خاص الاجتهاد: بحضور جمع غفير من علماء وأساتذة وفضلاء الحوزة العلمية أزيح الستار الأسبوع الماضي في مركز فقه الأئمّة الأطهار عليهم السلام بقم المقدسة عن كتاب ” الآراء السديدة في علم الأصول” من تأليف المرحوم الأستاذ السيد علي رضا الحائري.
بحضور الأساتذة وأصحاب السماحة وحجج الإسلام ري شهري، وحسيني بوشهري، والفاضل اللنكراني، والقائيني والسيد الشهرستاني، والنورمفيدي، وثلة من الأفاضل والباحثين وطلبة العلم أقيم في مركز فقه الأئمّة الأطهار “عليهم السلام” في قم المقدسة مراسم الستار عن كتاب ” الآراء السديدة في علم الأصول” للمرحوم الأستاذ السيد علي رضا حائري نيا.
وفي كلمة له في هذا الحفل حول الملامح الشخصية وسمات المرحوم السيد حائري نيا وتأليفه القيم قال الأستاذ الشيخ محمد جواد الفاضل اللنكراني: لقد وفقنا الله تعالى أن نستفيد من نمير علم المرحوم حائري نيا أكثر من عشر سنوات في البحوث الخارج التي تنعقد في مركز فقه الأئمّة الأطهار “عليهم السلام”، وكان مسيرته الدراسية حافلة بإخلاص شديد والطلاب الذين يتلمذون عنده أصبحوا من البارعين في علم الأصول .
نحمد الله تعالى على ما حققنا من نتائج مثمرة في هذا المركز وذلك بسبب وجود مثل هؤلاء الأساتذة الأعزاء وإقامة حفل هذا اليوم يكون للإحتفاء بشخضية هذا الفقيد.
يبين كتاب الآراء السديدة في علم الأصول، المباني الأصولية للشهيد الصدر”قدس سره” بشكل واضح وعميق ويلاحظ الإنسان أن مؤلف الكتاب قد استعرض هذه المباني بسلاسة ووضوح بحيث يتمكن الدارس بسهولة الوصول إلى مباني الشهيد الصدر الأصولية.
وكان المرحوم الشهيد الصدر (قدس سره) من حلقات التحقيق الأخير في مدرسة النجف، ومن يريد أن يكون له إحاطة بمباني النجف الأشرف يحتاج إلى معرفة المباني الإجتهادية للشهيد الصدر، وهذا الكتاب سيكون مفيدا جدًا لهم.
تجدر الإشارة إلى أنه تم تكريم أسرة المرحوم الأستاذ حائري نيا التي كانت حاضرة في الحفل.
وجدير بالذكر أن كتاب “الآراء السديدة في علم الأصول” من تأليف الأستاذ السيد علي رضا حائري نيا وتحقيق حجة الإسلام أمير حسين إيماني مقدم جاء في 386 صفحة باللغة العربية والذي تم إصداره عن منشورات مركز فقه الأئمّة الأطهار عليهم السلام.
مقدمة الأستاذ الشيخ محمد جواد الفاضل اللنكراني على كتاب الآراء السديدة في علم الأصول
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين المعصومين ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين
أمّا بعد، فمن الواضح اللاّئح أنّ لعلم الأُصول مرتبة عالية بين العلوم الدينية والبشرية، فهو مفتاح فهم الفقه بل الدين بأجمعه، فكما لا يمكن للفقيه أن يستنبط حكماً من الأحكام إلاّ مع التسلّط على هذا العلم فكذلك لا يمكن للمفسّر أن يفسّر القرآن، وللمحدّث أن يصل الى مغزى الحديث، وللمتكلّم أن يستدلّ بأدلّته في علم الكلام إلاّ أن يكون مسلّطاً على علم الأُصول، وأيضاً لا يمكن حلّ المسائل المستحدثة والورود فيها إلاّ بعد اتّخاذ المباني المرتبطة في هذا العلم.
نعم، كلّ علم يتطوّر ويتحوّل في كلّ زمان ولا يستثنى منه هذا العلم، فلا يصحّ الإكتفاء على المسائل الموجودة في كتبنا الأُصولية المتداولة كالكفاية والرسائل، بل مضافاً إلى التحقيق والتعميق والتزويد فيها لابدّ من الحاق بعض المباحث كالبحث عن مرجعية العرف ومدى تأثيرها، والبحث عن مدى حجّية العقل بصورة مستقلة كاملة، والبحث عن بناء العقلاء، والبحث عن الفرق بين العلّة والحكمة، فانّ لها ولأمثالها تأثيرات كبيرة في الاستنباط، وأيضاً لابدّ من الالتفات إلى ابتكارات المعاصرين
كالبحث عن الخطابات القانونية الذي أسّسه المحقّق الأُصولي الإمام الخميني (قدسسره) وله آثار قيّمة في الفقه والأُصول كما شرحناه مفصلاً في أبحاثنا[1]، والبحث عن حقّ الطاعة الذي أسّسه السيّد الشهيد الصدر(قدسسره) فإنّ له أيضاً آثار مهمة في الفقه والأُصول كما بحثنا عنه مفصلاً[2]، وبالجملة فنظام الاستنباط يتقوم من حيث القوّه والضعف، والسعة وعدمها بهذا العلم فكلّما كان الفقيه قوّياً في علم الأُصول يصير استنباطه في الفقه قوّياً محكماً، وكلّما كان ضعيفاً يكون الاستنباط ضعيفاً.
ومن المعاصرين في زماننا الأصولي المبتكر الشهيد السيّد الصدر قدسسره فانّه قد اهتمّ بهذا العلم اهتماماً عميقاً وكان متضلّعاً خبيراً جامعاً في علم الأصول وكان محيطاً بآراء المتقدّمين والمتأخّرين على حدّ كبير، وأدخل فيه بعض المسائل العلمية الجديدة وأسّس عليه بعض آرائه الأصولية،
فانّه في البحث عن حقيقة الوضع قد اتّخذ رأياً جديداً سمّاه باسم «القرن الأكيد» وبحثنا عنه مفصلاً في رسالة حقيقة الوضع[3]، وبعد الرجوع إلى الكتب العلمية في العلوم الجديدة نجد أنّ لهذا المبنى جذوراً في تلك الكتب، كما أنّه أدخل حساب الاحتمالات في بعض المباحث الأُصولية.
فهو من أركان علم الأُصول في الزمن الحاضر، وقد تربّى في يده كثير من الأعاظم والمجتهدين، فمنهم السيد الزكي الالمعي الأصولي آية اللّه السيّد علي رضا الحائري(قدسسره)، فانّه أخذ المباحث والآراء والمباني من أستاذه الشهيد بصورة دقيقة جامعة، ومن أجل ذلك دعوتُه للإفاضة والتدريس في مركز فقه الأئمّة الأطهار(عليهمالسلام) في قم المقدّسة الذي كان أساسه على تربية المجتهدين والفقهاء العارفين بالزمان الباحثين عن المباحث المستحدثة الجديدة التي يحتاج اليها النظام الإسلام والنظام البشري، وتلبّى وأجاب وحضر في هذا المركز أكثر من عشر سنين،
وقد تصدّى للمباحث الأصولية على مستوى البحث الخارج واستفاد منه جمع غفير من الفضلاء والطلاب، منهم سماحة الشيخ العزيز والفاضل المجد حجّة الإسلام أميرحسين الإيماني مقدّم ـ دامت افاضاته ـ فانّه مضافاً إلى الحضور في مجلس درسه قد حضر في بيته للاستضائه به ومهّد ما كتبه السيّد من تقريرات السيد الشهيد وجهد جهداً وسيعاً حتى وصل المجلّد الأوّل منها في حياة المؤلف تحت إشرافه إلى مرحلة الانتاج وقد سمّاه بـ «الآراء السديدة في علم الأصول» فهو قدسسره كان يعتقد أنّ هذا التقرير مضافاً إلى تحقيقاته الشريفة في المباحث الأصولية، أحسن من سائر التقارير من حيث الوضوح والفهم،
فنشكر الممهّد على تمهيد هذا العمل الجيّد ونطلب من اللّه تبارك وتعالى أن يوفقه لإتمام هذا المشروع، وأن يحشر السيد الحائري وأستاذه الشهيد مع محمد وآله الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين، وأن يتقبّل منّا وممّن ساهم في هذا الأمر من المسئولين في مركز فقه الأئمة الأطهار(عليهمالسلام)، خصوصاً مدير المركز سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ الفاضل الكاشاني والمسئول في معاونية التحقيق سماحة حجة الإسلام والمسلمين، الدكتور السيّد جواد الحسينيخواه ـ دامت افاضاتهما ـ
تقديم المحقق أمير حسين الإيماني مقدّم للكتاب
مقدمة التحقيق
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمدُ للّه ربّ العالمين، وأفضل الصلاة على أشرف الخلق سيّدنا وشفيعنا وحبيب قلوبنا النبيّ الأعظم محمّد بن عبد اللّه رسول اللّه وخاتم النبيِّين، وعلى أهل بيته المعصومين الذين أذهب اللّه عنهم الرِّجس وطهّرهم تطهيرا، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الآن إلى يوم الدين.
أمّا بعد، فلا يخفى على أيّ عالم ديني أنّ علم أصول الفقه من أشرف العلوم الإسلاميّة وأعلاها وأنفعها وأمسّها حاجة في معرفة الحلال والحرام وجميع الأحكام الإلهية حيث إنّ به تتبيّن طرق استنباط الأحكام الشرعيّة من أدلّتها العقلية أوالنقلية. فيكون واجباً على من ابتغى الاجتهاد وعلى كلّ من أراد السير في سبيل الفهم الصحيح للدين أن يغور في أعماق هذا العلم ويتدرّب على مسائله وقضاياه، كما كان ديدن الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ ودأبهم.
ولقد استطاع الإمام الشهيد آية اللّه العظمى السيّد محمّد باقر الصدر(قدسسره) بإبداع مدرسة جليلة وابتكار مسلك وإحداث منهج في هذا المجال، لها مقوماتها وأركانها ومبانيها ومعالمها، وإذاما أردنا في هذه العجالة التعرّف على أهمّ مميزات هذه المدرسة، أمكن لنا تلخيصها ضمن النقاط التالية:
1. الشمول والجامعية
2. العمق والنضج
3. الإبداع والابتكار
4. النزعة المنطقية والعقلائية
5. السلاسة والوضوح
6. الذوق الفنّي والإحساس العرفي
وقد قام سيّدنا الأستاذ العلاّمة المحقّق سماحة آية اللّه السيّد علي رضا الحائري نيا( رحمهالله) من هذه المدرسة الجليلة بكتابة علم أصول الفقه وفقاً لمباني أستاذه الشهيد آية اللّه السيد محمد باقر الصدر( رحمهالله) وبذل قصارى جهده وثمرة عمرهالشريفعاكفاً على تشييد مبانيها وبيان نظريّاتها وذبّ الإشكالات عنها.
وقد امتاز هذا الأثر عن نظائره بسلاسة في القلم، وجزالة في التّعبير، ودقّة في البيان، وفي الوقت نفسه حوى إبداعات جديدة وابتكارات فريدة، كما وامتاز بأنّه تمّ تأليفه وفقاً لمنهج الشهيد الصدر(رحمه الله) في كتابه المسمّى بـ (دروس في علم الأصول) ومن هنا نجده قد شرع في البحث عن مسئلة القطع بعد بيان المدخل.
وقد كانت مخطوطة هذا الكتاب والتي دوّنها المؤلف(رحمه الله) بأنامله الشريفة في مدة تقارب عشرين سنة، مكنوزة في مكتبته الشخصيّة، لم تر النور ولم يطّلع عليها الباحثون والمحقّقون إلا ثلّة من تلامذته الذين حضروا بحثه ولازموه.
وقد وفّقني اللّه سبحانه لتدوين هذا الأثر النفيس وتحقيقه، فكنت أختلف إلى بيته الشريف مدة تناهز ثمانية أشهر قبل وفاته، وكان(قدس سره) يقرأ عليّ متنه المتين وأنا أقوم بمقابلة هذه النسخة وتصحيحها، وقد بذلت غاية الجهد في تهذيبها وتصحيحها كي تأتي خالية عن الخطأ وإن كانت العصمة لأهلها، كما وأضفت العناوين المناسبة في المتن والحاشية والهامش.
وقد سمّى سيّدنا الأستاذ هذا الكتاب بـ (الآراء السديدة في علم الأصول) وإنّه كان يرغب في نشر هذا الكتاب في مركز فقه الأئمة الأطهار(عليهمالسلام) وهو كان من أساتذة البحث الخارج في ذلك المركز الفقهي مدّة مديدة تقرب على عشر سنوات، ولذا حفّز شيخنا الأستاذ العلاّمة آية اللّه محمّدجواد الفاضل اللنكراني ـ دامت بركاته ـ رئاسة مركز فقه الأئمّة الأطهار(عليهمالسلام) على طبع هذا الكتاب ونشر هذه الأوراق، فللّله درّه وعلى اللّه أجره العظيم.
وها نحن نجعل هذا الأثر السديد بين أيدي الفضلاء الكرام والعلماء الأعلام على أمل أن يكون نافعا لهم إن شاء اللّه تعالى.
وتجدر الإشارة ههنا إلى أمرين:
الأوّل: أنّ ديدن المؤلف« رحمهالله» في هذا الكتاب جرى على أن يستعمل جملة (سيّدنا الأستاذ الشهيد« رحمهالله») ويريد بها (سماحة آية اللّه العظمى السيد محمّد باقر الصدر قدسسره) وأن يستعمل جملة (السيّد الأستاذ« رحمهالله») ويريد بها (سماحة آية اللّه العظمى السيّد أبوالقاسم الخوئي« رحمهالله»).
الثاني: أنّ طريقته(قدسسره) في النقل عن الأشخاص كانت الإتيان بمثل لفظ (مانصّه) في مورد نقل عين الكلام من دون تصرّف في ألفاظه، والإتيان بمثل لفظ (كما قال فلان) في مورد نقل مضمون كلام الآخرين، وقد استخدم هذا النوع من النقل ـ أي النقل بالمعنى ـ كثيرا في كلامه.
وفي الختام ينبغي أن أسأل اللّه الرحمة والمغفرة وعلوّ الدرجات للمرجع الفقيد والمحقّق الكبير سماحة الشيخ آيهاللّه العظمى محمّد الفاضل اللنكراني( رحمهالله) الذي أسّس «مركز فقه الأئمّة الأطهار(عليهمالسلام)»؛ فإنّه اليوم صار من أهمّ المراكز الفقهيّة في الحوزات العلمية.
وأنا بدوري ومن باب من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، أشكر جميع من شاركني وساعدني لإنجاز هذا العمل وظهور هذا الأثر القيّم إلى النور، وأخصّ بالذكر سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد رضا الفاضل الكاشاني ـ دامت بركاته ـ مدير مركز فقه الأئمة الأطهار(عليهمالسلام) ومعاونية البحوث في مركز فقه الأئمّة الأطهار(عليهمالسلام) حجة الإسلام والمسلمين الدكتور السيّد جواد الحسينيخواه ـ دامت تأييداته ـ وأيضاً الأخ الصديق حجّة الإسلام مجتبى الشجاع (زيد عزّه) للجهد الذي بذلوه في طبع ونشر هذا المشروع، كما وأتقدّم بالشكر لذوي المؤلّف لما قدّموه من جهود مضنية في إخراج هذا السفر الجليل، وأسأل اللّه تعالى أن يوفّقني لمرضاته ومرضاة وليّه الحجّة بن الحسن العسكري (عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف).