الكلام الشيعي.. المعتقدات والمنهجيات

المرجع السبحاني يوجه كلمة لمؤتمر “الكلام الشيعي.. المعتقدات والمنهجيات” في لندن

الاجتهاد: وجه سماحة المرجع الديني آية الله الشيخ جعفر السبحاني كلمة خاصة بمناسبة انطلاق أعمال مؤتمر “الكلام الشيعي.. المعتقدات والمنهجيات” والذي نظمه قسم التربية الإسلامية في الفدرالية العالمية لجماعات الخوجة الاثني عشرية أمس الأحد (28 تشرين الثاني 2021) في لندن.

وفيما يلي نص كلمة سماحته لمؤتمر الكلام الشيعي:

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله المنتجبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
أمّا بعد
لقد طال الحوار محتدماً بين الفريقين، لا بمعنى أنّ للوهم مثولاً أمام الحقيقة، أو أنّ للزبرجة كياناً يقابل الواقع، لكنّها جلبة وصخب من أنصار الأوهام تناطح دعوة الحق، وقحة وصلف من سماسرة الأهواء، تطاول هتاف الصلاح.(1)

نعم طال الحوار بين حملة الحقيقة وأتباع الهوى، منذ هبط أبونا آدم على البسيطة، وكان الحوار محتدماً بين الطائفتين.

فأقام الله سبحانه في كلّ حقبة أو قرن من الزمان، رجالاً سماويّين لتبيين الحقائق ومحاربة الأهواء، غير أنّ زمرة من جند الشيطان حاربوهم بكلّ قوّة وعناد، ومع ذلك لم تزل الحقائق الإلهية وضاءة مشعّة طول القرون، منذ عهد نبي الله نوح(عليه السلام)إلى عصر الخليل، ومن عصره(عليه السلام) إلى عصر النبيّ الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي جاء بشريعة كاملة خالدة شاملة لكلّ جوانب الحياة.

وقد أمر(صلى الله عليه وآله وسلم) باقتفاء إثر الثقلين بعد رحليه، فقال: «إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي» فأبناء الأُمّة المرحومة لو رجعوا إلى هذين الكنزين لما اختلفوا في معتقد أو حكم، ومع ذلك كلّه أخبر(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين كما ينفي الكِير خَبَث الحديد.(2)

وقد تحقّق ما أخبر عنه النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) إذ كلّما ظهر في عصر مَن يريد الإفساد في العقيدة والتفرقة في الأُمّة الإسلامية، قام بوجهه رجال صالحون، فقطعوا الطريق أمامه، وواجهوه بكتاب الله وسنّة نبيه وحاجُّوه ببراهين جلية، ليكتسحوا الأشواك التي زُرعت في طريق الأُمّة الإسلامية، ومن نماذج من حاول تفريق الأُمّة وزرع الفتنة، هو أحمد بن تيمية(661ـ 728هـ).

وهذا الرجل قام بتفريق الأُمّة، وذلك بإنكار مسائل اتّفق عليها علماؤهم كافّة، فأنكر شرعية التوسل بالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، وشدّ الرحال لزيارة مرقده الشريف، والأسوأ من كلّ ذلك دعا إلى التجسيم والتشبيه في غير واحد من كتبه، حتّى صرّح بأنّ الله سبحانه جالس على عرشه، إلى غير ذلك من الخرافات التي لا تنسجم مع العقل والنقل.

فقام لفيف من علماء عصره وما بعده، من غير فرق بين علماء السنّة والشيعة، فألّفوا كتباً ورسائل في ردّ ضلالاته، حتى حُكم عليه بالسجن الذي مات فيه. وبقيت أوهام ابن تيمية وضلالاته خامدة هامدة بعد موته، ولا يرغب فيها أحد، إلى أن جاء محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر، فأحيا ما اندثر من أفكار ابن تيمية، ودعا إلى متابعته في وسط بيئة تسود فيها الأُميّة، وقامت السلطة السعودية بمساندته في الحجاز، من خلال بذل الأموال، والإغارة على العشائر، فنشرت هذه الخرافات والشبهات، فتصدّى لها علماء الفريقين ببيان الحقائق وإزالة الشكوك والشبهات، فألّفوا كتباً ورسائل لا تعدّ ولا تحصى.

ونحن إذ نبارك لكم هذا المؤتمر القيّم، نأمل منكم نشرَ الكتب الصغيرة التي تناقش هذه الشبهات، وتحديد تاريخ نشوئها وانتشارها، وتحرير الردود الواضحة عليها.

قال الإمام الصادق(عليه السلام):«علماء شيعتنا مرابطون بالثغر الذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا».(3)

وفي الختام ندعو الله لكم بالتوفيق في هذا المضمار،
ونتمنى مواصلة هذا العمل المبارك بنيّة خالصة والله من وراء القصد.
جعفر السبحاني
قم المقدسة، مؤسسة الإمام الصادق(عليه السلام)
11 ربيع الثاني 1443هـ

 

وانطلقت أمس الأحد (28 تشرين الثاني 2021) أعمال المؤتمر الخاص بالكلام الشيعي والذي ينظمه قسم التربية الإسلامية في الاتحاد العالمي للشيعة الخوجة بالعاصمة البريطانية لندن.

وافتتح المؤتمر ببث كلمة خاصة وجهها المرجع الديني آية الله الشيخ جعفر السبحاني وبحضور نخبة من العلماء مثل السيد جلال معصومي ، والسيد منير الخباز ، والشيخ الدكتور علي الحكيم.الكلام الشيعي.. المعتقدات والمنهجيات

 

علم الكلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky