تراثنا القديم لم يُدرس حق دراسته .. فمثلا ً العلامة في القرن الثامن نظر الى تراث السُنّة واخذ البعض من كلماتهم ..فنحن الان لا نستطيع ان نضع كل كلامنا على التعبّد ونواجه الغرب فهذا غير ممكن فهذا لا يُقبل من عندنا .. فنحن نحاول بروح عصرية وشواهد عقلائية وتاريخية وشواهد موجودة في كتب السُنة فنجمع تلك الشواهد ونذكر بأن الشواهد هكذا تؤيد لكن في تراث اصحابنا هكذا يعني نجعل حداً فاصلا ً ما بين التعقّل والتعبد.
الاجتهاد: عندما نريد ان ندرس خبراً، اصولاً يمكن ان يدرس الخبر من زوايا ثلاث :
الزاوية الاولى: زاوية عقلائية وعقلية او عصرية، مثلاً الروايات او حتى النصوص القرآنية نطرحها عقلياً ونؤمن بها عقلياً.
والزاویة الثانية: ان نطرح الفكرة بزوايا دينية يعني الشواهد القرآنية وسُنة رسول الله| واهل السُنة واحاديثهم يعني الروايات الموجودة في العالم الاسلامي ككل من السُنة وحتى من الخوارج.
الزاویة الثالثة: متن الرواية.
بالنسبة للمحور الاول أي الزاوية او الطريقة الاولى اذا اردنا ان نستشهد بها انما نستشهد بطريقة عقلائية عصرية جامعية موجودة في حقوق البشر وهذه الفكرة اجمالا ً لا بأس بها ولكن في زماننا هذا ادت هذه الفكرة الى ان الكثير من الشباب يطرحون الافكار العقلائية حتى بالقياس الى الآيات في القرآن الكريم. وهذه العقلية مشكلتها انها تقف عند الآيات فضلا ً عن الروايات. وهذه الفكرة اجمالا ً لا بأس بها ولكن هناك مشكلة انه هذه المشكلة اذا راجت تؤدي الى مسألة التأمل في آيات القرآن الكريم وليس فقط في الروايات.
وفي الدارسة العصرية نحن نواجه مجتمعاً انسانياً محدوداً وله فكر خاص، فمثلا ً في زماننا هذا الغرب يؤمن بحقوق الانسان من زاوية خاصة وهذه مشكلة اذ لابد ان تشرح هذه النكتة،
هذه النقاط التي ذكرناها هي في ثلاثة محاور:
المحور الاول: مسألة الحجية ان هذا حجة او ليس بحجة في هذه المسألة ندرس ثلاثة محاور ايضا: الطريقة الاولى العقلائية في الحجية وهذه الطريقة التي سلكها السيد الخوئي وهذا المسلك يبتني على ان هذا ثقة او ليس بثقة.
الطريقة الثانية: الطريقة الاسلامية او الدينية: والتي اعتمد عليها السُنة استناداً الى الآية المباركة: (يا ايها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) وهم يعتمدون على ان يكون الراوي عدلا ً وهم يعتمدون على العدالة لا على الوثاقة.
الطريقة الثالثة: وهو الرأي عند القميين او الاخباريين وهو الاعتماد على الحجية على مصادر الاصحاب وكتب الاصحاب وهذا نسميه مذهبيا، اذن هناك عقلائي وديني ومذهبي.
فالمسلك عند القميين اعتمادهم على الشواهد التي تلجأ الى المذهب وليس على الشواهد العقلائية او الدينية وانما التي تلجأ للنصوص، فلذا تراث الشيخ الصدوق يمتاز بهذه النقطة.
المحور الثاني:
بالنسبة الى الدلالة يعني مضمون الكلام وفيه ثلاثة فروع :
الاول: ان يكون عقلائياً او عصرياً.
الثاني: ان يكون المضمون مطابقاً مع الشواهد من الكتاب والسُنّة المعروفة بين عامة المسلمين .
الثالث: شواهد تلقى بالقبول عند الطائفة وهذا مثل مذهب السيد المرتضى الذي كان في بغداد، واصولاً البغداديون يسلكون هذا المسلك ولا يذهبون الى الحجية وانما يأتون الى المضمون.
المحور الثالث: متن الرواية، هناك رأي بالنسبة الى المتن نرجع الى الشواهد اللغوية التاريخية العقلائية مثلا ً هذا النص المعين هناك شواهد تاريخية تؤيد بأن هذا النص كان هكذا وكان العرب تقرؤه هكذا،
فمثلا ً عندنا رواية معروفة (لا يُقتل دم امرئ مسلم ) وهي في كتب الشيعة اما في كتب السُنة موجود (لا يُطّلُ دم امرئ مسلم) وهذا اكثر عربية من (لا يقتل) ،. يعني عندما ندرس الرسالة والرواية حتى في مفرداتها ، فإذن كل مفردة من مفردات الرواية يجب ان تدرس من جهة القضايا التاريخية والشواهد التاريخية الموجودة.
هذه الامور ينبغي ان تُطرح علمياً والان اجمالا ً تعلمون انه في الغرب كثير منهم صار لهم تخصص في الشيعة مثل (مايكل كوك) حيث انه هو مسيحي،
ضعوا في بالكم انه اذا لا يوجد نقد علمي فإن العلم لا ينتشر، نحن لابد ان نعتمد على جانب التعقل اعتماداً قوياً جداً ولابدّ في البحث نبیّن انه هناك جانب تعقّل وجانب تعبد ونحن نسميه الواقعية والحجّية ،وفي الحوزة يعتمدون اكثر على الحجيّة، ومصادرنا في الواقعية قليلة.
الغرب يعتمدون على قوة المصدر، رأينا دراسات غربية اعتمدوا على مصادر قالوا في النجاشي موجود والان وصلنا الى مرحلة نتجاوز النجاشي فالان مثلا ً يعتبرون الثقة هو النجاشي ونحن الان نتجاوز النجاشي في البعض من هذه الموارد ونحن نجعل المخاطب الانسان المثقّف لعله فوق مستوى الاستاذ الجامعي ونحن نبيّن الشواهد الواقعية بهذا المقدار.
تراثنا القديم لم يُدرس حق دراسته .. فمثلا ً العلامة في القرن الثامن نظر الى تراث السُنّة واخذ البعض من كلماتهم ..فنحن الان لا نستطيع ان نضع كل كلامنا على التعبّد ونواجه الغرب فهذا غير ممكن فهذا لا يُقبل من عندنا .. فنحن نحاول بروح عصرية وشواهد عقلائية وتاريخية وشواهد موجودة في كتب السُنة فنجمع تلك الشواهد ونذكر بأن الشواهد هكذا تؤيد لكن في تراث اصحابنا هكذا يعني نجعل حداً فاصلا ً ما بين التعقّل والتعبد
نحن الشيء الذي نؤكد عليه دائماً هو اعطاء الصفة العلمية للحظائر الدينية فانتم تعلمون ان تفكير الغرب ان البشر كان جاهلا ً ومن ثم اتجه للسحر والكهنة ثم صار الدين يعني يعتبرون الدين امتدادا للسحر..السحر والكهنة خصلته الذاتية عبارة عن انكشافات شخصية للشخص وهي خصائص قائمة بالشخص ولذا يحاولون ان يجعلوا الدين من هذا القبيل يعني الدين خصائص قائمة بشخص معين..
نحن هدفنا ان نجعل الدين علما يعني ليس خصائص قائمة بشخص واهم تعريف للعلم هو ان يكون صالحاً للآخرين ..
نحن الان نريد ان نجعل الحقائق الدينية وخصوصاً الشيعية علمية وصالحة للانتقال للآخرين وصالحة للمستوى العلمي والأكاديمي وان نبيّن بأن هناك جملة من الامور تبقى داخل الفكر الشيعي وجملة من الامور صالحة للانتظار .. اذ لابد ان نعطي كل شيء حقّه ثم نقول هذا حد علمنا..
امتياز القميين اصولا ً ميلّهم الى الخصائص الطائفية ..اما البغداديون فيميلون الى الجهات العقلية وقسم منهم الى شواهد الكتاب والسُنّة الموجودة بين عامة المسلمين وقسم منهم شواهد خاصة بالطائفة..في قم جانب التعبّد اكثر..
* اذكر مثالا على كيفية دراسة التراث الإسلامي.
مثلا ً كيف ندرس هذا الحديث (رسالة الحقوق)؟ وهذا الحديث لماذا اشتهر في قم ولم يشتهر في الكوفة؟.. لاحظوا ان الانتاج في الحديث الشيعي هو في الكوفة من حدود سنة (70-150) للهجرة يعني كل تراث الشيعة اُلّف في الكوفة في هذه الفترة .. وهناك تراث قليل في البصرة وتراث قليل في المدينة والا غير ذلك قليل جداً يعني حوالي 85% من التراث الشيعي في الكوفة.. مثلا ً رسالة الحقوق نفرض سنة 80هجرية حيث ان الشواهد الخارجية تشير الى ان الامام السجاد هو افضل من بدأ بصب نشر العلوم ومعارف اهل البيت
فمثلا ً نحن لدينا ابو حمزة الثمالي كوفي كيف اخذ تراث الامام السجادعلیه السلام ؟!
* هل جاء الى المدينة ؟
– انا قرأت قبل فترة ان الامام السجاد علیه السلام اقام في الكوفة سنتين وانا احتمل ان ابا حمزة الثمالي سمع هذه المناجاة المعروفة بدعاء ابي حمزة الثمالي سمعها من الامام السجاد علیه السلام في مسجد الكوفة لأن هذه المناجاة طويلة ولعله سمعها من الامام السجادعلیه السلام في عدة مجالس ثم حفظها حيث يتبين ان الامام السجادعلیه السلام كان يصلي في مسجد الكوفة في هاتين السنتين وكان ابو حمزة الثمالي في ريعان شبابه وانا أتصور ان الامام السجاد علیه السلام كان في الكوفة لأنه في أواخر الدعاء يقول : (اللهم ارزقني حج بيتك الحرام وزيارة قبر نبيك) فمن غير المعقول ان الإمام علیه السلام في المدينة ويقول (ارزقني قبر نبيك) فهذا المعقول ان يكون الكلام صادرا في الكوفة.
ولهذا قلت لكم بأن يُدرس الحديث من زوايا مختلفة ..وانا لا اعلم لماذا أغفلت مسألة بقاء الإمام السجادعلیه السلام في الكوفة وانا احتمل ان اكثر روايات أبي حمزة الثمالي عن الإمام السجادمن هذه الجهة .. فلابد لنا من قراءة عصرية للنصوص الاسلامية.
(مقتبس من مجلة الأحرار)