حلف نجد

في نشأة المذهب الوهابي: بحث أركيولوجي في أصول العقيدة الوهابية

ظهرت الوهابية معاديةً، دينياً، لكلّ الطوائف الإسلاميّة تقريباً، و، سياسياً، للخلافة العثمانية، وللسلطات القائمة في مكّة في القرن الثامن عشر. ومنذ البدء، كانت آليات التعاطي مع المختلف (سنيّاً كان أم شيعيّاً) تنهض على العنف خاصّة، بعد أن أصدر محمد بن عبد الوهاب فتواه الشهيرة بتكفير كلّ المسلمين.

الاجتهاد: منذ النشأة الأولى للوهابية في أرض الحرمين الشريفين، ومنذ أن أصبح مصطلح الوهابية، والوهابيين، والوهبنة، مصطلحاً يجري على الألسن في كلّ حديث عن الإسلام، وضد الإسلام، أو في كلّ دراسة تتخذ من الإسلام محوراً لها، فإنّ الغموض بقي يلفّ النشأة الأولى للوهابية. أهي دين جديد، أو فرقة جديدة من الفرق، التي نشأت على أرض الإسلام، أم هي وعي لتحديث الإسلام، أو لإرجاعه إلى أصوله ومنابعه إرجاعاً لا يخلو من حنين بدويّ، أو من رومانسية مستحيلة؟

إنّ ما يؤكّده الباحث البارز حمادي الرديسي، في كتابه (حلف نجد)، الصادر عن دار سويل (Seuil) الفرنسية، سنة (2012م)، أنّ الوهابية «دين مضاد»، بحسب المصطلح الأنتربولوجي، وتعريفه أنّه «دين ينفي كلّ ما سبق، ويعزل كلّ ما هو غريب منه، خارج عنه، ويسوّي الاختلاف عنه بالكفر» ص18.

ويمكن أن تُعدّ، أيضاً، فرقة إسلاميّة، ولكنّ ما يميّزها، بعمق، عن غيرها من الفرق الإسلامية الأخرى المعاصرة لها، الأدبيّات الراديكاليّة، والأفعال الطهريّة لأتباعها، ما يجعلهم يَعدّون أنفسهم صورة عن الصحابة، ومحمد بن عبد الوهاب، صورة عن الرسول. وهذا ما جعل الباحث، في مقدمّة الكتاب، وفي خلاصته، أيضاً، يستنتج أنّ «الوهابية، تماماً، كالبروتستانتية في المسيحية، هي المذهب الطهوري (البيوريتاني) في الإسلام» (ص12)، هي عقيدة إسلاميّة، ولكنّها ارتقت بنفسها إلى عقيدة الإسلام، بعد أن خصت ذاتها وبذاتها بكلّ معالم الوفاء للدين، والإخلاص لتعاليمه، وبعد أن حكمت على غيرها بالضلال والكفر.

وليس غريباً أنّ أكثر الصفات والأحكام التي تطلقها الوهابية ضدّ الآخرين، سواء كانوا أفراداً أو جماعات، أو مذاهب، أو علماء، هي الكفر. فهي قد خصّت نفسها بالإيمان وبالتوحيد فيما نعتت البقيّة بالجاهليّة والكفر.

تبدو الوهابية، إذاً، استعادة للإسلام الأوّل، وللصفاء الطهوري، الذي يحكم الإسلام زمن النبوة وزمن الصحابة. ومع هذا الزمن، يقف التاريخ كما لو أنّه وصل إلى منتهاه، وحقّق غاياته. لا وجود لإسلام تاريخيّ في الوعي الوهابي، ولا معنى لحضارة إسلامية بفروعها العباسيّة، والأندلسيّة، والفاطميّة، على سبيل المثال، ولا معنى للتراكم الحضاري للتجربة الإسلامية التاريخية.

الوهابية تدّعي أنّها تستوعب الإسلام في الزمن الأوّل، زمن التأسيس، وتؤسطر هذا الزمن، وتجنّد الأتباع والأنصار لممارسة هذا الزمن المؤسطر، واعدة إيّاهم بالنصر، وأعداءهم بالهزيمة، معتمدة، في ذلك، على أربعة مبادئ متلازمة يطلق عليها الرديسي «كريدو»[2] الوهابية، وهي: «التوحيد، الفرائض، المحظورات، والجهاد» (ص25).

هذه المبادئ الأربعة هي التي تمثل البنية الإبستمولوجية للفكر الوهابي، منذ لحظة تأسيسه، إلى آخر تفجير تعالى صداه في بغداد، أو في دمشق، أو في أي عاصمة عربية، وجد فيها هذا المذهب موطئ قدم، وملاذاً آمناً، وحاضنته المكانية والجغرافية.

وهذه المبادئ لا ينهض بها ثوّار (بالمعنى التقني للكلمة) وإنّما مجاهدون يمتشقون السّلاح من أجل إرجاع المسلمين الى إيمانهم الأوّل، ومن أجل إخراجهم من الظلمات إلى النور. هؤلاء الوهابيون يعرّفهم الرديسي على هذا النحو: «إنّ الوهابي لا يفهم لماذا يرفض الآخرون هذه السّعادة الكبرى في أن يصبحوا مسلمين، ولماذا يظلّون سادرين في شركهم. إنّ قتلهم، بوصفهم كافرين، فعل يثاب عليه المرء» (ص74).

هذا التّعريف الموجز، ولكنّه الجامع المانع، قد استنتجه الرديسي، بعد أن التقى بكلّ الوثائق والشهادات، التي رافقت نشأة الوهابية، أو سمعت عنها في مدينة العيينة في منطقة نجد، ذات يوم من سنة (1775م)، بين رجلين غير مهمّين في ذلك العصر، بين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود. وقبل الخوض في هذا اللقاء المؤسّس للوهابية، سواء في حيثياته أم في الخطاب الوارد فيه، أو في طبيعة العقد الشفوي بين الرجلين، الذي سيحكم المكان والمنطقة لعهود، تستوقف الباحث الطبيعة الجغرافية والتضّاريس المكانية لمنطقة نجد.

إنّه يعتمد على منهج فرناند بروديل في فهم التاريخ من خلال أحكام الجغرافيا، ولأجل ذلك، خصّص الفصل الأول من كتابه لدراسة منطقة عسير، ومنطقة نجد، ويبدو أنّ الطبيعة الصحراويّة القاسية، وابتعاد المنطقة عن منابع الماء، وترامي صحرائها، إضافة إلى الجبال الوعرة، التي كانت تحيط بها، كلّ ذلك أسهم في نحت الوهابية كعقيدة متزمّتة رافضة للحوار، ومنغلقة على ثوابتها، وفي نحت الوهابيين أنصاراً أشدّاء يقسّمون العالم إلى قسمين لا ثالث لهما: المؤمن والكافر.

هم أطلقوا على أنفسهم لقب «الوهابيين». وهذه التسمية ليست تسمية استشراقية كما يذهب الظنّ ببعضهم، وإنّما تسمية نحتها محمد بن عبد الوهاب، الذي يعدّ المؤسّس الأوّل والأب الروحي لهذه الفرقة الإسلامية، أو لهذا الدين الذي سيطبع وجوده وجود الحركات الإسلامية الحديثة والمعاصرة على حدّ سواء.

ومنذ حرارة التّأسيس الأول، عبّرت الوهابية عن ذاتها بأقصى ما يمكن من العنف، بوصفها الضد الديني للإسلام السائد، آنئذٍ، في نجد، والحجاز، وفي بقية دول العالم الإسلامي، الذي رأت فيه، وفي ممارسته لشعائر الإسلام، عودة إلى الكفر والشرك، ونقضاً للإسلام الأول؛ الإسلام الصحيح الطاهر زمن الرسول والصحابة.

ومنذ أن تموقعت الوهابية ضمن «أهل السنة والجماعة» (ص17)، بادرت إلى تكفير الحاضنة الشعبية الأولى في نجد، وأعلنت الحرب على أهل القصيم، وهم كانوا قوماً يجمعون بين اللطف وطيب المعشر. وعلى خلفيّة طائفية واضحة ومعلنة، نشأت الأدبيات الأولى للوهابية في شكل خطب ومؤلّفات خلعت عليها شكل الإيديولوجيا القائمة، على قائمة لا أوّل لها ولا آخر من الأوامر والنواهي تشتمل على كلّ مناحي الحياة، بما في ذلك «طريقة استخدام الكلام» (ص44)، وموجّهة ليس إلى أهل نجد فحسب، وإنّما إلى المسلمين قاطبة.

إنّ ما يثير الباحث البارز حمادي الرديسي هو كيفية إعادة إنتاج الوهابية للمرحلة الأولى للدّعوة المحمدية، حتى تتطابق الدعوة الوهابية مع الدعوة المحمدية، فإذا ما كان للرسول هجرته، فإنّ للوهابيين هجرتهم أيضاً، وإذا ما كان الرسول قد أوفد الرسل والسفراء إلى الملوك لدعوتهم إلى الإسلام، فإنّ ابن عبد الوهاب يسلك المسلك ذاته. وفي الدعوة الوهابية، لا حضور للمرحلة المدينية، ولا لدستور المدينة؛ بل إنّها تحصر النبوّة في الغزوات، والسّريات، وفي المغالبة، ومن خلال ذلك ينشأ تشريع الجهاد، الذي هو -على لسان أحد أحفاد الوهابية في العصر الحديث- «الفريضة الغائبة»، التي يتعيّن تفعيلها وإحياؤها مع الجميع، وضد الجميع في الآن ذاته.

مع نشأة الوهابية، ونشأة هويّتها وأدبيّاتها، مع مؤسّسها محمد بن عبد الوهاب، نشأت، أيضاً، رموزها وأيقوناتها. وفي هذا الصدد، يشير الباحث حمادي الرديسي، بدقّة المؤرخ، وبفطنة عالم السميولوجيا، والأنظمة الرمزيّة، إلى ولادة العلم الوهابي، وهو علم لا يزال ماثلاً أمامنا بكلّ قوّة وسائل الإعلام، وبكلّ عنف الدعاية الوهابية لدى القاعدة أو داعش. ويقول، في هذا الصدد، «نشأ العلم الوهابي بديلاً للعلم المصري، الذي كان يلفّ الكعبة كل عام» (ص64).

هناك رموز دمّرها الوهابيون تعود إلى زمن الرسول، بدعوى أنّ لها معنى قريباً من معاني الشرك والضلال، ولكنّهم في المقابل أحيوا رموزهم الخاصّة في هذا الدين المضاد الذين هم بصدد تكوينه وبنائه حجرة حجرة.

أنشأت الوهابية رايتها الخاصّة بألوانها الثنائية الدالة أبداً على التأهّب للجهاد والقتال في كلّ الأصقاع، كما أنّ هناك رموزاً أخرى مثل طريقة تشذيب اللحية، والتي تستحق، في رأينا، دراسة سميولوجية كاملة، من وحي دراسة أجراها الباحث اللساني الكبير رولان بارت على طريقة تشذيب اللحى والشوارب في كتابه (أسطوريات)، فضلاً عن الزيّ الذي لا يتأثّر بظروف الزمان، والمكان، والحرارة مثلاً، وإنّما يخضع لطراز موحّد فقير الأفكار وعابر لكلّ الثقافات والأذواق ما يجعله غريباً في كلّ ثقافة يحلّ بها، ونشازاً عن كلّ طراز متواضع عليه.

إنّ الباحث البارز حمادي الرديسي، وهو يعكف على دراسة الوهابية، لم يفته تأكيد أنّ عمله ذلك بمثابة الأحجية أو اللّغز، الذي يتوجّب وضع عناصره الواحدة تلوى الأخرى للظفر بالمعنى النهائي ولا سيّما أنّ نشأة الوهابية قد تحقّقت في صميم الثقافة الشفوية السائدة في المجتمع النجديّ، ولأجل ذلك اعتمد، في منهجيّته، على مصادر مهمّة، وإن كانت لا تحظى بالقيمة العلمية والتاريخية ذاتها، ولكنّها، مع ذلك، تتّصف بقدر معلوم من الموضوعية والصدقية؛ فهو ينطلق من شهادة رحالة دانماركي كان شاهداً على ولادة ما سمّاه ديناً جديداً، وشهادة زوجة أحد السفراء الأوربيين، فضلاً عن اللقاء بالمصادر الوهابية ذاتها، من خطب، ورسائل، ومؤلفات، أشهرها (كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد)، أو تلك التي ألّفها أنصار ابن عبد الوهاب المباشرين، و«صحابته» إن شئنا القول، وأشهرهم ابن غنام.

وفي هذه المؤلفات، اتفاق على أنّ المسلمين أصبحوا مشركين. وفي لحظة التقائه بالوثائق، نرى الباحث حمادي الرديسي يملأ الفراغات، التي تخلّفها تساؤلات حول النشأة التاريخية للوهابيّة، وعوامل تمدّدها ودخولها المظفّر إلى مكّة، سنة (1803م)، ودلالة ذلك في المتخيّل العربي الإسلامي في ذلك العصر.

إنّ المؤكّد، بالنّسبة إلى هذا الباحث، أنّ هذه الحركة قد وُلِدت في الهامش السياسي للعالم الإسلامي، وللخلافة العثمانيّة، وفي فضاء جغرافي بعيد عن الحواضر الكبرى، مثل: القاهرة، أو دمشق، أو بغدادن أو تونس…، وهذا ما جعل هذه الحركة (في بنيتها الشكليّة على الأقلّ) قوّة تمرّد الهامش على المركز، والبداوة على الحضارة، وعنف انتماء للقبلي والعشائري على قيم الانتساب إلى المدن، والحواضر الكبرى، والدولة الحديثة، على نحو أكثر تجريداً. في هذه الدعوة بعدٌ ثوريّ خفيّ ومسكوت عنه، ضدّ البنيات السياسيّة القائمة، وضدّ الشعائر الدينية السائدة.

وفي كلّ الأحوال، جنّدت أتباعها (من داخل نجد ومن خارجها) ممّن كان ولاؤهم للخلافة العثمانية ضعيفاً أو معدوماً، وممّن كانت أسطورة العودة إلى الزمن الأوّل للإسلام تحرّك فيهم متخيّلاً حافلاً بممكنات الاستعادة، وببعدها الفردوسي.

ظهرت الوهابية معاديةً، دينياً، لكلّ الطوائف الإسلاميّة تقريباً، و، سياسياً، للخلافة العثمانية، وللسلطات القائمة في مكّة في القرن الثامن عشر. ومنذ البدء، كانت آليات التعاطي مع المختلف (سنيّاً كان أم شيعيّاً) تنهض على العنف خاصّة، بعد أن أصدر محمد بن عبد الوهاب فتواه الشهيرة بتكفير كلّ المسلمين.

ولأجل ذلك أصبحت «الغزوات جهاداً» (ص122). ويستوقف، في هذا المقام، الباحث الرديسي حدثُ استيلاء الوهابية على مكّة، ودخولها منتصرة على أعدائها من آل الشيخ، سنة (1803م). وسيكون لهذا الحدث بعد دلاليّ لا حدّ له؛ إذ أصبح الحج، وأصبحت مكة تحت سيطرة الوهابيين، ما سمح لهم بنشر أفكارهم ومذهبهم في جموع الحجّاج والمعتمرين، وما مكّن دعوتهم من أن تخرج من سياقها البدوي والصحراوي إلى سياق أمميّ عابر للحدود، ومناوئ للخلافة العثمانية. وتهتدي دعوتهم، في ذلك كلّه، بكتب ابن عبد الوهاب، وبالاستعداد غير المحدود لممارسة العنف تحت مشروعية الجهاد.

إنّ هذا التمدّد يأخذ شكل الفتوحات، مثلما أنّ الدعوة الوهابية تتّخذ لنفسها شكل الرسالة السماوية، ولكن إذا ما لقيت هذه الدعوة صدى لها في الأوساط الشعبية، والبدوية، والجبلية، «فإنّها لقيت معارضة مهمّة وقوية من لدن فئة من المجتمع، وهم العلماء» (ص26)، الذين شككوا في سنّية الدعوة الوهابية، وفي التزامها بأسلوب «أهل السنة والجماعة». ويبدو أنّ مكّة كانت أوّل حاضرة إسلامية تقاوم المدّ الوهابي، ولكن بأسلوب واحد هو المناظرات، التي كان يتواجه فيها الوهابيون مع علماء مكة.

وقد اتّضح أنّ هذا الأسلوب يخدم الوهابيين، ويبرزهم إلى الناس، كما لو كانوا هم الذين يذبّون عن الدين الذبّ الحقيقي. وفي هذه المناظرات، تستوقف الرديسي بنية خطابيّة ستتكرّر على ألسنة كلّ الأصوليين، وكلّ عتاة التطرف وأنصارهم من ذوي الثقافة المحدودة إلى هذا العصر، وتنهض على «اختيار المتكلّم لموضوع محدّد، ثمّ يسرد آيات من القرآن، ثمّ أحاديث نبوية، ثم يضيف بعض الأفكار على هيئة إشارات» (ص125).

وهذه البنية الخطابية ستُعدّ، بلغة اللساني جاكبسون، العنصر المهيمن في أيّ خطاب سلفي، وهابي، أرثوذكسي. وهذه البنية المغلقة على غيرها من المؤثرات الفكرية والمذهبية الأخرى تعلو على أيّ نقاش، أو على أيّ حجاج مضاد، باعتبار أنّ ما يقوله الوهابي، والمقام الذي يلفظ فيه، هو وحي سماوي، أو يكاد. وهذه البنية اللسانية والأسلوبية، هي التي ستتكرّر في خطاب الإسلام السياسي المعاصر، وهي التي تعدّ مؤشراً لمدى «الوهبنة» من عدمها، سواء في السلوك اليومي، أم في خطاب التواصل مع الناس، وقبل ذلك وبعده في الوعي.

وهذا ما سمح بتصعيد الوهبنة من بنية من التفكير البدوي والصحراوي إلى بنية من العمل السياسي، والتفسير الديني، والموقف الايديولوجي. وقد استوقف الباحث حمّادي الرديسي الوسيط، الذي سمح بهذا التصعيد، وهو، في تقديرنا، وسيط التطابق ما بين العصر الحديث، وما بين عصر النّبوة والصحابة، فالتاريخ، بالنسبة إلى الوهابية، حركة تسير نحو تحقيق هذا التطابق بكلّ الآليات الممكنة، كالرسائل نحو زعماء الأمة، بعد أن وقع الإفتاء بتكفيرهم، وإخراجهم عن الملّة، ثمّ الجهاد، فإرساء نظام من المفاهيم، التي لا تقبل دلالة غير دلالتها في المعجم الوهابي، مثل دلالة التوحيد، «التي لا تعني لديهم الإيمان بإله واحد» (ص127)، وإنّما بمحاربة كلّ من لا يقرّ بهذه الحقيقة، بالصورة والممارسة اللّتين يفهمانها.

وفي أكثر من موقف ومقام، يعمد الباحث إلى التمييز المنهجى والعلمي بين الوهابية والإسلام، وبين الوهابية والدولة السعودية المعاصرة؛ «فالوهابية دين مضاد يهب الإسلام صبغة الدين المضاد، ويمنحه هوية توحيدية لا تنبثق عن الخط التوراتي لمعنى التوحيد» (ص130)، فكتابه (حلف نجد) ليس دراسة عن الإسلام، وليس بحثاً عن بنية الحكم في المملكة السعودية، وإنّما نظر عميق في هذا الدين المضاد، الذي ستكون له مفاعيل سياسية مهمة في تاريخ المسلمين.

هذه هي الخلفية الإبستمولوجية التي تحكم هذا البحث، وهي التي منعته من إصدار أيّة أحكام على هذه الدولة، أو تلك، أو الانحياز إلي أيّ كان، أو ضده، فما يهمّ الباحث الرديسي كيفية انتقال، أو ارتحال البنية الفكرية للعقل الوهابي إلى أصقاع أخرى من العالم الإسلامي، وكيفية تلقّي الجموع لهذا الفكر، سواء بالرفض أو الرد أو المقاومة، مثلما كان الأمر في تونس، وهنا يلتقي مع الباحث فرج بن رمضان في كتابه (تلقّي الوهابية في تونس)، أو في مصر على يد الشيخ الإمام محمد عبده، وجمال الدين الأفغاني، أو في التفاعل والقبول في مجتمعات إسلامية أخرى سلّمت بأنّ الوهابية «ترفض كلّ أنماط الشطط» (ص155)، وأيقنت أنّها «ضرب من الأرثوذكسية التي تدعو الى اقتفاء أثر الصحابة والرسول في معاشهم، وكما انبأنا بذلك القرآن» (ص145).

ويرصد الباحث حمادي الرديسي طرائق اشتغال بنية العقل الوهابي في الزمان والمكان، وتكرار هذه البنية في المنطوق السلفي المعاصر، وفي المسكوت عنه الحنبلي والسني، وبوجه أخصّ، وبنسب مختلفة، في اللاوعي السياسي لبعض الأحزاب الإسلامية المعاصرة والمتنفّذة، التي تسعى إلى التوفيق بين إلزامات الشريعة، ومتطلّبات الحداثة من احترام لنظرية حقوق الإنسان، وتفاعل مع الديمقراطية، وإيمان حقيقيّ بأن «لا إكراه في الدين»، وغير ذلك من شواغل العصر وقضاياه.

إنّ ما يثير وعي الباحث هو قدرة العقل الوهابي على أن يوطّن نفسه حتى في أكثر الحواضر العربية حداثةً، أو قابلية للحداثة. ففي مصر، وجدت الوهابية، في مجلّة المنار لرشيد رضا، منبراً لأفكارها وعقيدتها، وفي المغرب، لم يخفِ رموز الإصلاح احتفاءهم بها. وفي الوقت الذي تمدّدت فيه هذه الدعوة في هاتين الدولتين المهمتين؛ أي في الثلث الأول للقرن العشرين، كان هناك رجل في تونس، هو صالح الشريف، يخوض حرباً شعواء ضدّها، وضدّ كتبها وأعلامها. وهو يُعدّ، حقّاً، المقاوم الأبرز لأطروحاتها، الأمر الذي كلّفه المنفى والتغريب في الشام، ثمّ في الأستانة.

ويفرد له الباحث صفحات لاستعادة مجد هذا الرجل، الذي لم يحظَ بالمنزلة التي تليق به في تاريخ تونس الحديث. كما أنّها وجدت في العراق، في شخص حيدر البغدادي (ت 1882)، مقاوماً شرساً، ولاسيما في دولة متعدّدة المذاهب، والأعراق، والأديان.

يبدو أنّ الوهابية قد حظيت بدفع كبير على يد مؤسّس الإخوان المسلمين في مصر حسن البنا (1928م)، ففي البيان التأسيسي لهذه الجماعة نجد (50) بنداً، وأوّل هذه البنود تهيئة الشباب للجهاد، وتضمين عقيدة الولاء والبراء، وغير ذلك من البنود، التي ستجعل من الحركات الإسلامية الفئة المنصورة والحزب الغالب.

ويرى الباحث أنّ توطين الوهابية قد ترسّخ بفعل القوّة التنظيمية والانضباط الحزبي، الذي يميّز جماعة الإخوان المسلمين وفروعها في كلّ العالم العربي. إنّ هناك، حسب الباحث، نوعاً من قلّة الانتباه إلى تأثير البعد الوهابي في الحركة الإسلامية. وهذا يعني عنده أنّه مهما شهدت هذه الحركات من تحديث (في تونس/مصر/تركيا/المغرب…)، ومهما تثاقف أعضاؤها مع الغرب، واقتنعت بالديمقراطية، وحقوق الإنسان، والمرأة في أبعادها الكونية والأممية…فإنّ المربّع، الذي يظلّ يحكمها، يظلّ هو هو؛ أي الفكر الوهابي بكلّ أصوليته وبدويّته…ولا تعوز الباحث حمادي الرديسي الأمثلة والنماذج في هذا الصدد، ولكنّنا نرى أنّ الفكر ليس ملّة واحدة؛ بل نرى أن ما يميّز الحركات الإسلامية، في تلك الدول، ليس بعدها الوهابي، وإنّما دخولها في عقد اجتماعي ملزم ينأى بها عن أصولها الوهابية، وعن الوهبنة، وتغدو هي ذاتها آلية من الآليات لمقاومة الوهابية بحجاجها وبأدلتها.

ومن دلائل هذا القول أنّ أعلاماً من الحركة الإسلامية في تونس، وتركيا، ومصر، ولبنان… أصبحوا يكتبون في موضوعات كانت غير مفكّر فيها أصلاً مثل: الحريّات العامة، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، والتسامح، وحقوق المرأة… وكلّ ذلك لا موضع له في الفكر الوهابي قديمه وحديثه، وبنيته أو مضمونه.

إنّ الوهابية والوهبنة لا تتعايشان؛ حيث التنوير، والعقل والوعي النقدي، والتثاقف مع الآخر. فبالنسبة إلى الباحث حمادي الرديسي، لا تصمد الوهابية أمام الفلسفة والتفلسف، ولكنّها تنتعش حيث تغيب الفلسفة، ولأجل ذلك وجدت الوهابية في فكر ابن تيمية، وهو الذي حرّم الفلسفة، مهاداً لها، وبنية إبستمولوجية مناسبة. وهي؛ إذ تلقّن أتباعها السمع والطاعة، فإنّها لا تتسامح أبداً مع المختلف، أو مع المتعدد، أو مع الأقليات.

وأيّا كانت الحمولة الإيديولوجية لهذا المذهب، فإنّ ما يثير وعي الباحث هو في المفاعيل السياسية كما أسلفنا، وأيضاً في صياغتها لنمط حياة الإنسان بشكل غير معهود لديه، فهي لا تكتفي بالعودة المزعومة إلى العصر الأول في الإسلام، وإنما تفترض منهج حياة، وأسلوباً للعيش يعيد للبداوة قوتها في عمق عصر الحضارة والتمدن. ولأجل ذلك، لم تجد هذه الدعوة موطئ قدمٍ في مجتمعات عربية عرفت بحبّ الحياة، وبالتفنّن في المعيش، مثل دول الشام، وتونس، ومصر، والعراق… ومع ذلك، استطاعت أن تنفذ إلى الطبقات السفلى للمجتمعات العربية، كما لو كانت دعوة للهامش وللهامشيين، تدعوهم فيها إلى استعادة عصر الصحابة، والرجوع إلى الإسلام الأول.

وفي هذا المقام، تحضرنا إشارة ذكرها الأديب الروائي، والباحث السعودي البارز، تركي الحمد، حول إحدى الشخصيات في روايته (الطريق إلى الجنّة) الصادرة سنة (2007م)، وكيف أنّها، لفرط سعيها لتقليد حياة الصحابة في كلّ شيء، في الملبس والمأكل، صارت، تقريباً، شخصية بدائية، كأنّها خارجة للتوّ من حقبة ما قبل التاريخ.

الدعوة الوهابية تلقفتها نخب تقليدية مثقفة ثقافة دينية متزمّتة، وهو ما سمح بنشأة تراسل ما بين السلفية والوهابية، على الرغم من أنّ لكلّ منهما رؤيتها للعالم وطرائق اشتغالها فيه؛ «فالوهابية تعود إلى التوحيد، فيما السلفية إحياء للسنّة النبوية» (ص186). كما تبدو السلفية خالية من الشواغل السياسية، فيما الوهابية مسكونة بهاجس الحكم. لكنّ ما يمكن ملاحظته هو انتعاش الوهابية والسلفية في الأوساط السنية؛ إذ المصادر في التفكير واحدة، وإن اختلف التأويل والفهم. وهذا ما أمكن ملاحظته، في سياق آخر، من جانب إدوارد سعيد، ودوّنه في سيرته الذاتية في غير موضع، حينما زار المخيّمات الفلسطينية، في بيروت في الثمانينيات، على إثر ملاحظته لتمدد السلفية في أوساط اللاجئين الفلسطينيين.

إنّ الوهابية يمكن أن تنتعش من السلفية، فالعلاقة بينهما، بحسب الباحث حمادي الرديسي، ممكنة وواضحة على صعيد إبستمولوجية قراءة القرآن، والسنة النبوية، قراءة لا حضور فيها لتأويل، أو لإعادة تفسير ما هو مقروء ومعطى. ولكن ما يستوقف الباحث، حقاً، هو خطورة العلاقة بين الوهابية وبين الإسلام السياسي في اللحظة الراهنة، وهذه الخطورة هي ذاتها، التي أشار إليها المفكر التونسي عياض بن عاشور في كتابه (الفاتحة الأخرى) الصادر سنة (2011م)، ولكنّه عبّر عنها من خلفية حقوقية، ومن خلفية العلاقة بين الإسلام وبين فكر حقوق الإنسان.

فالمكوّن الوهابي، في تقدير الباحث الرديسي، مكوّن أصيل في التفكير الإخوانيّ، مثلاً، وتفكير الإسلام السياسي بوجه أعمّ. ويبدو لنا أنّ الباحث قد أقام علاقة تناسب طرديّ بين الوهبنة وبين الإسلام السياسي، فبقدر ما يتحرّر الإسلام السياسي من مفاهيمها، ومن مرجعياتها، وأدبياتها، يكون مذهباً مقبولاً، وتتاح له كلّ الممكنات ليكون فاعلاً، ومؤثّراً، ويحظى بالشرعية الانتخابية في أيّ استحقاق سياسي. وإذا ما كان أسيراً للوهبنة، فإنّه تكون له اليد الطولى في تنفيذ سياساتها في التكفير وفي الإرهاب، وينعش كلّ أشكال التطرف الإسلامي.

إنّ الأحداث الأخيرة، ولاسيما هجمات (11 أيلول/سبتمبر 2001م)، والتاريخ الراهن، قد منحا كلام الباحث حمادي الرديسي الصدقية اللازمة، فهو يرى وجود علاقة سببية ما بين نشأة الوهابية و11 أيلول/سبتمبر في أمريكا، فأغلب الشباب الانتحاريين قد نشأوا في القصيم «القلب النابض للحركة الوهابية المتشدّدة في المملكة السعودية» (ص295)، وتشرّبوا الفكر الوهابي أباً عن جدّ، تحت مسمّى الصحوة الإسلامية. فاجتماع العيينة، سنة (1778م)، بين محمد بن عبد الوهاب، وابن سعود هو الذي ولّد، على المدى البعيد، 11 أيلول/سبتمبر، وأيضاً الهجمات التي طالت المملكة السعودية ذاتها سنة (2003م)، و(2004م). ومعنى ذلك أنّ البنية الفكرية للوهابية قد اخترقت التاريخ في نجد والحجاز، من دون أن ينشأ فكر مضاد يحدّ من غلوائها، ويفضح تشدّدها.

يبدو أنّ المفارقة الكبرى، التي لا يمكن التغافل عنها، ولاسيما في الفصل (11 سبتمبر وما بعده) تتمثّل في ازدواجيّة أشار إليها الباحث، وهي أنّ السعودية تقاوم الإرهاب، بعد أن أصبحت هدفاً له، حيث أصبح لدينا دولة حديثة، ومجتمع لا تخفي بعض طبقاته وفئاته ميولاتها الوهابية، هذه الميولات والنزعات أصبحت آثارها ترى بالعين المجرّدة. إنّ هذه الدولة تقاوم الإرهاب بكلّ الممكنات، فيما البنية الإبستمولوجية للوهابية لاتزال ناشطة وفاعلة؛ بل تزداد قوّة بفعل الحضور الإعلامي الذي تقف وراءه جهات مالية متنفّذة.

إنّ هذه الازدواجية قد وعتها النخب الفكرية والأكاديمية المستنيرة في المملكة السعودية، من داخل الأسرة الحاكمة، ومن خارجها، على حد سواء. ويمكن أن نذكر أمثلة في هذا السياق: غازي القصيبي، وتركي الحمد، وعبد الله ثابت، والمفكر المغضوب عليه في السعودية عبد الله القصيمي، وغيرهم كثيرون ممن تخرّجوا من أرقى الجامعات الأوربية والأمريكية.

ويبدو لنا أنّهم قد سعوا إلى تفكيك العلاقة ما بين الوهابية وما بين المجتمع السعودي، بعد أن وقع تفكيكها بين الوهابية وبين الدولة السعودية. المهمّة صعبة وشاقة وذات نفسٍ طويل، ولاسيما أنّ البنية العقلية للفكر الوهابي منغرسة أنتروبولوجياً في سلوكيّات الأفراد والجماعات عمودياً، عبر طبقات المجتمع، وأفقيّاً عبر الطبقة الواحدة، في القطاع الواحد. وهذه البنية هي: «أنّ المملكة العربية السعودية مبنيّة على التمييز المطلق بين الجنسين، وعلى التعارض المطلق ما بين الصديق والعدو فيما يعدّ ذلك أصلاً من أصول عقيدة الولاء والبراء (ص311).

إنّ دعاة الإصلاح في السعودية قد دعوا إلى تفكيك العلاقة بين الوهابية وبين المجتمع من خلال تطبيق مشروع للإصلاح السياسي والديني، ويقرّ الباحث أنّ ذلك قد وجد آذاناً صاغية من المراجع العليا للمملكة.

إنّ الأنتلجنسيا السعودية والعربية هي التي تقاوم الوهبنة، وهي التي تطرح البدائل المعقولة في الحكم، وفي السياسة، وفي المجتمع. ولكن ما يمكن أن نؤاخذ عليه الباحث الرديسي أنّ هذه الأنتلجنسيا لديه لا تشتمل على زعماء الحركات الإسلامية، والروحية، والصوفية، وغيرها، وإنّما الطاقات الليبرالية، والعقلانية، والحقوقية، وكان من الممكن أن ينهي كتابه المهم ليس بالتسليم للوهابية من حيث إنّها دين مضاد، كما أسلفنا، وإنّما باستعادة الروحانيات العميقة للإسلام من دون أن يستطيع أيّ كان، وتحت أي مسمّى، أن يسطو عليها، أو أن يتّخذها سياسة خاصّة به.

إنّ الآثار، التي تخلفها الوهابية على المجتمعات الإسلامية، أصبحت ظاهرة للعيان وهي بلا ثقافة؛ بل هي تمحو الثقافة حتى ولو كانت ألفيّة وضاربة في التاريخ، كما أنّ محمد بن عبد الوهاب هو «أوّل من أنشأ دولة تيوقراطية في الإسلام السني» (ص317)، على الرغم من أنّ الإسلام لم يعرف الدولة الدينية، والخلفاء المسلمون، والملوك العرب، والملوك في السعودية، لم يقولوا، أبداً، إنّهم يحكمون نيابة عن الله، أو بالتفويض منه.

ولمعارضة حلف نجد، يجترح حمادي الرديسي، في خاتمة كتابه، ما يسميه الحلف المدني، ويدعو إلى مخرج طريف من التعصّب الديني، وهو إحياء عقيدة المرجئة، التي يراها مناسبة للعصر الحديث، ولاسيما أنّ هذا المذهب لا ينفذ إلى النوايا، ولا يثقل أتباعه بالتفاصيل، وفيه مساحة من التسامح والحلم قلّ مثيلها في غيره من المذاهب الإسلامية.

وأيّاً كانت هذه المقاربة، التي قدّمها لنا الباحث حمادي الرديسي، فإنّنا نتفق معه على وجود «قلق إسلامي من الحضارة الحديثة» (ص317)، وهو قلق تشاطرنا إياه الفلسفات الغربية، ودعاة الايكولوجيا، ومحبو السلام العالمي. إنّ الباحث مسكون بهواجس البحث عن منزلة الإسلام في العالم، وعن تفكيك العلاقة ما بين البنيات الوهابية في التفكير وما بين الممارسات والخطابات الدينية في الفضاء الإسلامي، وفي المتخيّل العربي الحديث.

كان من الممكن أن يرى في المؤسسات الدينية القائمة درعاً ضد الوهابية، فالأزهر الشريف، وجامع الزيتونة المعمور، والقرويين في فاس، لم تستطع الوهابية النفاذ إليها، وخريجوها لم يكونوا، أبداً، وهابيين على الإطلاق، ولكن الحدّ من إشعاع هذه المؤسسات العريقة هو الذي خلق فراغاً ملأه الوهابيون وأمثالهم.

يمكن أن نتوسع في النقاش في هذا المقام بأن نشير إلى أنّ الأصولية هي البديل للفراغ، الذي يخلّفه طرد الدين من الفضاء العام. وهذا هو المبدأ، الذي يشتغل عليه الفيلسوف الفرنسي المتخصص في العلاقة بين الأديان، مارسيل غوشيه، الذي يشير إلى أنّ إخراج الدين من الفضاء العام، وتحويله إلى شعائر مناسباتية، وتنزيلها منزلة الهامش؛ بل جعلها أضحوكة، في بعض الأحيان، هو الذي ييسّر عملية توطين الأصوليات في كلّ الفضاءات، بما في ذلك الفضاء العربي والغربي.

الهوامش:

قراءة :عبد الرزّاق القلسي ؛ باحث تونسي، حاصل على ماجستير في الادب و الحضارة العربية الاسلامية، متخصص في منهجيات دراسة الادب القديم و الحديث.

1 نشر في إطار مشروع بحثي تحت عنوان “مفهوم تطبيق الشريعة في فكر دعاة الإسلام السياسي مقاربة نقديّة”، تقديم أنس الطريقي، مؤسسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.

[2]- يقصد مبادئ الإيمان.

المصدر: مؤمنون بلا حدود

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky