المنبر-الحسيني-الشهيد-مطهري

إصلاح المنبر الحسيني في مؤلفات الشيخ مرتضى مطهري قراءة وصفية

الاجتهاد: إنّ الاشتغال على التعريف بالجوانب الشخصية للشيخ الشهيد مرتضى مطهري في هذه الدراسة، يأتي ضمن سياق التعريف بمنهجه الفكري الديني وليس بشخصه؛ لوجود مؤلفات عدّة تناولت تفاصيل حياته الشخصية.

حيث يُعدّ مطهّري من أبرز مفكري إيران الذين ظهروا في منتصف القرن الماضي، ولقد جمع مرتضى مطهّري في دراسته بين الحوزة والجامعة وبين الأصولية والتجديد، فاهتم من جهة بدراسة الأدب العربي والفارسي، وعلم الكلام والفلسفة الإسلامية، واللغة العربية، تاركاً لنا أكثر من خمسين كتاباً، مثّلت صرحاً من الإبداع الفكري، وجعلت منه واحداً من أبرز أعمدة الفكر في الفضاء الشيعي المعاصر،

ومن جهة أُخرى يُعدّ(رحمه الله) رائد التجديد وناقد الفكر الديني، والدعوة للعودة إلى القرآن الكريم، وتصحيح الأفكار ونبذ البدع. استُشهد الشيخ مرتضى مطهّري في 12/شباط/1980م على يد جماعات مسلحة، وشُيّع جثمانه تشييعاً مهيباً، شاركت فيه مختلف شرائح المجتمع الإيراني، وكان الإمام الخميني(قدس سره) يتصدّرهم، ودُفن الشيخ الشهيد مرتضى مطهّري بجوار مرقد السيّدة فاطمة المعصومة(عليها السلام) في مدينة قمّ جنوب طهران، وأُعلن الحداد العام في الجمهورية الإسلامية على روحه الطاهرة لمدّة ثلاثة أيّام، وأُقيم مجلس العزاء في المدرسة الفيضيّة.

وقد تحلّى الشهيد مطهري بجملة كبيرة من الخصال العلمية التي تميّزت بها شخصيته، وقد برزت في نتاجه العلمي وفي محاضراته وخطبه، والتي منها:

أولاً: دقة منهجه في التفكير، وعمق طريقته في معالجة المشكلات، فقد كان يعرض المسائل التي تشغل فكره عرضاً تفصيلياً، موضحاً تاريخها، وواصفاً إيّاها وصفاً دقيقاً وموضوعياً، ورابطاً بين القضايا ربطاً منطقياً محكماً، ومستنبطاً النتائج برؤية ثاقبة ودقة تقدير.

ثانياً: إيمانه العميق بما كان يدعو إليه ويُنظّر له من الرؤى والمبادئ، كما أنّه(رحمه الله) كان من ذوي القناعات الثابتة من دون تزمّت أو تعصّب في الرأي.

ثالثاً: كان مطهّري يتمتع بعقل رافض للتقليد الأعمى للأفكار، حتّى ولو كانت راسخة شائعة، ويتّبع النقد الواعي لكلّ فكرة من غير أن يقع تحت تأثيرها، أو يطغى عليه تماسك منطقها، مضافاً إلى أنّه(رحمه الله) لم يكن يقبل رأياً أو يرفضه إلّا بحجة قوية.

رابعاً: كان (رحمه الله) شديد الإيمان بحرية الفكر والتعبير عن الرأي، إيماناً مصحوباً بالتطبيق ومؤكّداً بالممارسة، بحيث كان(رحمه الله) يؤكّد على حق كلّ شخص في أن يعلن عمّا يراه بلا خوف أو قمع أو اضطهاد، وأنّ الإسلام يضمن حرية الفكر والقول، مع سلامة النية وصدق القصد من غير خداع أو تضليل.

خامساً: إنّه(رحمه الله) كان يعالج من خلال نتاجه الفكري الموضوعات التي لها مسيس الحاجة في المجتمع، ويتطرّق إلى المشكلات التي يعاني منها الواقع، فيختار الأهم منها، ثمّ المهم منها، وذلك من قبيل: حقوق المرأة، والحجاب، والقومية الإيرانية.

هذا، وقد ظهرت العديد من الدراسات الأكاديمية الحديثة والمعاصرة عن المنبر الحسيني، منها ما اتّسم بالسطحية، وآخر اتّسم بالعمق والجدية، إلّا أنّ دراسات الشيخ مطهّري عن النهضة والملحمة الحسينية تتّسم بالأصالة والتحليل والعمق؛ لأنّه(رحمه الله) يرى أنّ الإمام الحسين(عليه السلام)، صاحب رسالة مقدّسة، هدفها الأساس المحافظة على نقاء الدين الإسلامي من زيف الادّعاءات الأُموية، وأنّ المنبر الحسيني لا بدّ أن ينطلق في معالجته لمختلف المشاكل التي يعاني منها المجتمع، كمعطى من معطيات هذه الرسالة، التي ضحّى من أجلها(عليه السلام) في واقعة الطفّ، هو ومَن معه من أهل بيته وصحبه؛

ومن هذا المنطلق، يمكن للباحث والمتابع أن يطرح مجموعة من الأسئلة المتعلّقة بما ذُكر، وهي: هل أنّ إصلاح المنبر الحسيني وفق رؤية مرتضى مطهّري ناجم عن تردّي وضع بعض خطباء المنبر؟ وما هي طروحات مطهّري لإصلاح المنبر الحسيني؟ وما هي منهجيته في تأليف كتبه موضع البحث والدراسة؟ سنحاول ـ في هذا المقام ـ الإجابة عن هذه الأسئلة وفق المنهج الوصفي التحليلي، معتمدين في ذلك على كتابي الشهيد مطهّري اللذين هما بعنوان: (الملحمة الحسينية)، و(بين المنبر والنهضة الحسينية).

 

بقلم: د. فراقد داوود سلمان الشلال

 تحميل المقالة:

إصلاح المنبر الحسيني في مؤلفات الشيخ مرتضى مطهّري قراءة وصفية

تحميل العدد الـ26 من مجلة الإصلاح الحسيني

 مجلة الإصلاح الحسيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky