كان انفتاح الشهيد الصدر على الإسلام الحركي من موقع الرغبة في الخروج من الجمود الذي كان يطبق على الوسط الديني ليحصره في دائرة ضيقة بعيدةٍ عن الأفق الواسع الذي يمثله الإسلام في فكره ومنهجه وشريعته وحركته من أجل أن يكون شاملًا للحياة كلها.
موقع الاجتهاد: إن من مشاكل الحركة الإسلامية في حركة الثورة والدولة أنها لا تجد الكثيرين ممن يستطيعون الجمع بين الفكر الفقهي العميق، وبين الفكر الحركي المنفتح ..مما جعل من مسألة صياغة المشروع الإسلامي الكامل، مسألة صعبةً جداً في الوقت الذي يمثل ذلك ضرورة إسلامية كبيرةً بالغة الأهمية في مسألة التصور الإسلامي الشامل، وفي الإجابة على كل علامات الاستفهام التي يطرحها الواقع المعاصر على جميع المستويات. لقد كان الشهيد الصدر أحد الرجال الكبار القلائل الذي يملكون عمق المعرفة الإسلامية وشمولها وامتدادها وإمكانية تطويرها وتعميقها في المواقع الجديدة .. وذلك من موقع الحركة الإسلامية التي تعيش في فكره كما تعيش في خطواته العملية في الحياة.
لقد كان مثال العالم الفقيه الأصولي الفيلسوف الإسلامي الحركي الذي جعل كل حركته العلمية المبدعة في خدمة الحركة الإسلامية الرائدة.
وقد كانت الجريمة بالقضاء على حياته المباركة تمثل خطورة الأجرام بمقدار ما أدت إلى خسارة العالم الإسلامي مما كان يمكن لهذا الإنسان الكبير أن يبدعه في كل مجالات المعرفة الإنسانية وما زال الباحثون بحاجة إلى التعميق في دراسة حياته العريضة القصيرة ليأخذوا منها الكثير من الدروس في حركة الإسلام نحو المستقبل.
الشهيد الصدر مدرسة فكرية شمولية ذات معالم متميزة وخصائص فريدة، أضاف حقائق جديدة في ميادين مختلفة من ميادين العلم. ففي الفقه هو عالم لا يجارى يعد من أكبار الفقهاء، وفي الأصول مدرسة تكاد تسبق معظم المدارس الأصولية على مر العصور، وفي الفلسفة فيلسوف قوي الحجة والبرهان، وفي الاقتصاد وضع أسس المذهب الإسلامي، وفي المنطق أضاف نظريات جديدة عجز عنها الآخرون، وفي التفسير اتجاه جديد، وفي التاريخ محقق قل نظيره …