شهر رجب

أعمال شهر رجب من كتاب” إقبال الأعمال” للسيد ابن طاووس (رحمه الله)

خاص الاجتهاد: أعمال شهر رجب: كتاب إقبال الأعمال من الكتب المهمة والمصادر الأولى في الأدعية، وعليه اعتمد علماء الشيعة حتى هذه العصور المتأخرة، فلا تجد كتاباً في مجال الأدعية والأعمال والأذكار في خصوص الأشهر وعلى وجه التحديد أشهر العبادة رجب، وشعبان، ورمضان، وذي الحجة إلّا وهو يستند إليه.

الإقبالُ بالأعمالِ الحَسَنَةِ فيما يعمَلُ مَرَّةٍ في السَّنَةِ معروف باسمه المختصر إقبال الأعمال وهو من أهم كتب السيد ابن طاووس (رحمه الله) المتوفى سنة 664 هـ وهو مخصوص في الأدعية وأعمال السنة وزيارات المعصومين (عليهم السلام). كتبه وهو في سن الـ 60 من عمره.

ذكر ابن طاووس (رحمه الله) في مقدمة كتابه فلاح السائل أنه يريد كتابة تتميمات المصباح الكبير وهو كتاب جده الطوسي (رحمه الله) فكان كتاب إقبال الأعمال هو ثامنها، كتبه سنة 650 هـ، وهذا يعني أنه في سن الـ 60 تقريباً؛ حيث إن مولده كان سنة 589 هـ.

كتاب إقبال الأعمال من الكتب المهمة والمصادر الأولى في الأدعية، وعليه اعتمد علماء الشيعة حتى هذه العصور المتأخرة، فلا تجد كتاباً في مجال الأدعية والأعمال والأذكار في خصوص الأشهر وعلى وجه التحديد أشهر العبادة رجب، وشعبان، ورمضان، وذي الحجة إلاً وهو يستند إليه.

قال: وبالجملة للسيد رضي الدين علي بن طاووس بتأليفه أجزاء كتاب التتمات وجمعها من تلك الكتب حق عظيم على جميع الشيعة وكل من ألف بعده كتاباً في الدعاء فهو عيال عليه مغترف من حياضه متناول من موائده.

وفي ما يلي نقدم لكم 

أعمال شهر رجب

فهرس الفصول و محتواها

الفصل (1 - 2): فيما نذكره بالمعقول من تعظيم شهر رجب و التنبيه على شرف محله و تحف فضله

الباب الثامن فيما نذكره مما يختص بشهر رجب وبركاته وما نختاره من عباداته وخيراته وفيه فصول :

الفصل ( 1 ) فيما نذكره بالمعقول من تعظيم شهر رجب والتنبيه على شرف محله وتحف فضله

اعلم اننا كنا ذكرنا في اوائل هذا الجزء وبعد اثبات ابواب هذا الكتاب ان الشهور كالمراحل الى الموت وما بعده من المنازل، وان كل منزل ينزله العبد في دنياه في شهوره وايامه، فينبغي أنى كون محله على قدر ما يتفضل الله جل جلاله فيه من اكرامه وانعامه .

ومنذ فارقت إليها الناظر في كتابنا هذا شهر ربيع الأول الذي كان فيه مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله، وما ذكرناه فيه من الفضل المكمل، ولم تجد من المنازل المتشرفة بزيادة المكتسب افضل من هذا شهر رجب ، لاشتماله على وقت ارسال الله جل جلاله رسوله محمدا صلوات الله عليه الى عبادة واغاثة (1) اهل بلاده بهدايته وارشاده، ولأجل حرماته التي يأتي ذكرها في روايات بركاته وخيراته.

فكن مقبلا على مواسم (2) هذا الشهر بعقلك وقلبك، ومعترفا بالمراحل والمكارم المودعة فيك من ربك، واملأ ظهور مطاياه من ذخائر طاعتك لمولاه ورضاه ومما يسرك ان تلقاه، واجتهد ان لا تبقى في المنزل الذي تعلم انك راحل عنه ما تندم على تركه اولا بذلك منه ، فكلما انت تاركه منهوب مسلوب وانت مطلوب مغلوب، وسائر عن قليل وراء مطايا اعمالك ، ونازل حيث حملت ما قدمت من قماشك ورحالك، فاحذر نفسي واياك ان يكون المقتول من الذخائر ندما وشرابه علقما (3) وعافيته سقما.

فهل تجد انك تقدر على اعادة المطايا الى دار الرزايا تعيد عليك ما مضى من حياتك ، وتستدرك ما فرطت فيه من طاعاتك ونقل مهماتك وسعاداتك، هيهات هيهات لقد كنت تسمع وانت في الدنيا بلسان الحال تلهف النادمين وتأسف المفرطين وصارت الحجة عليك لرب العالمين، فاستظهر رحمك الله استظهار اهل الامكان في الظفر بالامان والرضوان.

وسوف نذكر من طريق الاخبار طرفا من العبادات والاسرار في الليل والنهار المقتضية لنعيم دار القرار ، فلا تكن عن الخير نواما ولا لنفسك يوم القيامة لواما، وإذا لم نذكر اسنادا لكلها فسوف نذكر احاديث مسندة عن الثقات انه من بلغه اعمال صالحة وعمل بها فانه يظفر بفضلها، وقد قدمناها في اول المهمات، وانما اعددناها هاهنا في المراقبات.

فمن ذلك اننا روينا باسنادنا الى أبي جعفر بن بابويه رضوان الله عليه من كتاب ثواب الأعمال فيما رواه باسناده الى صفوان عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام انه قال: من بلغه شئ من الخير فعمل به كان له أجر ذلك ، وان كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقله ( 4 ) .  

اقول : ومن ذلك ما رويناه باسنادنا الى محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله من كتاب الكافي ، في باب من بلغه ثواب من الله تعالى على عمل فصنعه فقال ما هذا لفظه : علي بن ابراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من سمع شيئا من الثواب على شئ فصنعه كان له وان لم يكن كما بلغه (5).

ووجدنا هذا الحديث في اصل هشام بن سالم رحمه الله عن الصادق عليه السلام.

ومن ذلك باسنادنا ايضا الى محمد بن يعقوب فقال : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن عمران الزعفراني، عن محمد بن مروان قال : سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول : من بلغه ثواب من الله عز وجل على عمل ، فعمل ذلك العمل، التماس ذلك الثواب اوتيه ، وان لم يكن الحديث كما بلغه ( 6 ).

اقول : وهذا فضل من الله جل جلاله وكرم ما كان في الحساب، انك تعمل عملا لم ينزله في الكتاب ولم يأمر الله جل جلاله رسوله ان يبلغه اليك فتسلم ان يكون خطر ذلك العمل عليك ، وتصير من سعادتك ( 7 ) في دنياك وآخرتك .

فاعلم ان هذا له مدخل في صفات الاسعاد والارفاد ، فكيف لا يكون في صفات رحمته وجوده لذاته ومن لا نهاية لهباته ومن لا ينقصه الاحسان ولا يزيده الحرامان، ومن كلما وصل الى اهل مملكته، فهو زائد في مملكته وتعظيم دولته ، ولقد رويت ورأيت اخبارا لابن الفرات الوزير وغيره انهم زور عليهم جماعة رقاعا بالعطاب، فعلموا انها زور عليهم واطلقوا ما وقع في التزوير ، وهي من الاحاديث المشهورة عند الاعيان فلا اطيل بذكرها في هذا المكان.

وقد جائت شريعتنا المعظمة بنحو هذه المساعي المكرمة ، وذاك ان حكم الشريعة المحمدية انه لو التقى صف المسلمين في الحرب بصف الكافرين فتكلم واحد من اهل الاسلام كلمة اعتقدها كافر انه قد امنه بذلك الكلام ، لكان ذلك الكافر امانا من القتل ودرعا له من دروع الاسلام والفضل ، وقد تناصر ورود الروايات : ( ادرؤوا الحدود بالشبهات ) ( 8 ) ، فكن فيما نورده عاملا على اليقين بالظفر ومعترفا بحق محمد صلوات الله عليه سيد البشر .

فصل (2) فيما نذكره من فضل اول ليلة من شهر رجب بالمعقول من الادب فنقول :

قد عرفت ان الحديث المتظاهر والعمل المتناصر اتفقا على ان هذه اول ليلة من شهر رجب، من الليالي الاربع التي تحيي بالعبادات والمراقبات لعالم الخفيات، ومن فضل هذه الليلة ان الانسان لما خرج شهر محرم عنه، وكأنه قد فارق الامان الذي جعله الله جل جلاله بالاشهر الحرم ، واخذ ذلك الامان منه، فإذا دخلت اول ليلة من شهر رجب المقبل عليه، فقد انعم الله جل جلاله عليه بالامان الذي ذهب منه، وادخله في الحمى والحرم الذي كان قد خرج عنه.

وما يخفى عن ذوى الالباب الفرق بين الخروج عن حمى الملوك الحاكمين في الرقاب ومفارقة ما جعلوه امانا عند خوف العتاب أو العقاب ، وبين الدخول في التشريف بالمقام في معاينة الثواب ، فليكن الانسان معترفا لله جل جلاله في اول ليلة من شهر رجب بهذا الفضل الذي غير محتسب ومتمسكا بقوة هذا السبب.

واعلم انه إذا كانت اشهر الحرم قد اقتضت في الجاهلية والاسلام ترك الحروب والسكون عن الفعل الحرام ، فكيف يحتمل هذه الشهور ان يقع محاربة بين العبد ومالكه في شئ من الامور ، وكيف يعظم وقوع المحارم بين عبد وعبد مثله ولا يعظم اضعاف ذلك بين العبد وبين مالك امره كله ، فالحذر الحذر من التهوين بالله في هذه الاوقات المحرمة ، وان يهتك العبد شيئا من شهورها المعظمة .

( الهوامش )

1 – اعانة ( خ ل ).

2 – العلقم : الحنظل وكل شئ مر .

3 – مراسم ( خ ل ) .

4 – ثواب الاعمال : 16 .

5 – الكافي 2 : 71 ، عنه الوسائل 1 : 82 .

6 – الكافي 2 : 71 عنه الوسائل 1 : 82 .

7 – سعاداتك ( خ ل ) .

8 – المقنع : 147 ، عنه مستدرك الوسائل 18 : 27 .

الفصل(3 - 4): أعمال الليلة الأولى - فضل الغسل في أوله و وسطه و آخره

فصل ( 3 ) فيما نذكره من عمل اول ليلة من رجب بالمنقول عن ذوي الرتب فمن ذلك الدعاء عند هلال رجب، وجدناه في كتب الدعوات، مروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان يقول:

اللهم أهله علينا بالأمن والايمان والسلامة والاسلام، ربي وربك الله عز وجل (1) .

وروي أنه عليه السلام كان إذا رأى هلال رجب قال: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا شهر رمضان، وأعنا على الصيام والقيام، وحفظ اللسان، وغض البصر، ولا تجعل حظنا منه الجوع والعطش.

قال: ويستحب أن يقرء عند رؤية الهلال سورة الفاتحة (2) سبع مرات، فانه من قرأها عند رؤية الهلال عافاه الله من رمد العين في ذلك الشهر.

وروي أنه عليه السلام كان إذا رأى الهلال كبر ثلاثا وهلل ثلاثا ثم قال: الحمد لله الذي أذهب شهر كذا، وجاء بشهر ، كذا.

فصل (4) فيما نذكره من فضل الغسل في اول رجب وأوسطه وآخره وجدناه في كتب العبادات عن النبي عليه افضل الصلوات انه قال”:

من أدرك شهر رجب، فاغتسل في اوله واوسطه وآخره، خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه ( 3 ) .

( الهوامش )

1 – عنه البحار 98 : 376 .

2 – فاتحة الكتاب ( خ ل ) .

3 – عنه البحار 98 : 377 ، وعن نوادر الراوندي 97 : 46 .

الفصل ( 5 - 6 ) : فيما نذكره من حديث الملك الداعي إلى الله في كل ليلة من رجب - دعاء في أول ليلة 

فصل ( 5 ) فيما نذكره من حديث الملك الداعي الى الله في كل ليلة من رجب نقلناه من كتب العبادات عن النبي صلوات الله عليه أنه قال :

إن الله تعالى نصب في السماء السابعة ملكا يقال له : الداعي ، فإذا دخل شهر رجب ينادي (1) ذلك الملك كل ليلة منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين، ويقول الله تعالى: أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته، ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلا بيني وبين عبادي فمن اعتصم به وصل إلي (2).

فصل ( 6 ) فيما نذكره من الدعاء في اول ليلة من رجب بعد العشاء الآخرة

روينا باسنادنا إلى احمد بن محمد بن عيسى ( وقد زكاه النجاشي وأثنى عليه ( 3 ) – باسناده إلى أبي جعفر عليه السلام قال: تدعو في أول ليلة من رجب بعد عشاء الاخرة (4) بهذا الدعاء:

اللهم إني أسألك بأنك مليك، وأنك على كل شئ مقتدر(5)، وأنك ما تشاء من أمر يكون، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلواتك عليه وآله، يا محمد يا رسول الله إني أتوجه إلى الله ربي وربك لينجح بك طلبتي، اللهم بنبيك محمد، وبالأئمة من أهل بيته أنجح طلبتي، ثم تسأل حاجتك (6) .(7)

الهوامش

1 – نادى ( خ ل ) .
2 – عنه البحار 98 : 377 .
3 – رجال النجاشي : 81 ، الرقم : 198 .
4 – صلاة العشاء الآخرة ( خ ل ) .
5 – قدير ( خ ل ) .
6 – عنه البحار 98 : 377 ، مصباح المتهجد 2 : 798 .
7- حوائجك ( خ ل ) 

الفصل( 7 - 8 ): صلاة أول ليلة من شهر رجب و الدعاء بعدها - و صلاة اخرى

فصل ( 7 ) فيما نذكره من صلاة اول ليلة من شهر رجب والدعاء بعدها نقلناه من كتاب المختصر من كتاب المنتخب ،

فقال ما هذا لفظه: تصلي أول ليلة من رجب عشر ركعات مثنى مثنى ، وتقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة واحد، و ( قل هو الله أحد ) مائة مرة، وتقول سبعين مرة:

اللهم إني أستغفرك لما تبت إليك منه، ثم عدت فيه ، وأستغفرك لما أعطيتك من نفسي ثم لم أف لك به، وأستغفرك لما أردت به وجهك الكريم وخالطه ما ليس لك، وأستغفرك للذنوب التي قويت عليها بنعمتك وسترك، وأستغفرك للذنوب التي بارزتك بها دون خلقك، وأستغفرك لكل ذنب أذنبت ولكل سوء عملت. وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذو الجلال والاكرام، غافر الذنب وقابل التوب، استغفار من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا إلا ما شاء الله.

وتقول بعد ذلك :

سبحانك بما تعلم ولا أعلم وسبحانك بما تبلغه أحكامك ولا أبلغه، وسبحانك بما أنت مستحقه ولا يبلغه الحيوان (1) من خلقك، وسبحانك بالتسبيح الذي يوجب عفوك ورضاك، وسبحانك بالتسبيح الذي لم تطلع عليه أحدا من خلقك ، وسبحانك بعلمك في خلقك كلهم ، ولو علمتني أكثر من هذا لقلته .

اللهم لا خراب على ما عمرت، ولا فقر على ما أغنيت، ولا خوف على من أمنت (2)، وأنا بين يديك وأنت عالم بحاجتي، فاقضها يا أرحم الراحمين، اللهم يا رافع السماء في الهواء، وكابس الأرض على الماء، ومنبت الخضرة بما لا يرى، صل على محمد وعلى آل محمد، وافعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله يا أرحم الراحمين .

اللهم إني عبدك وابن عبدك ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك أن تجعل القرآن ربيع قلبي (3) ، وجلاء حزني ، وذهاب همي وغمي .

اللهم رحمتك أرجو يا الله يا رحمان يا رحيم يا ذا الجلال والاكرام، اللهم حشعت الأصوات لك وضلت الأحلام فيك، وضاقت الأشياء دونك ، وملأ كل شئ نورك ، ووجل كل شئ منك ، وهرب كل شئ إليك، وتوكل كل شئ عليك.

أنت الرفيع في جلالك، وأنت البهي في جمالك، وأنت العظيم في قدرتك، وأنت الذي لا يؤدك شئ، وأنت العلي العظيم، يا غافر زلتي، ويا قاضي حاجتي، ويا مفرج كربتي، ويا ولي نعمتي، أعطني مسألتي لا إله إلا أنت .

أصبحت وأمسيت على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من سيئات أعمالي، وأستغفرك من الذنوب التي لا يغفرها غيرك، فاغفر لي وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين، يا (4) من هو في علوه دان، وفي دنوه عال، وفي إشراقه منير، وفي سلطانه عزيز ، ائتني برزق من عندك، لا تجعل (5) لأحد علي فيه منة، ولا لك في الآخرة علي تبعة إنك أرحم الراحمين .

اللهم إني أعوذ بك من الحرق والشرق والهدم (6) والردم (7)، وأن اقتل في سبيلك مدبرا أو أموت لديغا، اللهم إني أسألك بأنك ملك ، وأنك على كل شئ مقتدر، وما تشاء من أمر يكون، أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن تفرج عني وتكشف ضري، وتبلغني امنيتي، وتسهل لي محبتي (8)، وتيسر لي إرادتي، وتوصلني إلى بغيتي سريعا عاجلا، وتجمع لي خير الدنيا والاخرة برحمتك يا أحرم الراحمين (9).

وتقول بعد ذلك وفي كل ليلة من ليالي رجب :

لا إله إلا الله ألف مرة (10) .

فصل ( 8 ) فيما نذكره من صلاة اخرى في اول ليلة من رجب وثوابها وجدنا ذلك في كتب العبادات مرويا عن النبي عليه أفضل الصلوات ،

قال عليه السلام : ما من مؤمن ولا مؤمنة صلى في أول ليلة من رجب ثلاثين ركعة ، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و ( قل يا أيها الكافرون ) مرة ، و ( قل هو الله أحد) ، ثلاث مرات إلا غفر الله له كل ذنب صغير وكبير ، وكتبه الله من المصلين إلى السنة المقبلة ، وبرئ من النفاق .(11)

فصل: في صلاة اخرى في أول ليلة من رجب : ورأيت في كتاب روضة العابدين المقدم ذكره صلاة في أول ليلة من رجب ، ذكر لها فضلا نذكر شرحها ،

قال: عن النبي صلى الله عليه وآله: من صلى المغرب أول ليلة من رجب ثم يصلي بعدها عشرين ركعة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و (قل هو الله أحد) مرة، ويسلم بعد كل ركعتين، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتدرون ما ثوابه (12)؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فان الروح الأمين علمني ذلك، وحسر (13) رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذراعيه وقال: حفظ والله في نفسه وأهله وماله وولده ، واجير من عذاب القبر، وجاز على الصراط كالبرق الخاطف من غير حساب (14) .

فصل : في صلاة اخرى في اول ليلة من رجب : رأيناها في كتاب روضة العابدين المذكور عن النبي صلى الله عليه وآله

يقول : من صلى ركعتين في أول ليلة من رجب بعد العشاء يقرأ في أول ركعة فاتحة الكتاب، و (ألم نشرح) مرة: و (قل هو الله أحد ) ثلاث مرات ، وفي الركعة الثانية فاتحة الكتاب، و (ألم نشرح) مرة (وقل هو الله أحد) والمعوذتين. ثم يتشهد ويسلم ، ثم يهلل الله تعالى ثلاثين مرة، ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثلاثين مرة، فانه يغفر له ما سلف من ذنوبه ، ويخرجه من الخطايا كيوم ولدته امه (15) .

فصل : فيما نذكره من صلاة ركعتين لكل ليلة من رجب :

رواها عبد الرحمان بن محمد بن علي الحلواني في كتاب التحفة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من صلى في رجب ستين ركعة في كل ليلة منه ركعتين، يقرأ في كل ركعة منهما فاتحة الكتاب مرة و ( قل يا أيها الكافرون ) ثلاث مرات، و (قل هو الله أحد) مرة. فإذا سلم منهما رفع يديه وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، النبي الامي وآله. ويمسح بيديه وجهه، فان الله سبحانه يستجيب الدعاء ويعطي ثواب ستين حجة وستين عمرة (16) .

اقول وجدت في بعض كتب عمل رجب صلاة في أول ليلة من الشهر، فرأيت أن ذكرها في أول ليلة أليق بهال أنها ليلة تحيى بالعبادات فيحتاج إلى زيادة الطاعات، ولأن الانسان ما يدري إذا أخر هذه الصلاة عن أول ليلة هل يتمكن منها في غيرها أم لا ، وهذه الصلاة تروى عن سلمان رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من صلى ليلة من ليالي رجب عشر ركعات ، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و ( قل يا أيها الكافرون ) و (قل هو الله أحد) ثلاث مرات، غفر الله تبارك وتعالى له كل ذنب عمل وسلف له من ذنوبه ، وكتب الله تبارك وتعالى له بكل ركعة عبادة ستين سنة، وأعطاه الله تعالى بكل سورة قصرا من لؤلؤة في الجنة ، وكتب الله تعالى له من الأجر كمن صام وصلى وحج واعتمر وجاهد في تلك السنة وكتب الله تعالى له إلى السنة القابلة في كل يوم حجة وعمرة ، ولا يخرج من صلاته حتى يغفر الله له .

فإذا فرغ من صلاته ناداه ملك من تحت العرش : استأنف العمل يا ولي الله فقد أعتقك الله تعالى من النار ، وكتبه الله تعالى من المصلين تلك السنة كلها، وإن مات فيما بين ذلك مات شهيدا، واستجاب الله تعالى دعاءه ، وقضى حوائجه ، واعطاه كتابه بيمينه ، وبيض وجهه ، وجعل الله بينه وبين النار سبع خنادق (17)

ذكر صلاة اخرى في ليلة من رجب : عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ في ليلة من شهر رجب (قل هو الله أحد) مائة مرة في ركعتين، فكأنها صام مائة سنة في سبيل الله، واعطاه الله مائة قصر في جوار نبي من الانبياء عليهم السلام (18).

واعلم ان الذي تجده في كتابنا هذا من فضل صلوات في ليالي رجب وليالي شعبان وفضل صوم كل يوم من هذين الشهرين وتعظيم الثواب والاحسان بكله مشروط بالاخلاص ، ومن جملة اخلاص اهل الاختصاص الا يكون قصدك بهذا العمل مجرد هذا الثواب بل تعبد به رب الارباب ، لانه اهل لعبادة ذوي الالباب ، وهذه عقبة صعبة تبعد السلامة منها .

ومنها : ان لا تعجبك نفسك بعمل ولا تتكل على عملك، فانك إذا فكرت فيما عمل الله جل جلاله معك قبل ان يخلقك من عمارة الدنيا لمصلحتك وقد خلق آدم عليه السلام الى زمان عبادتك، وما تحتاج ان يعمله جل جلاله معك في دوام آخرتك ، رأيت عملك لا محل له بالنسبة الى عمله جل جلاله معك وإذا وجدت في كتابنا ان من عمل كذا فله مثل عمل الانبياء والأوصياء والشهداء ، والملائكة عليهم السلام ، فلعل ذلك انه يكون مثل عمل أحدهم (19)، إذا عمل هذا الذي يعمله دون سائر اعمالهم ، أو يكون له تأويل آخر على قدر ضعف حالك وقوة حالهم .

فلا تطمع نفسك بما لا يليق بالانصاف ولا تبلغ بهاما لا يصح لها من الاوصاف ، ولا تستكثر الله جل جلاله شيئا من العبادات ، فحقه اعظم من ان يؤديه أحد، ولو بلغ غايات ويقع الطاعات لك دونه جل جلاله في الحياة بعد الممات .

الهوامش

1- الحيران ( خ ل ) .
2 – ما آمنت ( خ ل ) .
3 – أي مائل إليه ومتروح به كما ان الربيع مروح للقلب والانسان مائل إليه .
4 – اللهم يا ( خ ل ) .
5 – ولا تجعل ( خ ل ) .
6 – الهدم : نقض البناء .
7 – الردم : ما يسقط من الجدار .
8 – محنتي ( خ ل ) .
9 و 10 – عنه البحار 98 : 377 .
11- عنه وسائل الشيعة
12: 98 ، رواه في البحار 98 : 379 مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر ، عن الوسائل 8 : 92 .
13- ثوابها ( خ ل ) .
14- حسر : كشف .
15- عنه وسائل الشيعة 8 : 94 ، البحار 98 : 379 .
16- عنه وسائل الشيعة 8 : 94 ، البحار 98 : 379 .
17- عنه وسائل الشيعة 8 : 95 ، البحار 98 : 380
18- عنه وسائل الشيعة 8 : 95 ، البحار 98 : 380 .
19- عنه وسائل الشيعة 8 : 95 ، البحار 98 : 381 .
20- احدها ( خ ل ) .

ذكر ما ورد من اجابة الدعاء في رجب

نذكر الحديث مختصرا، وهو ان رجل مر برجل أعمى مقعد، فقال: اما كان هذا يسأل الله تعالى العافية، فقيل له: اما تعرف هذا ؟ هذا الذي بهله بريق (1) – وكان اسم – بريق عياضا – فقال ادع لي عياضا، فدعاه ، فقال:

حدثني حديث بني الضيعاء، قال :

انه حديث جاهلية وانه لا اردت لك به في الإسلام، فقال : ذاك احرى ان تحدثنا، قال:

ان بني الضيعاء كانوا عشرة وكانت اختهم تحتي، فأرادوا أن ينزعوها مني، فنشدتهم الله تعالى والقرابة والرحم، فابوا الا ان ينزعوها مني، فامهلتهم حتى دخل رجب مضر (2) شهر الله الحرام (3) ، فقلت: اللهم ادعوك دعاءها جاهدا على بني الضيعاء ، فاترك واحدا كسيرا الرجل ودعه قاعدا اعمى ذا قيد، يعني القائد .

اقول : ورأيت في رواية اخرى عوض: اللهم ، يا رب .

قال : فهلكوا جميعا ليس هذا (4) ، فقال: بالله ما رأيت كاليوم حديثا اعجب، فقال رجل من القوم: أفلا أحدثك بأعجب من هذا ؟

قال : حدث حتى تسمع القوم .

قال: اني كنت من حي من احياء العرب فماتوا كلهم، فأصبت مواريثهم، فانتجعت (5) حيا من احياء العرب يقال لهم: بنو مؤمل، كنت بهم زمانا طويلا، ثم انهم ارادوا اخذ مالي، فناشدتهم الله تعالى، فابوا الا ان ينتزعوا مالي، وقد كان رجل منهم يقال له: رباح، لقال يا بني مؤمل جاركم وخفيركم (6) لا ينبغي لكم اخذ ماله، قال: فاخذوا مالي، فامهلتهم حتى دخل رجب مضر شهر الله الحرام، فقلت: اللهم ازلها عن بني المؤمل وارم على اقفائهم بمكتل (7) بصخرة أو عرض جيش جحفل (8) الا رباحا انه لم يفعل.

اقول : ورأيت في رواية اخرى عوض: اللهم، يا رب اشقاني بنو المؤمل فارم – ثم ذكر تمامها: قال: فبينما هم يسيرون في اصل جبل أو في سطح جبل إذ تداعى عليهم الجبل، فهلكوا جميعا الا رباحا، فانه نجاه الله تعالى، فقال: والله ما رأيت كاليوم حديثا أعجب، فقال رجل من القوم: أفلا أحدثك بأعجب من ذلك ؟ فقال: حدث حتى يسمع القوم .

فقال: ان أبي وعمي ورثا أباهما، فأسرع عمي في الذي له وبين مالي فأراد بنوه ان ينزعوا مالي، فناشدتهم الله تعالى والقرابة والرحم، فابوا الا ان ينزعوا مالي، فامهلتهم حتى دخل رجب مضر شهر الله فقلت: اللهم رب كل آمن وخائف وسامعا نداء كل هاتف ان الخناعي أما يقاصف (9) لم يعطني الحق ولم يناصف فأجمع له الأحبة الألاطف (10) بين القرآن السوء والتراصف (11).

قال : فبينما بنوه وهم عشرة في بئر، إذ انهارت عليهم البئر وكانت قبورهم، فقال : بالله ما أريت كاليوم حديثا أعجب، فقال القوم: اهل الجاهلية كان الله يصنع بهم ما ترى فأهل الاسلام أحرى بذلك، فقال: ان أهل الجاهلية كان الله يصنع بهم ما تسمعون ليحجز بعضهم عن بعض، وان الله جعل الساعة موعد اهل الاسلام والساعة أدهى وأمر .

قال راوي هذا الحديث: هذه قصة عجيبة مشهورة تروى من وجوه، وقال: معنى بهله أي لعنة، من قول الله: (ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) (12) .

اقول : وروي غير هذه الروايات ، وانما اقتصرنا على ما ذكرناه ليكون انموذجا في بيان اجابة الدعوات ( 13 ) .

الهوامش

1 – بهله : لعنه .
2 – في خطبة النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع: (. . . ان عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهرا، منها اربعة حرم: ثلاثة ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ) وذلك للاحتراز من رجب ربيعة لانها كانت تحرم رمضان وتسميه رجبا، فبين عليه السلام انه رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، لا رجب ربيعه الذي يقع بعد شعبان .
3 – في جميع المواضع : المحرم ( خ ل ) .
4 – ليس هذا يعني غير هذا .
5 – انتجع الكلا : طلبه في موضعه : انتجع فلانا ، طلب معروفه وجواره .
6 – خفره : اجاره ومنعه وحماح وآمنه ، الخفير : يطلق على المجير والمجار المراد هنا المجار .
7 – مكتل – كمنبر – الشديدة من شدائد الدهر .
8 – جيش جحفل : كثيف مجتمع .
9 – الخناعى: نسبة الى خناعة (كثمامة – ابن سعد بن هذيل بن مدركه بن الياس بن مضر، القصف: الكسر، أي يا رب لا تقصف ولا تكسر الخناعى والحال انه لم يناصف ولم يعطني النصف .
10 – الأحبة : الاخلاء .
11 – القرآن – بالكسر – التتابع اثنين اثنين ، التراصف : التتابع والانضمام كلا .
12 – آل عمران : 61 . 2 – عنه البحار 97 : 41 .

الفصل( 9 - 10 ) : زيارة مختصة بشهر رجب - أعمال أول جمعة من شهر رجب

فصل ( 9 ) فيما نذكره من زيارة مختصة بشهر رجب

اعلم ان هذه الزيارة التي يأتي ذكر صفتها ليست متعينة لأول ليلة من الشهر، ولكنها متعينة للشهر كله، فنذكرها في اول ليلة منه لأنه اول وقتها، فلا يؤخرها عنه، رويناها باسنادنا الى جدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه فيما ذكره عن ابن عياش، قال:

حدثني خير (1) بن عبد الله، عن مولانا – يعني أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه – قال: زر أي المشاهد كنت بحضرتها (2) في رجب تقول: الحمد لله الذي اشهدنا مشهد اوليائه في رجب، واوجب علينا من حقهم ما قد وجب، وصلى الله على محمد المنتجب(3) وعلى اوصيائه الحجب، اللهم فكما اشهدتنا مشهدهم (4) فانجز لنا موعدهم واوردنا موردهم، غير محلئين عن ورد في دار المقامة والخلد .

والسلام عليكم، اني قصدتكم (5) واعتمدتكم بمسألتي وحاجتي، وهي فكاك رقبتي من النار، والمقر معكم في دار القرار مع شيعتكم الابرار ، والسلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار. انا سائلكم واملكم فيما اليكم التفويض وعليكم التعويضا، فبكم يجبر المهيض (6) ويشفي المريض، وما تزداد الارحام وما تغيض، اني لسركم مؤمن (7) ولقولكم مسلم وعلى الله بكم مقسم ، في رجعي (8) بحوائجي وقضائها وامضائها وانجاحها (9) وابراحها (10)، وبشؤني لديكم وصلاحها.

والسلام عليكم سلام مودع ولكم حوائجه مودع، يسأل الله اليكم المرجع وسعيه اليكم غير منقطع ، وان يرجعني من حضرتكم خير مرجع الى جناب ممرع (11) وخفض (12) عيش موسع، ودعة (13) ومهل (14) الى حين الاجل، وخير مصير ومحل في النعيم الازل والعيش المقتبل (15) ، ودوام الاكل وشرب الرحيق والسلسل (16) وعل ونهل (17) لاسام منه ولا ملل.

ورحمة الله وبركاته وتحياته عليكم، حتى العود الى حضرتكم، والفوز في كرتكم والحشر في زمرتكم، ورحمة الله وبركاته عليكم وصلواته وتحياته وهو حسبنا ونعم الوكيل (18) .

فصل (10) فيما نذكره من عمل اول جمعة من شهر رجب

اعلم ان مقتضى الاحتياط للعبادة وطلب الظفر بالسعادة اقتضى ان نذكر عمل هذه الليلة الجمعة في اول ليلة من هذا الشهر الشريف ، لجواز ان يكون اول ليل منه الجمعة، فيكون قد احتطنا للتكليف، وان لم يكن اوله الجمعة، فيكون قد اذكرناك في اول الشهر بها الى حين حضور اول ليلة جمعة منه لتعمل بها.

وجدنا ذلك في كتب العبادات مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله ، ونقلته أنا من بعض كتب اصحابنا رحمهم الله فقال في جملة الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله في ذكر فضل شهر رجب ما هذ لفظه:

ولكن لا تغفلوا عن اول ليلة جمعة منه، فانها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب، وذلك انه إذا مضى ثلث الليل لم يبق ملك في السماوات والأرض الا يجتمعون في الكعبة وحواليها، ويطلع الله عليهم اطلاعة فيقول لهم: يا ملائكتي سلوني ما شئتم، فيقولون : ربنا حاجتنا اليك ان تغفر لصوام رجب، فيقول الله تبارك وتعالى: قد فعلت ذلك .

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مامن احد صام يوم الخميس اول خميس من رجب ثم يصلى بين العشاء والعتمة اثنتى عشرة ركعة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و(انا انزلناه في ليلة القدر) ثلاث مرات، و (قل هو الله احد) اثنتي عشرة مرة فإذا فرغ من صلاته صلى علي سبعين مرة، يقول: اللهم صل على محمد النبي الامي وعلى آله (19). ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ثم يرفع رأسه ويقول: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العلي الاعظم. ثم يسجد سجدة اخرى فيقول فيها مثل ما قال في السجدة الاولى، ثم يسأل الله حاجته في سجوده ، فانه تقضى ان شاء الله تعالى .

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده لا يصلي عبد أو أمة هذه الصلاة الا غفر الله له جميعا ذنوبه، ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن الجبال وعد ورق (20) الاشجار، ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من اهل بيته ممن قد استوجب النار، فإذا كان اول ليلة نزوله الى قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة بوجه طلق ولسان ذلق، فيقول:

يا حبيبي ابشر فقد نجوت من كل شدة، فيقول: من انت فما رأيت احسن وجها منك ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك؟ فيقول:

يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة التي صليتها ليلة كذا في بلدة كذا في شهر كذا في سنة كذا، جئت الليلة لأقضي حقك وآنس وحدتك وارفع عنك وحشتك فإذا نفخ في الصور ظللت في عرصة القيامة على رأسك وانك لن تعدم الخير من مولاك ابدا (21).

الهوامش

1- جبير ( خ ل ) .
2 – تحضرها ( خ ل ) .
3 – انتجبه : اختاره .
4 – مشاهدهم (خ ل).
5 – قد قصدتكم (خ ل).
6 – المهيض: العظم المكسور.
7 – بسركم موقن (خ ل).
8 – رجعتي (خ ل).
9- قضائها وانجاحها وابراحها (خ ل).
10 – ابراحها: اظهارها.
11 – امرع الوادي: إذ صار ذا كلاء.
12 – الخفض: الراحة.
13 – الدعة السعة: في العيش.
14 – المهل: السكينة.
15 – المقتبل: المستأنف.
16 – ماء سلسل: سهل الدخول في الحلق لعذوبته وصفائه.
17- عل: شرب الثاني، نهل: شرب الأول.
18 – رواه في مصباح المتهجد: ٢: 821.
19 – اللهم صل على محمد النبي (الهاشمي خ ل) وآله.
20- أوراق (خ ل).
21- عنه البحار 98: 397، الوسائل 8: 100، نقله العلامة في اجازته لبني زهرة مفصلا راجع اجازته المطبوع في البحار 107: 125، عنه البحار 98: 395، الوسائل 8: 98.

الفصل( 11 - 12 ) : أعمال بعد 8 ركعات من نافلة الليل - و أعمال بعد ركعة الوتر من نافلة الليل من رجب

فصل ( 11 ) فيما نذكره مما يعمل بعد الثماني ركعات من نافلة الليل

روينا ذلك باسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله في عمل أول ليلة من رجب فيما رواه عن علي بن حديد قال:

كان أبو الحسن الأول عليه السلام يقول وهو ساجد بعد فراغه من صلاة الليل: لك المحمدة إن أطعتك ، ولك الحجة إن عصيتك ، لا صنع لي ولا لغيري في إحسان إلا بك، يا كائن قبل كل شئ، ويا مكون كل شئ، إنك على كل شئ قدير .

اللهم إني أعوذ بك من العديلة عند الموت، ومن شر المرجع في القبور ومن الندامة يوم الازفة ، فأسألك أن تصلي على محمد وآله وأن تجعل عيشي عيشة نقية، وميتتي ميتة سوية ومنقلبي منقلبا كريما، غير مخز ولا فاضح.

اللهم صل على محمد وآله (1) الأئمة ينابيع الحكمة، واولي النعمة، ومعادن العصمة، واعصمني بهم من كل سوء، ولا تأخذني على غرة ولا غفلة، ولا تجعل عواقب أعمالي حسرة، وارض عني، فان مغفرتك للظالمين وأنا من الظالمين. اللهم اغفر لي مالا يضرك وأعطني مالا ينقصك، فانك الوسيع (2) رحمته البديع حكمته، وأعطني السعة والدعة، والأمن والصحة والبخوع ، والشكر والمعافاة، والتقوى والصبر، والصدق عليك وعلى أوليائك، واليسر والشكر، واعمم بذلك يا رب أهلي وولدي وإخواني فيك، ومن احبب واحبني، وولدت وولدني، من المسمين والمؤمنين يا رب العالمين (3) .

فصل ( 12 ) فيما نذكره مما يعمل بعد ركعة الوتر من نافلة الليل من رجب

روينا باسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمة الله عليه في عمل أول ليلة من رجب أيضا ، فيما رواه عن ابن أشيم قال : صل (4) الوتر ثلاث ركعات، فإذا سلمت قلت وأنت جالس: الحمد لله الذي لاتنفد خزائنه ، ولا يخاف آمنه، رب ارتكبته المعاصي ، فذلك ثقة بكرمك ، أنك تقبل التوبة عن عبادك ، وتعفو عن سيئاتهم وتغفر الزلل ، فانك مجيب لداعيك ومنه قريب، فأنا تائب إليك من الخطايا ، وراغب إليك في توفير حظي من العطايا.

يا خالق البرايا ، يا منقذي من كل شديد، يا مجيري من كل محذور ، وفر علي السرور، واكفني شر عواقب الامور، فانك الله، على نعمائك وجزيل عطائك مشكور ولكل خير مذخور (5) .

قال جدي أبو جعفر الطوسي رحمه الله: وروى ابن عياش عن محمد بن أحمد الهاشمي المنصوري ، عن أبيه ، عن أبي موسى عن سيدنا أبى الحسن علي بن محمد عليهما السلام أنه كان يدعو في هذه الساعة به، فادع بهذا فانه خرج عن العسكري عليه السلام في قول ابن عياش:

يا نور النور، يا مدبر الامور، يا مجري البحور، يا باعث من في القبور، يا كهفي حين تعييني المذاهب، وكنزي حين تعجزني المكاسب، ومونسي حين تجفوني الأباعد، وتملني الأقارب، ومنزهي بمجالسة أوليائه ومرافقة أحبائه في رياضة، وساقي بمؤانسته من نمير (6) حياضه، ورافعي بمجاورته من ورطة الذنوب إلى ربوة (7) التقريب، ومبدلي بولايته عزة العطايا من ذلة الخطايا.

أسألك يا مولاي بالفجر ولليالي العشر والشفع والوتر، ولليل إذا يسر، وبما جرى به قلم الأقلام بغير كف ولا إبهام، وبأسمائك العظام ، وبحججك على جميع الأنام عليهم منك أفضل السلام ، وبما استحفظتهم من أسمائك الكرام أن تصلي عليهم وترحمنا في شهرنا هذا وما بعده من الشهور والايام ، وان تبلغنا شهر الصيام في عامنا هذا وفي كل عام ، يا ذل الجلال والاكرام والمنن الجسام ، وعلى محمد وآله منا افضل السلام . (8)

الهوامش

١ – آل محمد (خ ل).
٢ – فإنك أنت الوسيع (خ ل).
٣ – مصباح المتهجد 2: 799، عنه البحار 98: 381.
4 – تصل (خ ل).
5 – مصباح المتهجد: ٢: 800، عن البحار 98: 382.
6 – النمير: الزاكي من الماء.
7 – الربوة: المكان المرتفع.
8 – مصباح المتهجد 2: 800، عنه البحار 98: 382. 

الفصل ( 13 ) فيما نذكره مما ينبغي ان يكون العارف عليه من المراقبات في أول ليلة من شهر رجب

فصل ( 13 ) فيما نذكره مما ينبغي ان يكون العارف عليه من المراقبات في اول ليلة من شهر رجب إذا تفرغ من العبادات المرويات المكرمات

اعلم ان هذه الليلة موسم جليل المقام جزيل الانعام، اراد الله جل جلاله من عباده ان يطيعوه في مراده، بإحيائها بعباداته وطلب اسعاده وانجاده وارفاده وهباته، فاذكر لو ان ملك زمانك احضرك واطلق عنان امكانك في ان تكون ليلة من عدة شهور حاضرا فيها بين يديه ، لتطلب منه ما تحتاج إليه، وتكون انت فقيرا في كل امورك إليه، كيف كنت تكون مع ذلك السلطان، فاجعل حالك مع الله جل جلاله في هذه الليلة على نحو ذلك الاجتهاد، بغاية الامكان.

ولا تكن حرمة الله جل جلاله وهيبة حضرته وما دعاك إليه من خدمته وعرض عليك من نعمته، دون عبد من عباده، وارحم نفسك ان يراك فيها مهونا باتباع مراده، فكأنك قد اخرجت نفسك من حمى امان هذا الشهر العظيم الشأن وعرضت نفسك للهوان أو الخذلان.

وقد نبهنا فيما ذكرناه في امثال هذه الليلة التي تحيى بالعبادة على ما يستغني به عن الزيادة، فان لم تظفر بمعناه فاعلم: ان المراد من احيائها الذي ذكرنا، ان تكون حركاتك وسكناتك واراداتك وكراهاتك في هذه الليلة السعيدة، على نية انها عبادات الله جل جلاله خالصة لابوابه المقدسة المجيدة، كما انك إذا جالست فيها أعظم سلطان في الوجود، فان نفسك مراغبة لرضاه، كيف كنت من قيام وقعود ومأكول ومشروب ومطلوب ومحبوب، ولا يكلفك الله مالا تقدر عليه، بل ما يصح منك لسلطان هو مملوكه ومن افقر الفقراء إليه، وان غلبك نوم فيكون نوم المتأدبين بين يدي رب العالمين، الذين يقصدون بالرقاد القوة على طاعته وزيادة الاجتهاد.

وتسلم اعمالك فيها بلسان الحال والمقال الى من يكون حديث تلك الليلة إليه ، من الحماة والخفراء في الايام والاعمال ، ليتم ما نقص عليك ويكون فيما تحتاج إليه من الله جل جلاله شفيعا لك وبين يديك .

الفصل(14 - 18) : فضل أول يوم من رجب و صومه - فضل صوم أوله و وسطه و آخره .... ألخ

فصل ( 14 ) ( فيما نذكره من فضل اول يوم من رجب وصومه روينا ذلك باسنادنا الى أبي جعفر بن بابويه فيما ذكره في كتاب ثواب الأعمال وأماليه فقال ما هذا لفظه:

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الا أن رجب شهر الله الأصم (1) وهو شهر عظيم، وانما سمي الاصم لأنه لا يقاربه (2) شهر من الشهور حرمة وفضلا عند الله وكان اهل الجاهلية يعظمونه في جاهليتها، فلما جاء الاسلام لم يزده الا تعظيما وفضلا، الا ان رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر امتي.

الا فمن صام من رجب يوما ايمانا واحتسابا استوجب رضوان الله الأكبر، واطفأ صومه في ذلك اليوم غضب الله، واغلق عنه بابا من ابواب النار، ولو اعطى ملأ الأرض ذهبا ما كان بأفضل من صومه، ولا يستكمل اجره بشئ من الدنيا دون الحسنات إذا اخلصه لله، وله إذا أمسى عشر دعوات مستجابات ان دعا بشئ من عاجل الدنيا اعطاه الله، والا ادخر له من الخير افضل ما دعا به داع من اوليائه واحبائه واصفيائه (3) .

ومن ذلك ما رواه الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده الى الباقر عليه السلام ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من صام اول يوم من رجب وجبت له الجنة ، ( 4 ) .

فصل ( 15 ) فيما نذكره من فضل صوم اول يوم من رجب ويوم من وسطه ويوم من آخره رويناه باسنادنا الى أبى جعفر بن بابويه قدس الله روحه من اماليه ، ومن عيون اخبار الرضا عليه السلام باسناده الى الرضا عليه السلام قال :

من صام اول يوم من رجب رغبة في ثواب الله عز وجل وجبت له الجنة ومن صام يوما من وسطه شفع في مثل ربيعة ومضر، ومن صام يوما في آخره جعله الله عز وجل من ملوك الجنة، وشفعه في ابيه وامه وابنه وابنته، واخيه واخته، وعمه وعمته، وخاله وخالته ، ومعارفه وجيرانه ، وان كانوا مستوجبي النار (5) .

فصل ( 16 ) فيما نذكره من صوم اول يوم من رجب وثلاثة ايام لم يعين وقتها روينا ذلك باسنادنا الى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه ، فقال ما هذا لفظه :

قال : قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: رجب شهر عظيم، يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، من صام يوما من رجب تباعدت عنه النار مسيرة سنة ، ومن صام ثلاثة ايام وجبت له الجنة (6) .

فصل ( 17 ) فيما نذكره من فضل اول يوم من رجب ايضا وصوم اليوم الأول منه وسبعة منه وثمانية وعشرة وخمسة عشر روينا ذلك باسنادنا الى جدى أبي جعفر الطوسي باسناده الى علي بن الحسن بن فضال من كتاب الصوم له من تهذيب الاحكام ، فقال في التهذيب ما هذا لفظه ،

قال : حدثنا كثير بياع النوى، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: سمع نوح عليه السلام صوت السفينة على الجودي فخاف عليه، فاخرج رأسه من جانب السفينة، فرفع يده واشار بأصبعه وهو يقول: رهمان اتقن، وتأويلهما: يا رب احسن، وان نوحا عليه السلام لما ركب السفينة ركبها في اول يوم من رجب، فأمر من معه من الجن والإنس ان يصوموا ذلك اليوم، وقال: من صامه منكم تباعدت عنه النار مسيرة سنة ، ومن صام سبعة ايام .

منه غلقت عنه ابواب النيران السبعة، وان صام ثمانية ايام فتحت له ابواب الجنة الثمانية، ومن صام عشرة ايام اعطي مسألته، ومن صام خمسة عشر يوما قيل له، استانف العمل فقد غفر لك ، ومن زاد زاده الله (7) .

فصل ( 18 ) فيما نذكره من فضل صوم ايام متعينة منه ايضا والشهر كله روينا ذلك في عدة احاديث من عدة طرق ، منها باسنادنا الى جدي أبي جعفر الطوسي باسناده الى الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صام ثلاثة ايام من رجب كتب الله له بكل يوم صيام سنة، ومن صام سبعة ايام من رجب غلقت عنه سبعة ابواب النار، ومن صام ثمانية ايام فتحت له ابواب الجنة الثمانية ، ومن صام خمسة عشر يوما حاسبه الله حسابا يسيرا ، ومن صام رجب كله كتب الله له رضوانه ، ومن كتب له رضوانه لم يعذبه (8) .

الهوامش

1 – الأصب (خ ل).
2 – لا يقربه (خ ل).
3 – رواه في ثواب الأعمال: ٧٨، أمالي الصدوق: ٣١٩، فضائل الأشهر الثلاثة:، عنهم البحار ٩٧: ٢٦، وعن أمالي الشيخ ٩٧: ٣١.
4: عنه البحار ٩٧: ٣٣.
5 – عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩١، أمالي الصدوق: ٧، فضائل الأشهر الثلاثة: عنهم البحار ٩٧: ٣٢.
6 – ثواب الأعمال: ٧٨، فضائل الأشهر الثلاثة: عنهما البحار ٩٧: ٣٧، الفقيه ٢: ٩٢.
7- التهذيب ٤: ٣٠٦، مصباح المتهجد ٧٩٧،الخصال ٢: ٩٢، ٩٣، فضائل الأشهر الثلاثة: ثواب الأعمال: ٧٨،عنهم البحار 97: 35 و 55.
8 – مصباح المتهجد ٢: ٧٩٧، عنه البحار ٩٧: ٥٤. 

الفصل ( 19 - 20) : صوم من رجب مطلقا - كيفية النية فيما يصام من رجب

فصل ( 19 ) فيما نذكره من صوم يوم من رجب مطلقا روينا ذلك باسنادنا عن أبي جعفر بن بابويه من كتاب ثواب الأعمال والى جدي أبي جعفر الطوسي من كتاب تهذيب الأحكام باسنادهما الى أبي الحسن موسى عليه السلام انه قال : رجب نهر في الجنة اشد بياضنا من اللبن وأحلى من العسل ، من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر ( 1 ) .

فصل ( 20 ) فيما نذكره من كيفية النية فيما يصام من رجب وغيره من الاوقات المرضية

اعلم انا كنا ذكرنا في كتاب المضمار من تحرير النيات للصيام ما فيه كفاية لذوي الافهام ، ونقول هاهنا :

ان من شروط الصيام والمهام ان تكون ذاكرا قبل دخولك في الصيام، ان المنة لله جل جلاله عليك في استخدامك في الشرائع والاحكام وتأهيلك لما لم تكن له اهلا من الانعام والاكرام وسعادة الدنيا ودار المقام .

فأنت تعرف من نفسك انه لو استحضرك بعض الملوك المعظمين، وشغلك بمهماته وكلامه يوما طول النهار بين الحاضرين، سهل عليك ترك الطعام والشراب في ذلك اليوم لأجله، واعتقدت ان المنة له عليك حيث ادخلك تحت ظله وشملك بفضله، مع علمك ان الملك ما خلقك ولا رباك، ولا خلق لك دنياك ولا اخراك، فلا يحل في العقل والنقل ان يكون الله جل جلاله دون احد من عباده، وقد قام لك بما لم يقدر عليه غيره من اسعاده وارفاده.

ومتى نقصت الله جل جلاله في صومك عما تجده في خدمة الملك، من نشاطك وسرورك واهتمامك واعتقاد المنة له في اكرامك، والذنب لك ان ضاع منك صوم نهارك، وتكون انت قد هونت بالله جل جلاله وعملت ما يقتضي هجرانه لك وغضبه عليك واستعادة ما وهبك من مسارك ومبارك وطول اعمارك.

اقول : وان اشتبه عليك صوم اخلاص النيات بصوم الرياء والشبهات فاعتبر ذلك بعدة اشارات:

منها : ان تعرض على نفسك حضور الافطار في ذلك النهار بمحضر الصائمين من الاخيار، فان وجدت نفسك تستحيي (2) من مشاهدتهم لافطارك بين الصيام، فاعلم ان في صومك شبهة تريد بها التقرب الى قلوب الأنام .

ومنها : ان تعتبر نفسك ايما اسر لها واحب إليها، ان يطلع الله جل جلاله وحده عليها، أو تريد ان يعلم بها ويطلع عليها مع الله تعالى سواه، ممن يمدحها أو ينفعها اطلاعه في دنياه، فان وجدت نفسك تريد مع اطلاع الله عز وجل على صيامك معرفة احد غير الله تعالى بصومك ليزيد في اكرامك، أو وجدت اطلاع احد على صومك احل في قلبك من اطلاع ربك، فاعلم ان صومك سقيم وانك عبد لئيم.

ومنها: انك تعتبر نفسك في صومها هل تجدها مع كثرة الصائمين هي أنشط في الصوم لرب العالمين، ومع قلة الصائمين أو عدمهم هي أضعف وأكسل عن الصوم لمالك يوم الدين، فان وجدتها تنشط للصوم عند صومهم وتتكاسل عند افطارهم ، فاعلم انك تصوم طلبا لموافقتهم وتبعا لارادتهم ، وصومك سقيم بقدر اشتغالك باتباعهم عن اتباع مالك ناصيتك وناصيتهم .

ومنها: ان تعتبر هل صومك لأجل مجرد الثواب أو لأجل مراد رب الأرباب، فان وجدت نفسك لو لا الثواب الذي ورد في الاخبار، وانه يدفع اخطار النار، ما كنت صمت، ولا تكلفت الامتناع بالصوم من الطعام والشراب والمسار، فأنت قد عزلت الله جل جلاله عن انه يستحق الصوم لامتثال أمره، وعن انه جل جلاله أهل عبادة لعظيم قدره، ولولا الرشوة والبرطيل (3) ما عبدته ولا راعيت حق احسانه السالف الجزيل، ولا حرمة مقامه الاعظم الجليل.

ومنها : ان تعتبر صومك إذا كان لك سعة وثروة في طعام الفطور نشطت لسعته وطيبته ، وإذا كان طعام فطورك يكفيك ولكنه ما هم بلحم ولا ألوان مختلفة في لذته ، فتكون غير نشيط في الصوم لعبادة الله جل جلاله به وطاعته ، فانت انما نشطت لأجل الطعام ، فذلك النشاط الزائد لغير الله مالك الانعام شبهة في تمام الصيام .

ومنها: ان تراعي عقلك وقلبك وجوارحك في زمان الصيام، فتكون مستمر النية الخالصة الموصوفة بالتمام ، ومثال العوارض المانعة من استمرار النيات كثيرة في العبادات :

ومنها : ان تصوم بعض النهار باخلاص النية ثم يعرض لك طعام طيب ، أو زوجة قد تجملت لك وانت تحبها ، أو سفر فيه نفع ، أو ما جرى هذه الامور الدنيوية، يصير اتمام صيام ذلك النهار عندك مستثقلا ما تصدق متى تخلص منه وتوعد عنه ، وانت تعلم انك لو خدمك غلامك ، وهو مستثقل لخدمتك ومستثقل من طاعتك ، كان اقرب الى طردك له وهجرانك وتغير احسانك .

ومنها : انه إذا عرض لك من فضل الافطار ما يكون ارجح من صيام المندوب فلا تستحيي من متابعة مراد علام الغيوب ، وافطر بمقتضي مراده ولا تلتفت الى من يأخذ ذلك عليك من عباده.

ومثال هذا ان تكون صائما مندوبا فيدعوك أخ لك في الله جل جلاله الى طعام قد دعاك إليه، فأجب داعي الله جل جلاله وامتثل امر رسوله ( 4 ) صلوات الله عليه وآله في ترجيح الافطار على الصيام.

ومثال آخر ان تكون صائما مندوبا فترى صومك في بعض النهار قد اضعفك عن بعض الفروض الواجبة أو ما هو أهم من صوم المندوب، فابدء بالأهم الى ترك الصيام، وعظم ما عظم الله جل جلاله وصغر ما صغر من شريعة الاسلام ، ولا تقل: ان الذين رأوني صائما ما يعلمون عذري في الافطار ، يكون صومك في ذلك النهار لأجلهم رياء وكالعبادة لهم من الذنوب الكبار .

ومنها : انه متى عرض لك صارف عن استمرار النية من الامور الدنيوية التي ليست عذرا صحيحا عند المراضي الإلهية ، فبادر الى استدراك هذا الخطر بالتوبة والندم واصلاح استمرار نية الاخلاص في الصيام والاستغاثة بالله جل جلاله على القوة والتوفيق للتمام ، فانك متى اهملت تعجيل استدراك الاصلاح (5) ، صارت تلك الاوقات المهملة سقما في تلك العبادة المرضية .

اقول: وإذا عرض لك ما يحول بينك وبين استمرار نيتك، فتذكر ان كلما ينقلك عن طاعتك فانه كالعدو لك ولمولاك، فكيف تؤثر عدوك وعدوه عليه ، وسيدك يراك ، وإذا آثرت غيره عليه فمن يقوم لك بما تحتاج إليه في دنياك واخراك .

اقول : ويكون نية صومك انك تعبد الله جل جلاله به ، لأنه عز وجل أهل للعبادة فهذا صوم أهل السعادة .

الهوامش

1- التهذيب ٤: ٣٠٦، ثواب الأعمال: ٧٨، فضائل الأشهر الثلاثة: عنهما البحار 97: 37.
2 – مستحييا (خ ل).
3 – البرطيل: الرشوة.
4 – رسول الله (خ ل).
5 – الصلاح ( خ ل ) .

الفصل( 21 - 22 ) : أعمال لمن كان له عذر عن الصيام - أعمال أول يوم من رجب من صلوات

فصل (21) فيما نذكره من العمل لمن كان له عذر عن الصيام وقد جعل الله جل جلاله له عوضا في شريعة الاسلام

اعلم اننا كنا قد ذكرنا ونذكر فضلا عظيما لصوم شهر رجب، وليس كل أحد يقدر على الصوم لكثرة اعذار الانسان، وفي اصحاب الاعذار من يتمنى عوضا عن الصوم ليغتنم اوقات الامكان فينبغي ان نذكر ما يقوم مقام الصيام عند عدم التمكن منه، فان الله جل جلاله بالغ في تركيب الحجة وطلب اقبال عباده عليه وصيانتهم عن الاعراض عنه.

وقد روينا في الاخبار عوضا عن الصوم المندوب يحتمل ان يكون لأهل اليسار وعوضا آخر يحتمل ان يكون عوضا لاهل الاعتبار .

اقول: فاما العوض الذي يحتمل ان يكون لأهل اليسار فقد رأينا وروينا باسنادنا الى محمد بن يعقوب الكليني وغيره عن الصادقين عليهم السلام :

ان الصدقة على مسكين بمد من الطعام يقوم مقام يوم من مندوبات الصيام (1) .

وروي عوض عن يوم الصوم درهم ، ولعل التفاوت بحسب سعة اليسار ودرجات الاقتدار . وسيأتي رواية في أواخر رجب انه يتصدق عن كل يوم منه برغيف عوضا عن الصوم الشريف (2) ، ولعله لأهل الاقتار تخفيفا للتكليف.

اقول : واما ما يحتمل ان يكون عوضا عن الصوم في رجب لأهل الاعسار. فاننا رويناه باسنادنا الى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله انه قال:

وروى أبو سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الا ان رجب شهر الله الأصم – وذكر فضل صيامه وما لصيام ايامه من الثواب – ثم قال في آخره: قيل: يا رسول الله، فمن لم يقدر على هذه الصفة يصنع ما ذا لينال ما وصفت؟ قال: يسبح الله تعالى في كل يوم من رجب الى تمام ثلاثين بهذا التسبيح مائة مرة : سبحان الاله الجليل ، سبحان من لا ينبغي التسبيح الا له، سبحان الأعز الأكرم ، سبحان من لبس العزة وهو له اهل (3) .

اقول : فلا ينبغي للمؤمن الموسر أن يترك الاستظهار باطعام مسكين عن كل يوم من ايام الصيام المندوبات، ويقتصر على هذه التسبيحات ، بل يتصدق ويسبح احتياطا للعبادات .

فصل ( 22 ) فيما نذكره ايضا من عمل اول يوم من رجب من صلوات

فمن ذلك صلاة اول كل شهر ودعاؤها والصدقة بعدها ، وقد ذكرنا ذلك عند عمل كل شهر من الجزء الخامس من المهمات ما يكون ارجح . ومن ذلك ما رواه سلمان الفارسي رضوان الله عليه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا سلمان الا اعلمك شيئا من غرائب الكنز ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : إذا كان اول يوم من رجب تصلي عشر ركعات، تقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (قل هو الله أحد) ثلاث مرات ، غفر الله لك ذنوبك كلها من اليوم الذي جرى عليك القلم الى هذه الليلة ووقاك الله فتنة القبر وعذاب يوم القيامة وصرف عنك الجذام والبرص وذات الجنب (4).

ومن الصلاة في اول يوم من شهر رجب ما رويناه باسنادنا الى جماعة ، منهم جدى أبي جعفر الطوسي رحمه الله باسناده فيما ذكره في المصباح فقال :

وروى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله في آخر يوم من جمادى الآخرة في وقت لم ادخل عليه فيه قبله، قال: يا سلمان انت منا اهل البيت أفلا احدثك؟ قلت: بلى فداك أبي وامي يا رسول الله، قال: يا سلمان ما من مؤمن ولا مؤمنة صلى في هذا الشهر ثلاثين ركعة وهو شهر رجب، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قل هو الله أحد ) ثلاث مرات و (قل يا ايها الكافرون) ثلاث مرات، الا محا الله تعالى عنه كل ذنب عمله في صغره وكبره واعطاه الله سبحانه من الأجر كمن صام ذلك الشهر كله، وكتب عند الله من المصلين الى السنة المقبلة، ورفع له في كل يوم عمل شهيد من شهداء بدر، وكتب له بصوم كل يوم يصومه منه عبادة سنة ورفع له ألف درجة، فان صام الشهر كله انجاه الله عز وجل من النار وأوجب له الجنة، يا سلمان اخبرني بذلك جبرئيل عليه السلام وقال: يا محمد هذه علامة بينكم وبين المنافقين، لان المنافقين لا يصلون ذلك.

قال سلمان : فقلت : يا رسول الله اخبرني كيف اصلي هذه الثلاثين ركعة ومتى اصليها ؟ قال : يا سلمان تصلي في اوله عشر ركعات تقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة و ( قل هو الله احد ) ثلاث مرات و ( قل يا ايها الكافرون ) ثلاث مرات ، فإذا سلمت رفعت يديك وقلت : لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شي قدير ، اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، ثم امسح بهما وجهك (5) .

ومن الصلوات في اول يوم من شهر رجب ما رأيناه في يد بعض اصحابنا من كتب العبادات مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: تصلي اول يوم من رجب اربع ركعات بتسليمة، الأولة بالحمد مرة و(قل هو الله احد) عشر مرات، وفي الثانية بالحمد مرة و (قل هو الله احد) عشر مرات و (قل يا ايها الكافرون) ثلاث مرات، وفي الثالثة الحمد مرة و (قل هو الله احد) عشر مرات و (الهيكم التكاثر مرة، وفي الرابعة الحمد مرة و (قل هو الله احد) خمسة وعشرين مرة وآية الكرسي ثلاث مرات (6).

ذكر صلاة في يوم من رجب، وجدتها باسناد متصل الى عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صام يوما من رجب وصلى فيه اربع ركعات، يقرء في اول ركعة مائة مرة آية الكرسي، ويقرء في الثانية (قل هو الله احد) مأتي مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى له.

ذكر قرائة ( قل هو الله احد ) في يوم الجمعة من رجب: رأيت في حديث باسناد ان من قرء في يوم الجمعة من رجب ( قل هو الله احد ) مائة مرة كان له نورا يوم. القيامة يسعى به الى الجنة. وان كان اول يوم من رجب ، الجمعة ففيه صلاة زائدة .

ذكر صلاة يوم الجمعة من رجب، وجدناه باسناد متصل الى عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الجمعة في شهر رجب ما بين الظهر والعصر اربع ركعات، يقرء في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي سبع مرات و (قل هو الله احد) خمس مرات، ثم قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو واسأله التوبة – عشر مرات، كتب الله تبارك وتعالى له من يوم يصليها الى يوم يموت كل يوم الف حسنة واعطاه الله تعالى بكل آية قرأها مدينة في الجنة من ياقوتة حمراء، وبكل حرف قصرا في الجنة من درة بيضاء، وزوجه الله تعالى من الحور العين ورضي عنه رضا لا سخط بعده وكتب من العابدين، وختم الله تعالى له بالسعادة والمغفرة، وكتب الله له بكل ركعة صلاها خمسين ألف صلاة وتوجه بألف تاج، ويسكن الجنة مع الصديقين ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مقعده من الجنة .

الهوامش

١ – الكافي ٤: ١٤٤.
٢ – أمالي الصدوق: ٣٢٣، عنه البحار: ٩٧: ٣١.
٣ – مصباح المتهجد 2: 817، رواه في البحار 97: 31 عن أمالي الشيخ، رواه الصدوق في أماليه: 323.
4 – عنه الوسائل 8: 96.
5 – مصباح المتهجد 2: 818، عنه الوسائل 8: 98.
6 – عنه الوسائل 8: 96.

الفصل( 23 ) : فيما نذكره من الدعوات في أول يوم من رجب و في كل يوم

فصل ( 23 ) فيما نذكره من الدعوات في اول يوم من رجب وفي كل يوم منه نقلناه من كتاب المختصر من المنتخب، فقال :

وتقول في اول يوم من رجب: اللهم إني أسألك يا الله يا الله يا الله، أنت الله القديم الأزلي الملك العظيم، أنت الله الحي القيوم المولى السميع البصير، يا من العز والجلال، والكبرياء والعظمة، والقوة والعلم والقدرة، والنور والروح، والمشية والحنان والرحمة والملك لربوبيته، نورك أشرق له كل نور، وخمد له كل نار، وانحصر له كل الظلمات .

أسألك باسمك الذي اشتققته من قدمك وأزلك ونورك، وبالإسم الأعظم الذي اشتققته من كبريائك وجبروتك وعظمتك وعزك، وبجودك الذي اشتققته من رحمتك، وبرحمتك التي اشتققتها من رأفتك، وبرأفتك التي اشتققتها من جودك، وبجودك الذي اشتققته من غيبك، وبغيبك وإحاطتك وقيامك ودوامك وقدمك.

وأسألك بجميع أسمائك الحسنى لا إله إلا أنت الواحد الأحد الفرد الصمد الحي، الأول الاخر الظاهر الباطن، ولك كل اسم عظيم، وكل نور وغيب، وعلم ومعلوم، وملك وشأن ، وبلا إله إلا أنت تقدست وتعاليت علوا كبيرا .

اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك طاهر مطهر، طيب مبارك مقدس، أنزلته في كتبك وأجريته في الذكر عندك ، وتسميت به لمن شئت من خلقك أو سألك به أحد من ملائكتك وأنبيائك ورسلك بخير تعطيه فأعطيته، أو شر تصرفه فصرفته، ينبغي أن أسألك به .

فأسألك يا رب أن تنصرني على أعدائي وتغلب ذكري على نسياني ، اللهم اجعل لعقلي على هواي سلطانا مبينا ، واقرن اختياري بالتوفيق ، واجعل صاحبي التقوى ، وأوزعني شكرك على مواهبك . واهدني اللهم بهداك إلى سبيلك المقيم وصراطك المستقيم ، ولا تملك زمامي الشهوات فتحملني على طريق المخذولين ، وحل بيني وبين المنكرات ، واجعل لي علما نافعا، وأغرس في قلبي حب المعروف ولا تأخذني بغتة، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم .

وعرفني بركة هذا الشهر ويمنه، وارزقني خيره واصرف عني شره، وقني المحذور فيه، وأعني على ما أحبه من القيام بحقه، ومعرفة فضله ، واجعلني فيه من الفائزين يا أرحم الراحمين .

اللهم إني أسألك باسمك المتعال الجليل العظيم، وباسمك الواحد الصمد، وباسمك العزيز الأعلى، وبأسمائك الحسنى كلها، يا من خشعت له الأصوات وخضعت له الرقاب وذلت له الأعناق، ووجلت منه القلوب، ودان له كل شئ، وقامت به السماوات والأرض، أشهد أنك لا تدركك الأبصار وأنت تدرك الأبصار وأنت اللطيف الخبير .

يا رب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وجميع الملائكة المقربين والكروبيين والكرام الكاتبين، وجميع الملائكة المسبحين بحمدك ، ورب آدم وشيث وإدريس ، ونوح وهود وصالح ، وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولوط، ويعقوب ويوسف والأسباط وأيوب وموسى وهارون وشعيب ، وداود وسليمان وأرميا، وعزير وحزقيل، وشعيا وإلياس، واليسع ويونس وذي الكفل ، وزكريا ويحيى، وعيسى وجرجيس، ومحمد صلى الله علهيم أجميعن، وعلى ملائكة الله المقربين والكرام الكاتبين وجميع الاملاك المسبحين وسلم تسليما كثيرا (1).

أنت ربنا الأول الاخر، الظاهر الباطن، الذي خلقت السماوات والأرضين ثم استويت على العرش المجيد، بأسمائك الحسنى تبدئ وتعيد، وتغشي الليل النهار يطلبه حثيثا، والشمس والقمر والنجوم والفلك والدهور والخلق مسخرون بأمرك، تباركت وتعاليت يا رب العالمين .

لا إله إلا أنت الحنان المنان بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والاكرام، لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا. تعلم مثاقيل الجبال (2) ومكائيل البحار وعدد الرمال، وقطر الأمطار، وورق الأشجار، ونجوم السماء وما أظلم عليه الليل وأشرق (3) عليه النهار، لا يواري منك سماء سماء ولا أرض أرضا، ولا بحر متطابق، ولا ما بين سد الرتوق، ولا ما في القرار من الهباء المبثوث.

أسألك باسمك المخزون المكنون النور المنير ، الحق المبين ، الذي هو نور من نور ونور على نور ، ونور فوق كل نور ، ونور مع كل نور ، وله كل نور ، منك يا رب النور ، وأليك يرجع النور . وبنورك الذي تضئ به كل ظلمة ، وتبطل به كيد كل شيطان مريد، وتذل به كل جبار عنيد ، ولا يقوم له شئ من خلقك ويتصدع لعظمته البر والبحر ، وتستقل الملائكة حين يتكلم به، وترعد من خشيته حملة العرش العظيم إلى تخوم الأرضين السبع (4) ، الذي انفلقت به البحار ، وجرت به الأنهار، وتفجرت به العيون، وسارت به النجوم ، واركم (5) به السحاب واجري(6) ، واعتدل به الضباب (7) ، وهالت به الرمال، ورست به الجبال واستقرت به الأرضون ، ونزل به القطر وخرج به الحب ، وتفرقت به جبلات الخلق ، وخفقت به الرياح ، وانتشرت وتنفست (8) به الأرواح .

يا الله أنت المتسمى بالالهية، باسمك الكبير الأكبر العظيم الأعظم الذي عنت له الوجوه ، يا ذا الطول والالاء ، لا إله إلا أنت يا قريب ، أنت الغالب على كل شئ ، أسألك اللهم بجميع أسمائك كلها ما علمت منها وما لم أعلم ، وبكل اسم هو لك ان تصلي على محمد وال محمد وان تكفيني امر اعدائي وتبلغني مناي يا ارحم الراحمين .

اللهم صل على محمد وال محمد ، وارحم محمدا وال محمد وبارك على محمد وآل محمد(9) ، كما صليت ورحمت وباركت وترحمت على إبراهيم وآله إبراهيم (10) إنك حميد مجيد، اللهم أعط محمدا الوسيلة والشرف والرفعة والفضيلة على خلقك واجعل في المصطفين تحياته، وفي العليين درجته، وفي المقربين منزلته، اللهم صل على جميع ملائكتك وأنبيائك ورسلك وأهل طاعتك .

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات، وألف بين قلوبنا وقلوبهم على الخيرات، اللهم اجز محمدا صلى الله على وآله أفضل ما جزيت نبيا (11) عن امته، كما تلا آياتك وبلغ ما أرسلته به، ونصح لامته وعبدك حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين .

ثم تقرء : تبارك الله رب العالمين * تبارك الله أحسن الخالقين * تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ، الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شئ فقدره تقديرا * تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجرى من تحتها الانهار ويجعل لك قصورا * تبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون * تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام * تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور * تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا .

وتقول: أعوذ بكلمات الله التامات كلها (12) التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ابليس وجنوده، ومن شر كل شيطان وسلطان، وساحر وكاهن ، وشر كل ذي شر .

اللهم إني أستودعك نفسي وديني وسمعي وبصري وجسدي وجميع جوارحي وأهلي ومالي وأولادي وجميع من يعنيني أمره، وخواتيم عملي وسائر ما ملكتني وخولتني ورزقتني (13) وأنعمت به علي وجميع المؤمنين والمؤمنات، يا خير مستودع ويا خير حافظ ويا أرحم الراحمين.

اللهم إني أسألك باسمك الله الله الله الله الله، الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم، أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفرج عني يا رب السماوات والأرضين ومن فيهن، ومجري البحار ورازق من فيهن، وفاطر السماوات والارضين وأطباقها (14) ومسخر السحاب ومجري الفلك.

وجاعل الشمس ضياء والقمر نورا ، وخالق آدم عليه السلام ، ومنشى الأنبياء عليه السلام من ذريته، ومعلم إدريس عدد النجوم والحساب والسنين والشهور وأوقات الأزمان، ومكلم موسى، وجاعل عصاه ثعبانا، ومنزل التوراة في الألواح على موسى عليه السلام .

ومجري الفلك لنوح ، وفادى إسماعيل من الذبح ، والمبتلي يعقوب بفقد يوسف ، وراد يوسف عليه بعد أن ابيضت عيناه من البكاء، فتفرج قلبه من الحزن والشجى، ورازق زكريا يحيى على الكبر بعد الاياس (15) ومخرج الناقة لصالح، ومرسل الصيحة على مكيدي هود، وكاشف البلاء عن أيوب، ومنجي لوط من القوم الفاحشين .

وواهب الحكمة للقمان، وملقي روح القدس بكلماته على مريم عليها السلام، وخلقك منها عبدك عيسى عليه السلام، والمنتقم من قتلة يحيى بن زكريا عليهما السلام، وأسألك برفعك عيسى إلى سمائك وبابقائك له إلى أن تنتقم له من أعدائك (16) .

ويا مرسل محمد صلى الله عليه وآله خاتم أنبيائك إلى أشر عبادك بشرائعك الحسنة ، ودينك القيم ، وملة إبراهيم خليلك عليه السلام وإظهار دينه (17) القيم، وإعلائك كلمته يا ذا الجلال والاكرام، يا من لا تأخذه سنة ولا نوم، يا أحد يا صمد يا عزيز يا قادر يا قاهر ، يا ذا القوة والسلطان والجبروت والكبرياء .

يا علي يا قدير يا قريب يا مجيب، يا حليم يا معيد، يا متداني يا بعيد، يا رؤوف يا رحيم يا كريم يا غفور، يا ذا الصفح يا مغيث يا مطعم، يا شافي يا كافي، يا كاسي يا معافي، يا شافي الضر، يا عليم يا حكيم يا ودود. يا غفور يا رحيم يا رحمان الدنيا والاخرة، يا ذا المعارج يا ذا القدس، يا خالق يا عليم يا مفرج يا أواب يا ذا الطول يا خبير، يا من خلق ولم يخلق يا من لم يلد ولم يولد ، يا من بان من الأشياء بانت الأشياء منه بقهره لها وخضوعها له، يا من خلق البحار وأجرى الأنهار وأنبت الأشجار ، وأخرج منها النار ، ومن يابس الأرضين النبات والأعناب وسار الثمار .

يا فالق البحر لعبده موسى عليه السلام ومكلمه ، ومغرق فرعون وحزبه ومهلك نمرود أشياعه ، وملين الحديد لخليفته داود عليه السلام، ومسخر الجبال معه يسبحن بالغدو والاصال، ومسخر الطير والهوام والرياح والجن والانس لعبدك سليمان عليه السلام وأسألك باسمك الذي اهتزله عرشك وفرحت به ملائكتك، فلا إله إلا أنت خالق النسمة وبارئ النوى وفالق الحبة، وباسمك الذي العزيز الجليل الكبير المتعال.

وباسمك الذي ينفخ به عبدك وملكك إسرافيل عليه السلام في الصور ، فيقوم أهل القبور سراعا إلى المحشر ينسلون (18) ، وباسمك الذي رفعت به السماوات من غير عماد وجعلت به للأرضين أوتادا ، وباسمك الذي سطحت به الأرضين فوق الماء المحبوس ، وباسمك الذي حبست به ذلك الماء وباسمك الذي حملت به الأرضين من اخترته لحملها ، وجعلت له من القوة ما استعان به على حملها .

وباسمك الذي تجري به الشمس والقمر، وباسمك الذي سلخت به النهار من الليل ، وباسمك الذي إذا دعيت به أنزلت أرزاق العباد وجميع خلقك وأرضك وبحارك وسكان البحار والهوام، والجن والإنس وكل دابة أنت آخذ بناصيتها وبانك على كل شئ قدير .

وباسمك الذي جعلت به لجعفر عليه السلام جناحا يطير به مع الملائكة (19)، وباسمك الذي دعاك به يونس عليه السلام في بطن الحوت فأخرجته منه، وباسمك الذي أنبت به عليه شجرة من يقطين ، فاستجبت له وكشفت عنه ما كان فيه من ضيق بطن الحوت .

أسألك (20) أن تصلي على محمد عبدك ورسولك وعلى آله الطيبين (21) ، وأن تفرج عني وتكشف ضري وتستنقذني من ورطتي ، وتخلصني من محنتي ، وتقضي عني ديوني ، وتؤدي عني أمانتي، وتكبت (22) اعدائي (23)، ولا تشمت بي حسادي، ولا تبتليني بما لا طاقة لي به، وأن تبلغني امنيتي ، وتسهل لي محبتي (24) ، وتيسر لي أرادتي، وتوصلني إلى بغيتي، وتجمع لي خير الدارين، وتحرسني وكل من يغنيني امره، بعينك التي لا تنام في الليل والنهار ، يا ذا الجلال والاكرام والأسماء العظام .

اللهم يا رب أنا عبدك وابن عبدك ، وابن أمتك ومن أولياء أهل بيت نبيك صلى الله عليه وعليهم ، الذين باركت عليهم ورحمتهم وصليت عليهم كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، ولمجدك وطولك ، أسألك يا رباه يا رباه، يا رباه ، يا رباه يا رباه ، يا رباه يا رباه يا رباه، يا رباه ، يا رباه بحق محمد عبدك ورسولك صلى الله عليه وآله، وبحقك على نفسك إلا خصمت أعدائي وحسادي وخذلتهم وانتقمت لي منهم ، وأظهرتني عليهم وكفيتني أمر لهم أمرهم، ونصرتني عليهم ، وحرستني منهم ، ووسعت علي في رزقي وبلغتني غاية أملي إنك سميع (25 ) مجيب (26) .

الهوامش

1 – كثيرا كثيرا (خ ل).
2 – مثاقيل المياه ووزن الجبال (خ ل).
3- قد أشرق (خ ل).
4 – في البحار: السابعة.
5 – ركم الشئ: جمعه وجعل بعضه فوق بعض.
6 – جرى (خ ل).
7 – الضباب: الذي كالغيم أو سحاب رقيق كالدخان.
8 – نسف البناء: قلعه من أصله.
9 – في المواضع: على آل محمد (خ ل).
10 – على آل إبراهيم (خ ل).
11 – جزيت به نبيا (خ ل).
12- بكلمات الله كلها (خ ل).
13 – ما خولتني وما رزقتني (خ ل).
14 – اطباقهن (خ ل).
15 – في البحار: الياس.
16 – أعدائه (خ ل).
17 – اظهارك دينه (خ ل).
18 – نسل في مشيه: أسرع.
19 – الملائكة المقربين (خ ل).
20 – وأسألك (خ ل).
21 – الطيبين الطاهرين (خ ل).
22 – كبته: صرعه وأخزاه.
23 – عدوى (خ ل).
24 – محتنى (خ ل).
25 – قريب (خ ل).
26 – عنه البحار 98: 388.

دعوات في آخر غرة رجب

ومن الدعوات في غرة رجب ما رويناه باسنادنا من عدة طرق ،

منها الى أبي العباس احمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن غالب الانصاري، قال: حدثنا علي بن الحسن الطاطري، قال : حدثنا احمد بن أبي بشر، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت على بن الحسين عليهما السلام يدعو في الحجر في غرة رجب في سنة ابن الزبير ، فانصت إليه ، وكان يقول:

يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ضمير الصامتين، لكل مسألة منك سمع حاضر وجواب عتيد(1)، اللهم ومواعيدك الصادقة وأياديك الفاضلة ورحمتك الواسعة، فاسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تقضي حوائجي للدنيا والاخرة إنك على كل شئ قدير . قال: واسر البواقي فلم افهمه (2) .

اقول: واعلم أن هذا الدعاء قد ذكره جدي أبو جعفر الطوسي في ادعية كل يوم من رجب، وهو عارف بطرق الروايات، فيكون قد روي بطريق غير هذه انه يدعى به كل يوم من ايام رجب، فادع به كل يوم منه ( 3 ) .

من الدعوات في كل يوم من رجب ، ما رويناها عن جماعة ونذكرها باسناد محمد بن علي الطرازي من كتابه قال :

أخبرنا أحمد بن محمد بن عياش رضي الله عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سهل المعروف بابن أبي الغريب الضبي، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور، قال: حدثني محمد بن الحسين الصائغ ، عن محمد بن الحسين الزاهري ، من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق وزاهر الشهيد بالطف ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي معشر ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه كان إذا دخل رجب يدعو بهذا الدعاء في كل يوم من أيامه :

خاب الوافدون على غيرك، وخسر المتعرضون إلا لك ، وضاع الملمون (4) إلا بك ، وأجدب (5) المنتجعون (6) إلا من انتجع فضلك بابك مفتوح للراغبين، وخيرك مبذول للطالبين، وفضلك مباح للسائلين، ونيلك متاح (7) للاملين، ورزقك مبسوط لمن عصاك  وحلمك متعرض لمن ناواك، عادتك الاحسان إلى المسيئين، وسبيلك الإبقاء على المعتدين.  اللهم فاهدني هدى المهتدين ، وارزقني اجتهاد المجتهدين ، ولا تجعلني من الغافلين المبعدين ، واغفر لي يوم الدين (8) .

ومن الدعوات كل يوم من رجب ما ذكره الطرازي أيضا في كتابه ، فقال أبو الفرج محمد بن موسى القزويني الكاتب رحمه الله ، قال : أخبرني أبو عيسى محمد بن أحمد بن محمد بن سنان ، عن أبيه ، عن جده محمد بن سنان ، عن يونس بن ظبيان قال: كنت عند مولاي أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل علينا المعلى بن خنيس في رجب فتذاكروا الدعاء فيه، فقال المعلي: يا سيدي علمني دعاء يجمع كل ما أودعته الشيعة في كتبها فقال : قل يا معلى :

اللهم إني أسألك صبر الشاكرين لك ، وعمل الخائفين منك ، ويقين العابدين لك ، اللهم أنت العلي العظيم ، وأنا عبدك البائس الفقير ، وأنت الغني الحميد ، وأنا العبد الذليل . اللهم صل على محمد وآل محمد (9) ، وامنن بغناك على فقري ، وبحلمك على جهلي ، وبقوتك على ضعفي يا قوي يا عزيز ، اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين ، واكفني ما أهمني من أمر الدنيا والاخرة يا أرحم الراحمين .

ثم قال : يا معلى والله لقد جمع لك هذا الدعاء ما كان من لدن إبراهيم الخليل إلى محمد صلى الله عليه وآله (10) .

ومن الدعوات كل يوم من رجب ما ذكره الطرازي أيضا فقال : دعاء علمه أبو عبد الله عليه السلام محمد السجاد ، وهو محمد بن ذكوان يعرف بالسجاد ، قالوا : سجد وبكى في سجوده حتى عمي ، روى أبو الحسن علي بن محمد البرسي رضي الله عنه ، قال : أخبرنا الحسين بن أحمد بن شيبان ، قال : حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عمران البرقي ، عن محمد بن علي الهمداني ، قال : أخبرني محمد بن سنان ، عن محمد السجاد في حديث طويل ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك هذا رجب علمني فيه دعاء ينفعني الله به ،

قال : فقال لي أبو عبد الله عليه السلام : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، وقل في كل يوم من رجب صباحا ومساء وفي أعقاب صلواتك في يومك وليلتك: يا من أرجوه لكل خير، وآمن سخطه عند كل شر ، يا من يعطي الكثير بالقليل، يا من يعطي من سأله ، يا من يعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه تحننا منه ورحمة، أعطني بمسألتي إياك جميع (11) خير الدنيا وجميع خير الاخرة ، واصرف عني بمسألتي أياك جميع شر الدنيا وشر الاخرة (12) ، فانه غير منقوص ما أعطيت ، وزدني من فضلك يا كريم .

قال: ثم مد أبو عبد الله عليه السلام يده اليسرى فقبض على لحيته ودعا بهذا الدعاء وهو يلوذ بسبابته اليمنى،ثم قال: بعد ذلك:

يا ذا الجلال والاكرام يا ذا النعماء والجود ، يا ذا المن والطول ، حرم شيبتي على النار (13) .

وفي حديث آخر : ثم وضع يده على لحيته ولم يرفعها إلا وقد امتلأ ظهر كفه دموعا ( 14 ) .

ومن الدعوات كل يوم من رجب ما رويناه باسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله ، وهو مما ذكره في المصباح بغير أسناد ، ووجدته في أواخر كتاب معالم الدين مرويا عن مولانا الامام الحجة المهدي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين ، وفي هذه الرواية زيادة واختلاف في كلمات ، فقال ما هذا لفظه :

ذكر محمد بن أبى الرواد الرواسي أنه خرج مع محمد جعفر الدهان ، إلى مسجد السهلة في يوم من أيام رجب فقال: قال : مل (15) بنا إلى مسجد صعصعة فهو مسجد مبارك وقد صلى به أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله ووطئه الحجج بأقدامهم، فملنا إليه ، فبينا نحن نصلي إذا برجل قد نزل عن ناقته وعقلها بالظلال، ثم دخل وصلى ركعتين أطال فيهما ، ثم مد يديه فقال : وذكر الدعاء الذي يأتي ذكره، ثم قام إلى راحلته وركبها .

فقال لي أبو جعفر الدهان: ألا نقوم إليه فنسأله من هو ؟ فقمنا إليه فقلنا له : ناشدنا كالله من أنت؟ فقال: ناشدتكما الله من ترياني؟ قال ابن جعفر الدهان: نظنك الخضر، فقال: وأنت أيضا؟ فقلت: أظنك إياه، فقال: والله إني لمن الخضر مفتقر إلى رؤيته، انصرفا فانا إمام زمانكما ، وهذا لفظ دعائه عليه السلام :

اللهم يا ذا المن السابغة ، والالاء الوازعة والرحمة الواسعة ، والقدرة الجامعة ، والنعم الجسيمة والمواهب العظيمة ، والأيادي الجميلة ، والعطايا الجزيلة، يا من لا ينعت بتمثيل، ولا يمثل بنظير ، ولا يغلب بظهير، يا (16) من خلق فرزق، وألهم فأنطق ، وابتدع فشرع ، وعلا فارتفع ، وقدر فأحسن ، وصور فأتقن، واحتج فأبلغ ، وأنعم فأسبغ ، وأعطى فأجزل ، ومنح فأفضل . يا من سما في العز ففات خواطر الأبصار، ودنا في اللطف فجاز هواجس (17) الأفكار، يا من توحد بالملك (18) فلاند له في ملكوت سلطانه ، وتفرد بالكبرياء والالاء ، فلا ضد له في جبروت شأنه .

يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام، وانحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام ، يا من عنت الوجوه لهيبته ، وخضعت الرقاب لعظمته ، ووجلت القلوب من خيفته .

أسألك بهذه المدحة التي لا تنبغي إلا لك ، وبما وأيت به على نفسك لداعيك من المؤمنين ، وبما ضمنت الاجابة فيه على نفسك للداعين ، يا أسمع السامعين ، ويا أبصر المبصرين ، ويا أنظر الناظرين ، ويا أسرع الحاسبين ، ويا أحكم الحاكمين ، ويا أرحم الراحمين . صل على محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطاهرين الأخيار ، وأن تقسم لي في شهرنا هذا خير ما قسمت ، وأن تحتم لي في قضائك خير ما حتمت ، وتختم لي بالسعادة فيمن ختمت ، وأحيني ما أحييتني موفورا ، وأمتني مسرورا ومغفورا .

وتول انت نجاتي من مسألة البرزخ، وادرء عني منكرا ونكيرا ، وأرعيني (19) مبشرا وبشيرا ، واجعل لي إلى رضوانك وجنانك مصيرا وعيشا قريرا ( 20 ) وملكا كبيرا ، وصلى الله على محمد وآله بكرة وأصيلا يا أرحم الراحمين .

ثم تقول من غير تلك الرواية: اللهم إني أسألك بعقد عزك على أركان عرشك، ومنتهى رحمتك من كتابك، واسمك الأعظم، وذكرك الأعلى الأعلى، وكلماتك (21) التامات كلها أن تصلي على محمد وآله، وأسألك ما كان أوفى بعهدك، وأقضى لحقك وأرضى لنفسك، وخيرا لي في المعاد عندك، والمعاد إليك، أن تعطيني جميع ما أحب وتصرف عني جميع ما أكره، إنك على كل شئ قدير ، برحمتك يا أرحم الراحمين .

وجدنا هذا الدعاء وهذه الزيادات فيه مرويا عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ( 22 ) .

الهوامش

1 – عتيد : مهيا وحاضر .
2 – رواه في مصباح المتهجد: 801، البلد الأمين: 178، مصباح الكفعمي : 527 ، الصحيفة السجادية الجامعة: 200 ، الرقم : 111 .
3 – مصباح المتهجد 2 : 738 .
4 – الملمة : النازلة الشديدة من نوازل الدنيا .
5 – الجدب : القحط وهو خلاف الخصب وهو النمو والبركة .
6 – النجع والانتجاع : طلب الكلاء ومساقط النبت .
7 – اتاحه : هيأه وقدره .
8 – عنه البحار ٩٨: ٣٨٩.
9 – الأوصياء (خ ل).
10 – عنه البحار ٩٨: ٣٩٠، رواه في مصباح المتهجد 2: 801.
11 – من (خ ل).
12 – جميع الخيرات (خ ل).
13 – جميع شر الآخرة (خ ل).
14 و 5 – عنه البحار 98: 391.
15 – مر (خ ل).
16 – ويا (خ ل).
17 – الهاجس ج هواجس: ما وقع في خلدك.
18 – في الملك (خ ل).
19 – ارعنى (خ ل).
20 – قرت عينه: بردت سرورا.
21 – ذكرك الاعلى وكلماتك (خ ل).
22 – عنه البحار 98: 392، رواه عنه في البحار 100: 448 بدون ذكر الدعاء، رواه الشيخ في مصباحه 2: 82.

دعوات في كل يوم من رجب

دعوات في كل يوم من رجب 

ومن الدعوات في كل يوم من رجب ما رويناه أيضا عن جدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه فقال: أخبرني جماعة عن ابن عياش قال : مما خرج على يد الشيخ الكبير أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد رضي الله عنه من الناحية المقدسة ما حدثني به خير بن عبد الله قال : كتبته من التوقيع الخارج إليه :

بسم الله الرحمن الرحيم ادع في كل يوم من أيام رجب: اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك، المأمونون على سرك ، المستسرون (1) بأمرك ، الواصفون لقدرتك ، المعلنون لعظمتك .

أسألك (2) بما نطق فيهم من مشيتك، فجعلتهم معادن لكلماتك ، وأركانا لتوحيدك ، وآياتك ومقاماتك، التي لا تعطيل لها في كل مكان ، يعرفك بها من عرفك ، لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك وخلقك ، فتقها (3) ورتقها(4) بيدك ، بدؤها منك وعودها إليك ، أعظاد وأشهاد ، ومناة وأزواد ، وحفظة ورواد ، فبهم ملأت سماءك وأرضك حتى ظهر [ أن ] ( 5 ) لا إله إلا أنت .

فبذلك أسألك وبمواقع العز من رحمتك وبمقاماتك وعلاماتك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تزيدني إيمانا وتثبيتا ، يا باطنا في ظهوره ، ويا ظاهرا ( 6) في بطونه ومكنونه، يا مفرقا بين النور والديجور (7)، يا موصوفا بغير<كنه ، ومعروفا بغير شبه، حاد كل محدود ، وشاهد كل مشهود، وموجد كل موجود، ومحصي كل معدود، وفاقد كل مفقود، ليس دونك من معبود، أهل الكبرياء والجود . يا من لا يكيف بكيف ، ولا يأين بأين ، يا محتجبا عن كل عين ، يا ديموم يا قيوم ، وعالم كل معلوم ، صل على عبادك المنتجبين ، وبشرك المحتجبين وملائكتك المقربين ، وبهم (8) الصافين الحافين ، وبارك لنا في شهرنا هذا المرجب المكرم وما بعده من أشهر الحرام ، وأسبغ علينا فيه النعم ، وأجزل لنا فيه القسم ، وأبرر لنا فيه القسم .

باسمك الأعظم (9) الأجل الأكرام الذي وضعته على النهار فأضاء وعلى الليل فأظلم ، واغفر لنا ما تعلم منا وما لم نعلم ، واعصمنا من الذنوب خير العصم واكفنا كوافي قدرك ، وامنن علينا بحسن نظرك ، ولا تكلنا إلى غيرك ، ولا تمنعنا من خيرك ، وبارك لنا فيما كتبته لنا من أعمارنا ، واصلح لنا خبيئة أسرارنا ، وأعطنا منك الأمان ، واستعملنا بحسن الايمان ، وبلغنا شهر الصيام ، وما بعده من الأيام والأعوام ، يا ذا الجلال والاكرام (10) .

ومن الدعوات كل يوم من رجب ، ما رويناه أيضا عن جدي أبي جعفر الطوسي قدس الله روحه ، فقال : قال ابن عياش : وخرج إلى أهلي على يد الشيخ أبي القاسم رضي الله عنه في مقامه عندهم هذا الدعاء في أيام رجب: اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب، محمد بن علي الثاني وابنه علي بن محمد المنتجب، وأتقرب بهما إليك خير القرب، يا من إليه المعروف طلب، وفيما لديه رغب، أسألك سؤال معترف(11) مذنب قد أو بقته (12) ذنوبه، وأوثقته عيوبه، وطال على الخطايا دؤوبه، ومن الرزايا خطوبه، يسألك التوبة وحسن الأوبة، والنزوع (14) من الحوبة، ومن النار فكاك رقبته، والعفو عما في ربقته، فأنت يا مولاي (15) أعظم أمله وثقته .

اللهم وأسألك بمسائلك الشريفة، ووسائلك المنيفة، أن تتغمدني في هذا الشهر برحمة منك واسعة، ونعمة وازعة، ونفس بما رزقتها قانعة إلى نزول الحافرة، ومحل الاخرة، وما هي إليها ( 16 ) صائرة ( 17 ) .

واقول: وقد قدمنا في دعاء اول يوم من رجب ما دعا به مولانا علي بن الحسين عليه السلام في غرة رجب في الحجر، الذي اوله: (يا من يملك حوائج السائلين)،

كما رويناه انه في اول يوم من الشهر، وقد ذكره جدي أبو جعفر الطوسي في ادعية كل يوم من شهر رجب، فيدعى به كل يوم منه احتياطا للفضل المكتسب .

الهوامش

1 – المستبشرون (خ ل).
2- وأسألك (خ ل).
3 – فتق الشئ: شقه.
4 – رتق الشئ: سده واغلقه.
5 – عن البحار.
6 – في البحار: يا ظاهر.
7 – الديجور: الظلمة.
8 – بهم (خ ل)، البهم جمع البهيمة، يقال: هذا فرس بهم أي الذي لا يختلط لونه بشئ بغير لونه.
9 – الأعظم الأعظم (خ ل).
10 – عنه البحار 98: 393، رواه الشيخ في مصباحه 2: 803.
11 – مقترف (خ ل).
12 – أو بقته: أهلكته.
13- النزوع: الانقطاع.
14 – فأنت مولاي (خ ل).
15 – إليه (خ ل).
16 – عنه البحار 98: 394، رواه الشيخ في مصباحه 2: 805.

فصل ( 24 - 25 ) : فضل الاستغفار و التهليل و التوبة في شهر رجب - فضل قراءة سورة التوحيد

فصل ( 24 ) فيما نذكره من فضل الاستغفار والتهليل والتوبة في شهر رجب

وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: من قال في رجب: استغفر الله الذي لا إله إلا هو لا شريك له وأتوب إليه ، مائة مرة ، وختمها بالصدقة ، ختم الله له بالرحمة والمغفرة ، وما قالها اربعمائة مرة كتب الله له اجر مائة شهيد ، فإذا لقى الله يوم القيامة يقول : له : قد اقررت بملكي فتمن علي ما شئت حتى اعطيك فانه لا مقتدر غيري . وعنه عليه السلام : من قال فيه : لا إله إلا الله ألف مرة ، كتب الله له مائة ألف حسنة ، وبنى الله له مائة مدينة في الجنة .

اقول : وفي رواية : من استغفر الله تعالى في رجب وسأله التوبة سبعين مرة بالغداة وسبعين مرة بالعشي ، يقول : استغفر الله وأتوب إليه ، فإذا بلغ تمام سبعين مرة رفع يديه وقال : اللهم اغفر لي وتب علي ، فان مات في رجب مات مرضيا عنه ولا تمسه النار ببركة رجب .

فصل (25) فيما نذكره من فضل قراءة (قل هو الله أحد) عشرة آلاف مرة في شهر رجب أو الف مرة، أو مائة مرة

وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: قال رسول الله (1) صلى الله عليه وآله : من قرء في عمره عشرة آلاف مرة ( قل هو الله أحد) بنية صادقة في شهر رجب، جاء يوم القيامة خارجا من ذنوبه كيوم ولدته امه ، فيستقبله سبعون ملكا يبشرونه بالجنة .

وفي حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وآله: من قرء (قل هو الله احد) الف مرة، جاء يوم القيامة بعمل ألف نبي وألف ملك، ولم يكن احد اقرب الى الله الا من زاد عليه ، وانها لتضاعف في شهر رجب .

وفي حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وآله: من قرأ (قل هو الله احد) مائة مرة، بورك له وعلى ولده وأهله وجيرانه، ومن قرأها في رجب بنى الله تعالى له اثنى عشر قصرا في الجنة ، مكللة بالدر والياقوت، وكتب الله له ألف ألف حسنة .

ثم يقول : اذهبو بعبدي فأرومه ما عددت له فيأتيه عشرة آلاف قهرمان ، وهم الذين وكلوا بمساكنه في الجنة ، فيفتحون له ألف ألف قصر من الدر ، وألف ألف قصر من ياقوت أحمر ، كلها مكللة بالدر والياقوت والحلي والحلل ، ما يعجز عنه الواصفون ولا يحيط بها الا الله تعالى، فإذا رآها دهش ( 2 ) وقال : هذا لمن من الانبياء ؟ فيقال : هذا لك بقراءة ( قل هو الله احد ) .

الهوامش

1 – قال النبي ( خ ل )

2 – دهش : تحير .

فصل ( 26 - 27 ) : أعمال و ذكر علي بن الحسين (ع) في سجوده في رجب - فضل زيارة الإمام الحسين (ع)

فصل ( 26 ) فيما نذكره مما كان مولانا علي بن الحسين عليهما السلام يعمله ويذكره في سجوده في ايام رجب

روينا ذلك باسنادنا الى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله فقال ما هذا لفظه: واعتمر علي بن الحسين عليهما السلام في رجب، وكان يصلي عند الكعبة عامة ليله ونهاره، ويسجد عامة ليله ونهاره، وكان يسمع منه في سجوده: عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك ، لا يزيد على هذا مدة مقامه (1) .

فصل ( 27 ) فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام في اول يوم من رجب

والاشارة الى موضع ألفاظها من الكتب اعلم ان من اهم المهمات في اول يوم من رجب زيارة الحسين عليه السلام ، اما بقصد مشهده الشريف في هذا الميقات ، أو بالايماء إليه بالزيارة من سائر الجهات، وانما اخرنا ذكرها الى اواخر فصول هذا اليوم السعيد لان اعذار الناس في التأخر عن الزيارة من القريب أو البعيد اضعاف المتمكنين من القصد إليه عليه السلام، فبدأنا في الفصول المذكورة بما هو أعم ، اغتناما للمبادرة الى الاعمال المشكورة ( 2 ) .

اقول : فمما نذكره في فضل زيارة الحسين عليه افضل السلام في اول رجب ،

ما رويناه باسنادنا الى جدي أبي جعفر الطوسى رحمه الله فقال: روى بشير الدهان عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال:من زار الحسين بن علي عليهما السلام قال: من زار الحسين بن علي علهيما السلام اول يوم من رجب غفر الله له البتة (3).

اما تعيين الفاظ الزيارة في اول يوم من رجب، فقد ذكرناها في كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر، وسوف نذكرها في ليلة نصف شعبان، فانها احق بها من هذ المكان. وقد ذكرنا في عمل اول ليلة من رجب زيارة مختصة بهذا الشهر كله، فاجتهد فيما تقدم على الظفر بفضله.

الهوامش

1- رواه الشيخ في مصباحه ٢: ٨٠١.
2 – مصباح المتهجد ٢: ٨٠١، مصباح الزائر: ٣٥٤، التهذيب ٦: ٤٨، مسار الشيعة: ٧٠، كمال الزيارات: 172 عنه الوسائل 10: 346، البحار 101: 89 مصباح الكفعمي: 491، المزار للمفيد: 48.

3- عنه الوسائل ٨: ٩٢، رواه في مصباح الكفعمي: ٥٢٤ عن مصباح الزائر.

فصل ( 28 - 29 ) : أعمال الليلة الثانية من رجب - فضل صوم يومين من رجب

فصل ( 28 ) فيما نذكره من عمل الليلة الثانية من رجب

وجدناه في كتب العبادات في الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله: من صلى في الليلة الثانية من رجب عشر ركعات بفاتحة الكتاب مرة و (قل يا ايها الكافرون) مرة، غفر الله له كل ذنب صغير وكبير، وكتبه من المصلين الى السنة المقبلة وبرئ من النفاق كما قدمناه في الليلة الاولة (2) .

فصل ( 29) فيما نذكره من فضل صوم يومين من رجب

روينا باسنادنا الى أبي جعفر بن بابويه من كتاب ثواب الأعمال وفي اماليه، فيما رواه عن النبي صلى الله عليه واله فقال: من صام من رجب يومين لم يصف الواصفون من اهل السماء والأرض ماله عند الله من الكرامة، وكتب له من الأجر مثل اجور عشرة من الصادقين في عمرهم، بالغة اعمارهم ما بلغت، ويشفع يوم القيامة في مثل ما يشفعون فيه ويحشر معهم في زمرتهم حتى يدخل الجنة ويكون من رفقائهم ( 2 ) .

الهوامش

1- ثواب الأعمال: ٧٧، فضائل الأشهر الثلاثة: ٢٥، أمالي الصدوق: 430.2

2- ثواب الأعمال: ٧٩، فضائل الأشهر الثلاثة: ٢٥، أمالي الصدوق: ٤٣٠، عنهم البحار ٩٧: ٢٧.

فصل (30 - 49) : أعمال وفضل صيام الليالي من الثالثة إلى الثانية عشر من رجب

فصل ( 30 ) فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة من رجب

وجدناه في كتب العبادة مرويا عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله في ذخائر السعادة، قال: من صلى في الليلة الثالثة من رجب عشر ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (إذا جاء نصر الله والفتح) خمس مرات، بني الله له قصرا في الجنة، عرضه وطوله اوسع من الدنيا سبع مرات، نادى مناد من السماء: بشروا ولي الله بالكرامة العظمى ومرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين (1) .

فصل ( 31 ) فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة ايام من رجب وصلاة في اليوم الثالث

روينا ذلك باسنادنا الى ابن بابويه في كتاب ثواب الاعمال واماليه باسناده الى النبي صلى الله عليه وآله قال: من صام من رجب ثلاثة ايام جعل الله بينه وبين النار خندقا وحجابا، طوله مسيرة سبعين عاما، ويقول الله عز وجل له عند افطاره: لقد وجب حقك علي ووجبت لك محبتي وولايتي، اشهدكم ملائكتي اني قد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر(2).

واما الصلاة في اليوم الثالث من رجب: فاننا وجدناها في بعض كتب العبادات المتضمنة لما يبقى من السعادات عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: من صلى في اليوم الثالث من رجب اربع ركعات، يقرء بعد الفاتحة: والهكم اله واحد لا إله إلا هو الرحمان الرحيم * إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، وما انزل الله من السماء من ماء فاحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة، وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض ، لايات لقوم يعقلون * ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حبا لله، ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب ان القوة لله جميعا وان الله شديد العذاب (3) اعطاه الله من الاجر مالا يصفه الواصفون (4) .

وروي ان اليوم الثالث من رجب كان مولد مولانا علي بن محمد الهادي عليه السلام .

فصل ( 32 ) فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة من رجب

وجدناه في كتب العبادات مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال : من صلى في الليلة الرابعة من رجب مائة ركعة بالحمد مرة و (قل اعوذ برب الفلق) مرة، وفي الثانية الحمد مرة و (قل اعوذ برب الناس) مرة، وهكذا كل الركعات ينزل من كل سماء ملك يكتبون ثوابها له الى يوم القيامة وجاء ووجهه مثل القمر ليلة البدر، ويعطيه كتابه بيمينه ويحاسبه حسابا يسيرا (5) .

فصل ( 33) فيما نذكره من فضل صوم اربعة ايام من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى ابن بابويه في كتاب ثواب الاعمال واماليه باسناده الى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب اربعة ايام عوفي من البلايا كلها، من الجنون والجذام والبرص وفتنة الدجال، واجير من عذاب القبر، ويكتب له مثل اجور اولى الألباب التوابين الاوابين واعطى كتابه بيمينه في اوائل العابدين (6) .

فصل ( 34) فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة من رجب

وجدنا ذلك في كتب الاسباب الى رضاء مالك يوم الحساب مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من صلى في الليلة الخامسة من رجب ست ركعات بالحمد مرة وخمسا وعشرين مرة (قل هو الله احد) اعطاه الله ثواب اربعين نبيا واربعين صديقا واربعين شهيدا، ويمر على الصراط كالبرق الا مع على فرس من النور (7) .

فصل ( 35) فيما نذكره من فضل صوم خمسة ايام من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى ابن بابويه في كتاب ثواب الاعمال واماليه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب خمسة ايام كان حقا على الله تعالى ان يرضيه يوم القيامة ويبعثه يوم القيامة ووجهه كالقمر في ليلة البدر وكتب له عدد رمل عاجل حسنات وادخل الجنة بغير حساب ويقال: تمن على ربك ما شئت (8) .

فصل (36) فيما نذكره من عمل الليلة السادسة من رجب

وجدنا ذلك فيما وقفنا عليه عن النبي صلوات الله عليه قال: ومن صلى في الليلة السادسة من رجب ركعتين بالحمد مرة وآية الكرسي سبع مرات ينادي مناد من السماء: يا عبد الله انت ولي الله حقا حقا، ولك بكل حرف قرأت في هذه الصلاة شفاعة من المسلمين، ولك سبعون الف حسنة، لكل حسنة عند الله افضل من الجبال التي في الدنيا (9) .

فصل (37) فيما نذكره من فضل صوم ستة ايام من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى ابن بابويه في كتاب ثواب الاعمال واماليه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب ستة ايام خرج من قبره ولو جهه نور يتلألأ اشد بياضا من نور الشمس واعطى سوى ذلك نورا يستضئ به اهل الجمع يوم القيامة، وبعثه الله من الآمنين يوم القيامة حتى يمر على الصراط بغير حساب، ويعافى من عقوق الوالدين وقطيعة الرحم (10) .

فصل ( 38) فيما نذكره من عمل الليلة السابعة من رجب

وجدنا ذلك فيما نظرناه مما يقرب العبد الى مولاه عن النبي صلى الله عليه وآله قال : من صلى في الليلة السابعة من رجب اربع ركعات، بالحمد مرة و (قل هو الله احد) ثلاث مرات و (قل اعوذ برب الفلق) و(قل اعوذ برب الناس) ويصلى على النبي صلى الله عليه وآله عند الفراغ عشر مرات، ويقول الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر، عشر مرات، اظله الله في ظل عرشه (11) ويعطيه ثواب من صام شهر رمضان، واستغفرت له الملائكة حتى يفرغ من هذه الصلاة، ويسهل عليه النزع وضغطة القبر، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة وآمنه الله من الفزع الاكبر (12) .

فصل ( 39 ) فيما نذكره من فضل صوم سبعة ايام من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى ابن بابويه رضوان الله عليه في اماليه وثواب الاعمال باسناده الى النبي صلى الله عليه وآله قال: من صام من رجب سبعة ايام، فان لجهنم سبعة ابواب، يغلق الله عنه لصوم كل يوم بابا من ابوابها وحرم الله جسده على النار (13) .

فصل ( 40 ) فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة من رجب

وجدنا ذلك في كتب الصلوات في الاوقات الصالحات، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صلى في الليلة الثامنة من رجب عشرين ركعة بالحمد مرة و(قل هو الله احد) و(قل يا ايها الكافرون) والفلق والناس ثلاث مرات، اعطاه الله ثواب الشاكرين والصابرين ورفع اسمه في الصديقين، وله بكل حرف اجر كل صديق وشهيد وكأنما ختم القرآن في شهر رمضان، فإذا خرج من قبره تلقاه سبعون ملكا يبشرونه بالجنة ويشيعونه إليها (14) .

فصل (41) فيما نذكره من فضل صوم ثمانية ايام من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى ابن بابويه باسناده الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كتاب ثواب الاعمال واماليه قال: ومن صام من رجب ثمانية ايام فان في الجنة ثمانية ابواب، يفتح الله له بصوم كل يوم بابا من ابوابها، فيقال له: ادخل من أي الأبواب شئت (15).

فصل (42) فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة من رجب

وجدنا ذلك فيما يوجد امثاله فيه مما يقرب الى اقبال الله جل جلاله ومراضيه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صلى في الليلة التاسعة ركعتين بالحمد مرة و (الهيكم التكاثر) خمس مرات، لا يقوم من مقامه حتى يغفر الله له ويعطيه ثواب مائة حجة ومائة عمرة وينزل عليه الف الف رحمة ويؤمنه من النار، وان مات الى ثمانين يوما مات شهيدا (16) .

فصل ( 43 ) فيما نذكره من فضل صوم تسعة ايام من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى ابي جعفر بن بابويه رضوان الله عليه باسناده الى النبي صلى الله عليه وآله في كتاب ثواب الاعمال واماليه فقال: ومن صام من رجب تسعة ايام خرج من قبره وهو ينادي: لا اله الا الله، ولا يعرف وجهه دون الجنة، وخرج من قبره ولوجهه نور يتلألأ لأهل الجمع ،حتى يقول: هذا نبي مصطفى ، وان ادنى ما يعطى ان يدخل الجنة بغير حساب (17) .

فصل ( 44 ) فيما نذكره من عمل الليلة العاشرة من رجب

وجدنا ذلك في كتب امثاله مما يدعو الى الظفر برضا الله جل جلاله واقباله، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من صلى في الليلة العاشرة من رجب بعد المغرب اثنتي عشرة ركعة، بالحمد مرة وثلاث مرات (قل هو الله احد)، يرفع الله له قصرا على عامود من ياقوتة حمراء ، قالوا: يا رسول الله وما ذلك العامود ؟

قال: مثل ما بين المشرق والمغرب، وفي ذلك العمود سبعمائة غرفة اوسع من الدنيا، والغرف كلها من ذهب وفضة وياقوت وزبرجد ، وفي ذلك القصر بيوت بعدد نجوم السماء ، وفيه ما لا يقدر بشرا ان يصفه (18) .

فصل ( 45 ) فيما نذكره من فضل صوم عشرة ايام من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى أبي جعفر بن بابويه في كتاب ثواب الاعمال واماليه باسناده الى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب عشرة ايام جعل الله له جناحين اخضرين منظومين بالدر والياقوت، يطير بهما على الصراط كالبرق الخاطف الى الجنان ، ويبدل الله سيئاته حسنات وكتب من المقربين القوامين لله بالقسط ، وكأنه (19) عبد الله الف عام قائما صابرا محتسبا (20) .

اقول: ووجدت في رواية باسناد مذكور ان اشهر الحرم لله عز وجل في كل عام، عاشر من كل شهر منها (21) امر، فاليوم العاشر من ذي الحجة يوم النحر، واليوم العاشر من المحرم عاشوراء، واليوم العاشر من رجب يمحوا الله ما يشاء ويثبت، ما قال في ذي القعدة.

قلت انا : رأيت في كتاب جامع الدعوات لنصر بن يعقوب الدينوري عن النبي صلى الله عليه وآله : ان ليلة عاشر ذي القعدة ينظر الله تعالى الى عبده بالرحمة . وروي ان يوم العاشر من رجب كان مولد مولانا الجواد عليه السلام .

فصل ( 46 ) فيما نذكره من عمل الليلة الحادية عشر من رجب

وجدنا ذلك في ديوان المراحم الواسعة والمكارم المتتابعة مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صلى في الليلة الحادية عشر من رجب اثنتي عشرة ركعة بالحمد مرة واثنتي عشرة مرة آية الكرسي، اعطاه الله ثواب من قرء التوراة والانجيل والزبور والفرقان، وكل كتاب انزله الله تعالى على انبيائه، ونادى مناد من العرش: استأنف العمل فقد غفر الله (22) لك (23).

فصل ( 47) فيما نذكره من فضل صوم احد عشر يوما من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الاعمال واماليه باسناده الى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب احد عشر يوما لم يواف الله يوم القيامة عبدا افضل منه الا من صام مثله أو زاد عليه (24) .

فصل (48) فيما نذكره من عمل الليلة الثانية عشر من رجب

وجدنا ذلك في ذخائر التوسل بالاعمال الى مالك الآمال والاقبال، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من صلى في الليلة الثانية عشر من رجب ركعتين، بالحمد مرة و( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير * لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو اخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الدين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين)، عشر مرات، اعطاه الله ثواب الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وثواب عتق سبعين رقبة من بني اسماعيل ويعطيه الله سبعين رحمة (25) .

فصل ( 49 ) فيما نذكره من فضل صوم اثني عشر يوما من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى أبي جعفر ابن بابويه باسناده في اماليه وكتاب ثواب الاعمال باسناده الى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب اثني عشر يوما كسي يوم القيامة حلتين خضراوتين من سندس واستبرق ويحبر (26) بهما، لو دليت حلة منهما الى الدنيا لأضاء ما بين مشرقها ومغربها ولصارت الدنيا اطيب من ريح المسك (27) .

الهوامش

1- عنه الوسائل ٨: ٩٢، رواه في مصباح الكفعمي: ٥٢٤ عن مصباح الزائر.
2 – ثواب الأعمال: ٧٨، فضائل الأشهر الثلاثة: ٢٥، أمالي الصدوق: 430، عنهم البحار 97: 27. (٢٢٠)
3 – البقرة: ١٦٣ – 165.
4 – عنه الوسائل 8: 97.
5 – عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
6 – ثواب الأعمال: ٧٩، أمالي الصدوق: ٤٣٠، فضائل الأشهر الثلاثة: ٢٦، عنهم البحار 97: 27.
7 – عنه الوسائل 8: 92، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
8 – ثواب الأعمال: ٧٩، أمالي الصدوق: ٤٣٠، فضائل الأشهر الثلاثة: ٢٦، عنهم البحار ٩٧: ٢٧.
9 – عنه الوسائل ٨: ٩٢، مصباح الكفعمي: ٥٢٥.
10- ثواب الأعمال: ٧٩، أمالي الصدوق: ٤٣٠، فضائل الأشهر الثلاثة: ٢٧، عنهم البحار 97: 27.
11 – تحت العرش (خ ل).
12 – عنه الوسائل ٨: ٩٢، مصباح الكفعمي: ٥٢٤ عن مصباح الزائر.
13 – ثواب الأعمال: ٧٩، أمالي الصدوق: 430، عنهما البحار 97: 27.
14 – عنه الوسائل ٨: ٩٢، مصباح الكفعمي: ٥٢٤ عن مصباح الزائر.
15 – ثواب الأعمال: ٨٠، أمالي الصدوق: 430، عنهما البحار 97: 28.
16 – عنه الوسائل 8: 92، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
17 – ثواب الأعمال: ٨، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 28.
18 – عنه الوسائل 8: 192، مصباح الكفعمي: 524.
19 – كأنما (خ ل).
20 – ثواب الأعمال: ٨٠، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 28.
21 – في كل عاشر من كل شهر منها (خ ل).
22 – غفر لك (خ ل).
23 – عنه الوسائل 8: 92، مصباح الكفعمي: 524.
24 – ثواب الأعمال: ٨، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 28.
25 – عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
26 – حبره حبرا: زينه وحبر الامر فلانا سره، واحبره: أكرمه ونعمه وسره.
27 – ثواب الأعمال: ٨٠، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 28.

فصل ( 50 - 55 ) : أعمال و فضل صيام الليالي البيض من شهر رجب و شعبان و رمضان

فصل ( 50 ) فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة عشر والليالي البيض من رجب شعبان وشهر رمضان

وجدنا ذلك في كتب نقل الآثار الدعاة الى دار القرار، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صلى في الليلة الثالثة عشر من رجب عشر ركعات في الاولى بالحمد مرة ( 1). والعاديات مرة ، وفي الثانية بالحمد و (الهيكم التكاثر) مرة والباقي كذلك، غفر الله له ذنوبه وان كان عاقا لوالديه رضي الله سبحانه عنه ، وان منكرا ونكيرا لا يقر بانه ولا يروعانه ، ويمر على الصراط كالبرق الخاطف ، ويعطي كتابه بيمينه ويثقل ميزانه واعطى في جنة الفردوس ألف مدينة (2) .

واما ما نذكره في الليالي البيض : فهو اسناده من كتاب محمد بن علي الطرازي فقال ما هذا لفظه : اخبرهم أبو الحسين احمد بن احمد بن سعيد الكاتب رضي الله عنه قال: حدثنا أبو العباس احمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن علي القياني ، قال : سمعت جدي ، يقول: سمعت احمد بن أبي العيفاء ، يقول : قال جعفر بن محمد صلوات الله عليه : اعطيت هذه الامة ثلاث اشهر لم يعطها احد من الامم، رجب وشعبان وشهر رمضان ، وثلاث ليال لم يعط احد مثلها: ليلة ثلاث عشرة وليلة اربع عشرة وليلة خمس عشرة من كل شهر ، واعطيت هذه الامة ثلاث سور لم يعطها احد من الامم: يس و (تبارك الملك) و (قل هو الله احد) ، فمن جمع بين هذه الثلاث فقد جمع افضل ما اعطيت هذه الامة .

فقيل: وكيف يجمع بين هذه الثلاث ؟

فقال : يصلي كل ليلة من ليالي البيض من هذه الثلاثة الاشهر ، في الليلة الثالثة (3) عشر ركعتين، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وهذه الثلاث سور (4) ، وفي الليلة الرابعة عشر اربع ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب، وهذه الثلاث سور، وفي الليلة الخامسة عشر ست ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وهذه الثلاث سور، فيحوز فضل هذه الأشهر الثلاثة ويغفر له كل ذنب سوى الشرك ( 5) .

فصل ( 51 ) فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة عشر يوما من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الاعمال واماليه باسناده الى النبي صلى الله عليه وآله ،

قال : ومن صام من رجب ثلاثة عشر يوما وضعت له يوم القيامة مائدة من ياقوتة خضراء في ظل العرش، قوائمهما من الدر أوسع من الدنيا سبعمائة مرة، عليها صحائف الدر اوسع من الدنيا سبعمائة مرة، عليها صحائف الدر والياقوت، في كل صفحة (6) سبعون ألف لون من الطعام لا يشبه اللون اللون ولا الريح الريح ، فيأكل منها والناس في شدة شديدة وكرب عظيم (7) .

وروي ان يوم ثالث عشر رجب كان مولد مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة قبل النبوة باثني عشر سنة .

فصل ( 52 ) فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة عشر من رجب ، غير ما ذكرناه .

وجدنا ذلك في اوراق صحائف الدلالة على السباق مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ومن صلى في الليلة الرابعة عشر من رجب ثلاثين ركعة بالحمد مرة و ( قل هو الله احد ) مرة، وآخر الكهف: ( قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا ) ، والذي نفسي بيده لو كانت ذنوبه اكثر من نجوم السماء لم يخرج من صلاته الا وهو طاهر مطهر ، وكأنما قرء كل كتاب انزله الله تعالى ( 7) .

فصل ( 53 ) فيما نذكره من فضل صوم اربعة عشر يوما من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال واماليه باسناده الى النبي صلوات الله عليه وآله، قال: ومن صام من رجب اربعة عشر يوما اعطاه الله من الثواب ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، من قصور الجنان التي بنيت بالدر والياقوت (9) .

فصل ( 54 ) فيما نذكره من عمل ليلة النصف من رجب ، غير ما قدمناه

وجدنا ذلك في الروايات الشاهدات للسعادات بالعبادات باسناد محمد بن علي الطرازي، فقال ما هذا لفظه: أبو محمد عبد الله بن الحسين بن يعقوب الفارسي رضي الله عنه ببغداد ، قال : حدثنا محمد بن علي بن معمر، قال : حدثنا حمدان بن المعافى ، قال : حدثنا عبد الله بن نجران (10)، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: تصلي ليلة النصف من رجب اثنتي عشر ركعة، تسلم بين كل ركعتين، تقرء في كل ركعة ام الكتاب اربع مرات وسورة الاخلاص اربعا وسورة الفلق اربع مرات، وسورة الناس اربع مرات وآية الكسري اربع مرات  و(إنا انزلناه في ليلة القدر) اربع مرات، ثم تشهد وتسلم وتقول بعد الفراغ بعقب التسليم اربع مرات: الله الله ربي لا اشرك به شيئا ولا اتخذ من دونه وليا، ثم ادع بما احببت (11) .

فصل ( 55) فيما نذكره ليلة النصف من رجب

وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله بما هذا لفظه ومقاله: روي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا كان ليلة النصف من رجب امر الله تعالى خزان ديوان الخلائق وكتبة اعمالهم، فيقول لهم: انظروا في ديوان عبادي وكل سيئة وجدتموها فامحوها وبدلوها حسنات .

الهوامش

1 – عشر ركعات بالحمد مرة (خ ل).
2 – عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
3 – في الأصل: الثانية عشر.
4 – مرة هذه الثلاث السور (خ ل).
5 – عنه الوسائل 8: 25.
6 – صحيفة (خ ل)
7 – ثواب الأعمال: ٨٠، أمالي الصدوق: ٤٣١، عنهما البحار ٩٧: ٢٨.
8 – عنه الوسائل ٨: ٩٣، مصباح الكفعمي: ٥٢٤ عن مصباح الزائر.
9 – ثواب الأعمال: ٨٠، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 28.
10 – عبد الله بن الرحمان (خ ل).
11 – رواه الشيخ في مصباحه 2 / 806، عنه الوسائل 8 / 97.

فصل ( 56 - 59 ): فضل أيام البيض من رجب و لياليها - و صلاة في ليلة نصف من رجب - و أحياء هذه الليلة

فصل ( 56 ) فيما نذكره من فضل ايام البيض من رجب ولياليها وجدناه في المنقول عن الرسول صلى الله عليه وآله انه قال: من صام ثلاثة ايام من رجب وقام لياليها في اوسطه ثلاث عشرة واربع عشرة وخمس عشرة، والذي بعثني بالحق انه لا يخرج من الدنيا الا بالتوبة (1) النصوح، ويغفر له بكل يوم صامه سبعون كبيرة، ويقضى له سبعون حاجة عند الفزع الاكبر، وسبعون حاجة إذا دخل قبره، وسبعون حاجة إذا خرج من قبره، وسبعون حاجة إذا نصب الميزان، وسبعون حاجة عند الصراط، وكأنما عتق بكل يوم يصومه سبعين من ولد اسماعيل، وكأنما ختم القرآن سبعين ألف مرة، وكأنما رابط في سبيل الله سبعين سنة، وكأنما بنى سبعين قنطرة في سبيل الله، وشفع في سبعين من أهل بيته ممن وجبت له النار، وبنى له في جنات الفردوس سبعون ألف مدينة ، في كل مدينة سبعون ألف قصر، في كل قصر ألف حوراء، ولكل حوراء سبعون ألف خادم .

وروينا باسنادنا الى جدي أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن الصادق عليه السلام قال: من صام ايام البيض من رجب كتب الله له بكل يوم صيام سنة وقيامها، ووقف يوم القيامة موقف الآمنين (2) .

فصل ( 57 ) فيما نذكره من صلاة اخرى في ليلة النصف من رجب

روينا ذلك باسنادنا الى جدي أبي جعفر الطوسي باسناده الى داود بن سرحان عن الصادق عليه السلام قال :

تصلي ليلة النصف من رجب اثنتي عشرة ركعة، تقرء في كل ركعة الحمد وسورة، فإذا فرغت من الصلاة قرأت بعد ذلك الحمد والمعوذتين وسورة الاخلاص وآية الكرسي اربع مرات، وتقول بعد ذلك : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر اربع مرات ، ثم تقول : الله الله ربي لا اشرك به شيئا ، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( 3 ) .

فصل ( 58 ) فيما نذكره من صلاة في ليلة النصف

ايضا برواية اخرى رأينا ذلك من جملة حديث عن النبي صلى الله عليه وآله بما معناه : ان من صلى فيها ثلاثين ركعة بالحمد و ( قل هو الله احد) عشر مرات لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع ، كما بين مكة والمدينة ، واعطاه الله برائة من النار وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر ( 4) .

صلاة ليلة النصف من رجب :

اقول : ووجدت في رواية باسناد متصل الى النبي صلى الله عليه وآله : من صلى ليلة خمس عشر من رجب ثلاثين ركعة ، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قل هو الله احد ) عشر مرات ، اعتقه الله من النار وكتب له بكل ركعة عبادة اربعين شهيدا واعطاء الله بكل آية اثنى عشر نورا وبنى له بكل مرة يقرأ ( قل هو الله احد ) اثنى عشر مدينة من مسك وعنبر ، وكتب الله له ثواب من صام وصلى في ذلك الشهر من ذكر وانثى ، فان مات ما بينه وبين السنة المقبلة مات شهيدا ووقي فتنة القبر .

فصل ( 59 ) فيما نذكره مما ينبغي في احياء هذه الليلة والعناية بها والخاتمة لها

اعلم انه إذا كانت هذه ليلة النصف على ما اشرنا إليه ، ودلنا الله جل جلاله عليه من عظيم فضلها وشرف محلها ، فينبغي ان يكون المصدق لله والرسول الموافق للاقبال والقبول على قدم المراقبة طول ليلة والاعتراف لله جل جلاله بالمنة العظيمة في استصلاحه لخدمته وعبادته، ويصحبها حضور القلب (5) بين يدي الرب مشغول الخاطر والسرائر والظواهر بمجالسة مولاه، مالك الأوائل والأواخر، واجدا انس المحاضرة ولذة المحاورة وشرف المجاورة .

وإذا قرب طلوع فجرها وطئ بساط برها فيقبل على الله جل جلاله بالاخلاص ويسلم عمله الى من كان ضيفا من أهل الاختصاص، ويتوجه بهم بالله العظيم وبمقامه ( 6) الكريم في ان يتمموا نقص اعماله ويعظموا مقام اقباله ويظفروه بتمام آماله .

الهوامش

١ – على التوبة (خ ل).
٢ – مصباح المتهجد 2: 810.
3 – مصباح المتهجد: ٧٤٢، عنه الوسائل 8: 97.
4 – عنه الوسائل 8: 92، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
5 – حضور العقل والقلب (خ ل).
6 – يتوجه إليهم (خ)، يتوجه إليه بهم بمقامه (خ ل).

فصل ( 60 - 64 ) : أسرار استقبال يوم نصف من رجب - فضل زيارة الحسين (ع) - فضل الصلاة و الدعاء فيه

فصل ( 60 ) فيما نذكره من اسرار استقبال يوم النصف من رجب

اعلم ان هذا اليوم فيه من الاسرار واطلاق المبار وغنى اهل الاعمار وجبر اهل الانكسار ما قد تضمنه صريح الاخبار ، فابسط عند استقباله كف التعرض لمواهبه ونواله، واقبل بوجهه قلبك على عظمة ربك، وانظر بعين بصيرتك الى من رفع قدرك واحضرك لسعادتك واطلقك من عقال الذنوب وقيود العيوب، واذن لك في كل مطلوب وان تسأله جمع شملك بكل أمر محبوب واخلع لباس الكسالة ، وافكر انك بحضرة مالك الجلالة ، وعلى مائدة ضيافة صاحب الرسالة ، ولعلك لا تبلغ الى سنة اخرى ويوم مثله ، فاياك ان تفرط فيما جعلك الله اهلا ان تطلبه من فضله .

اقول : ورأيت في حديث باسناد متصل الى ابن عباس قال :

قال آدم عليه السلام : يا رب اخبرني بأحب الأيام اليك وأحب الأوقات ؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : يا آدم احب الأوقات الي يوم النصف من رجب، يا آدم تقرب الي يوم النصف من رجب بقربان وضيافة وصيام ودعاء واستغفار وقول: لا إله الا الله، يا آدم اني قضيت فيما قضيت وسطرت فيما سطرت اني باعث من ولدك نبيا لافظ ولا غليظ ولا سخاب (1) في الاسواق، حليم رحيم كريم (2) عظيم البركة، أخصه وامته بيوم النصف من رجب، لا يسألوني فيه شيئا الا اعطيتهم، ولا يستغفروني الا غفرت لهم، ولا يسترزقوني الا رزقتهم ، ولا يستقيلوني الا اقلتهم ، ولا يسترحموني الا رحمتهم .

يا آدم من أصبح يوم النصف من رجب صائما ذاكرا خاشعا حافظا لفرجه متصدقا من ماله لم يكن له جزاء عندي الا الجنة ، يا آدم قل لولدك ان يحفظوا انفسهم في رجب فان الخطيئة فيه عظيمة .

فصل ( 61 ) فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم النصف من رجب

اعلم اننا قد اردنا تقديمها في اول وظائف هذا اليوم السعيد لأننا رأينا موسمها مهملا عند كثير من العبيد، فاردنا الدلالة والتنبيه عليها والحث على المبادرة إليها. فروينا باسنادنا الى الشيخ المعظم محمد بن احمد بن داود القمي باسناده الى الحسن بن محبوب عن احمد بن محمد بن أبي نصر قال:

سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام: في أي شهر نزور الحسين عليه السلام؟ قال: في النصف من رجب والنصف من شعبان (3) .

وروينا باسنادنا الى محمد بن داود القمي ايضا باسناده في كتابه المسمى بكتاب الزيارات والفضائل الى احمد بن هلال ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال :

سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام أي الأوقات أفضل ان نزور فيه الحسين عليه السلام ؟ قال : النصف من رجب والنصف من شعبان ( 4) .

اقول : وحسبك تنبيها على تعظيم زيارة النصف من رجب انها تضاف الى زيارة النصف من شعبان ، وسيأتي في ثواب زيارة النصف من شعبان ما يدلك على ان زيارة النصف من رجب على غاية من علو الشأن .

اقول : واما ما يزار به الحسين صلوات الله عليه في هذا النصف من رجب المشار إليه، فانني لم اقف على لفظ متعين له الى الآن ، فيزار بالزيارة المختصة بشهر رجب التي قدمناها في عمل اول ليلة منه ، ففيها بلاغ لهذا الميقات والآوان ، وان شاء فيزوره بالزيارات المروية لكل زمان أو لكل امام حيث كان .

فصل ( 62 ) فيما نذكره من صلاة عشر ركعات في نصف رجب من رواية سلمان رضوان الله عليه عن النبي صلوات الله عليه وآله ، وهي :

وصل في وسط الشهر عشر ركعات تقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب و (قل هو الله احد) و (قل يا ايها الكافرون) ثلاث مرات، فإذا سلمت فارفع يديك الى السماء وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، الها واحدا احدا صمد فردا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا . ثم امسح بهما وجهك ( 5) .

فصل ( 63 ) فيما نذكره من صلاة اربع ركعات يوم النصف من رجب ودعائها مروية عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: دخل عدي بن ثابت الانصاري على أمير المؤمنين عليه السلام في يوم النصف من رجب وهو يصلي، فلما اسمع حسه أومئ بيده الى خلفه ان قف ، قال عدي: فوقفت فصلى اربع ركعات لم ار احدا صلاها قبله ولا بعده ، فلما سلم بسط يده

وقال: اللهم يا مذل كل جبار ويا معز المؤمنين، انت كهفي حين تعييني المذاهب وانت بارئ خلقي رحمة بي، وقد كنت عن خلقي غنيا ، ولولا رحمتك لكنت من الهالكين ، وانت مؤيدي بالنصر على اعدائي ، ولو لا نصرك اياي لكنت من المفضوحين ( 6 ) .

يا مرسل الرحمة من معادنها ومنشئ البركة من مواضعها، يا من خص نفسه بالشموخ والرفعة (7) ، فاولياءه بعزه يتعززون، يا (8) من وضعت له الملوك نير المذلة (9) على اعناقهم ، فهم من سطواته خائفون . أسألك بكينونيتك التي اشتققتها من كبريائك ، وأسألك بكبريائك التي اشتققتها من عزتك ، وأسألك بعزتك التي استويت بها على عرشك ، فخلقت بها جيمع خلقك ، فهم لك مذعنون ، ان تصلي على محمد واهلي بيته .

قال : ثم تكلم بشئ خفي عني ثم التفت الي فقال : يا عدي اسمعت ؟ قلت : نعم ، قال : احفظت ؟ قلت : نعم ، قال : ويحك احفظه واعربه فو الذي فلق الحبة ونصب الكعبة وبرء النسمة ما هو عند احد من اهل الأرض ولا دعا به مكروب الا نفس الله كربته.

ذكر صلاة اخرى في النصف من رجب: وجدتها في عمل رجب باسناد متصل الى النبي عليه السلام : ان من صلى في النصف من رجب يوم خمسة عشر عند ارتفاع النهار خمسين ركعة ، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قل هو الله احد ) مرة و ( قل اعوذ برب الفلق ) مرة و ( قل اعوذ برب الناس ) مرة ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه ، وحشر من قبره مع الشهداء ويدخل الجنة مع النبيين ولا يعذب في القبر ويرفع عنه ضيق القبر وظلمته وقام من قبره ووجهه يتلألأ (10) .

فصل ( 64 ) فيما نذكره من فضل صوم خمسة عشر يوما من رجب ، غير ما اسلفناه روينا ذلك باسنادنا الى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب اماليه وثواب الاعمال باسناده الى النبي صلى الله عليه وآله قال : ومن صام من رجب خمسة عشر يوم وقف يوم القيامة موقف الآمنين ولا يمر به ملك ولا نبي ولا رسول الا قالوا : طوبى لك انت آمن مقرب مشرف مغبوط محبور ساكن الجنة ( 11) . (12) .

الهوامش

١ – سخاب: صياح.
٢ – عليم (خ ل).
٣ – رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: ١٨٢، عنه البحار ١٠١: ٩٦،والشيخ في التهذيب ٦: ٤٨ وفي مصباح المتهجد 2: 807، المزار للمفيد: 49.
4- رواه في كامل الزيارات: ١٨٢،عنه البحار ١٠١: ٩٠٧، و ١٠: ٣٦٤،والتهذيب ٢: ١٦،مصباح المتهجد ٢: ٨٠٧،الوسائل ١٠: ٣٦٤، ١.
5 – مصباح المتهجد 2: 814، عنه الوسائل 8: 98.
6 – المقبوحين (خ ل).
7 – شمخ الجبل: علا وطال، والرجل بأنفه: تكبر.
8 – ويا (خ ل).
9 – النير: الخشبة على عنق الثور باداتها.
10 – عنه الوسائل ٨: ٩٧.
11- في المصادر: ساكن للجنان.
12 – ثواب الأعمال: ٨٠، أمالي الصدوق: 430، عنهما البحار 97: 28.

فصل ( 65 - 66 ) : دعاء يوم النصف من رجب الموصوف بالاجابة - ذكر دعـــــاء ام داود

فصل ( 65 ) فيما نذكره من دعاء يوم النصف من رجب الموصوف بالاجابة وما فيه من صفات الانابة

اعلم أن هذا الدعاء الذي نذكره في هذا الفصل دعاء عظيم الفضل، معروف بدعاء ام داود، وهي جدتنا الصالحة المعروفة بام خالد البربرية، ام جدنا داود بن الحسن بن الحسن ابن مولانا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام، وكان خليفة ذلك الوقت قد خافه على خلافته، ثم ظهر له براءة ساحته فأطلقه من دون آل أبي طالب الذين قبض (1) عليهم، وسيأتي شرح حال قبضها ولدها جدنا داود، وحديث الدعاء الذي استجابه الله جل جلاله منها رضي الله عنها ، وجمع شملها به، بعد بعد العهود .

فأما حديث أنها ام داود جدنا، وأن اسمها ام خالد البربرية كمل الله لها مراضيه الإلهية، فانه معلوم عند العلماء ومتواتر بين الفضلاء. منهم أبو نصر سهل بن عبد الله البخاري النسابة فقال في كتاب سر أنساب العلويين ما هذا لفظه : وأبو سليمان داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام امه ام ولد تدعا ام خالد البربرية.

اقول : وكتب الأنساب وغيرها من الطرق العليد قد تضمنت وصف ذلك على الوجوه المرضية .

وأما حديث أن جدتنا هذه ام داود، وهي صاحبة دعاء يوم النصف من رجب، فهو أيضا من الامور المعلومات عند العارفين بالأنساب والروايات، ولكنا نذكر منه كلمات عن أفضل علماء الأنساب في زمانه علي بن محمد العمري تغمده الله بغفرانه فقال في الكتاب المبسوط في الأنساب ما هذا لفظه :

وولد داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام امه ام ولد، وكانت امرأة صالحة، وإليها ينسب دعاء ام داود .

قال شيخ الشرف في كتاب تشجير تهذيب الأنساب أيضا ، ونقلته من خطه عند ذكر جدنا داود ما هذا لفظه : لام ولد ،إليها ينسب دعاء ام داود .

وقال ابن ميمون النسابة الواسطي في مشجره إلى ذكر جدتنا ام داود : أنها تكنى ام خالد ، إليها يعزى دعاء ام داود .

وأما رواية هذا دعاء يوم النصف من رجب: فاننا رويناه عن خلق كثير قد تضمن ذكر أسمائهم كتاب الاجازات فيما يخصني من الاجازات بطرقهم المؤتلفة والمختلفة .
وهو دعاء جليل مشهور بين أهل الروايات، وقد صار موسما عظيما في يوم النصف من رجب معروفا بالاجابات وتفريج الكربات ، ووجدت في بعض طرق من يرويه زيادات ، وسوف أذكر أكمل روايته احتياطا للظفر بفائدته .

فمن الرواة من يرفعه إلى مولانا موسى بن جعفر الكاظم صلوات الله عليه، ومنهم من يرويه عن ام داود جدتنا رضوان الله عليها وعليه .

فمن الروايات في ذلك أن المنصور لما حبس عبد الله بن الحسن وجماعة من آل أبي طالب وقتل ولديه محمدا وإبراهيم ، أخذ داود بن الحسن بن الحسن – وهو ابن داية أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه ، لأن ام داود أرضعت الصادق عليه السلام منها بلبن ولدها داود – وحمله مكبلا بالحديد .

قالت ام داود : فغاب عني حينا بالعراق ولم أسمع له خبرا ، ولم أزل أدعو وأتضرع إلى الله جل اسمه وأسأل إخواني من أهل الديانة والجد والاجتهاد أن يدعو الله تعالى لي وأنا في ذلك كله لا أرى في دعائي الاجابة . فدخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه يوما أعوده من (2) علة وجدها، فسألته عن حاله ودعوت له فقال لي : يا ام داود ! ما فعل داود ، وكنت قد أرضعته بلبنه ؟ فقلت : يا سيدي ؟ وأين داود وقد فارقني منذ مدة طويلة وهو محبوس بالعراق ،

فقال : وأين أنت عن دعاء الاستفتاح ، وهو الدعاء الذي تفتح له أبواب السماء ، ويلقى صاحبه الاجابة من ساعته، وليس لصاحبه عند الله تعالى جزاء إلا الجنة، فقلت له : كيف ذلك يا ابن الصادقين ؟ فقال لي : يا ام داود قد دنا الشهر الحرام العظيم شهر رجب ، وهو شهر مسموع فيه الدعاء ، شهر الله الأصم ، فصومي الثلاثة الأيام البيض ، وهو يوم الثالث عشر والرابع عشر ، والخامس عشر ، واغتسلي في يوم (3) الخامس عشر وقت الزوال وصلى الزوال ثماني ركعات

وفي إحدى الروايات : تحسني (4) قنوتهن وركوعهن وسجودهن . ثم صلي الظهر وتركعين بعد الظهر ، وتقولين بعد الركعتين : يا قاضى حوائج السائلين (5) مائة مرة ، ثم تصلين بعد ذلك ثماني ركعات –

وفي رواية اخرى : تقرئين في كل ركعة، يعني من نوافل العصر بعد الفاتحة ثلاث مرات (قل هو الله احد) وسورة الكوثر مرة ، ثم صلى العصر . ولتكن صلاتك في ثوب نظيف واجتهدي أن لا يدخل عليك أحد يكلمك ،

وفي رواية: وإذا فرغت من العصر فالبسي اطهر ثيابك ، واجلسي في بيت نظيف على حصير نظيف، واجتهدي أن لا يدخل عليك أحد يشغلك . ثم استقبلي القبلة واقرئي الحمد مائة مرة و ( قل هو الله احد ) مائة مرة وآية الكرسي عشر مرات ، ثم اقرئي سورة الانعام وبني إسرائيل وسورة الكهف ولقمان ويس والصافات، وحم السجد وحم عسق وحم الدخان ، والفتح والواقعة وسورة الملك ون والقلم ، وإذا السماء انشقت وما بعدها إلى آخر القرآن ، وإن لم تحسني ذلك ولم تحسنى قرائته من المصحف كررت ( قل هو الله احد) ألف مرة .

قال شيخنا المفيد : إذا لم تحسن قراءة السور المخصوصة في يوم النصف من رجب أو لم تطق قراءة ذلك فلتقرء الحمد مائة مرة وآية الكرسي عشر مرات ثم تقرء الاخلاص ألف مرة .

واقول : ورأيت في بعض الروايات ، ويحتمل أن يكون ذلك لأهل الضرورات أو من يكون على حال سفر أو في شئ من المهمات ، فيجزيه قراءة ( قل هو الله أحد ) مائة مرة .

ثم قال الصادق عليه السلام في إحدى الروايات : فإذا فرغت من ذلك وأنت مستقبل القبلة فقولي :

بسم الله الرحمن الرحيم ، صدق الله [ العلي ](6) العظيم ، الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذو الجلال والاكرام ، الرحمن الرحيم ، الحليم الكريم ، الذي ليس كمثله شئ وهو السميع العليم ، البصير الخبير ، شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ، ان الدين عند الله الاسلام وبلغت رسله الكرام ، وأنا على ذلك من الشاهدين .

اللهم لك الحمد ولك المجد، ولك العز(7)، ولك القهر، ولك النعمة، ولك العظمة، ولك الرحمة، ولك المهابة، ولك السلطان ، ولك البهاء، ولك الامتنان، ولك التسبيح ، ولك التقديس، ولك التهليل، ولك التكبير، ولك ما يرى، ولك مالا يرى، ولك ما فوق السماوات العلى، ولك ما تحت الثرى ، ولك الأرضون السفلى ، ولك الاخرة والاولى ، ولك ما ترضى به من الثناء والحمد والشكر والنعماء .

اللهم صل على جبرئيل أمينك على وحيك والقوي على أمرك ، والمطاع في سماواتك ، ومحال كراماتك(8) ، الناصر لأوليائك (9)المدمر لأعدائك ، اللهم صل على ميكائيل ملك الرحمتك والمخلوق لرأفتك والمستغفر المعين لأهل طاعتك .

اللهم صل على إسرافيل حامل عرشك، وصاحب الصور، المنتظر لأمرك والوجل المشفق من خيفتك، اللهم صل على عزرائيل ملك الرحمة(10)، الموكل على عبيدك وإمامك ، المطيع في أرضك وسمائك ، قابض أرواح جميع خلقك(11) بأمرك .

اللهم صل على حملة العرش(12) لطاهرين، وعلى السفرة الكرام البررة الطيبين، وعلى ملائكتك الكرام الكاتبين، وعلى ملائكة الجنان وخزنة النيران ، وملك الموت والأعوان يا ذا الجلال والاكرام .

اللهم صل على أبينا آدم بديع فطرتك الذي كرمتك بسجود ملائكتك وأبحته جنتك،

اللهم صل على امنا حواء المطهرة من الرجس المصفاة من الدنس (13)، المفضلة من الانس ، المترددة بين محال القدس .

اللهم صل على هابيل وشيث وإدريس، ونوح وهود وصالح، وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ويعقوب ويوسف والأسباط، ولوط وشعيب، وأيوب وموسى وهارون، ويوشع وميشا والخضر وذي القرنين، ويونس وإلياس، واليسع وذي الكفل، وطالوت وداود وسليمان، وزكريا وشعيا ويحيى، وتورخ ومتى وإرميا وحيقوق، ودانيال وعزير وعيسى وشمعون وجرجيس، والحواريين والأتباع وخالد وحنظلة و ( لقمان (14)) .

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وال محمد، وبارك على محمد وآل محمد، كما صليت ورحمت(15) وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد .

اللهم صل على الأوصياء والسعداء والشهداء وأئمة الهدى ، اللهم صل على الأبدال والأوتاد والسياح والعباد والمخلصين والزهاد ، وأهل الجد والاجتهاد ، واخصص محمدا وأهل بيته بأفضل صلواتك ، وأجزل كراماتك ، وبلغ روحه وجسده مني تحية وسلاما ، وزده فضلا وشرفا وإكراما ، حتى تبلغه أعلى درجات أهل الشرف من النبيين والمرسلين والأفاضل المقربين.

اللهم وصل على من سميت ومن لم اسم ، من ملائكتك وأنبيائك ورسلك وأهل طاعتك، وأوصل صلواتي إليهم وإلى أرواحهم(16) ، واجعلهم إخواني فيك وأعواني على دعائك (17)،

اللهم إني استشفع بك إليك ، وبكرمك إلى كرمك ، وبجودك إلى جودك ، وبرحمتك إلى رحمتك ، وبأهل طاعتك إليك .

وأسألك اللهم (18)بكل ما سألك به أحد منهم، من مسألة شريفة مسموعة غير مردودة، وبما دعوك به من دعوة مجابة غير مخيبة .

يا الله يا رحمان يا رحيم ، يا حليم يا كريم يا عظيم ، يا جليل يا منيل ، يا جميل يا كفيل يا وكيل يا مقيل ، يا مجير يا خبير ، يا منير يا مبير ، يا منيع يا مديل يا محيل ، يا كبير يا قدير ، يا بصير يا شكور ، يا بر يا طهر ، يا طاهر يا قاهر ، يا ظاهر يا باطن .

يا ساتر يا محيط ، يا مقتدر يا حفيظ ، يا مجير يا قريب ، يا ودود يا حميد يا مجيد ، يا مبدى يا معيد يا شهيد ، يا محسن يا مجمل يا منعم يا مفضل ، يا قابض يا باسط ،

يا هادي يا مرسل ، يا مرشد يا مسدد ، يا معطي يا مانع ، يا دافع يا رافع يا باقي يا واقي يا خلاق يا وهاب يا تواب يا فتاح يا نفاح يا مرتاح يا من بيده كل مفتاح ، يا نفاع يا رؤوف يا عطوف ، يا كافي يا شافي ، يا معافي يا مكافي ، يا وفي يا مهيمن ، يا عزيز يا جبار يا متكبر ، يا سلام يا مومن يا أحد يا صمد ، يا نور يا مدبر ، يا فرد يا وتر يا قدوس ، يا ناصر يا مونس ، يا باعث يا وارث يا عالم يا حاكم ، يا بادئ(19) يا متعالي ، يا مصور يا مسلم يا متحبب ، يا قائم يا دائم يا عليم يا حكيم يا جواد يا بارئ ، يا بار يا سار ، يا عدل يا فاضل يا ديان ، يا حنان يا منان .

يا سميع يا بديع يا خفير يا مغير يا مفتي(20) يا ناشر يا غافر يا قديم(21) ، يا مسهل يا ميسر ، يا مميت يا محيي ، يا رافع(22) يا رازق يا مقتدر ، يا مسبب يا مغيث ، يا مغني يا مقني ، يا خالق يا راصد يا واحد يا حاضر يا جابر يا حافظ(23) ، يا شديد يا غياث يا عائذ يا قابض .

وفي بعض الروايات : يا منيب يا مبين يا طاهر يا مجيب يا متفضل يا مستجيب ، يا عادل يا بصير ، يا مؤمل يا مسدد(24) ، يا أواب يا وافي ، يا راشد يا ملك يا رب ، يا معز يا مذل ، يا ماجد يا رازق ، يا ولي يا فاضل يا سبحان . يا من على فاستعلى ، فكان بالمنظر الأعلى ، يا من قرب فدنى ، وبعد فنأى ، وعلم السر وأخفى ، يا من إليه التدبير وله المقادير، يا من العسير عليه سهل يسير ، يا من هو على ما يشاء قدير .

يا مرسل الرياح ، يا فالق الاصباح ، يا باعث الأرواح ، يا ذا الجود والسماح يا راد ما قد فات، يا ناشر الأموات ، يا جامع الشتات ، يا رازق من يشاء(25) وفاعل ما يشاء كيف يشاء(26) ويا ذا الجلال والاكرام ، يا حي يا قيوم ، يا حي حين لا حي ، يا حي يا محيي الموتى ، يا حي لا إله إلا أنت بديع السماوات والأرض .

يا إلهي صل على محمد وآل محمد وارحم محمدا وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، كما صليت وباركت ورحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وارحم ذلي وفاقتي وفقري ، وانفرادي ووحدتي ، وخضوعي بين يديك ، واعتمادي عليك وتضرعي إليك .

أدعوك دعاء الخاضع، الذليل الخاشع، الخائف المشفق، البائس المهين الحقير، الجائع الفقير، العائذ المستجير، المقر بذنبه، المستغفر منه، المستكين لربه، دعاء من أسلمته ثقته ، ورفضته أحبته ، وعظمت فجعته ، دعاء حرق حزين ضعيف مهين ، بائس مسكين (27)، بك مستجير  .

اللهم وأسألك بأنك مليك وأنك ما تشاء من أمر يكون (28)، وأنك على ما تشاء قدير ،وأسألك بحرمة هذا الشهر الحرام ، والبيت الحرام والبلد الحرام والركن والمقام ، والمشاعر العظام ، وبحق نبيك محمد عليه وآله السلام .

يا من وهب لادم شيث ، ولابراهيم إسماعيل وإسحاق ، ويا من رد يوسف على يعقوب ، ويا من كشف بعد البلاء ضر أيوب ، ويا راد موسى على امه ، وزائد الخضر في علمه ، ويا من وهب لداود سليمان ، ولزكريا يحيى ، ولمريم عيسى ، يا حافظ بنت شعيب ، ويا كافل ولد أم موسى عن والدته .

أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تغفر لي ذنوبي كلها ، وتجيرني من عذابك ، وتوجب لي رضوانك وأمانك واحسانك وغفرانك وجنانك ، وأسألك أن تفك عني كل حلقة ضيق(29) بيني وبين من يؤذيني، وتفتح لي كل باب ، وتلين لي كل صعب ، وتسهل لي كل عسير ، وتخرس عني كل ناطق بشر (30)، وتكف عني كل باغ وتكبت عني(31) كل عدو لي واحاسد ، وتمنع عني كل ظالم ، وتكفيني كل عائق يحول بيني وبين ولدي(32) ويحاول أن يفرق بيني وبين طاعتك ، ويثبطني عن عبادتك .

يا من ألجم الجن المتمردين، وقهر عتاة الشياطين، وأذل رقاب المتجبرين، ورد كيد المتسلطين عن المستضعفين، أسألك بقدرتك على ما تشاء وتسهيلك لما تشاء كيف تشاء أن تجعل(33) قضاء حاجتي فيما تشاء .

ثم اسجدي على الأرض وعفري خديك وقولي : ( اللهم لك سجدت وبك آمنت ، فارحم ذلي وفاقتي واجتهادي وتضرعي ومسكنتي وفقري إليك يا رب ) .

واجتهدي أن تسح (34)عيناك ولو بقدر رأس الذبابة دموعا ، فان ذلك علامة الاجابة.(35)

اقول : هذه سجدة أحدى الروايات، وإذا كان موضع الاجابة، وهو في محل السجود، فينبغي أن يستظهر في بلوغ المقصود، بذكر ما رأيناه أو رويناه من اختلاف القول في سجدة هذه الدعوات .

رواية اخرى في سجدة دعاء أم داود ، ما هذا لفظها : ثم اسجدي على الأرض وعفري خديك وقولي: (اللهم لك سجدت وبك آمنت، فارحم ذلي وكبوتي لحر وجهي،(36) وفقري (37)وفاقتي )، واجتهدي في الدعاء أن تسح عيناك ولو قدر رأس الابرة فان ذلك علامة الاجابة إن شاء الله .

رواية اخرى في سجدة هذا الدعاء ما هذا لفظه : ثم اسجدي على الأرض وعفري خديك وقولي : ( اللهم لك سجدت وبك آمنت ، فارحم ذلي وخضوعي بين يديك ،وفقري وفاقتي إليك، وارحم انفرادي وخشوعي واجتهادي بين يديك وتوكلي عليك ، اللهم بك أستفتح وبك أستنجح وبمحمد عبدك ورسولك (38) أتوجه إليك . اللهم سهل لي كل حزونة (39) ، وذلل لي كل صعوبة ، وأعطني من الخير أكثر مما أرجو وعافني من الشر ، واصرف عني السوء .

ثم قولي مائة مرة : يا قاضي حوائج الطالبين ، اقض حاجتي بلطفك يا خفي الألطاف ) .

قال جعفر الصادق عليه السلام: واجتهدي أن تسح عيناك ولو مقدار رأس الابرة (40) دموعا، فانه علامة إجابة هذا الدعاء بحرقة القلب وانسكاب العبرة ، واحتفظي بما علمتك .

رواية اخرى في سجدة هذا الدعاء ما هذا لفظها: ثم اسجدي على الأرض وعفري خديك ثم قولي في سجودك: ( اللهم لك سجدت ولك صليت وبك آمنت وعليك توكلت ، واحرم ذلي وفاقتي وخضوعي وانفرادي ومسكنتي وفقري وكبوتي لوجهك وإليك يا رب يا رب) .

واجتهدي أن تسح عيناك ولو بقدر رأس ذباب دموعا، فان آية الاجابة لهذا الدعاء حرقة القلب وانسكاب العبرة، واحفظي ما علمتك واحذري أن تعلميه من يدعو به الباطل، فان فيه اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به اعطي، فلو أن السماوات والأرض كانتا رتقا والبحار من دونها كان ذلك عند الله دون حاجتك لسهل الله تعالى الوصول إلى ذلك، ولو أن الجن والأنس أعداؤك لكفاك الله مؤونتهم وذلل (41) رقابهم .

اقول : فإذا علمت ما ذكرنا من هذا الإحتياطات للعبادات والاستظهار في الروايات والسجدات ، ولم يسمح عقلك بالخضوع ولا قلبك بالخشوع ، ولا عينك بالدموع ، فاشتغل بالبكاء على قساوة قلبك ، وغفلتك عن ربك وما أحاط بك من ذنبك ، عن الطمع في قضاء حاجتك التي ذكرتها في دعواتك، وبادر رحمك الله إلى معالجة داءك وتحصيل شفائك ، فأنت مدنف المرض على شفاء وتب من كل ذنب ، واطلب العفو ممن عودك أنك إذا طلبت العفو منه عفى .

اقول : ونحن نذكر تمام رواية جدنا أم داود رضوان الله عليهما ليعلم كيفية تفصيل إحسان الله جل جلاله إليهما ، فلا تقنع لنفسك أن تكون معاملتك لله جل جلاله وإخلاصك له واختصاصك به والتوصل في الظفر برحمته وإجابته دون امرأة، والنساء رعايا للعقلاء ، والرجال قوامون على النساء ، وقبيح بالرئيس أن يكون دون واحد من رعيته .

فقال ام جدنا داود رضوان الله عليه: فكتبت هذا الدعاء وانصرفت ودخل شهر رجب وفعلت مثل ما أمرني به ( تعني الصادق عليه السلام – ثم رقدت تلك الليلة، فلما كان في آخر الليل رأيت محمدا صلى الله عليه وآله وكل من صليت عليهم من الملائكة والنبيين ، ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم يقول (42) : يا ام داود أبشري وكل منترين من إخوانك – وفي رواية اخرى : من أعوانك وإخوانك وكلهم يشفعون لك ، ويبشرونك بنجح حاجتك وأبشري فان الله تعالى يحفظك ويحفظ ولدك ويرده عليك .

قالت : فانتبهت فما لبثت إلا قدر مسافة الطريق من العراق إلى المدينة للراكب المجد المسرع العجل، حتى قدم علي داود، فسألته عن حاله فقال : إني كنت محبوسا في أضيق حبس وأثقل حديد – وفي رواية : وأثقل قيد ( إلى يوم النصف من رجب .

فلما كان الليل رأيت في منامي كأن الأرض قد قبضت لي ، فرأيتك على حصير صلاتك ، وحولك رجال رؤوسهم في السماء ، وأرجلهم في الأرض يسبحون الله تعالى حولك، فقال لي قائل منهم حسن الوجه ، نظيف الثوب ، طيب الرائحة خلت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله: ابشر يا بن العجوزة الصالحة ، فقد استجاب الله لامك فيك دعاءها .

فانتبهت ورسل المنصور على الباب ، فادخلت عليه في جوف الليل فأمر بفك الحديد عني والاحسان إلي وأمر لي بعشرة آلاف درهم ، وحملت على نجيب وسوقت بأشد السير وأسرعه، حتى دخلت المدينة، قالت أم داود: فمضيت به إلى أبي عبد الله (43) عليه السلام ،

فقال عليه السلام : إن المنصور رأى أمير المؤمنين عليا عليه السلام في المنام يقول له : أطلق ولدي وإلا القيتك في النار ، ورأى كأن تحت قدميه النار ، فاستيقظ وقد سقط في يديه فأطلقك يا داود .

قالت ام داود: فقلت لأبي عبد الله عليه السلام: يا سيدي أيدعي بهذا الدعاء في غير رجب؟ قال: نعم، يوم عرفة، وإن وافق ذلك يوم الجمعة لم يفرغ صاحبه منه حتى يغفر الله له، وفي كل شهر إذا أراد ذلك صام الأيام البيض ودعا به في آخرها كما وصفت .

وفي روايتين : قال : نعم في يوم عرفة ، وفي كل يوم دعا ، فان الله يجيب إن شاء الله تعالى ( 44) .

فصل ( 66 ) فيما نذكره مما اشتمل عليه دعاء أم داود شرفها الله بالعنايات من الآيات الظاهرات

اعلم ان هذه الحكاية المشهورة والضراعة المبرورة قد اشتملت على عدة آيات ومعجزات وكرامات وعنايات:

فمن الآيات: ما ظهر من سرعة الاجابة على بساط الانابة ، فهو في حكم الآية الباهرة لقدرة الله جل جلاله القاهرة والمعجزة لمحمد صلى الله عليه وآله وتصديق رسالته الطاهرة .

ومن المعجزات: ان سرعة اجابتها على مراها من حاجتها (45) فيه تصديق للقرآن الشريف باجابة الداعي إذا دعاه وتصديق رسول الله ( 46) صلوات الله عليه وآله الذي أتى به القرآن ودعاه ( 47) ورعاه .

ومن المعجزات: تعريف الصادق عن الله جل جلاله باسرار الدعاء المشار إليه قبل اظهار اسراره وتصديق الله جل جلاله بما تفضل به سبحانه من مباره ومساره .

ومن العنايات بجدنا داود وامه جدتنا رضوان الله جل جلاله عليهما وظهور توفيقهما والعناية بنا بطريقهما ، تعريف جدنا داود وهو بالعراق جواب دعاء والدته بالمدينة الشريفة في سرعة تلك الأوقات اللطيفة .

ومن العنايات بها: ان هذا السر الإلهي المودع في هذا الاستفتاح كان مصونا عند اهل الفلاح، حتى وجد مولانا الصادق عليه السلام وأودعه امنا أم داود رضوان الله عليها وعليه، ووجدها اهلا لا يذاع هذا السر لصدرها وبرهانا على رفع قدرها وآية في صلاح أمرها وجبر كسرها .

ومن العنايات بها: ان ام موسى عليه السلام خصها الله جل جلاله بالوحي إليها ووقفها من سلامة ولدها والشفقة عليه وعليها ، وقال جل جلاله : ( إن كادت لتبدي به لو لا ان ربطنا على قلبها ) ( 48) ، وماكانت لما القته في البحر قد علمت انه حصل ولدها في يد الأعداء بل في وديعة ربها ، وام داود لم تكن ممن يحصل لها الانس بالوحي إليها ولا الثقة بسلامة ولدها واعادته عليها ، وربط الله جل جلاله على قلبها عند ظفر الأعداء بولدها وهو واحدها وقطعة كبدها .

اقول : وام موسى عليه السلام أفضل من أم داود في غير هذه العنايات وابلغ في السعادات لتخصيص الله جل جلاله بالوحي إليها ولقبولها والقاء ولدها الى هول البحر بيديها ، ولأجل ولادتها لموسى عليه السلام العظيم الشأن وصيانتها لاسرار الله تعالى في السر والاعلان .

ومن العنايات بها: انها لم يتشبث (49) في تخليص ولدها العزيز عليها بأهل الدنيا المعظمين، ولا بالذل للملوك والسلاطين ، وقنعت بالله رب العالمين .

ومن العنايات بولدها وبها : قول مولانا علي عليه السلام عن جدنا داود في المنام انه ولده .

ومن العنايات به وبها: انه قد كان مع جدنا داود جماعة في الحبس من قومه صالحين فاختصه بهذه (50) الشفاعة من دونهم اجمعين.

ومن العنايات بها: قول النبي صلى الله عليه وآله لولدها: يا بن العجوزة الصالحة، وهذه شهادة منه صلوات الله عليه لها بالصلاح وسعادة صريحة واضحة راجحة ، وما قال عليه السلام بعد وفاته فهو كما قال في حياته .

ومن العنايات بها : ما رآها في المنام عقيب الدعاء بغير اهمال من صورة الملائكة والانبياء والأولياء ومن بشرها منهم باجابة الدعاء ، والابتهال على وجه ما عرفت انه جرى لغيرها مثله عند مثل تلك الحال .

ومن العنايات بها ان ابتداء ظهور هذه السنة الحسنة بطريقها يقتضي ان كل من عمل بها وسلك سبيل توفيقها ثواب عمله في ميزانها ورافعا عن ( 51) علو شأنها .

ومن العنايات بها  ان كل حاجة انقضت بهذه الدعوات مع استمرار الاوقات ، فانها من جملة الآيات لله جل جلاله والمعجزات لرسوله صلوات الله عليه والكرامات للصادقين عليهم افضل الصلوات ، فنور هذه المنيعة باق مع بقاء العاملين بها والموفقين لها .

ومن العنايات بها: انه قد ظهر ادعية وسنن مأثورة على يد امم كثيرة وذوي همم صغيرة وكبيرة، ومع ذلك فلم يستمر الاهتمام بالعمل بها والقول لها كما استمر العمل بهذا الدعاء على اختلاف الاوقات الى هذا الغايات .

ومن العنايات بها: ان الملوك الذين اطفؤوا انوارا كثيرة من الاسرار والاخيار (52)، لم يمكنهم الله جل جلاله من اطفاء اسرار هذا الدعاء ووفق له من ينقله ويعمل به ولا يخاف كثرة الاعداء .

وروي ان يوم خامس عشر من رجب، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الشعب، وان يوم خامس عشر من رجب عقد رسول الله صلى الله عليه وآله لمولانا علي عليه السلام على مولاتنا فاطمة الزهراء عليه وعليهم السلام عقد النكاح باذن الله جل جلاله . وفي هذا اليوم حولت القبلة من جهة بيت المقدس الى الكعبة والناس في صلاة العصر الى البيت الحرام.

الهوامش

1 – حبس (خ ل).
2 – في (خ ل).
3- اليوم (خ ل).
4 – تحسنين (خ ل).
5 – الطالبين (خ ل).
6 – من البحار.
7 – الحكيم (خ ل).
8 – لك الفخر (خ ل).
9 – المحتمل لكلماتك (خ ل).
10 – الناصر لأنبيائك (خ ل).
11 – أحد حملة (خ ل).
12 – في البحار: ملك الموت.
13 – قابض أرواح عبادك (خ ل).
14 – حملة عرشك (خ ل).
15 – اللبس (خ ل).
16 – ليس في بعض النسخ.
17 – ترحمت (خ ل).
(18) كرما (خ ل).
19 – أجسادهم (خ ل).
20 – طاعتك (خ ل).
21 – بكرامتك (خ ل).
22 – يا بارى (خ ل).
23 – يا مغني (خ ل).
24 – يا كريم (خ ل).
25 – يا نافع (خ ل).
26 – يا حفيظ (خ ل).
27 – يا حفيظ (خ ل).
28 – يا ظاهر (خ ل).
29 – يا رازق من يشاء بغير حساب.
30 – كيف ما يشاء (خ ل).
31 – ترحمت (خ ل).
32 – مستكين (خ ل).
33 – يكن (خ ل).
34 – حلقة وضيق (خ ل).
35 – بسوء (خ ل).
36 – لي (خ ل).
37 – وحاجتي وإخواني من المؤمنين والمؤمنات ووالدي (خ ل).
38 – تعجل (خ ل).
39 – سح الماء: سال.
40 – من علامات الإجابة (خ ل).
41 – حر الوجه: ما اقبل عليك وبدأ لك.
42 – تفردي وفقري (خ ل).
43 – وآله (خ ل).
44 – حزونتي (خ ل).
45 – ذبابة (خ ل).
46 – ذلل الله (خ ل).
47- يقولون (خ ل).
48 – الصادق (خ ل).
49- عنه بطوله البحار ٩٨: ٣٩٧ – ٤٠٦ عنه بعضه البحار ٤٧: ٣٠٧ – ٣٠٨، نقله في البحار ٩٧: ٤٢ – ٤٧ عن فضائل الأشهر الثلاثة: ٢٧ نقل دعاء أم داود مصباح الشيخ 2: 807.
50 – حاجاتها (خ ل).
51- رسوله (خ ل).
52 – وعاه (خ ل).
53 – رسول الله (خ ل).
54 – القصص ١.
55 – يتسبب (خ ل).
56 – فاختص (خ ل).
57 – من (خ ل).
58- سبل الأخيار (خ ل).

فصل ( 67 - 85 ) : أعمال و فضل صيام الليالي من السادسة عشر إلى الرابعة والعشرين من رجب

فصل ( 67 ) فيما نذكره من عمل الليلة السادسة عشر من رجب

وجدناه في مواطن كثيرة التوفيق والترغيب في طاعة المالك الشفيق ، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال :

ومن صلى في الليلة السادسة عشر من شهر رجب ثلاثين ركعة بالحمد و (قل هو الله أحد) عشر مرات، لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة، واعطاه الله براءة من النار وبرائة عن النفاق ويرفع عنه عذاب القبر (1).

فصل (68) فيما نذكره من فضل صوم ستة عشر يوما من شهر رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب ستة عشر يوما كان في أوائل من يركب على دواب من نور تطير بهم في عرضة الجنان إلى دار الرحمان (2).

فصل (69) فيما نذكره من عمل الليلة السابعة عشر من رجب

وجدناه في طرق المراحم وموافق المكارم، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة السابعة عشر من رجب ثلاثين ركعة بالحمد مرة (قل هو الله أحد) عشر مرات، لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم القيامة ونوره يضيئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة، وأعطاه الله براءة من النار وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر (3).

فصل (70) فيما نذكره من فضل صوم سبعة عشر يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضي الله عنه في أماليه وثواب الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب سبعة عشر يوما وضع له يوم القيامة على الصراط سبعون ألف مصباح من نور حتى يمر على الصراط بنور تلك المصابيح إلى الجنان تشيعه الملائكة بالترحيب والتسليم (4).

فصل (71) فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة عشر من رجب

وجدناه على طبق الضيافة وموائد الرحمة والرأفة، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صلى في الليلة الثامنة عشر من رجب ركعتين بالحمد مرة (قل هو الله أحد) والفلق والناس عشرا عشرا، فإذا فرغ من صلاته قال الله لملائكته: لو كانت ذنوب هذا أكثر من ذنوب العشارين لغفرتها له بهذه الصلاة، وجعل الله بينه وبين النار ستة خنادق، بين كل خندق مثل ما بين السماء والأرض. (5)

فصل (72) فيما نذكره من فضل صوم ثمانية عشر يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب ثمانية عشر يوما، زاحم إبراهيم الخليل عليه السلام في قبته في قبة (6) الخلد على سرر الدر والياقوت (7).

فصل (73) فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة عشر من رجب

وجدنا ذلك في مذخور أوراق السرور، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
ومن صلى في الليلة التاسعة عشر من رجب أربع ركعات بالحمد مرة وآية الكرسي خمس عشرة مرة و (قل هو الله أحد) خمس عشرة مرة، أعطاه الله من الثواب مثل ما اعطى موسى عليه السلام وكان له بكل حرف ثواب شهيد، ويبعث الله سبحانه إليه مع الملائكة ثلاث بشارات: الأولى لا يفضحه في الموقف، الثانية لا يحاسبه، والثالثة ادخل الجنة بغير حساب، وإذا وقف بين يدي الله تعالى يسلم الله تعالى عليه ويقول له:
يا عبدي لا تخف ولا تحزن فاني عنك راض والجنة لك مباحة (8).

فصل (74) فيما نذكره من فضل صوم تسعة عشر يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضي الله عنه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب تسعة عشر يوما بنى الله عز وجل له قصرا من لؤلؤ رطب بحذاء قصر آدم وإبراهيم عليهما السلام في جنة عدن يسلم عليهما ويسلمان عليه، تكرمة لها وايجابا لحقه، وكتب له بكل يوم يصوم منه كصيام ألف عام (9).

فصل (75) فيما نذكره من عمل الليلة العشرين من رجب

وجدناه في صدف جواهر اليوم الآخر، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صلى ليلة العشرين من رجب ركعتين بالحمد مرة وخمس مرات (انا أنزلناه في ليلة القدر)، يعطيه الله ثواب إبراهيم وموسى ويحيى وعيسى عليهم السلام، ومن صلى هذه الصلاة لا يصيبه شئ من الجن والإنس وينظر الله إليه بعين رحمته (10).

فصل (76) فيما نذكره من فضل صوم عشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب عشرين يوما فكأنما عبد الله عشرين ألف عام (11).

فصل (77) فيما نذكره من عمل الليلة الحادية والعشرين من رجب

وجدناه في شجر ثمر الاقبال بالاعمال مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صلى في الليلة الحادية والعشرين من رجب ست ركعات بالحمد مرة وسورة الكوثر عشر مرات و (قل هو الله أحد) عشر مرات، يأمر الله الملائكة الكرام الكاتبين الا يكتبوا عليه سيئة إلى سنة، ويكتبون له الحسنات إلى أن يحول عليه الحول، والذي نفسي بيده والذي بعثني بالحق نبيا ان من يحبني ويحب الله فصلى بهذه الصلاة وإن كان يعجز عن القيام فيصلي قاعدا فان الله يباهي به ملائكته ويقول: اني قد غفرت له (12).

فصل (78) فيما نذكره من فضل صوم أحد وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب أحد وعشرين يوما شفعه الله يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر، كلهم من أهل الخطايا والذنوب (13).

فصل (79) فيما نذكره من عمل الليلة الثانية والعشرين من رجب

وجدناه في كتب فتح الأبواب إلى دار الثواب مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى الليلة الثانية والعشرين من رجب ثماني ركعات بالحمد مرة و (قل يا أيها الكافرون) سبع مرات، فإذا فرغ من الصلاة صلى على النبي صلى الله عليه وآله عشر مرات واستغفر الله عز وجل عشر مرات، فإذا فعل ذلك لم يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة، ويكون موته على الاسلام ويكون له اجر سبعين نبيا (14).

فصل (80) فيما نذكره من فضل صوم اثنين وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب اثنين وعشرين يوما نادى مناد من السماء: ابشر يا ولي الله من الله بالكرامة العظيمة ومرافقة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (15).

فصل (81) فيما نذكره من فضل اليوم الثاني والعشرين من رجب

وتأكيد صيامه روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب حدائق الرياض، فقال عند ذكر رجب ما هذا لفظه: 
اليوم الثاني والعشرون منه سنة ستين من الهجرة أهلك الله أحد فراعنة هذه الأمة معاوية بن أبي سفيان عليه اللعنة، فيستحب صيامه شكرا لله على هلاكه.

فصل (82) فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة والعشرين من رجب

وجدناه في مناهل الجود الدالة على مالك الوجود، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله فقال:
ومن صلى في الليلة الثالثة والعشرين من رجب ركعتين بالحمد مرة وسورة والضحى خمس مرات، أعطاه الله بكل حرف وبكل كافر وكافرة درجة في الجنة وأعطاه الله ثواب سبعين حجة وثواب من شيع ألف جنازة وثواب من عاد ألف مريض وثواب من قضى ألف حاجة لمسلم (16).

فصل (83) فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب ثلاثة وعشرين يوما نودي من السماء: طوبى لك يا عبد الله نصبت قليلا ونعمت طويلا، طوبى لك إذا كشف الغطاء عنك وأفضيت إلى جسيم ثواب ربك الكريم وجاورت الجليل في دار السلام (17).

فصل (84) فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة والعشرين من رجب

وجدناه في شرائع المسار وبضائع دار القرار، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صلى في الليلة الرابعة والعشرين من رجب أربعين ركعة بالحمد مرة و (آمن الرسول) مرة وسورة الاخلاص مرة كتب الله تعالى له ألف حسنة ومحى عنه الف سيئة ورفع الف درجة وينزل من السماء ألف ملك رافعي أيديهم يصلون عليه ويرزقه الله تعالى السلامة في الدنيا والآخرة وكأنما أدرك ليلة القدر (18).

فصل (85) فيما نذكره من فضل صوم أربعة وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب أربعة وعشرين يوما، فإذا نزل به ملك الموت عليه السلام يرى له في صورة شاب أمرد، عليه حلة من ديباج اخضر على فرس من خيل الجنان وبيده حرير اخضر ممسك بالمسك الأذفر، وبيده قدح من ذهب مملو من شراب الجنان فسقاه إياه عند خروج نفسه يهون عليه سكرات الموت، ثم يأخذ روحه في تلك الحريرة، فيفوح منها رائحة يستنشقها أهل السماوات السبع فيظل في قبره ريان، ويبعث ريان حتى يرد حوض النبي صلى الله عليه وآله (19).
وروي ان يوم الرابع والعشرين من رجب كان فتح خبير على يد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.

الهوامش

١ – عنه الوسائل ٨: ٩٣، مصباح الكفعمي: ٥٢٤ عن مصباح الزائر.
٢ – ثواب الأعمال: ٨١، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 29.
3 – عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
4 – ثواب الأعمال: ٨١، أمالي الصدوق: ٤٣١، عنهما البحار ٩٧: ٢٩.
5 – عنه الوسائل ٨: ٩٣، مصباح الكفعمي: ٥٢٤ عن مصباح الزائر.
6 – جنة (خ ل).
7 – ثواب الأعمال: ٨١، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
8 – عنه الوسائل ٨: ٩٣، مصباح الكفعمي: ٥٢٤ عن مصباح الزائر.
9 – ثواب الأعمال: ٨١، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
١0 – عنه الوسائل ٨: ٩٣، مصباح الكفعمي: ٥٢٤ عن مصباح الزائر.
11 – ثواب الأعمال: ٨١، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
12 – عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
13 – ثواب الأعمال ٨١، أمالي الصدوق: ٤٣٢، عنهما البحار ٩٧: ٢٩.
14- عنه الوسائل ٨: ٩٣، مصباح الكفعمي: ٥٢٤ عن مصباح الزائر.
15 – ثواب الأعمال: ٨١، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
16 – عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
17 – ثواب الأعمال: ٨١، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
18 – عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي 524 عن مصباح الزائر.
19 – ثواب الأعمال: ٨١، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29. 

فصل ( 86 - 92 ) : أعمال و فضل صيام اليلتي الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين من رجب

فصل ( 86 ) فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة والعشرين من رجب

وجدناه في سفر المسير الى دار الرضا وخلع العفو عما مضى ، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ومن صلى في الليلة الخامسة والعشرين من رجب عشرين ركعة بين المغرب والعشاء الآخرة بالحمد مرة و ( آمن الرسول) مرة و (قل هو الله احد) مرة ، حفظه الله في نفسه وأهله ودينه وماله ودنياه وآخرته ولا يقوم من مقامه حتى يغفر له (1 ) .

فصل ( 87 ) فيما نذكره من الرواية ان يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله كان يوم الخامس والعشرين من رجب والتأويل لذلك على وجه الادب

رويناه باسنادنا الى أبي جعفر محمد بن بابويه اسعده الله جل جلاله بامانه ، فيما ذكره في كتاب المقنع من نسخة نقلت في زمانه فقا لما هذا لفظه: وفي خمسة وعشرين من رجب بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله ، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة مائتي سنة .

اقول: وذكر مصنف كتاب دستور المذكورين عن مولانا علي عليه السلام انه قال: من صام يوم خمس وعشرين من رجب كان كفارة مائتي سنة، وفيه بعث محمد صلى الله عليه وآله.
وروي أيضا أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب المرشد، وعندنا به نسخة عليهما خط الفقيه قريش بن اليسع مهنا العلوي في باب صوم رجب ما هذا لفظه: وقال محمد بن أحمد بن يحيى في جامعه: وجدت في كتاب – ولم اروه – ان في خمسة وعشرين من رجب بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله، فمن صام ذلك اليوم كان له كفارة مائتي سنة.

واعلم اني وجدت من أدركته من العلماء عاملين ان يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله يوم سابع وعشرين من رجب غير مختلفين في تحقيق هذا اليوم واقباله، وإنما هذا الشيخ محمد بن بابويه رضي الله عنه قوله معتمد عليه.

فلعل تأويل الجمع بين الروايات أن يكون بشارة الله جل جلاله للنبي صلى الله عليه وآله انه يبعث رسولا في يوم سابع عشرين، كانت البشارة بذلك يوم الخامس والعشرين من رجب، فيكون يوم الخامس والعشرين أول وقت البشارة بالبعثة له من رب العالمين.

ومما ينبه على هذا التأويل تفضيل ثواب يوم الخامس والعشرين على اليوم السابع والعشرين، وقد قدمنا رواية ابن بابويه وذكر جدي أبو جعفر الطوسي قدس الله سره: ان من صام يوم الخامس والعشرين من رجب كان كفارة مائتي سنة (2).

فصل (88) فيما نذكره من فضل صوم اليوم الخامس والعشرين من رجب،

غير ما بيناه رواه الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده إلى الشيخ الثقة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي رضوان الله عليه عن مولانا الرضا عليه السلام قال: من صام خمسا وعشرين يوما من رجب جعل الله صومه ذلك اليوم كفارة سبعين سنة.

أقول: فلابد أن يكون تعظيم صوم هذا اليوم الخامس والعشرين، دالا على أنه معظم عند رب العالمين وسيد المرسلين.

فصل (89) فيما نذكره من فضل صوم خمسة وعشرين يوما من رجب،

غير ما أوضحناه رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رحمة الله عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه فيما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب خمسة وعشرين يوما فإنه إذا خرج من قبره تلقاه سبعون ألف ملك، بيد كل ملك منهم لواء من در وياقوت ومعهم طرائف الحلي والحلل، فيقولون: يا ولي الله النجاة إلى ربك، فهو من أول الناس دخولا في جنات عدن مع المقربين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك هو الفوز العظيم (3).

فصل (90) فيما نذكره من عمل الليلة السادسة والعشرين من رجب

وجدناه في طرق التشريف بالتكليف مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة السادسة والعشرين من رجب اثنتي عشرة ركعة بالحمد وأربعين مرة (وفي رواية أربع مرات – (قل هو الله أحد)، صافحته الملائكة، ومن صافحته الملائكة أمن من الوقوف على الصراط والحساب والميزان، ويبعث الله إليه سبعين ملكا يستغفرون له ويكتبون ثوابه ويهللون لصاحبه، وكلما تحرك عن مكانه يقولون: اللهم اغفر لهذا العبد، حتى يصبح (4).

فصل (91) فيما نذكره من فضل صوم اليوم السادس والعشرين من رجب

روى ذلك الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده إلى الرضا عليه السلام قال: ومن صام يوم السادس والعشرين من رجب جعل الله صومه ذلك اليوم كفارة ثمانين سنة.

فصل (92) فيما نذكره من فضل صوم ستة وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رحمه الله في كتاب ثواب الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب ستة وعشرين يوما بني الله عز وجل له في ظل عرشه مائة قصر من در وياقوت، على رأس كل قصر خيمة حمراء من حرير الجنان، يسكنها ناعما والناس في الحساب (5).

الهوامش

1 – عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
2 – مصباح المتهجد 2: 820.
3 – ثواب الأعمال: ٨١، أمالي الصدوق: 432، عنهم البحار 97: 30.
4- عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
5 – ثواب الأعمال: ٨١، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 30.

فصل ( 93 - 100 ) : أعمال ليلة السابع والعشرين - أعمال و صوم يوم السابع والعشرين من رجب

فصل (93) فيما نذكره من عمل ليلة سبع وعشرين من رجب

اعلم أن من أفضل الأعمال فيها زيارة مولانا علي أمير المؤمنين عليه السلام فيزار فيها زيارة رجب أو بغيرها مما أشرنا إليه ومن عمل هذه الليلة مما روينا عن الثقات في عدة روايات:

منها: ما رواه محمد بن علي الطرازي فقال في كتابه ما هذا لفظه: عدة من أصحابنا قالوا: حدثنا القاضي عبد الباقي بن قانع بن مروان، قال، حدثني مروان، قال: حدثني محمد بن زكريا الغلابي، قال:

حدثنا محمد بن عفير العنبي، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام.

وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله رحمه الله املاء ببغداد، قال: حدثنا جعفر بن علي بن سهل بن فروخ أبو الفضل الدقاق، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زكريا الغلابي، عن العباس بن بكار، عن محمد بن عفير الضبي، عمن حدثه عن أبي جعفر الثاني عليه السلام.

وأخبرنا محمد بن وهبان، قال: حدثنا محمد بن عفير الضبي، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قال:

إن في رجب ليلة هي خير للناس مما طلعت عليه الشمس وهي ليلة سبع وعشرين منه، نبئ رسول الله صلى الله عليه وآله في صبيحتها، وان للعامل فيها أصلحك الله من شيعتنا مثل اجر عمل ستين سنة، قيل: وما العمل فيها؟ قال: إذا صليت العشاء الآخرة واخذت مضجعك ثم استيقظت أي ساعة من ساعات الليل كانت قبل زواله أو بعده، صليت اثني عشر ركعة باثنتي عشر سورة من خفاف المفصل من بعد يس إلى الحمد.

فإذا فرغت بعد كل شفع جلست بعد التسليم وقرأت الحمد سبعا، والمعوذتين سبعا، و (قل هو الله أحد) سبعا، و (قل يا أيها الكافرون) سبعا، و (انا أنزلناه) سبعا، وآية الكرسي سبعا، وقلت بعد ذلك من الدعاء:

الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا، اللهم إني أسألك بمعاقد العز على أركان عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم الأعظم الأعظم، وبذكرك الاعلى الاعلى الاعلى، وبكلماتك التامات التي تمت صدقا وعدلا ان تصلي على محمد وآل محمد وان تفعل بي ما أنت أهله.

وادع بما شئت (1) فإنك لا تدعو بشئ الا أجبت، ما لم تدع بمأثم أو قطيعة رحم أو هلاك قوم مؤمنين وتصبح صائما وانه يستحب لك صومه فإنه يعادل صوم سنة (2).

فصل (94) فيما نذكره من صلاة أخرى في ليلة سبع وعشرين من رجب

رويناها بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن صالح بن عقبة عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال:
صل ليلة سبع وعشرين من رجب أي وقت شئت من الليل اثنتي عشر ركعة، وتقرء في كل ركعة الحمد والمعوذتين و (قل هو الله أحد) أربع مرات، فإذا فرغت قلت وأنت في مكانك أربع مرات: لا إله إلا الله والله أكبر الحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم ادع بما شئت (3). (4)

فصل (95) فيما نذكره أيضا من صلاة أخرى ليلة سبع 5من رجب

وجدناها في مواطن الاجتهاد في الظفر بسعادة المعاد، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
من صلى في الليلة السابعة، والعشرين من رجب اثنتي عشرة ركعة، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (سبح اسم) عشر مرات، و (انا أنزلنا في ليلة القدر) عشر مرات، فإذا فرغ من صلاته صلى على النبي صلى الله عليه وآله مائة مرة، واستغفر الله تعالى مائة مرة، كتب الله سبحانه وتعالى له ثواب عبادة الملائكة (5).

أقول: وقد تقدمت روايتنا في ليلة النصف من رجب عن حريز بن عبد الله عن الصادق عليه السلام باثنتي عشرة ركعة على الوصف الذي ذكرناه.
ذكر محمد بن علي الطرازي انها تصلى ليلة سبع وعشرين من رجب أيضا، وقال:
فإذا فرغت قرأت وأنت جالس الحمد أربع مرات، وسورة الفلق أربعا والاخلاص أربعا، ثم قال:: الله الله ربي لا أشرك به شيئا أربع مرات، ثم ادع بما تريده.

فصل (٩٦) فيما نذكره من تعظيم اليوم السابع والعشرين من رجب بالمعقول

اعلم أن الرحمة التي نشرت على العباد وبشرت بسعادة الدنيا والمعاد بالاذن لسيد المرسلين صلى الله عليه وآله وعلى ذريته الطاهرين، في أن يظهر رسالته عن رب العالمين إلى الخلائق أجمعين، كانت السعادة باشراق شموسها وتعظيمها وتقديمها على قدر ما أحيى الله جل جلاله بنبوته من موات الألباب وأظهر بقدس رسالته من الآداب وفتح بهدايته من الأبواب إلى الصواب.

وذلك مقام يعجز عن بيانه منطق اللسان والقلم والكتاب، ولا تحصيه الخواطر ولا تطلع على معانيه البصائر، ولا تعرف له عددا، ﴿قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا.﴾ (6).

وأنت إذا أنصفت علمت أن الأمم كانت تائهة في الضلال وقد أحاط بهم استحقاق الاستيصال، وقد كانت اليهود في قيود ضلالها لمخالفة موسى عليه السلام، والنصارى هالكة بسوء مقالها في عيسى عليه السلام، والعرب ومن تابعها سالكة سبيل الدواب والانعام وفاقدة لفوائد الأحلام بعبادة الأصنام، وبحر الغضب من الله جل جلاله قد أشرف على أرواح أهل العدوان، وأمواج العطب قد أحاطت بنفوس ذوي الطغيان، ونيران العذاب قد تعلقت بالرقات وسعت إلى الفتك بالأجساد، ورسل الانتقام قد أشمتت بأهل الإلحاد والعناد وقلوب الأعداء والحساد وأهل الضلال وذووا عيون غير ناظرة وعقول غير حاضرة وقلوب غير باصرة وجوارح غير ناضرة، وقد خذل بعض بعضا بلسان الحال من شدة تلك الأهوال.

فبعث محمدا صلى الله عليه وآله من مجلس الغضب والمقت والعذاب وانكاله إلى الأمم المتعرضة بتعجيل العقاب واستيصاله، وهو واحد في العيان منفرد عن الاخوان والأعوان، يريد مقاتلة جميع من في الوجود من أهل الجحود، برأي قد احتوى على مسالك الآراء واستوى على ممالك الأقوياء، وجنان قد خضع له امكان الابطال، وبيان قد خشع له لسان أهل المقال والفعال، ونور قد رجعت جيوش الظلمات به مكسورة ورؤوس الجهالات بلهبه مقهورة، وقدم قد مشى على الرؤوس والنفوس وهم (7) قد حكمت بإزالة الضرر والنحوس.

فسرى نسيم ارج (8) ذلك التمكين والتلقين، وروج حياة ذلك السبق للأولين والآخرين، في اليوم السابع والعشرين من رجب بالعجب وشرف المنقلب، فاستنشقه (9) عقول كانت هامدة أو بائدة، واستيقظت به قلوب كانت راقدة، وجرى شراب العافية بكأس آرائه العالية في أماكن اسقام الأنام فطردها وأحاط بجيوش النحوس فشردها، وتهدد نفوس العقول المتهجمة على العقول فأبعدها، حتى الفها بعد الافتراق في الآفاق وعطفها على الوفاق والاتفاق واجلسها على بساط الوداد والاتحاد وحماها عن مهاوي الهلكة والفساد.

فما ظنك بمن هذا بعض أوصافه، ومن ذا يقدر على شرح ما شرفه الله جل جلاله به من الطافه، وبأي بيان أو لسان أو جنان يقدر على وصف مواهبه واسعافه، ولقد دعونا العقل إلى الكشف فذهل، فدعونا القلب إلى الوصف فوجل، فدعونا اللسان إلى البيان فاستقال، فدعونا القلم إلى الامكان فذل وتزلزل وزال، فدعونا الجوارح جارحة بعد جارحة فشردت عنا هاربة ونازحة.

فاستسلمنا لما يدل عليه لسان الحال من كمال ذلك الاقبال واستعنا بصاحب القوة المعظمة لذاته ان يعرفنا قدر ذلك اليوم السعيد وجسيم هباته وصلاته، وان يعلمنا كيفية الشكر على ما عجزنا عن وصفه، ويلهمنا كشف ما أقررنا بالقصور عن كشفه، ويقبل بنا على ما ريد من القبول وتعظيم المرسل والرسول.

فصل (97) فيما نذكره من تعظيم اليوم السابع والعشرين من رجب بالمنقول

روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه باسناده في أماليه إلى الصادق عليه السلام قال: ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب الله له اجر صيام سبعين سنة (10).

وروى ذلك أيضا جعفر بن محمد الدوريستي باسناده في كتاب الحسنى إلى علي بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: صيام يوم سبعة وعشرين من رجب يعدل عند الله صيام سبعين سنة.

ومما رويناه في تعظيم صوم هذا اليوم بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رحمه الله فيما ذكره في التواريخ الشرعية من نسخة قد كتبت في حياته عند ذكر رجب فقال ما هذا لفظه:
وفي اليوم السابع والعشرين منه كان مبعث النبي صلى الله عليه وآله، ومن صامه كتب الله له صيام ستين سنة.

أقول: وينبه على تعظيم هذا اليوم ما رويناه في ليله انها خير للناس مما طلعت عليه الشمس، فإذا كانت الليلة التي جاورته بلغت إلى هذا التعظيم فكيف يكون اليوم الذي هو سبب في تعظيمها عند أهل الصراط المستقيم.

وروينا بإسنادنا إلى أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه فيما رواه عن الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: غير هذه الأعياد شئ؟ قال: نعم أشرفها وأكملها، اليوم الذي بعث فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: قلت: فأي يوم هو؟ قال: إن الايلام تدور وهو يوم السبت لسبع وعشرين من رجب، قال: قلت: فما نفعل فيه؟ قال: تصوم وتكثر الصلاة على محمد وآله عليهم السلام (11).

وذكر الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وفي أماليه عن النبي صلى الله عليه وآله فقال: ومن صام من رجب سبعة وعشرين يوما أوسع الله عليه القبر مسيرة أربعمائة عام، وملأ جميع ذلك مسكا وعنبرا (12).

فصل (98) فيما نذكره من تأويل من روى أن صوم يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله بعدل ثوابه ستين شهرا

اعلم أن تعظيم يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله أعظم من أن يحيط به الانسان بمقالة ثواب الصائمين لهذا اليوم العظيم، فاما من ذكر ان صومه بستين شهرا فيحتمل أن يكون معناه ان صومه يعدل ثواب ما يعمل الانسان في الستين شهرا من جميع طاعاته، وذلك عظيم لا يعلم تفصيله الا الله العالم لذاته ولم يقل في الحديث انه يعدل صوم ستين شهرا.

ويحتمل أيضا إذا حملناه ان يعدل ثواب صوم ستين شهرا، أن يكون مقدار ثوبا الصائمين لهذا اليوم العظيم قدرا على ما يبلغه كل صائم له من الطريق التي يعرف بها فضله، فان المطيعين لرب العالمين ولسيد المرسلين يتضاعف أعمالهم بحسب تفاضلهم في اليقين واخلاص المتقين والمراقبين، فيكون الثواب الضعيف في التعريف ستين شهرا لقصوره عن معرفة قدر هذا الثواب الشريف.

وينبه على ذلك ما ذكره جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده قال:
قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: لا تدع صوم سبعة وعشرين من رجب فإنه اليوم الذي أنزلت فيه النبوة على محمد صلى الله عليه وآله وثوابه مثل ستين شهرا لكم (13).

أقول: وفي قوله عليه السلام: مثل ستين شهرا لكم، إشارة واحتمال لما ذكرناه من تأويل هذا المقال.

وذكر أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب المرشد، وهو كتاب حسن، ما هذا لفظه:
وفي سبعة وعشرين نزلت النبوة على النبي صلى الله عليه وآله وثوابه كفارة ستين شهرا، هذا لفظه: نزلت النبوة.

فصل (99) فيما نذكره من غسل وصلاة وعمل في اليوم السابع والعشرين من رجب

اعلم أن الغسل في هذا اليوم الشريف من شريف التكليف.
ومن عمل هذا اليوم زيارة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، وقد روينا في أول ليلة من رجب زيارة عامة في الشهر كله، فيزار مولانا علي عليه السلام بها أو بغيرها مما ذكرناه في كتاب مصباح الزائر، فقد ذكرنا فيه زيارة تختص بهذا اليوم وعظيم فضله.

واما الصلوات فيه:
فذكر شيخنا المفيد في الرسالة العزية صلاة يوم المبعث وقال: انها تصلي صدر النهار، وقال الشيخ سلمان بن الحسن في كتاب البداية عند ذكر صلاة يوم المبعث انها تصلي قبل الزوال.

فأحببت أن يكون عند العامل بذلك معرفة بهذه الحال، وسيأتي في رواية ابن يعقوب الكليني انه يصليها أي وقت شاء، يعني من يوم المبعث.
ونحن نذكره منها عدة روايات وان اتفقت في عدد الركعات فإنها تختلف في بعض المرادات.

فمن ذلك ما رواه محمد بن علي الطرازي رحمه الله في كتابه فقال: صلاة يوم سبعة وعشرين من رجب، وهو اليوم الذي بعث فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله، أبو العباس أحمد بن علي بن نوح رضي الله عنه قال: حدثني أبو أحمد المحسن بن عبد الحكم السنجري، وكتبته من أصل كتابه،

قال في نسخته: نسخت من كتاب أبي نصر جعفر بن محمد بن الحسن بن الهيثم، وذكر انه خرج من جهة أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه، ان الصلاة يوم سبعة وعشرين من رجب اثنتا عشرة ركعة، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر من السور ويسلم ويجلس ويقول بين كل ركعتين:

الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا، يا عدتي في مدتي ويا صاحبي في شدتي، يا وليي في نعمتي يا غياثي في رغبتي، يا مجيبي في حاجتي، يا حافظي في غيبتي، يا كالئي في وحدتي، يا انسي في وحشتي.
أنت الساتر عورتي، فلك الحمد، وأنت المقيل عثرتي فلك الحمد، وأنت المنفس صرعتي فلك الحمد، صل على محمد وآل محمد واستر عورتي، وأقلني عثرتي، واصفح عن جرمي وتجاوز عن سيئاتي في أصحاب الجنة، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.

فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد و (قل هو الله أحد) و (قل يا أيها الكافرون) والمعوذتين و (إنا أنزلناه في ليلة القدر) وآية الكرسي سبعا سبعا، ثم تقول: الله الله ربي لا أشرك به شيئا، سبع مرات، ثم ادع بما أحببت.

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ محمد بن يعقوب الكليني رضي الله عنه باسناده في كتاب الصلاة إلى الصادق عليه السلام فقال ما هذا لفظه: قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام:

يوم سبعة وعشرين من رجب نبئ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، من صلى فيه أي وقت شاء اثني عشر ركعة، يقرء في كل ركعة بأم الكتاب ويس، فإذا فرغ جلس مكانه ثم قرأ أم القرآن أربع مرات، فإذا فرغ وهو في مكانه قال: لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم – أربع مرات، ثم يقول: الله ربي لا أشرك به شيئا، أربع مرات، ثم تدعو، فإنك لا تدعو بشئ الا استجيب لك في كل حاجة، الا ان تدعو في جائحة (14) قوم أو قطيعة رحم (15).

أقول: وينبغي ان تزور سيدنا رسول الله ومولانا علي بن أبي طالب عليهما السلام في يوم المبعث بالزيارتين اللتين ذكرناهما لهما عليهما السلام في عمل اليوم السابع عشر من ربيع الأول من هذا الجزء.

أقول: ومن الصلاة في اليوم السابع والعشرين من رجب الموافقة لبعض الروايات في شئ من المرادات والمفارقة لها في بعض الصفات، ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه باسناده إلى الريان بن الصلت قال:

صام أبو جعفر الثاني عليه السلام لما كان ببغداد يوم النصف من رجب ويوم سبع وعشرين منه، وصام جميع حشمه وأمرنا أن نصلي الصلاة التي هي اثنتا عشرة ركعة، يقرء في كل ركعة بالحمد وسورة، فإذا فرغت قرأت الحمد أربعا و (قل هو الله أحد) والمعوذتين أربعا وقلت:
لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم – أربعا، الله ربي لا أشرك به شيئا – أربعا، لا أشرك بربي أحدا – أربعا (16).

ومن ذلك ما رويناه أيضا بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه باسناده إلى أبي القاسم بن روح رحمة الله عليه قال:
تصلي في هذا اليوم اثنتي عشرة ركعة تقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر من السور وتتشهد وتسلم وتجلس وتقول بين كل ركعتين:
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا، يا عدتي في مدتي، ويا صاحبي في شدتي، ويا وليي في نعمتي، ويا غياثي في رغبتي، يا نجاتي في حاجتي، يا حافظي في غيبتي، يا كالئي في وحدتي، يا انسي في وحشتي.

أنت الساتر عورتي فلك الحمد، وأنت المقيل عثرتي فلك الحمد، وأنت المنعش صرعتي فلك الحمد، صل على محمد وآل محمد واستر عورتي وآمن روعتي، وأقلني عثرتي واصفح عن جرمي، وتجاوز عن سيأتي، في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.

فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد والاخلاص والمعوذتين و (قل يا أيها الكافرون) وانا أنزلناه) وآية الكرسي سبع مرات ثم تقول: لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله – سبع مرات، ثم تقول سبع مرات: الله الله ربي لا أشرك به شيئا، وتدعو بما أحببت (17).

أقول: وهذه الرواية مناسبة لما سلف وإنما بعض التعقيب مؤتلف ومختلف:

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رحمه الله من كتاب المقنعة فقال:

باب صلاة يوم المبعث، وهو اليوم السابع والعشرون من رجب، بعث الله عز وجل فيه نبيه محمدا صلى الله عليه وآله فعظمه وشرفه وقسم فيه جزيل الثواب وآمن فيه من عظيم العقاب، فورد عن آل الرسول صلى الله عليه وآله وعليهم انه من صلى فيه اثنتي عشرة ركعة، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة يس، فإذا فرغ منها جلس في مكانه، ثم قرأ أم الكتاب أربع مرات وسورة الاخلاص والمعوذتين، كل واحدة منهن أربع مرات، ثم قال: الحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله – أربع مرات، ثم قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، الله الله ربي لا أشرك به شيئا – أربع مرات، ثم يدعو، فلا يدعو بشئ الا استجيب له الا ان يدعو في جائحة (18) قوم أو قطيعة رحم (19).

وذكر شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعية مثل هذه الصلاة على السواء، الا أنه قال في آخرها: فإذا فرغ من هذه الصلاة قرء في عقيبها فاتحة الكتاب ثلاث مرات والمعوذات الثلاثة أربع مرات،

وقال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر – أربع مرات، وقال: الله الله ربي لا أشرك به شيئا – أربع مرات، ثم دعا، استجيب له في كل ما يدعو به الا ان يدعو بحائحة قوم أو قطيعة رحم، وهو يوم شريف عظيم البركة، ويستحب فيه الصدقة والتطوع بالخيرات وادخال السرور على أهل الإيمان، ويستحب ان يدعو في هذا اليوم، وهو يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله بهذا الدعاء.

ورواه محمد بن علي الطرازي باسناده إلى أبي علي بن إسماعيل بن يسار قال:
لما حمل موسى عليه السلام إلى بغداد وكان ذلك في رجب سنة تسع وسبعين وماءة دعا بهذا الدعاء، وهو من مذخور أدعية رجب، وكان ذلك يوم السابع والعشرين منه يوم المبعث صلى الله على المبعوث فيه وآله وسلم، وهو هذا:

يا من أمر بالعفو والتجاوز، وضمن نفسه العفو والتجاوز، يا من عفى وتجاوز، أعف عني وتجاوز يا كريم، اللهم وقد اكدى (20) الطلب واعيت الحيلة والمذهب ودرست الآمال وانقطع الرجاء إلا منك وحدك لا شريك لك.

اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة (21)، ومناهل (22) الرجاء لديك مترعة (23)، وأبواب الدعاء لمن دعاك مفتحة، والاستعانة لمن استعان بك مباحة.

واعلم انك لداعيك بموضع إجابة وللصارخ إليك بمرصد إغاثة، وان في اللهف إلى جودك والضمان بعدتك عوضا من منع الباخلين، ومندوحة (24) عما في أيدي المستأثرين، وأنك لا تحجب (25) عن خلقك إلا أن تحجبهم الأعمال (26) دونك، وقد علمت أن أفضل زاد الراحل إليك عزم إرادة يختارك بها، وقد ناجاك بعزم الإرادة قلبي.

وأسألك بكل دعوة دعاك بها راج بلغته امله، أو صارخ إليك أغثت صرخته (27)، أو ملهوف مكروب فرجت كربه، أو مذنب خاطئ غفرت له، أو معاف أتممت نعمتك عليه، أو فقير أهديت غناك إليه، ولتلك الدعوة عليك حق وعندك منزلة، الا صليت على محمد وآل محمد وقضيت حوائجي حوائج الدنيا والآخرة.

وهذا رجب المرجب المكرم الذي أكرمتنا به، أول أشهر الحرم، أكرمتنا به من بين الأمم، يا ذا الجود والكرم، فنسألك به وباسمك الأعظم الأعظم الأعظم الأجل الأكرم الذي خلقته فاستقر في ظلك فلا يخرج منك إلى غيرك، ان تصلي على محمد وأهل بيته الطاهرين، وتجعلنا من العاملين فيه بطاعتك والآملين فيه بشفاعتك.

اللهم واهدنا إلى سواء السبيل واجعل مقيلنا عندك خير مقيل في ظل ظليل، فإنك حسبنا ونعم الوكيل، والسلام على عباده المصطفين وصلاته عليهم أجمعين، اللهم وبارك لنا في يومنا هذا الذي فضلته وبكرامتك جللته وبالمنزل العظيم الاعلى أنزلته، صل على من فيه إلى عبادك أرسلته وبالمحل الكريم أحللته.

اللهم صل عليه صلاة دائمة تكون لك شكرا ولنا ذخرا، واجعل لنا من أمرنا يسرا، واختم لنا بالسعادة إلى منتهى اجالنا، وقد قبلت اليسير من أعمالنا وبلغنا (28) برحمتك أفضل امالنا انك على كل شئ قدير وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ومن الدعوات التي نذكرها في اليوم السابع والعشرين من رجب:

اللهم إني أسألك بالنجل (29) الاعظمه في هذا اليوم من الشهر المعظم والمرسل والمكرم ان تصلي على محمد وآل محمد وان تغفر لنا ما أنت به منا اعلم، يا من يعلم ولا يعلم، اللهم وبارك لنا في يومنا هذا الذي بشرف الرسالة فضلته وبكرامتك أجللته (30)، وبالمحل الشريف أحللته.

اللهم فانا نسألك بالمبعث الشريف والسيد اللطيف والعنصر العفيف ان تصلي على محمد وآله (31)، وان تجعل أعمالنا في هذا اليوم وفي سائر الأيام مقبولة وذنوبنا مغفورة، وقلوبنا بحسن القبول مسرورة، وارزاقنا باليسر مدرورة (32) اللهم انك ترى ولا ترى وأنت بالمنظر الاعلى وان إليك الرجعي والمنتهى، ولك الممات والمحيا، وان لك الآخرة والأولى، اللهم إنا نعوذ بك ان نذل ونخزى وان نأتي ما عنه تنهى.

اللهم إنا نسألك الجنة برحمتك ونستعيذ بك من النار، فأعذنا (33) منها بقدرتك، ونسألك من الحور العين، فارزقنا بعزتك واجعل أوسع ارزاقنا عند كبر سننا، وأحسن عمالنا عند اقتراب آجالنا واطل في طاعتك وما يقرب إليك ويحظي عندك، ويزلف لديك اعمارنا، وأحسن في جميع أحوالنا وأمورنا معرفتنا، ولا تكلنا إلى أحد من خلقك وتفضل علينا بجميع حوائجنا للدنيا والآخرة وابدأ بآبائنا وأمهاتنا وجميع اخواننا المؤمنين في جميع ما سألناك لأنفسنا يا ارحم الراحمين.

اللهم انا نسألك باسمك العظيم وملكك القديم أن تصلي على محمد وآل محمد وان تغفر لنا الذنب العظيم، انه لا يغفر العظيم (34) الا العظيم.

اللهم وهذا رجب المكرم الذي أكرمتنا به أول أشهر الحرم، أكرمتنا به من بين الأمم فلك الحمد يا ذا الجود والكرم، اللهم فانا

نسألك به وباسمك الأعظم الأعظم الاجل الأكرم الذي خلقته فاستقر في ملكك فلا يخرج منك إلى غيرك، فأسألك ان تصلي على محمد وأهل بيته الطاهرين، وان تجعلنا فيه من العاملين بطاعتك والأمنين فيه برعايتك.

اللهم اهدنا إلى سواء السبيل واجعل مقيلنا عندك خير مقيل في ظل ظليل وملك جزيل، فإنك حسبنا ونعم الوكيل، اللهم اقلبنا مفلحين منجحين غير مغضوب علينا ولا ضالين، برحمتك يا ارحم الراحمين.

ثم اسجد وقل:
الحمد لله الذي هداني لمعرفته، وخصني بولايته، ووفقني لطاعته، شكرا شكرا – مائة مرة. واسأل حاجتك وادع بما تشاء.

فصل (100) فيما ينبغي أن يكون المسلمون عليه في مبعث النبي صلى الله عليه وآله إليهم ومعرفة مقدار المنة عليهم

اعلم اننا قد أشرنا فيما قدمنا إشارة لطيفة اننا لا نقدر على وصف المنة علينا بهذه الرسالة الشريفة، ولكنا مكلفون بما نقدر عليه من تعظيم قدرها والاعتراف باحسانها وبرها، فنضرب لذلك بعض الأمثال، ففيه تنبيه على تعظيم هذه الحال، فنقول:

لو كان المسلمون قد أصيب كل منهم بنحو خطر الكفر الذي كانوا عليه فمنهم فريق قد ألقى في النار وهي توقد عليه، وفريق قد افتضح بالعار ونودي عليه، وفريق في مطمورة (35) غضب الله جل جلاله وانتقامه، وفريق في حبس مقت الله جل جلاله واصطلامه، وفريق قد استحق عليه اخذ كلما في يديه.

وفريق قد حكمت عليه الذنوب التي اشتملت عليه بالتفريق بينه وبين أولاده العزيزين عليه أو أحبته القريبين لديه، وفريق قد سقم عقله وقد ادنفه جهله، وفريق قد مرض قلبه وأحاط به ذنبه.

وفريق قد ماتت أعضاؤه بإضاعة البضاعة التي كانت تحصل لها لو أطاعت، وفريق قد صارت أعضاؤه أعداء له بما اضاعته وبما تجنيه من المعاصي بحسب ما استطاعت، وفريق قد اظلمت عليه ظلم الجهالة حتى ما بقي يبصر ما بين يديه من الضلالة، وفريق أعمى ولا يدري مقدار عماه، وفريق أخرس ولا يدري انه أخرس وقد صار لسانه مقيدا بسخط مولاه، وفريق أصم وهو لا يدري انه أصم وهو لا يسمع دعاء من دعاه إلى الله جل جلاله وناداه.

والبلاد قد أحاط بالعباد وضعف عن دفعه قوة أهل الاجتهاد، فبعث الله جل جلاله رسولا إلى هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات ليسلمهم من النكبات والآفات والعاهات وليخلصهم من اخطارها ويطفي عنهم لهب نارها ويغسل عن وجوههم دنس عارها ويبلغ بهم من غايات السعادات، ما كانوا قاصرين عنها وبعيدين منها فيما مضى من الأوقات.

فينبغي أن يكون الاعتراف للمرسل والرسول صلوات الله عليه بقدر هذا الانعام الذي لا يبلغ وصفى إليه وان يكونوا في هذا اليوم مباشرين وشاكرين وذاكرين لمناقبه وناشرين وباعثين إلى بين يديه من الهدايا التي كان هو أصلها وفرعها إلى كل من وصلت إليه بحسب ما يقدرون عليه.

فقوم يظهرون نبوته ودولته مما يشينها من المآثم والقبائح، وقوم يعظمون رسالته بزيادة العمل الصالح، وقوم ينزهون سمعه الشريف ان يبلغه عنهم ما يبعده منهم، وقوم يكرمون نظره المقدس ان يطلع على ما يكره صدوره عنهم، وقوم يصلون المندوبان ويهدونها إليه، وقوم يبالغون في الصلاة والثناء عليه.

وقوم يذكرون الله جل جلاله بما يوقعهم له من الأذكار ويهدونها إلى باب رسولهم صلوات الله عليه الساكن بها في دار القرار، وقوم يتعبدون بحسب ما يقدرون ويهدون ذلك ويرون انهم مقصرون.

ويكون هذا اليوم عند الجميع بحسب ما خلصهم به من كل أمر فظيع وبحسب ما اصطنع معهم من جليل الصنيع، ويختمونه بالتأسف على فواته والتلهف، كيف لم يكن مستمرا لهم في سعاداته وطاعاته ويسألون العفو عن التقصير ولو عملوا مهما عملوا ما قاموا وما عرفوا مقدار هذا اليوم العظيم الكبير.

الهوامش

1 – أحببت (خ ل).
2- مصباح المتهجد ٢: ٨٢٠، عنه الوسائل ٨: ١١١.
3- أحببت (خ ل).
4 – مصباح المتهجد 2: 821، عنه الوسائل 8: 111.
5 – عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
6 – الكهف: ١٠٩.
7- همم (خ ل).
8 – أرج تأرج: فاحت منه رائحة طيبة، فهو ارج.
9 – واستنشقه (خ ل).
10 – أمالي الصدوق: 349، عنه البحار 97: 34.
11- مصباح المتهجد ٢: ٨٢٠، الكافي ٤: ١٤٨، الفقيه ٢: ٩٠.
12- ثواب الأعمال: ٨١، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 30.
13 – ثواب الأعمال: ٦٨، فضائل الأشهر الثلاثة: عنهما البحار 97: 37.
14 – الجائحة: المصيبة المستأصلة التي تستأصل المال أو الناس.
15 – الكافي ٣: ٤٦٩، عنه الوسائل ٨: ١١١، رواه المفيد في مسار الشيعة: ٧٢.
16 – مصباح المتهجد 2: 816.
17 – مصباح المتهجد ٢: ٨١٧، عنه المستدرك الوسائل ٦: ٢٩٢.
18 – الجائحة: الآفة.
19 – المقنعة: ٣٧.
20 – اكدى: بخل أو قل خيره.
21 – مشرعة: مفتوحة.
22 – مناهل: مشارب.
23 – مترعة: مملوة.
24 – مندوحة: سعة.
25 – تحتجب (خ ل).
26 – الآمال (خ ل).
27 – صريخته (خ ل).
28 – بلغتنا (خ ل).
29 – النجل: الولد والوالد، ضد، وفي مصباح الكفعمي: بالتجلي الأعظم.
30 – أحللته (خ ل).
31 – آل محمد (خ ل).
32 – مدرورة: دائرة وجارية.
33- في الأصل: الخير نستعيذك، فانقذنا، ما أثبتناه من المصباح الكفعمي.
34 – الذنب العظيم (خ ل).
35 – المطمورة: الحفيرة التي تحت الأرض، الحبس. 

فصل ( 101 - 108 ) : أعمال و فضل صيام الليالي من الثامنة والعشرين إلى آخر رجب

فصل (101) فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة والعشرين من
رَجَب

وجدناه في مفاوز السلامة وكرامة يوم القيامة، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الثامنة والعشرين من رجب اثنتي عشر ركعة، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (سبح اسم ربك الاعلى) عشر مرات، و (إنا أنزلناه) عشر مرات، فإذا فرغ من صلاته صلى على النبي صلى الله عليه وآله مائة مرة واستغفر الله تعالى مائة مرة كتب الله سبحانه كتب الله سبحانه له ثواب عبادة الملائكة (1).

فصل (102) فيما نذكره من فضل صوم ثمانية وعشرين يوما من رَجَب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في أماليه وفي كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى النبي صلوات الله عليه، قال:
ومن صام من رجب ثمانية وعشرين يوما جعل الله عز وجل بينه وبين النار سبع خنادق، كل خندق ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام (2).

وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده إلى الرضا عليه السلام قال: ومن صام يوم الثامن والعشرين من رجب كان صومه لذلك اليوم كفارة تسعين سنة.

فصل (103) فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة والعشرين من رجب

وجدناه في تحف الشرف لمن علم وعمل، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صلى في الليلة التاسعة والعشرين من رجب اثنتي عشرة ركعة، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (سبح اسم) عشر مرات، و (انا أنزلناه في ليلة القدر) عشر مرات، فإذا فرغ من صلاته صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مائة مرة واستغفر الله تعالى مائة مرة، كتب الله سبحانه له ثواب عبادة الملائكة، وقد تقدم هذا الثواب (3).

فصل (104) فيما نذكره من فضل صوم تسعة وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه من كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صام من رجب تسعة وعشرين يوما غفر الله له ولو كان عشارا ولو كانت امرأة فجرت سبعين مرة، بعد ما أرادت به وجه الله والخلاص من جهنم، يغفر لها (4). (5) وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتابه باسناده إلى الرضا عليه السلام قال:
ومن صام يوم التاسع والعشرين عن رجب كان صومه ذلك اليوم كفارة مائة سنة.

فصل (105) فيما نذكره من عمل ليلة الثلاثين من رجب

وجدناه في خزائن خلع الأمان وتيجان الرضوان، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى ليلة الثلاثين من رجب عشر ركعات بالحمد مرة و (قل هو الله أحد) عشر مرات، وأعطاه الله في جنة الفردوس سبع مدن ويخرج من قبره ووجهه كالبدر، ويمر على الصراط كالبرق الخاطف وينجو من النار، والحمد لله (6).

فصل (106) فيما نذكره من فضل صوم ثلاثين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في أماليه وفي كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب ثلاثين يوما نادى مناد من السماء: يا عبد الله اما ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بقي، فأعطاه الله في الجنان كلها، في كل جنة أربعين الف مدينة من ذهب، في كل مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كل قصر أربعون ألف ألف بيت، في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة من ذهب، على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام والشراب، لكل طعام وشراب من ذلك لون على حدة، وفي كل بيت أربعون ألف ألف سرير من ذهب، طول كل سرير الف ذراع في عرض الف ذراع، على كل سرير جارية من الحور العين، عليها ثلاثمائة ألف ذؤابه من نور، تحمل كل ذؤابه منها ألف ألف وصيفة تغلفها بالمسك والعنبر، إلى أن يوافيها صائم رجب، هذا لمن صام رجب كله.

قيل: يا نبي الله فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو علة كانت به أو امرأة غير طاهرة تصنع ما ذا لتنال ما وصفت؟ قال: تتصدق عن كل يوم برغيف عن المساكين، والذي نفسي بيده انه إذا صدق بهذه الصدقة كل يوم ينال ما وصفت وأكثر، لأنه لو اجتمع جميع الخلائق كلهم من أهل السماوات والأرض على أن يقدروا قدر ثوابه، ما بلغوا عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات.

قيل: يا رسول الله فمن لم يقدر على هذه الصدقة يصنع ما ذا لينال ما وصفت؟ قال:
يسبح الله في كل يوم من شهر رجب إلى تمام ثلاثين يوما هذا التسبيح مائة مرة:
سبحان الإله الجليل، سبحان من لا ينبغي التسبيح الا له، سبحان الأعز الأكرم، سبحان من لبس العز وهو له أهل (7).

وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده إلى الرضا عليه السلام قال: ومن صام يوم الثلاثين من رجب غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

فصل (107) فيما نذكره من صلاة أواخر شهر رجب

رويناها عن جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه، وقد تقدم اسنادها فيما أشرنا إليه، وهي: وصل في آخر الشهر عشر ركعات، تقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة و (قل هو الله أحد) ثلاث مرات و (قل يا أيها الكافرون) ثلاث مرات، فإذا سلمت فارفع يديك إلى السماء وقل:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ثم امسح بها وجهك وسل حاجتك فإنه يستجاب لك دعاؤك ويجعل الله بينك وبين جهنم سبعة خنادق، كل خندق كما بين السماء والأرض، ويكتب لك بكل ركعة ألف ألف ركعة، ويكتب لك براءة من النار وجواز على الصراط.

قال سلمان رضي الله عنه: فلما فرغ النبي صلى الله عليه وآله من الحديث خررت ساجدا ابكى شكرا لله تعالى لما سمعت من هذا الحديث (8).
وزاد في هذا الحديث مصنف كتاب دستور المذكرين فقال: ومن صام ذلك اليوم – ولم يذكر ان دخول سلمان على النبي عليه السلام كان آخر يوم من جمادى الآخر، فلذلك وغيره جعلنا ابتداء هذه الصلاة أول يوم من رجب.

فصل (108) فيما نذكره مما يختم به من شهر رجب

اعلم اننا كنا قد ذكرنا في أول ليلة من رجب وأول يوم منه طرفا من حرمة هذا الشهر والحمى الذي جعله الله جل جلاه، مما لا يسهل على العارف به الخروج عنه، وأنت ان كنت مسلما تجد فرقا بين الدخول في حرم الملوك وحماهم لرعاياهم، وبين الخروج عن الحمى والحرم الذي شرفهم به وحفظهم بسببه ووقاهم.

وقد عرفت ان مذ تخرج عن هذا شهر رجب الذي هو آخر أشهر الحرم والعظيم الشأن، فتكون قد خرجت من حرم الحمى والأمان، فكن خائفا ان تخرج منه اخراج من اعراض صاحب الحمى عنه أو اخراج المنفي المطرود أو المهجور المصدود، واطلب من رحمة مالك الوجود وصاحب الجود ان يجعل لك من ذخائر مراحمه ومكارمه حمى وحرما تسكن بعد شهر رجب في خفارة معالمه ومواسمه ومراسمه إلى أن تظفر بشهر موصوف بصفات مثله، فتأوي إلى حمى ظله وفضله.

واجمع ما عملت بلسان الحال واعرضه على يد من تكون ضيفه من أهل الاقبال وتوجه إليه بالله جل جلاله العظيم لديه وبكل عزيز عليه، ان يتم نقصان أعمالك وامساكك، وتعرضها بيد توسله وتوصله في دوام اقبالك وإجابة سؤالك.

الهوامش

1 – عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
2 – ثواب الأعمال: ٨٢، أمالي الصدوق: 433، عنهما البحار 97: 30.
3 – عنه الوسائل 8: 94، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
4 – في المصادر لغفر الله لها.
5 – ثواب الأعمال: ٨٢، أمالي الصدوق: 433، عنهما البحار 97: 30.
6 – عنه الوسائل 8: 94، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
7- ثواب الأعمال: ٨٣، أمالي الصدوق: 433، عنهما البحار 97: 31.
8 – مصباح المتهجد 2: 819.

 

المصدر: (موقع المكتبة الشيعية )المجلد الثالث من كتاب إقبال الأعمال 

 

 

برامج أهل البيت “عليهم السلام” في شهر رجب + تحميل كتاب أعمال شهر رجب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky