الاجتهاد: المنسي الشيخ ابن أبي عقيل العماني، فقيه الشيعة ومرجعها وثقتها آنذاك، كان معاصراً للشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ أبن الجنيد وآخرين، وأول فقيه شيعي أستعمل النظرة الاجتهادية في بحث الأصول عن الفروع في المسائل الفقهية بشكل أوسع في زمن الغيبة الكبرى في كتابه (المستمسك بحبل آل الرسول).
أعتمد على آراءه معظم الفقهاء الشيعة الأوئل في مصنفاتهم الفقهية ، ويمكن الاشارة لبعضهم:
الشيخ المفيد – الشريف المرتضى – الشيخ الطوسي -سلار الديلمي -القاضي البراج الطرابلسي- أبن أدريس الحلي – المحقق الحلي – العلامة الحلي .
فقدت آثاره ومصنفاته لأسباب لاتعرف، ولم يتبقى الا مجموعة أراء وفتاوى في المسائل الخلافية في بطون الكتب والمصنفات الفقهية.
حتى جاءت مبادرة المرحوم (السيد شرف بن علي الموسوي طاب ثراه)، بتجميع أثار الشيخ أبن أبي عقيل الفقهية من بطون المصنفات، وبمباركة المرجع الراحل السيد محمد رضا الكلبايكاني رحمه الله، ان كلف لجنة من فضلاء الحوزة العلمية في قم المشرفة في (مركز المعجم الفقهي ) الذي يقع تحت أشرافه، بتجميع فتاوى وآراء الشيخ أبن أبي عقيل، وتم استخراج تلك الاثار بمجلد واحد تحت عنوان ( حياة أبن أبي عقيل العماني وفقهه) ،والجميل بالامر ان تم طباعة 3000 ألف نسخة وأوقفت ليتم توزيعها بالمجان على طلاب الحوزة،إحياءً لذكرى هذا العالم الفقيه طاب ثراه، بتبرع من الفقيد السيد شرف الموسوي رحمه الله،الذي وافته المنية قبل 6 أيام في سلطنة عمان، نسأل الله العلي القدير ان يتغمد السيد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه.
تقديم المرجع الديني آية الله السيد محمد رضا الموسوي الكلبايكاني”رحمه الله”
لا يخفى أن علم الفقه بعد معرفة أصول الدين هو أشرف العلوم إذ به تعرف أحكام الله تبارك وتعالى وأوامره ونواهيه وحلاله وحرامه، وبه يتمكن الإنسان من تحصيل مرضاته وبلوغ درجات الكمال والحصول على سعادة الدارين وقد فرض الله تبارك وتعالى طلب هذا العلم على طائفة من كل فرقة للتفقه في الدين وانذار قومهم. وقد بين في كتاب الكريم قواعده وأحكامه، وأوكل التفصيل إلى رسوله المصطفى صلى الله عليه وآله وقد اهتم الرسول الأكرم والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم اهتماما شديدا بتعليم علم الفقه فأصلوا أصوله وبينوا فروعه وحملوا الرواة والفقهاء حتى وصل إلينا على شكل أحاديث مدونة وكتب مؤلفة تبلغ العشرات بل المئات.
ومن أقدم الذين ألفوا في علم الفقه في الغيبة الصغرى، الحسن بن أبي عقيل العماني وابن الجنيد الرازي اللذين عبر فقهاؤنا عنهما ب ” القديمين والأقدمين ” قدس الله أسرارهم. وكان كتاب ابن أبي عقيل كتابا فقهيا جامعا لأبواب الفقه مشهورا عند الخاص والعام وينقل عنه العلماء في مصنفاتهم إلى زمن العلامة الحلي بل إلى زمن الشهيد الثاني قدس سرهما، كما يلوح من بعض عباراته، ولكن الظروف القاسية أضاعت فيما أضاعت نسخة هذا الكتاب وأوجبت حرمان المتأخرين من الاستفاضة منها.
وبعد أن تمت تغذية جهاز الكمبيوتر في مركز المعجم الفقهي بأهم الكتب الفقهية تصدى جناب العلامة حجة الإسلام الشيخ علي الكوراني أيده الله تعالى لجمع أقوال ابن أبي عقيل التي نقلها الفقهاء في مصنفاتهم بتبويب حسن وترتيب جميل، فرأينا من المفيد طبعه ليعم نفعه فجزى الله الشيخ الكوراني خيرا وكثر أمثاله من العالمين لنشر علم الفقه وتقبل هذه العمل منا ومنه إنه سميع مجيب
قم المقدسة في اليوم العشرين من شهر رجب المرجب ١٤١٣ ه / محمد رضا الموسوي الگلپايگاني.
مقدمة سماحة الشيخ علي الكوراني
بسم الله الرحمن الرحيم
من أولئك النوابغ المبكرين في علم الفقه الحسن بن أبي عقيل العماني قدس سره الذي جمع في فقهه بين التقيد التام بنص القرآن الكريم والحديث الشريف وبين تأصيل أصول الفقه وتنظيم فروعه. سجل التاريخ هذه الحقيقة باختصار واقتضاب وقال إن هذه العبقرية من فقيهنا العماني كانت محل اعتراف وتقدير من الحواضر العلمية وعامة الناس في عصره، وأن جعفر بن محمد بن قولويه كبير علماء قم وأستاذ الشيخ المفيد العالم البغدادي المشهور كتب إلى ابن أبي عقيل في عمان يستجيزه رواية كتبه وعلمه فأجازه،
وكان جعفر يعتز بهذه الإجازة. وقد بلغ من تقدير الناس وثقتهم بابن أبي عقيل أن قوافل الحاج عندما تصل إلى المدينة المنورة كانت تطلب من المكتبات والنساخ كتابة نسخ من فقه ابن أبي عقيل لكي تؤدي مناسك حجها على طبقه، وتحمل نسخه إلى بلادها ليعمل الناس بفتاواه هذه الميزة الكبرى لشخصية ابن أبي عقيل احتفظ بها التاريخ في كتب رجال الحديث وتراجم العلماء واحتفظ معها بنتف يسيرة من أبعاد شخصيته الأخرى.
لقد كان بعد داره عن الحواضر العلمية سببا في ذلك، ولكن عوادي الدهر على العلماء وحرية الفكر كانت السبب الأساسي. ومن طرائف الأمور أن كتاب ابن أبي عقيل، الذي نجا في أحداث عصره من الضياع، واشتهر منذ حياة صاحبه، وأخذ مكانه المحترم قرونا في أيدي الناس ومكتبات الفقهاء، عادت أحداث الزمان فأضاعت نسخته وأفقدتنا هذه الثروة في الفقه الإسلامي على مذهب أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله.
لقد حاولنا أن نعوض هذه الخسارة ونجمع ما نقله الفقهاء في أهم المصادر الفقهية خلال قرون من كتاب ” المتمسك بحبل آل الرسول ” فبلغت هذا المجلد الذي بين يديك، وقد استخرجناها بواسطة الجهاز الحاسب، ثم طبقناها على نفس الكتب للاطمئنان، وقمنا بتصنيفها حسب تسلسل أبواب الفقه وحسب التقدم الزمني للمصادر التي نقلتها. وأضفنا أحيانا بعض التفصيل أو المناقشة في المسألة من أجل أن يفهم المقصود منها، ويعم الانتفاع بها.
إن هذه المجموعة تدل على غزارة المادة الفقهية عند فقيهنا المرجع العماني قدس سره، وأن كانت دلالتها وقيمتها تبقى دون قيمة نفس كتابه المظلوم.
ومن يدري، فقد تسمح أحداث الزمان مجددا بظهور نسخة هذا الأثر العريق من بين المخطوطات المكدسة في المكتبات والبيوت والمتاحف، ويكون ما جمعناه من آرائه مساعدا في تحقيقها إن شاء الله تعالى. نأمل أن تكون هذه المجموعة من فتاوي ابن أبي عقيل قدس سره نافعة للفقهاء والمحققين، ونشكر سماحة سيدنا المرجع آية الله العظمى السيد الگلپايگاني مد ظله على تشجيعه هذا العمل ورعايته له، ونشكر الأخوة الأعزاء المحققين الذين ساهموا في التحقيق والاخراج وهم فضيلة الشيخ محمد أحمدي رفسنجاني، والسيد حسين تحويلدار، والشيخ محمد رسولي، والشيخ محمد رضا بيرجندي وغيرهم من المحققين والفنيين خاصة السيد جمال والسيد رامي يوزبكي.
كما نشكر الأخ العلامة السيد شرف العرب الموسوي العماني الذي تقبل طباعة الكتاب طباعة جيدة. جعله الله ذخرا لهم ولي يوم نلقاه إنه سميع مجيب.
قم المشرفة ١٢ رجب الحرام ٣ ١٤١
علي الكوراني.
تحميل الكتاب بصيغة بي دي إف
تحميل بصيغة وورد