ليس الأمر في مسألة التقريب بين الفقه بما هو منظومة الأحكام التي تنظم حياة الجماعة بحكم السياسة الشرعية، والقانون الوضعي بما هو منظومة القوانين التي تنظم حياة الجماعة كذلك بحكم السياسة العقليةٌ متعلقا بكل الفقه ولا بكل القانون بل ببعض وجوههما التي علينا تحديدها.
موقع الاجتهاد: ما معنى القانون الغربي: إذا كان القصد بالقانون الغربي القانون الوضعي فالوضع المقابل للشرع ليس خاصا بالغرب فضلا عن كون القانون الغربي ليس واحدا إلا من حيث غلبة الوضع على شكله الحديث.
وهذا الوضع متعدد ومتنوع. ولا يمكن أن نطلب المسالك لأمر بهذه الصفات بل القصد المسالك إلى خصائص الوضع القانوني بصورة عامة. وإذا كان المفهوم بالمسالك الطرق التي علينا اتباعها لجعل الفقه شبيها بالقانون الوضعي فإن ذلك يضع عدة أسئلة سنقتصر على أهمها:
أولها ما الداعي لذلك؟
والثاني ما الإضافة المنتظرة من مثل هذا المسعى؟
والثالث ما الخسارة الممكنة التي قد تنتج عنه؟
والرابع كيف نوازن بين الربح والخسارة في هذا المسعى؟
والسؤال الأخير أي الطرق اقل كلفة إذا سلمنا بضرورة ذلك؟
والجواب عن هذه الأسئلة يقتضي عدة أمور أهمها:
أن نبدأ مسلمين بأن مفهوم القانون الوضعي غني عن التعريف فنعرف الفقه الذي قد يتصوره الكثير واضح المعنى والدلالة.
ثم لا بد من تحديد ما به يختلف الفقه عن القانون حتى نحدد فيه ما يمكن أن يقبل التقريب منه ثانيا.
ثم لا بد من تحديد طبيعة الصلة بين القانون الوضعي وعلاقته بالإرادة المشرعة الواضعة له وما يمكن أن ينتج عن ذلك من علاقات بينه وبين الفقه في صلة مع الإرادة القابلة به تشريعا دون أن تكون واضعة له ثالثا.
وهذا يقتضي رابعا أن نحدد طبيعة العلاقة بين الطبائع والشرائع في القانون الوضعي وفي الفقه وما به يتميز به أحدهما عن الآخر في علاج هذه المسألة المؤسسة لأي تشريع.
لننتهي أخيرا إلى أهم القضايا التي لا بد من علاجها ليكون هذا التقريب ممكنا أعني الحوائل دون تقدم الفقه الإسلامي بصورة تمكن من فهم الجمع الثمين بين بعدي الشريعة: التربية والقانون.
ومن مقتضيات ذلك كله تقديم وجيز يحدد أصل الخلاف حول شروط إمكان التقريب أو عدمه. وهذا الأصل هو طبيعة العلاقة بين العقيدة والشريعة أعني بين شروط النظر والعقد وشروط العمل والشرع لأنها هي المحدد الحقيقي لشروط هذه القابلية أو عدمها.
فالشريعة تعتبر منظومة المقومات التربوية الواقية والمعالجة إيجابا بما تربي عليه المؤمن من مقتضيات العقيدة في القيم السلوكية التي يخضع لها فعل الإنسان في الأذهان (نظره وفكره) وفي الأعيان (عمله وإرادته) وسلبا بما تقتضيه من أدوية لما قد ينجر عن عدم العمل بتلك القيم في الأذهان وفي الأعيان.
وهذه النسبة مماثلة بنيويا ومن حيث الوظيفة للنسبة بين الطبائع وعلمها والشرائع وعملها في الفلسفة أو بين الفلسفة النظرية وأساسها الميتافيزيقي والفلسفة العملية وأساسها السياسي1. فتكون الشريعة الدينية نظرية عملية أساسها السياسة الشرعية مثلما أن الشريعة الفلسفية نظرية علمية أساسها السياسة العقلية.
وعندما يتطابق العقل والشرع تكون الشرائع التي تنظم حياة الجماعة جامعة بين العقل من حيث هو عالم بقوانين الطبائع وبما يترتب عليها في الشرائع والنقل من حيث هو عالم بقوانين الخلائق وما يترتب عليها في الشرائع. فيتحقق ما يعتبر أساس الدولة الجامعة بالجوهر بين الدين والسياسة بمعناهما الفلسفي والديني جمعا متعينا حقيق التعين في القرآن الكريم الواصل بين الديني والسياسي بتوسط التربية والثقافة.
خطة البحث
المسألة الأولى: حقيقة الفقه والشرائع عامة.
المسألة الثانية: ما يقبل من الفقه التقريب إلى القانون.
المسألة الثالثة: نوعا تعبير القانون عن إرادة الجماعة.
المسألة الرابعة: نظر الطبائع وعمل الشرائع.
المسألة الأخيرة: العلاقة بين الحكم الشرعي وعلته الغائية.
تحميل المقالة
مسالك الفقه الإسلامي إلى القانون الغربي pdf