تحميل العدد السابع عشر من مجلة “ذوات” الثقافية الإلكترونية نصف الشهرية، مخصصا موضوع عدده الرئيس لقضية “المرأة العربية والمشاركة السياسية”.موقع الاجتهاد: على الرغم من المواقع المهمة التي احتلتها المرأة العربية في السنوات الأخيرة، وفي مجموعة من المجالات، ما زال سؤال المرأة العربية والمشاركة السياسية يطرح نفسه وبإلحاح، خاصة بعد الثورات العربية أو ما يعرف بـ “الربيع العربي”، رغم أن المرأة كانت وقود الثورة، وذلك للتراجع الخطير الذي عرفته التمثيلية السياسية للمرأة العربية، والتي كانت تحظى بمكانة “مهمة” في البرلمانات العربية، بل وحتى في الحكومات السابقة، خاصة بعد توقيع مجموعة من البلدان العربية على اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة، وتخصيصها لنظام المحاصصة أو ما يعرف بـ “الكوطا” النسائية، الذي تم اللجوء إليه من أجل رفع تمثيلية المرأة في المشهد السياسي.
ففي تونس مثلا، كما جاء في افتتاحية الإعلامية المغربية رئيسة تحرير المجلة سعيدة شريف، البلد الذي كانت المرأة تحظى فيه بأفضل وضعية قانونية واجتماعية مقارنة مع باقي البلدان العربية، عرف هجمات على مكاسب المرأة التي تحققت مع الدولة التونسية الحديثة مع الحبيب بورقيبة، خاصة مع وصول الإسلاميين إلى الحكم بعد انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2011، واستمر الوضع بعد ذلك، كما تقول الباحثة التونسية آمنة الرميلي في هذا الملف، وعادت النساء التونسيات إلى التظاهر والاعتصام من أجل المحافظة على المكتسبات القديمة، عوض المطالبة بحق المناصفة أو التناصف في البرلمان والحكومة، وبقي حضور المرأة في الحكومات ضعيفاً وهشّاً وثانويّاً.
وفي المغرب، تراجعت تمثيلية النساء في الحكومة والبرلمان مع حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي، كما انقلبت الأحزاب الذكورية على ما أعطته القوانين للنساء من مكتسبات، وكانت النساء الخاسر الأكبر في أول انتخابات للجماعات الترابية في ظل الدستور الجديد، رغم أنهن حصلن على ضعف المقاعد التي حصلن عليها في انتخابات 2009 (6673 مقعدا في 2015 عوض 3465 مقعدا في 2009). وبحسب المراقبين لهذه الانتخابات الجماعية الأخيرة بالمغرب في 4 شتنبر (سبتمبر) الماضي، فقد “تم توظيف النساء في إنجاح العملية الانتخابية لتأثيث المشهد، وتوفير أرقام الدعاية الإعلامية، وتم إقصاؤهن على مستوى تقسيم حصيلة تلك العملية الانتخابية فيما يتعلق بالمناصب والوظائف داخل المجالس المنتخبة”.
ويعزو المراقبون هذا الوضع المتردي للتمثيلية السياسية النسائية في الوطن العربي إلى عوامل عدة على رأسها استمرار النظرة الدونية للمرأة، وانعدام المساواة بينها وبين الرجل، وعدم تطبيق القوانين على أرض الواقع، إضافة إلى العامل الديني، الذي كلما عاد بقوة في الساحة العربية الإسلامية إلا وانتكست وضعية المرأة على جميع المستويات، وعامل الثقة في النفس، والإيمان بالذات، والتحرر من كل الأغلال.
ولعل هذه العوامل هي ما يبحث فيها ملف العدد السابع عشر من مجلة “ذوات”الثقافية الإلكترونية، الصادرة عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، والمنشورة بالموقع الإلكتروني للمؤسسة ابتداء من يومه 6 أكتوبر ( تشرين الأول) الجاري، ويسلط الضوء على واقع مشاركة المرأة العربية سياسيا، خصوصا بعد ما يعرف بـ”الربيع العربي”، ويقف عند المعيقات والمشاكل التي تحول دون مشاركتها الناجعة في المشهد السياسي العربي، ويحاول الإجابة عن مجموعة من الأسئلة، من بينها: هل الدين فعلا يشكل في المجتمعات العربية عائقا أمام ولوج المرأة معترك السياسة والاقتصاد داخل المجتمعات العربية؟ وكيف يمكن للمرأة العربية أن تتخطى كل الحواجز لتكون عنصرا فاعلا سياسيا؟ وكيف تمر من الحضور الصوري الشكلي إلى دائرة الفعل والتغيير والبناء؟
ويضم هذا الملف، الذي أعده الكاتب والإعلامي التونسي عيسى جابلي، أربعة مقالات: الأول للباحث والكاتب الأردني يوسف ربابعة بعنوان “المرأة والمشاركة السياسية في الربيع العربي؛ أحلام الثورة ونكوص الواقع “، والثاني للباحثة المصرية صفاء خليفة بعنوان “أبعاد تمكين المرأة في المجتمعات العربية بين الدين والمجتمع”، والثالث للباحثة التونسية آمنة الرميلي وسمته بـ “المرأة العربية والسياسة: الجهد الضائع..؟”، ثم مقال رابع للباحثة المغربية إكرام عدنني عنوانه “المعوقات الاجتماعية والثقافية أمام التمكين السياسي للمرأة العربية: أي دور للدين؟”. أما حوار الملف، فهو مع الباحثة التونسية آمال قرامي، الذي أوضحت فيه أن المرأة العربية قد استفادت من مناخ التحرر بنسب متفاوتة حسب الفئات العمرية والجغرافيا، وزحزحت الاعتقاد السائد بأن فئة واسعة من النساء ما عادت تعتقد أن “منصب الرئاسة من اللامفكّر فيه”، وأكدت أن الدين لا يمثل عائقا أمام دخول النساء معترك العمل السياسي، بل هو “فهم النصوص الدينية، أو بمعنى أوضح الفعل التأويلي البشري الذي سيَّج النصوص، وجعلها تسير في اتجاه احتكار الرجال النشاط السياسي”.
ويتضمن باب “رأي ذوات” مقالاً للباحث اليمني جمال حسن بعنوان “الرواية بين الإبداع والمعرفة”، ومقالاً ثانيا للباحث المغربي عبد اللطيف الخمسي بعنوان “في حداثة التربية على حقوق الإنسان”، والثالث للباحث والكاتب السوري طارق عزيزة بعنوان “أزمة المواطنة في البلدان العربية”؛ ويشتمل باب “ثقافة وفنون” على مقالين: الأول للكاتبة والناقدة المغربية لطيفة لبصير السوري تحت عنوان “أمكنة تتحدث في أدب أليس مونرو..”، والثاني للباحث اليمني محمد مرشد محمد الكميم عن “حالات الماء: اختراق الفلسفي للأدبي في “عندما يطير الفلاسفة””.
ويقدم باب “حوار ذوات” لقاء مع الفيلسوف التونسي فتحي المسكيني، أجراه الكاتب عبد الدائم السلامي، يتحدث فيه عن الفلسفة العربية، والهوية، والإرهاب، والمشهد السياسي العربي والعالمي؛ فيما تقدم الكاتبة والباحثة السورية والمدربة في قضايا المرأة والطفل علياء أحمد مقالا بعنوان “التربية بالحب نمو حقيقي للإنسان”، وذلك في باب “تربية وتعليم”.
ويتعزز هذا العدد من مجلة “ذوات” بباب جديد يحمل اسم “بورتريه ذوات” سنرسم فيه صورا للمبدعين، والكتاب، والفنانين، ومن لهم أثر في الساحة الثقافية والفكرية العالمية والعربية، وفاتحة هذه الصور هي بورتريه للكاتب الإسباني/ العالمي خوان غويتيسولو، الكاتب الذي يجسد أنصع وأعمق تجليات الالتزام بأخلاقيات مهنة المبدع والمفكر.
أما باب “سؤال ذوات”، فيستقرئ فيه الزميل المهدي حميش آراء ستة باحثين عرب حول السينما والأخلاق في الوطن العربي، ويقدم الباحث الأردني نادر رزق قراءة في كتاب “متاهة السرداب” للكاتب والشاعر الأردني غازي الذيبة، وذلك في باب “كتب”، والذي يتضمن أيضاً تقديماً لبعض الإصدارات الجديدة لمؤسسة “مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث”، إضافة إلى لغة الأرقام التي نطلع فيها القراء على إحصائيات حديثة حول الأمية في الوطن العربي، والتي تقدر بـ 54 مليون في العام الجاري.
ويمكن للقراء الاطلاع على العدد 17 من مجلة “ذوات” في الموقع الإلكتروني لمؤسسة مؤمنون بلا حدود.