الاجتهاد: دعا المرجع الديني آية الله الشيخ جعفر السبحاني، الحوزات العلمية، إلى التركيز على جملة أمور منها إحياء الآثار الشيعية، والوقوف على الشبهات ورصدها والرد عليها، وكذلك الاهتمام بالتقريرات في الدراسات العلمية.
جاء ذلك في بيان له وجهه إلى الحوزات العلمية بمناسبة أسبوع البحث العلمي في إيران، أكد فيه سماحة المرجع السبحاني إن تعظيم البحث العلمي يجب ألا ينحصر بإطلاق بعض الشعارات وإنما يكون ذلك من منطلق الاهتمام بالفكر الإنساني وهو ما يميز الإنسان من غيره من المخلوقات.
وجاء في البيان:
يقول الإمام الحسن المجتبى عليه السلام: “إنكم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته”.
إن إحياء بعض المناسبات التي تضمها تواريخ الشعوب لا تخلو من فائدة قيّمة، ومن هذه المناسبات الاهتمام بموضوع البحث العلمي وتكريم العلماء والمثقفين الذي يخصصون حيزا واسعا من تركيزهم العلمي على شؤون المجتمع وسيما الفكرية منها.
إن أسمى ما يميز الإنسان وجلعه متفوقا على المخلوقات الأخرى يكمن في قدرته على الفكر والتفكير، ويجب ألا ننسى بأن تكريم البحث العلمي لهو أمر عظيم لكن يجب ألا نكتفي من ذلك بإطلاق بعض الشعارات فقط. فتجارب الشعوب التاريخية فيها خير مثال على العلاقة المباشرة بين الاهتمام بالفكر والبحث العلمي وبين التطور والكرامة.
وإذا نظرنا إلى التعاليم الإسلامية فنجد إن ديننا قد أعطى قيمة كبيرة لمسألة البحث والتفكر، كما في سيرة النبي الأكرم والأئمة المعصومين عليهم السلام من اهتمام بهذا الأمر ما يدهش القلوب. فالله تعالى أقسم في القرآن الكريم بالقلم وما يكتبون، كما إن الآيات القرآنية مليئة بعبارات مثل (أفلا يتدبرون)، و(أفلا يعقلون)، و(أفلا يعلمون).
فالنبي الأكرم صلوات الله عليه حث على طلب العلم حتى وإن كان في أبعد نقاط الأرض ومثله أيضا أمر به أئمتنا الأطهار. وهي الركيزة التي انطلق منها المسلمون فاهتموا بمختلف العلوم فأبدعوا فيها وحققوا إنجازات مذهلة فأسسوا لحضارة متقدمة في مدة قصيرة متجاوزين بذلك العصر الجاهلي، فتفوقوا على جميع الحضارات وبلغوا العلى.
واليوم وبعد قرون من الفتور الذي سببه حملات الصليبيين والمغول، تعيش الحضارة الإسلامية أيام انبعاث مجدد بفضل تأسيس النظام الإسلامي على يد الإمام الخميني، وهي الفرصة التي يجب ألا تفوتها الحوزات العلمية، وعليها أن تستغلها أحسن استغلال فتؤدي دورها وتكون حيثما يجب أن تكون.
وفي هذا الصدد، أود أن ألفت انتباه أعزائي الحوزويين إلى بضع نقاط:
الاهتمام بالتقرير العلمي في البحوث والدراسات، وتهيئة التقريرات للطباعة والنشر، سيما كل ما من شأنه أن يفك عقدة علمية
ضرورة طباعة الأطروحات القيمة علميا والاستثمار فيها، ويأتي موضوع القرآن والنبوة والسيرة على رأس الموضوعات المؤكد عليها حاليا
يجب إحياء الآثار الشيعية بجهد مضاعف، فالعديد منها راح ضحية الحروب فمنها ما حرق ومنها ما تلف بسبب حقدا الأعداء.
الوقوف على الهجمات والشبهات التي تريد النيل من الشيعة والرد عليها، ردا علميا رصينا.
إن التأليف الذي لا يفك عقدة من عُقد ومشاكل الإنسان ولا يقدم حلا ولا يخدم الدين والعقيدة، لا يمكن أن يكون تأليفا مهما؛ فشيخ الطائفة كتب تفسير التبيان ليسد فراغ غياب المؤلف التفسيري. فهكذا كان منهج علماءنا ويجب أن نسير عليه، مما يتطلب توجيه البحوث والدراسات الحوزوية لتكون متلائمة مع البيئة الفكرية
أفضل الأقلام هو القلم الذي ينقل علوم السلف إلى الأجيال القادمة، فعلي الحوزويين والمدارس العلمية السير في هذا الخط
وختم المرجع السبحاني بيانه بتقديم شكره لجميع الطلبة والباحثين الذين يبذلون جهودهم العلمية لإعلاء كلمة الإسلام، داعيا لهم بالتوفيق والنجاح.
شفقنا