الاجتهاد: سعياً لمجلة دراسات علمية في إحياء كتب العلماء الأفذاذ واهتماماً لها بتحقيق آثارهم ونشرها، أصدر حديثاً كتاب “تكملة موسوعة أنوار الفقاهة” للفقيه الكبير الشيخ حسن کاشف الغطاء “ره” وتحقيق المحقّق الشيخ محمد الجعفري (دام عزه).
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فقد أصبحت رعاية التحقيقات على الكتب الفقهية المعروفة لبعض الأفذاذ من مؤلفي علمائنا ونشرها من العلامات البارزة لنشاط مجلة دراسات علمية، فإنه بإلقاء نظرة سريعة على ما خرج في هذا المجال يكشف عن الجهود المبذولة في هذا الحقل من عمل هيئة تحرير المجلة إلى جانب عملها الأساس في رعاية البحوث الفقهية والأصولية وما يتصل بها من أدوات تنقيح استنباط الأحكام الشرعية.
ولا يخفى أن المجلة كانت جريئة في النهوض ببعض التَتمّات والاستدراكات على بعض الكتب أو المجامع الفقهية التي لم تسعف يد الفحص والتّنقيب – أو ربّما الأقدار – ناشريها للوقوف على نسخ مهمة ونادرة، فيها تتمّات لما افتقدته النّسخ الأخرى التي اعتمدوها وعوّلوا عليها في التحقيق والنّشر، مما ترك الكتاب المنشور قاصراً عن الإحاطة الكاملة أو الوقوف على كامل مسائل باب مهمّ من أبوابه. فأمسى کعقد لؤلؤ فاقد إلى موضع النظر المعجب من أحد درره.
وكان من بين الكتب التي جاءت بعض أبوابها مختزلة بسبب النقص في الأصل المخطوط الذي طبع عليه الكتاب، هو كتاب (أنوار الفقاهة) للفقيه الكبير الشيخ حسن ابن زعيم الطائفة الشيخ جعفر کاشف الغطاء، إذ كانت الطبعة المعروفة من نشر دار إحياء التراث الإسلامي بأجزائها التسعة مستوعبة لجميع ما أخرجه قلم المؤلف (قدس سره) مما تيسّر له بحثه من أبواب الفقه، إلا ما لم تحتوه المخطوطات المعتمدة لهيئة التحقيق أو الناشر من هذه التكملة المحفوظة في مكتبة آية الله الشيخ محمد الحسين آل کاشف الغطاء العامة.
وهي نسخة مُحرّرة وفق أمر الشيخ عباس ابن المؤلف (طاب ثراهما) سنة 1262هـ حسب ما نوّه الناسخ عليه في آخر المخطوطة.
والذي يجدر التّنويه عليه في هذا المجال من التّحقيق والنّشر هو أن اهتمام المجلّة بسدّ أمثال هذه الفراغات في الكتب المحقّقة المنشورة رغم الجهود المشكورة المبذولة من القائمين عليها إنّما هو لكون ذلك جزءاً من مشروع المجلة القائم على المبادرة إلى ملئ بعض الشّاغر من سلاسل مصادر الباحثين سواء في داخل المجلة أو خارجها، ولكي يكون الطريق أمام كلّ باحث في موضوع من الموضوعات معبّداً ووصوله للمصدر ممهّداً.
وقد يحدث أن باحثًا أو مستقصياً في موضوع الشهادات – مثلا – من كتاب القضاء يريد معرفة رأي العلماء في مسألة من مسائل موضوع بحثه في عصر المؤلف صاحب الأنوار وإذا به لا يجد ضالّته في مجهود المؤلٍّف المطبوع كلّه.
هذا، وفي الختام نشيد بجُهد المحقّق لهذه التكملة فضيلة الشّيخ محمد الجعفري (دام عزه) الذي قضى أوقاته العزيزة في تصحيح الضّروري الذي يتوقف عليه الانتفاع بالكتاب وتخريج الآيات والروايات والأقوال وغير ذلك ممّا يتوقف عليه التّحقيق الأنيق. وقد قام بالعمل في إخلاص وتفان محتسباً محبّاً لعمله، فنرجو له التّوفيق فيما أخرجه ودقّقه ويسّر هذه المخطوطة لقارئها والمحتاج إلى مسائلها وأن يكون عمله وعملنا مرضيّاً عنده سبحانه.
مجلّة دراسات علمية
17 ربيع الأول 1443هـ
تكملة موسوعة أنوار الفقاهة
كتاب موسوعة أنوار الفقاهة للفقيه الكبير الشيخ حسن آل كاشف الغطاء هو عبارة عن موسوعة فقهية استدلالية مفصّلة، اشتمل على أغلب أبواب الفقه.
وتضمن الكتاب عشرة أجزاء، جاء الجزء الأول بموضوع الطهارة، والثاني بالصلاة والثالث بالزكاة والخمس والصوم والاعتكاف، والجزء الرابع بالحج والخامس بالتجارة والبيع والسادس بالقرض والرهن والحجز والضمان (الحوالة والكفالة والصلح والشراكة والمضاربة والمزارعة والمساقاة، والسابع بالوديعة والعارية والاجازة والوكالة والوقف والهبة والصدقة والوصية، والجزء الثامن بالنكاح والطلاق والخلع والمباراة، والجزء التاسع بالغصب والمواريث والقضاء والشهادات والجزء العاشر فهرست بالموضوعات.
وقد اعتمد الكتاب في منهجية تحقيق الكتاب أكثر من مائة نسخة خطية ومصورة من نسخ (أنوار الفقاهة) في مكتبات ايران والعراق منها (17) نسخة خطية و(4) نسخ مصورة في مؤسسة كاشف الغطاء العامة.
وتضمّن الكتاب تحقيقات لطيفة ونوادر فقهية رائعة. استوفى فيه المؤلف الأدلة والأحكام، لم يُرَ مثله في كثرة التفريع والإحاطة بنوادر الفقه والاستقامة في طريق الاستدلال، كما ذكر ذلك بعضهم عند ترجمته لمؤلفه.
وهو أفضل كتاب جری به قلم المؤلف حيث صبّه في قالب بديع وتنسيق رفيع، وهو من أجلّ مؤلفاته قدس سره وأشهرها، بل هو من الكتب النفيسة في هذا الفن. وقد تعرض في هذا الكتاب إلى الفتاوى النادرة أو الشاذة، وحملها عـلى التـقية أو وجهها بتوجيه مقبول يناسب ما عليه المشهور.
وقد نراه يُخالف المشهور في بعض فتاواه، كفتواه بعدم مفطرية تدخين النرجيلة. كما أنّ مَن راجع الكتاب يتضح له وضوحاً جليّاً من مسلكه الاجتهادي أن الدليل العقلي كان له من الأهمية القصوى في عملية استنباط الأحكام الشرعية، بل كان له نصيب كبير في ذلك. وبالجملة، فهو كتاب استدلالي متين جمع بين كثرة التفريع والإيجاز غير المخل، سلك المؤلف في عرض الأدلة والتفريع عليها مسلكاً قويماً لا يتأتى إلا للأوحدي من أساطين الفقهاء. فهو من روائع الكتب الفقهية ونوادرها.
تحميل أجزاء كتاب أنوار الفقاهة للفقيه الكبير الشيخ حسن آل كاشف الغطاء من