الاجتهاد موقع فقهي
خاص الاجتهاد: خلال فعاليات الدورة السادسة والعشرين لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، المنعقد في الدوحة بدولة قطر قدم أستاذ البحث الخارج في حوزة قم العلمية حجة الإسلام والمسلمين أبو القاسم عليدوست أربع مداخلات منفصلة، تناولت قضايا فقهية معاصرة ومستجدة، حيث ركزت كل مداخلة على موضوع محدد ضمن جلسات المؤتمر المختلفة.
المداخلة الأولى: قضايا مستجدة في رعاية الطفولة
افتتحت الجلسة الأولى بمداخلة حول “قضايا مستجدة في رعاية الطفولة”. استهلت المداخلة بالتأكيد على أهمية البحث في معنى “الولاية” وماهيتها في هذا السياق، مشيرة إلى قلة التعرض لهذا المفهوم بتفصيل وتركيز في المقالات المتاحة.
وقد أوضحت المداخلة أن الولاية في هذا المجال، من منظور المدرسة الشيعية، ليست ولاية أمر ونهي وتحكم من الولي على المولى عليه، بل هي ولاية مراقبة وحفظ لمنافع الطفل ومصالحه، مستشهدة بالآية الكريمة: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
كما أكدت المداخلة على أن التركيز على هذا المعنى للولاية يثمر في استنباط الفقهاء لأحكام الحضانة وتدبير شؤون الطفل بما يرضي الشرع. وأشارت إلى أن أمر الولي ونهيه لمن عليه الولاية يكون من باب تدبير المصلحة لا من باب حقه المطلق في الأمر والنهي، مؤكدة أن الولاية بمعنى الأمر والنهي المطلق هي حق لله تعالى وحده.
المداخلة الثانية: الذكاء الاصطناعي أحكامه وضوابطه وأخلاقياته
قدمت المداخلة الثانية في الجلسة العلمية الثالثة، وتناولت موضوع “الذكاء الاصطناعي: أحكامه وضوابطه وأخلاقياته”. استهلت المداخلة بالإشارة إلى أن البحث في هذا الموضوع فقهيًا وغيره يعتبر جديدًا نظرًا لحداثة الظاهرة.
وقد أكدت على أن الأبحاث الجديدة تتطلب دقة وكمالًا واحتياطًا وعدم تسرع. كما أشارت إلى وجود تضييقات منهجية في العديد من الأبحاث المتعلقة بالموضوع، مستشهدة برأي أحد الباحثين الذي أبطل قضاء الذكاء الاصطناعي لفقده شروط القضاء، معتبرة أن الدليل في هذا الاستدلال هو عين المدعى.
كما لفتت المداخلة إلى أهمية بحث مسألة إثبات الدعوى، وهل هي منحصرة في طرق خاصة أم أنها تعتمد على اطمئنان القاضي وعلمه من أي طريق حصل. وخلصت إلى أن الحكم بالنسبة للذكاء الاصطناعي لا يمكن إلا بعد تمامية أحد الأمرين في أمر القضاء، مؤكدة على أهمية هذا البحث الإنساني الذي يعبر عنه في علم الحقوق بحاكمية الأدلة القانونية أو المعنوية، وأنه لا يقتصر على الفقه الإسلامي وحده.
المداخلة الثالثة: الألعاب الإلكترونية أحكامها وظوابتها
تناولت المداخلة الثالثة في الجلسة العلمية الخامسة موضوع “الألعاب الإلكترونية: أحكامها وضوابطها”. أكدت المداخلة على أن الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية يتوقف على أمرين أساسيين: التعرف على الأسانيد المعتبرة شرعًا، والتعرف على الموضوع ومتعلق الحكم.
وأوضحت أن التعرف الأول يندرج ضمن علم الفقه والبحث في الشريعة، بينما يندرج الثاني ضمن فلسفة الفقه. وأشارت إلى أن الكتابات حول الألعاب الإلكترونية وبعض الموضوعات الأخرى قد ركزت على التعرف الأول، ولذلك جاء عنوان البحث ناظرًا إليه محضًا.
وقد أكدت المداخلة على أن المباحث المتعلقة بالموضوع لها دور كبير في الاستنباط، مشيرة إلى مبحثين مهمين: تحديد المرجع في تشخيص الموضوع (هل هم الأخصائيون، العرف العام، أم المكلف نفسه؟)، وتحديد آلة وضوابط تشخيص موضوع الألعاب ومصاديقها. ودعت إلى ضرورة الالتفات التام إلى هذه الدقة في صياغة القرارات والتوصيات.
المداخلة الرابعة: الحوكمة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية المعاصرة
اختتمت المداخلات بمداخلة حول “الحوكمة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية المعاصرة”. أكدت المداخلة على أهمية البحث في توحيد المحكمات المتعلقة بالحوكمة الشرعية، وإمكانية ذلك وكونه مطلوبًا.
وقد أشارت إلى أن توحيد الحوكمات بنسبة كبيرة يعتبر ضرورة فيما يتعلق برأي فقهاء الإسلام، معتبرة أن توحيد المحكمات هو رمز ومقدمة للتوفيق والتفصيل. ودعت الفقهاء وأصحاب الرأي والاجتهاد إلى التوجه الخاص نحو الحوكمة كنظام مستمد من الأدلة النقلية (القرآن والسنة وسيرة العقلاء ومقاصد الشارع).
كما أكدت على أن هذا الاتجاه يهدف إلى استخراج نظام اقتصادي قادر ومستقل عن الرأسمالية والشمولية الشيوعية. وشددت على ضرورة تحويل الحوكمات من مجرد ظاهرة رقابية إلى ظاهرة فعالة خلاقة وهادية نحو نظام اقتصادي إسلامي متميز. ودعت فقهاء الإسلام إلى السعي لكشف الظروف والأسانيد والمنابع الفقهية المتفق عليها للوصول إلى هذه الظاهرة المحمودة.
تعكس المداخلات المقدمة في مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الدولي اهتمامًا بالقضايا الفقهية المعاصرة والمستجدة. وقد تناولت هذه المداخلات بعمق مفاهيم أساسية مثل الولاية في رعاية الطفولة، والتحديات الفقهية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والألعاب الإلكترونية، وأهمية تطوير وتوحيد مفاهيم الحوكمة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية.
وقد أكدت جميع المداخلات على ضرورة الدقة والتعمق في البحث والاستنباط الفقهي مع مراعاة المستجدات والمتغيرات في مختلف المجالات.
