مشروع "البيت الواحد"، مسجد وكنيس وكنيسة تحت سقف واحد في ألمانيا!
مشروع "البيت الواحد"، مسجد وكنيس وكنيسة تحت سقف واحد في ألمانيا!

مشروع البيت الواحد “مسجد وكنيس وكنيسة تحت سقف واحد” في ألمانيا!

الاجتهاد: من المقرر في برلين بناء أول بيت للعبادة من خلال مشروع البيت الواحد الذي يجمع بين مسجد إسلامي وكنيسة مسيحية وكنيس يهودي، لممارسة المسلمون والمسيحيون واليهود عبادتهم تحت سقف واحد.

تقرير عن مشروع البيت الواحد

قد يتصوَّر المرء أنَّ هذا المكان المخصص للهدوء والاعتكاف والصلاة سيبدو مختلفًا. ولكن مع ذلك فإنَّ كلاً من القسيس غريغور هوبيرغ والإمام قادر سنجي والحاخام أندرياس ناخاما لا يزالون بعيدين شيئا ما عن تشييد هذا المكان، إذ إنَّهم في حاجة على وجه الدقة من أجل ذلك لخمسة أعوام ولأكثر من أربعين مليون يورو.

ولكن الإمام قادر سنجي يعتقد أنَّ هذه الأرقام ليست ذات أهمية. وبالنسبة لهذا الإمام فإنَّ مشروع البيت الواحد موجود بالفعل، حتى وإن لم يتم بناؤه بعد. وحول ذلك يقول متفائلاً: “هذه الرحلة هي غايتنا”. وفي هذا الموقع الذي من المفترض أن يتم فيه تشييد هذا المعبد المخصَّص لليهود والمسيحيين والمسلمين على حد سواء، يلقي خطبته بجانب زميليه الحاخام والقسيس من على منصة صغيرة وبسيطة.

مشروع "البيت الواحد"

يعتبر “البيت الواحد” مشروعًا طموحًا وجريئًا للغاية. وهو ليس فقط أوَّل مبنى ديني في ألمانيا يجمع تحت سقف واحد كنيسة ومسجدًا وكنيسًا، بل إنه أيضًا مكان له جاذبية رمزية. وذلك لأنَّ أرض ورشة البناء المهجورة هذه لا تكشف عن أنَّ ساحة بطرس، التي لم يعد اليوم يعرفها أي مواطن برليني تقريبًا، هي في الواقع قلب العاصمة الألمانية التاريخي، حيث كانت تمثِّل المركز السابق للمدينة المزدوجة (التاريخية) برلين-كولونيا (التي كانت قائمة على نهر شبريه البرليني).

ففي هذه الساحة كانت تنتصب بشموخ وفخر كنيسة القديس بطرس، التي أصيبت في الحرب العالمية الثانية بأضرار كبيرة وقد هدمتها حكومة ألمانيا الشرقية في عام 1964، وحرمت بذلك ساحة بطرس من آخر معالمها التاريخية وجعلتها تنتقل إلى سبات عديم الأهمية استغرق عشرات العقود. وبالتالي فإنَّ “البيت الواحد” المتعدِّد الأديان في ساحة بطرس سوف يكون بمثابة معلم تاريخي للمؤمنين في العاصمة الألمانية الموحَّدة والعلمانية إلى حدّ بعيد، في برلين ذات التنوُّع الاجتماعي.

تكاليف البناء من الأهالي

المبادرون ببناء هذا المشروع فخورون بأنَّ مشروعهم هذا ليس مشروعًا لغايات السياسيين، بل هو مشروع جماهيري. فمن المفترض أن يتم جمع تكاليف بنائه من الأهالي. وهذه التكاليف كبيرة: يبلغ حجمها ثلاثة وأربعين مليون وخمسمائة ألف يورو. فقد بدأت منذ العام الماضي 2014 حملة لجمع التبرعات.

ولكن مع ذلك لا يبدو الوضع جيدًا: فحتى الآن تم جمع تبرعات حجمها مليون يورو فقط، منها أكثر من ثمانمائة ألف يورو سوف يقدِّمها في الواقع البرلمان الاتِّحادي الألماني عندما يتم وضع حجر الأساس.

وحينما يتم جمع مبلغ عشرة ملايين يورو، فعندئذ ستبدأ أعمال البناء. ولكن ذلك لا يزال ذلك بعيد المنال. وعلى الرغم من ذلك فإنَّ الإمام قادر سنجي متفائل، ويقول: “لدينا في برلين عوامل تزيد من عزمنا”. ويضيف أنَّ التنوُّع في هذه المدينة وكذلك الكثير من الناس المستعدِّين للحوار يمثِّلون الشروط المثالية لتشييد “البيت الواحد”. وإذا سارت خطة جمع التبرعات كالمرسوم لها فستبدأ أعمال بناء المجمع في 2016.

افتتاح “بيت العائلة الإبراهيمية” بغياب شيخ الأزهر.. قراءة في الأهداف والتداعيات

بيت لا يحكمه سيد واحد

تعتبر الكنيسة الإنجيلية من الشركاء في الجمعية التأسيسية لهذا المشروع. وكذلك يعتبر اليهود ممثَّلين من خلال الجالية اليهودية الليبرالية في برلين، أمَّا المسلمون فيمثِّلهم ممثِّل غير عادي نوعًا ما: الإمام قادر سنجي لا يمثِّل جمعية مسجد أو أحد الجمعيات الإسلامية الرئيسية، بل هو باحث مختص في علوم الدين وطالب دكتوراه في جامعة بوتسدام الألمانية وكذلك عضو في الجمعية البرلينية الصغيرة: منتدى الحوار بين الثقافات.

وجميع هذه الأسماء ليست أسماءً كبيرة. بيد أنَّ هذا المشروع يحظى بدعم كبير لدى الجماعات الدينية الثلاث، مثلما يؤكِّد الإمام قادر سنجي: “لم أسمع أي انتقاد مؤسَّساتي يذكر من جانب المسلمين، سوى بعض الأصوات الفردية الناقدة”. وحتى الآن لا يعرف إن كانت الجمعيات الإسلامية الكبيرة سوف تشارك في هذا المشروع وكيف ستكون طبيعة مشاركتها.

ومع رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أيمن مزيك يُجري قادر سنجي محادثات، مثلما يقول: “أيمن مزيك يؤيِّد هذا المشروع ويعتقد أنَّه مشروع جيد”. غير أنَّه – بحسب تعبيره – لا يستطيع القول بعد، كيف سوف يكون شكل مشاركة المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا فيه.

ويضيف سنجي: “في التاريخ الإسلامي كانت توجد الكثير من الأمثلة، حيث كان أبناء الديانات المختلفة يُقيمون صلواتهم تحت سقف واحد. ولكن بحسب روح عصرنا الحالي لا يوجد سيِّد واحد يفترد بحكم البيت، بل إنَّ الجميع يشاركون سوية في تشكيله”.ولكن هذا لا يشمل جميع التيَّارات الدينية.

هندسة المشروع المعمارية

ينعكس مفهوم المساواة في هندسة المشروع المعمارية. وعلى أحد الرفوف داخل بيت القسيس لا تزال توجد النماذج المقدَّمة من قبل المهندسين المعماريين المشاركين في مسابقة بناء هذا المشروع. وجميع هذه النماذج تقريبًا راعت إخراج الرقم ثلاثة بشكل معماري. حيث توجد ثلاثة مجمعات مباني وثلاثة أبراج وكذلك ثلاثة أركان.

وفي الواقع يتساوى ارتفاع الكنيسة والكنيس والمسجد. وبحسب هذه النماذج المعمارية يتعيَّن ألا يلعب أي من الأديان الثلاثة دورًا مميَّزًا عن الآخر.

“سوف يكون لدينا مدخل واحد مشترك فقط”، مثلما تقول السيِّدة أولا ألبرشت من الأخوية الرهبانية المسؤولة عن العلاقات العامة في البيت الواحد. وتضيف: “لا يمكن الدخول إلى الكنيسة أو الكنيس أو المسجد إلاَّ من خلال صالة اجتماعات مشتركة”. ومن داخل هذه الصالة توجد ثلاثة أبواب تؤدِّي إلى كلِّ واحدة من دور العبادة.

مخطط المشروع

اختير تصميم شركة كون مالفيتسي المعمارية التي تتخذ من برلين مقرا لها للبيت الواحد في 2012، وعلى عكس أماكن العبادة التقليدية لا يظهر التصميم الفائز مئذنة، بل قبة مخفاة جزئيا وراء هيكل مربع.

6777-2
وبما أنَّ القسم الذي من المفترض أن يضم المسجد ضمن التصميم الفائز لهذا المبنى هو أعلى من الكنيس والكنيسة، فهذا يُعبِّر – بالنظر إلى تاريخ الجدالات والخلافات المستمرِّة حول ارتفاع أبراج الكنائس ومآذن المساجد – عن عدم تشدُّد أعضاء مشروع “البيت الواحد” في إنجازهم مشروعهم.

وسيكون للمجمع مدخلا واحدا وثلاث غرف للصلاة: كنيس ومسجد وكنيسة، كما ستكون هناك غرفة اجتماعات مشتركة هي الأكبر في وسط المجمع.

ردود الأفعال

من جانبه، قال الإمام قادر سانجي، الزعيم المسلم للمشروع إنه تلقى بعض الانتقادات من مسلمين في برلين وحول العالم، إلا أن الغالبية العظمى من ردود الأفعال تجاه المشروع كانت إيجابية.

وقال الزعيم اليهودي بالبيت الواحد الحاخام توفيا بن تشورين، إن معظم من تحدث إليهم عن هذا المشروع أيدوه، إلا أن أقلية صغيرة عارضته، خاصة فيما يتعلق بفكرة التعاون مع المسلمين.

وسيتم توفير تكاليف البناء التي تُقدر بحوالي 44 مليون يورو من خلال التبرعات. ومن المتوقع أن يكون بيت العبادة جاهزاً في عام 2018، إذا تم الحصول على تبرعات كافية،.
ومن الجدير بالذكر أنه لا يوجد حتى الآن مكان تتواجد تحت سقفه كنيسة وكنيس ومسجد.

المصدر: وكالات الأنباء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky