الاجتهاد: تُعَدُّ المساجِدُ من أهمِّ المباني التي تمتازُ بها العمارة الإسلامية وكان تخطيطُ المساجدِ الأُولى بسيطًا؛ يتكوَّنُ من مساحةٍ مُربَّعةٍ مُحاطةٍ بِسُورٍ، وبها ظلَّةُ سقفِها يتركَّزُ على (عُمُدٍ مصنوعة، أو مأخوذةٍ من جُذُوعِ النخل أو من عُمُدٍ منقولةٍ) من عمائر قديمة.
إنَّ مِن أهمِّ المجالاتِ التي تَفوّقَ فيها المسلِمونَ، وقَد شيّدَ المعماريونَ المسلِمونَ أنواعًا عديدةً من العمائِر، وخلّفُوا لنا كثيرًا من الأبنيةِ (الدينية والعلمية) كـ(المساجِد والمدارس والكتاتيب والزوايا)، ومِن العمائرِ المدنيةِ كـ(القُصور والبيوت والخانات والوكالات والحمامات والبيمارستانات -المستشفيات- والأسبلة والقناطر)، ومِن العمائرِ العسكرية كـ(القِلاع والحصون والأسوار والأبواب والأربطة)، وكان لكلِّ نوعٍ منها تصميمُه الخاصُّ به والملائِم لوظيفته، كما اختلفَ طِرازُ كُلِّ نوعٍ وفقًا لإقليمِ إنشائه.
وقد استمدَّتِ الأصولُ المعمارية الإسلامية مقوِّماتِها الأولى من العقيدةِ الإسلامية إلى جانبِ إفادتها من التقاليدِ الفنية القديمة التي كانت سائدةً حِينذاك في الفنونِ (العربيةِ والساسانية والهيلينستية والبيزنطية)؛ غيرَ أنها ظلَّت تحتفِظُ بـ(الرُّوحِ العربية الإسلامية)، وابتكرتْ لِنفْسِها عناصرَ معماريةً وفنية خاصَّةً لها كـ(المآذن والعُقود الحذوية والعقود المفصَّصة والمقَرنصات) بأنواعِها، وغيرِها الكثير.
أنواعِ العمائر الإسلامية:
المساجِد
وتُعَدُّ المساجِدُ من أهمِّ المباني التي تمتازُ بها العمارة الإسلامية وكان تخطيطُ المساجدِ الأُولى بسيطًا؛ يتكوَّنُ من مساحةٍ مُربَّعةٍ مُحاطةٍ بِسُورٍ، وبها ظلَّةُ سقفِها يتركَّزُ على (عُمُدٍ مصنوعة، أو مأخوذةٍ من جُذُوعِ النخل أو من عُمُدٍ منقولةٍ) من عمائر قديمة، ومِن أهمِّ أمثلةِ تلك المساجدِ “مَسجِدُ الرسولِ في المدينة المنورة، ومسجد الكُوفة (14هـ، 635م) ومسجد البصرة (17هـ، 638م) ومسجد عمرو بن العاص في الفسطاط (20هـ، 640م) ومسجد القيروان في تونس (50هـ، 670م)”. ولم تلبَثِ المساجِدُ أن أصبحَ لها (نظامٌ مِعماريٌ واضحٌ) يتكوَّن من صحنٍ أوسطَ تُحيطُ به أربعُ ظلّاتٍ (أروقة) أكبرُها ظُلَّةُ القِبلَةِ التي تشتمِلُ على (المحرابِ والمنبر)، ومن أمثلة هذا النوع (مسجِدُ الرسولِ في العصر الأموي، ومسجدِ المنصور في بغداد (154هـ، 770م)، والمساجِد العبَّاسية) في العِراق ومِصرَ.
المدارس
ظهرتِ المدارس في أواخرِ القَرن الخامِس الهجري، الحادي عَشرَ الميلادي، على يدِ السلاجِقَةِ، وكان الغرضُ منها (نَشر المذاهبِ السُنِّية)، والتخطيطُ المعماري لتلكَ المدارسِ يتكوَّنُ من (صَحنٍ وأربعةِ إيواناتٍ) أكبرُها (إيوانُ القِبْلَة)، وكان كلُّ إيوانٍ يُخصَّصُ لِـ(تَدريسِ مذهبٍ من المذاهَب) أو أكثر، وغالبًا ما يُلْحَقُ بتلك المدارسِ (مَبْنىً لِسكَنِ الطلاب وسبيلٌ لِلشُّربِ وحوضٌ لِسقاية الدوابِّ ومِيضأةٌ-مَوضعٍ للوضوءِ-) وغيرُها من الملاحِق، ومِن أشهَرِ المدارس الإسلامية: *المدارسُ النظامية في نيسابور والعراق، والمدرسةُ المستنصرية فِي بغدادَ، والمدرسةُ الصالحية في مصر، ومدرسةُ قايتباي في الحجاز، والمدرسةُ البوعنانية في المغرب، والمدرسةُ الأشرفية في اليمن وغيرُها الكثير.
الأربِطَة:
مِن المنشآتِ التي كانت تجمَعُ بين الوظيفةِ (الدينية والعسكرية)؛ حيث كان يُقيمُ فيها المحارِبونَ استِعدادًا للجهاد أو للتعبُّدِ، ومِن أشهرِ أمثلتِها:رباطُ المنستير في تُونُسَ الذي شيَّدَه هرثمة في سنة 180هـ، 796م، ورباطُ سُوسُة في تونس الذي شيَّدَه زيادةُ الله بن إبراهيم بن الأغلب سنة 206هـ، ورباطُ الأغوات في المدينةِ المنوَّرة الذي شُيِّدَ في عام 706هـ، 1306مالأسبلةُ: من المنشآتِ المائية التي وصلتْ منها نماذجُ جميلةٌ وطُرُزٌ عديدة وبخاصَّة من العصرَينِ (المملوكيِّ والعثمانيّ)، وكانت هذه الأسبلةُ تُستخدَمُ لِسقايةِ المارَّةِ في الطُّرُقِ العامَّةِ، ومِن أقدَمِ هذه الأسبلَةِ في العالَم الإسلاميِّ: سبيلُ الناصِر محمّد بن قلاوون بالقاهرة، وكان يُلحَقُ بأعلى السبيلِ مكتبٌ لِتعليمِ الأيتام.
البيمارستانات (المستشفيات):
اعتنى الإسلامُ بِصِحَّةِ الأبدانِ، وحَثَّ على الاستشفاءِ ومُعالَجةِ الأمراض. وكان مِن أثرِ ذلك اهتمامُ السلاطينِ ببناءِ البيمارستاناتِ، وتوفيرِ ما يُحتاجُ إليه من (أطبَّاء
وأدوية وأدوات طِبِّيَّة)، ومِن أشهَرِ البيمارستاناتِ في العالم الإسلامي (بيمارستان السلطان قلاوون) بالقاهرة، و(بيمارستان النُّوري) في دِمشقَ، و(البيمارستان الموحديّ) بمراكش.
د. محمد حسان محمد فائز السراج –
دكتوراه في تاريخ العمارة الإسلامية – جامعة أريس
المصدر: مجلة الاقتصاد الاسلامي العالمية