قال رئيس جامعة المذاهب الإسلامية ان الأمة تواجه خطر الجاهلية والجاهلية الاجتماعية هي أكثر خطرا وخطورة وتدميرا من جاهلية قبل الإسلام، مضيفا أن صيرورة الإفراط كظاهرة اجتماعية سببت دخول الأمة الإسلامية في ظروف متأزمة وحرجة.
موقع الاجتهاد: أفادت العلاقات العامة بجامعة المذاهب الإسلامية أن عددا من المفكرين وكبار العلماء في كل من بلاد هند وموريتانيا قاموا بزيارة جامعة المذاهب الإسلامية والتقوا برئيسها سماحة الشيخ الدكتور أحمد مبلغي وتبادلوا أطراف الكلام.
الأمة تواجه خطر الجاهلية
وأردف قائلا: الخوف كل الخوف من التعاملات القبيحة والهمجية الجاهلة التي تصدر من بعض الجماعات المتطرفة والمتزمتة وأن تزداد وتستمر هذه التعاملات السلبية والسيئة.
الإفراط والعصبية أهم ميزات الجاهلية:
وأشار الدكتور مبلغي في خطابه الى سمات الجاهلية، قائلا: للجاهلية ميزات وسمات، من أكبرها وأكثرها خطرا الإفراط والعصبية، وأضاف: أنه وفقا للآية الشريفة “وكان أمرهم فرطا” ووفقا للحديث: “لا يرى الجاهل الا مفرِطَا أو مفرِّطَا” أن الإفراط هو أكبر ميزة الجهل.
وقد تطرق مبلغي الى الميزة الثانية من ميزات الجاهلية قائلا إنها هي العصبية، وقال: إن القرآن الكريم أشار الى ذلك وعبر عنه بـ “الحمية الجاهلية”.
وقال سماحته: هناك في نهج البلاغة إشارة بل إشارات الى هذا المضمون أيضا، حيث قال الإمام: فإن كان لابد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال ومحامد الأفعال ومحاسن الأمور التي تفاضلت فيها المجداء و…، كما يحذّر الإمام عليه السلام المسلمين عن ارتكاب القتل، بل يأمرهم بأن يعظّموا هذه المسألة. وهذه المسألة تدل على أمر خطير جدا وهو تعظيم القتل والدعوة بعدم التورط فيه، لأن الاستخفاف بهذه المسألة الهامة يؤدي الى الهلاك والتناحر في المجتمع الإسلامي.
خطر دخول الأمة في الجاهلية
وقال: نحن نشاهد اليوم أنه نفذ الإفراط والتعصب -مع شديد الأسف -في بعض الأوساط من الأمة الإسلامية على أوسع أشكاله، وتحويل هذه المسألة الخطيرة الى ظاهرة اجتماعية في البلدان الإسلامية هو الذي سيجعل من الأمة الإسلامية أن تقترب الى عتبة الجاهلية الجديدة.
وأضاف أن الأمة الإسلامية تتخبّط في أوضاع حرجة متأزّمة لوجود هاتين الظاهرتين الخطيرتين؛ أي: الإفراط العجيب الذي يصدر من بعض الجَهَلة، والعصبية المذهبية التي ابتلي الكثير من أبناء المذاهب بها.
كما قال سماحته: رغم أن الأمة الإسلامية أفضل وأكرم أمة من حيث البنية الفكرية والدينية، وهي “خير أمة أخرجت للناس” طرّا، غير أنها نظرا للإفراط والعصبية اللتين عشّا في جسد الأمة الإسلامية فهي سوف تتورّط في أوضاع متأزمة نسأل الله الخلاص منها.
وقال سماحته تجسيدا وتحليلا لهذه الأزمة: إنه بفعل هذه الإفراطات وهذه الانتماءات الخاطئة والتعاملات المدروسة والتي لا تصدر الا عن بعض الجهلة، انتسب الى الأمة الإسلامية ما لا يجب أن ينتسب اليها من التعاملات غير اللائقة، مما سيؤدى في القريب العاجل – فيما لو لم يعالج -الى المزيد من اندلاع ألسنة الخلافات والنزاعات الفكرية والاجتماعية والأخلاقية في شريان المجتمع الإسلامي، وإلى ظهور جاهلية جديدة خطيرة في الأمة الإسلامية.
لماذا الإفراط والعصبية اليوم أكثر خطورة؟
وقال سماحته أن سر كون الإفراط والعصبية اليوم أكثر خطورة من الإفراط والعصبية في الماضي (وحتى مما كان في الجاهلية قبل الاسلام)، هو أمران، أولهما: أن الافراط والعصبية قد ارتديا اليوم لباس الدين وظهرا في قالب التكفير والتفسيق وسوء الظن بالآخرين من منطلق الدين ومثله ينجر إلى التوسع في القتل وحصوله وشيوعه بأبشع الوجوه كالذبح والإحراق و … وثانيهما: أنه -ومع شديد الأسف– قد اشتد وتعمق الإفراط والتعصب بحيث سادا علاقات الأمة وبلغا حدها، ومعلوم أنه لو تحلّ العلاقات الجاهلة وغير الأخلاقية محل العلاقات الحميمة الأخلاقية بين أبناء البشر ستظهر وقتذاك الجاهلية الاجتماعية لامحالة، وأردف قائلا: لو تشيع هاتان الظاهرتان في شريان المجتمع الإسلامي وغيّرا علاقات الأمة، فان ذلك أكبر خطر يمكن تصوره، فانهما تحوّلان العلاقات الحميمة والتعاملات الإنسانية الى أسوء العلاقات وأبشع التعاملات.
يجب علينا التحكم بالأوضاع
الأمة تواجه خطر الجاهلية .. وصرّح مبلغي خلال تلويحه الى أن الإفراط قد أدخل المجتمع الإسلامي في وضع خطير تاريخيا وسياسيا، قائلا: يجب علينا أن نتحكّم على هذه الأوضاع وهذه الأخطار في أسرع وقت ممكن، وإلا ستنفذ وتنتشر جاهلية جديدة في جسد الأمة الإسلامية هي ستكون أعظم من حيث ما ستتركه من نتائج مدمرة للإنسانية والديانة من الجاهلية التي كانت قبل الاسلام.
ولو لم نحاول أن نجتاز هذه الأزمات والعوائق لانتشرت الجاهلية الاجتماعية في قلب المجتمع الإسلامي والبلدان المسلمة، وحال حدوث شيء من ذلك لا يمكن لأحد النجاة من المأزق والتخلص من هذه الورطات الهالكة. واليوم ظهر التعصب المقيت كإحدى ميزات الجاهلية باسم الدين والمذهب مع الأسف الشديد.
وأضاف أن الملاحظ ظهور هذا التعصب اليوم باسم الدين والمذهب، غير أن الإسلام – وفقا لما استنبطناه عن النصوص الدينية المعتبرة – يرى أن التعصب لا يجب أن يكون الا على الأصول الأخلاقية.
كما قال سماحته: نشاهد اليوم أن الجماعات المتزمتة بتعصبهم الطائفي أو المذهبي يقومون بقتل الشعب الأبرياء وسفك دماء المسلمين، مما يؤدى الى النفور الديني المتنامي لدى الناس مع الأسف. ولا شك أن الجاهلية لو تربّعت على رؤية المجتمع الإسلامي لأوردته موارد الهلاك والدمار، ويساوي ذلك تضعيف الدين وهدمه، كما قال: أن هذين الميزتين (العصبية والجاهلية) تسلّلتا في قلب المجتمع الإسلامي ولو نجد حلولا قويمة وطرق فعالة للوقوف في وجهما لتحكّمت الجاهلية على الأمة الإسلامية ودمرّت أركان الإسلام والدين. ومن هذا المنطلق يجب على علماء المسلمين في كافة أقطار العالم الإسلامي أن يقفوا في وجه هذا الفيروس الخطير الذي كاد أن يدك أركان المجتمع الإسلامي.
وقال سماحة الشيخ الدكتور مبلغي: لا شك أن ظهور الجاهلية الاجتماعية في الأمة الاسلامية أخطر من جاهلية قبل الإسلام بأضعاف مضاعفة، لأن جاهلية قبل الإسلام لم تكن جاهلية معتمدة على الدين، كما كان فيها شيء كثير من التقيّد بالأصول الأخلاقية ووفاء العهود والسخاء وما الى ذلك.
وقال رئيس جامعة المذاهب الإسلامية في القسم الأخير من خطابه أن الأمة تواجه خطر الجاهلية وجاهلية اليوم تتسلل في شريان المجتمع الإسلامي في لباس الدين والمذهب، وتروّج الفساد والدمار والجهل متذرّعة بالدين نفسه، ومن ثم يجب على جميع علماء الأمة الإسلامي من كافة أقطار العالم كله أن يحذّروا الناس والشعب عن هذه الفيروسات السامة الضارة ويقفوا في وجهها لكيلا تتمكن من المزيد من الانتشار.