المحدِّدات الشرعية والمنطقية لصناعة الخطيب الحسيني (1)‏

الاجتهاد: بما أنّ الخطابة بمفهومها العام ـ المتوفّرة على عنصري الاستمالة والإقناع ـ تُعتبر أداةً إعلامية مهمّة في نشر وترويج الفكر الذي يتبنّاه أصحاب المشاريع المهمّة، على اختلاف متبنّياتهم وتوجّهاتهم ورؤاهم؛

فلذا نجد أنّ كلّ مَن أخذ على نفسه مهمّة العمل على إيصال رسالته ومشروعه إلى أكبر شريحةٍ من المجتمع ـ وفي نطاق المساحات الممكنة ـ من الطبيعي أن يسعى لتأمين عددٍ كافٍ من فئة الخطباء المؤثّرين في الأوساط العامّة من الناس، ويُعتبر الفعل الذي يقوم به هؤلاء أثراً من الآثار الطبيعية الناتجة عن بحثهم عن آليات مناسبة لنشر فكره وترويج مشروعه[2]،

بل ذكر بعض الباحثين أنّ الحاجة إلى الخطابة مرافقةٌ ليوميات بني البشر في الأعمّ الأغلب؛ فقد (…عرف الناس الخطابة منذ أن اجتمعوا في مكانٍ واحدٍ واستوطنوه؛ لأنّ الطبيعة تقتضي اختلاف الناس متى اجتمعوا، سواء كان هذا الاختلاف في رأي أو في عقيدة، أو كان الاختلاف بسبب تنافسٍ على غنيمة أو متاع أو سلطة، فيحاول المتفوّق أن يستميل إليه مَن يخالفونه وأن يُقنعهم، فإذا ما أقنعهم واستمالهم فهو خطيب، وقوله خطبة،

ثمّ إنّه من الطبيعي أن تنشب أُمورٌ تستدعي تعاون المجتمع، وتضافر قواه على اجتلاب نفعٍ عامٍّ مشترك، أو اتّقاء ضرر عام، فيتصدّر بعض النابهين من هذا المجتمع لقيادة الجماعة وزعامتها، وعُدَّتهم في ذلك الخطابة، على أنّ الناس في حياتهم القديمة تسلّحوا بأسلحةٍ مادّية للدفاع والعدوان، وتسلّحوا أيضاً بسلاحٍ معنويّ هو اللسان…)

 

تناول الباحث في القسم الأوّل من بحثه أبرز المحدِّدات الشرعية التي عُنيت بذكر الضوابط المهمّة في بناء الذات عند الخطيب الحسيني، والتي تمحورت في المحدِّدات العلمية، متناولاً في ذلك النصوص القرآنية والروائية التي أكّدت ضرورة توافر الجانب العلمي في الخطيب الحسيني، ليقوم بتطبيقها على الخطاب الذي أُلقي في فترة الأسر من قِبل الإمام زين العابدين(عليه السلام) وأهل بيته في الكوفة والشام، ومشيراً إلى المحدِّدات العملية وضرورة توافرها في الخطيب الحسيني، وأنّ النصوص الدينية قد ذكرت ثلاث حالات للجانب العملي في الخطيب الحسيني، وتطبيق الحالات المثلى على خطاب الإمام زين العابدين(عليه السلام) وأهل بيته كذلك، ولينتقل فيما بعد إلى المحدِّدات المعنوية والروحية في الخطيب، التي دلّت النصوص الدينية على ضرورتها أيضاً، مستخدماً الخطوات المتقدّمة في المحدِّدة العلمية ذاتها.

وأمّا البُعد الآخر من هذا القسم وهو المحدِّدات المتعلّقة بالخطاب، فقد تناول فيه عدّة نقاط، وبنفس الخطوات المتقدّمة؛ إذ تناول موضوعة الإعداد المسبق للخطاب، وضرورة التناسب الطردي بين المشكلة وحلّها، مع الإشارة إلى ضرورة مراعاة المتلقّي وتجنّب ما ينفّر الجمهور، ذاكراً بعد ذلك النماذج المثالية للخطاب الحسيني المثمر والمؤثّر. 

 

تحميل المقالة:

المحدِّدات الشرعية والمنطقية لصناعة الخطيب الحسيني.pdf القسم الأول

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky