أثر علم أصول الفقه

أثر علم أصول الفقه في الاستقامة الفكرية / تقرير عن ندوة جمعية علم الأصول

الاجتهاد: مقتطف من مداخلة الأستاذ الدكتور حسن عبد الحميد بخاري في ندوة أثر علم أصول الفقه في الاستقامة الفكرية” التي أقامت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة بالتعاون مع جمعية أصول قبل أشهر.

استهل أ. د. حسن بخاري حديثه بذكر مقدمتين :

الأولى : أنّ علم أصول الفقه أداة فهم الشريعة.

الثانية: أن الشريعة جاءت لاستقامة الفكر، والتوسط والاعتدال.

ثم تطرق إلى التفصيل في هاتين المقدمتين:

أن استقامة الفكر له أسباب، منها: البناء العلمي، وبابه الأكبر هو علم أصول الفقه .

ثم أردف قائلا: وما أثر أصول الفقه في استقامة الفكر؟ الجواب: أثر ذلك في محورين:

الأول: الأثر المباشر . الثاني: الأثر غير المباشر.

ويكون علم أصول الفقه مؤثراً تأثيرا مباشرا في استقامة الفكر، وذلك فيما يلي:

الأول: التأثير المباشر

يأني علم الأصول يحصّن الفكر؛ إذ يقوم هذا العلم على ركيزتين: 1- الأدلة ۲- والدلالات.

فإن الأثر المباشر لعلم أصول الفقه يقود إلى استقامة الفكر، وبالتالي إلى النتائج التالية:

1) التأصيل المنهجي لتحرير الدليل الذي يصلح أن يكون دليلا مما لا يصلح، وهذا واحد من مثارات الانحراف الفكري. معناه: الخطأ في توظيف الدليل وجعله في غير موضعه، ووظيفة علم الأصول في غاية الأهمية في صيانة الفكر من الانحراف.

وعامة من ينحرف في الشبهات الفكرية يجدون خللا في هذه النقطة، فتُساق لهم الشبهات التي بها ينحرفون، وهذا هو العنصر الأول في تأثير المباشر، وهو: (تحقيق الدليل).

2- ضبط الاستدلال:

علم أصول الفقه يضبط للإنسان منهجية الاستدلال، وطرق توظيف دلالات الالفاظ، وهذا الأمر هو عمقٌ علميٌّ، وملكة أصولية راقية تنهض بالعقل الأصولي إلى تمحيص أي قضية شرعية كانت أو غير شرعية، فما يستقيم عنده يثبته، وما لا يستقيم لا يثبته.

والخطأ في توظيف الدليل وكيفية الاستدلال سببٌ للانحراف، وأكثر من ضلَّ من الطوائف المنتسبة إلى الإسلام كان الخلل عندهم في هذه النقطة في: (منهج الاستدلال وضبطه)، وعندئذ يكون الأثر المباشر لعلم الأصول العناية بطرق دلالات الألفاظ.

وعنابة الأصوليين بهذه الدلالات كانت في منتهى الدّقة، ففاقوا أهل اللغة في هذا الأمر، وسبب كل هذه الدقّة ليس إلا لقداسة النص الشرعي.

وهذا العمق الأصولي في توظيف الدليل بحيث لا يتركون منه جزءا، وهو أثر مباشر في تأمين الفكر واستقامته.

3- من الآثار المباشرة في استقامة الفكر (باب التعارض والترجيح بين الأدلة)، وهذا الباب له أثر كبير في تقويم الفكر و استقامته.

4- ومن الآثار المباشرة القواعد الكبرى التي ترتبط بعلم الأصول وهي مقاصد الشريعة، والنظر في المآلات واعتبارها، وكيفية توظيف المصالح.

الشق الثاني: التأثير غير المباشر

هو ما يسببه علم الأصول ويجعل الإنسان بعون الله يستقيم فكرُه، وهذا الأمر نلخصه في ثلاث نقاط :

* الملكات العقلية في تكوينها وتنميتها، وعلم الأصول من أعظم قوادح الفكر.

* ما يورثه علم أصول الفقه عند صاحبه من تأنٍ وعدم الاستعجال في الأمور، هذا مِن أحرى الأمور حتى لا ينجرف وراء كل شبهة تُساق، ولا يستجيب لكل أمرٍ، فيكون له من الحصانة الفكرية، أن عقله وفكره يستدعي النظر والتأمل والمطالبة بالدليل.

* تأصيل الاعتدال في الشريعة: وهذا الأمر يقود إلى تحصين الفكر، واستقامته، ومنهج الشريعة جاء على الاعتدال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky