناه.

لو مات فى اثناء الاعتكاف و حكم القضاء عنه

مسألة: لو مات المعتكف في أثناء الاعتكاف الواجب، فهل يقضي عنه وليّه أو يستأجر من يقضيه عنه؟ الظاهر وجوب قضاء الصوم لو وجب لنفسه بغير الاعتكاف بشروط وجوب قضاء الصوم على الولي، و كذا الظاهر وجوب قضاء الاعتكاف لو نذر الصوم معتكفاً فمات و تمكَّن من القضاء فلم يفعل حتّى مات، فإنّه يجب قضاء الصوم والاعتكاف مقدّمة له.

و أمّا لو وجب الاعتكاف بعكس وجوب الاعتكاف للصوم فيما ذكرنا، ففي وجوب القضاء للاعتكاف على وليّه، اشكال. و حيث يقضى الصوم أو الاعتكاف أيضاً وجوباً، فالظاهر عدم الفوريّة.

مسألة: المحرّم والمُفسد في الاعتكاف كالصوم لا فرق فيه بين الرجل والمرأة.

المحرّم والمفسد يضرّان فى صورة العمد

مسألة: ما يحرم على المعتكف و ما يفسد اعتكافه، انّما يحرم أو يفسد مع العمد، لا مع السهو والغفلة؛ و في الإكراه والاضطرار تامّل، و يحتمل جريان ما ذكر في الصّوم هنا.

الارتداد فى اثنائه

مسألة: الارتداد في اثناء الاعتكاف، يبطله و يوجب الخروج من المسجد، واللبث معتبر في الاعتكاف مع الاسلام.

البيع فى زمان الاعتكاف

مسألة: البيع في الاعتكاف كالبيع في وقت النداء في الحرمة والصحّة، و يزيد عليه الإبطال الذي يراعى احتماله على ما مرّ.

كفارة الجماع فيه

مسألة: مرّ أنّ الجماع مع المعتكفة الناذرة في شهر رمضان فيما وجب النذر مع الإكراه في المعيّن يوجب ثلاث كفارات عن نفسه للنذر والاعتكاف والصوم، و كفارة لصوم رمضان يتحمّلها عن المكرهة. و في تحمّله كفارة النذر و كفارة الاعتكاف عن المكرهة، اشكال. و على المطاوعة، ما يجب على الرجل.

فائدة فى استحباب الاعتكاف و تبدلّه واجباً

يمكن أن يقال: إنّ مرجع استحباب الاعتكاف قبل مضى اليومين و وجوبه بعده، إلى أنّ الأمر الشخصي الواحد يتشخّص بالاستحباب قبل الشروع و بعده إلى مضيّ اليومين و يتبدّل إلى الوجوب بعده، يعني أنّ ملاك الاستحباب والوجوب، يؤثِّر مجموعهما في وجوب متأكّد بعد المضيّ؛ فاللازم هو قصد هذا الأمر الشخصي حين الشروع، الذي من شأنه البقاء في المتأكِّد بعد اليومين، و لا يلزم التجديد بعد اليومين، لأنّ محلّ النيّة، حين العمل، فلا نيّة لكلّ جزء إلاّ عدم العدول؛ و إن كان قصد خلاف الوجوب بعد اليومين مضرّاً، لرجوعه إلى عدم قصد الأمر الشخصي بقاءً، فهو في حكم العدول؛ و لا يلزم قصد الوجوب والندب مطلقاً و إن أضرّ قصد الخلاف إذا أضرّ بقصد الشخص؛ فيكون حكم ما نحن فيه، حكم النافلة الواجبة بالشروع، على القول به حيث لا يلزم التجديد فيه على هذا القول؛ و على القول بعدم الوجوب بالشروع يخصّص ذلك في الاعتكاف المندوب في خصوص ما بعد اليومين، بالدليل.

فائدة اللبث عبادة

ظاهر تعريف الاعتكاف باللبث للعبادة دون اللبث عبادة، لزوم قصد عبادة اُخرى بسبب اللبث، لا بمجرّد نفس اللبث، و هو أيضاً مقتضى المستفاد من عمل النّبي ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ فإنّه كان يتعبّد بما يتوقّف على اللبث، فهذه هى السنّة المتلقّاة من عمله، فلا محل للأخذ بالإطلاق لو كان، مع ضعفه جدّاً، نعم، لا يلزم الاستيعاب الممكن كما هو ظاهر.

 

المصدر: أحكام الاعتكاف من جامع المسائل لآية الله بهجت “ره”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky