الاجتهاد: إن تجديد أصول الفقه يثير إشكالين هما: أولًا: إشكال بيان مفهوم التجديد في ذاته، وعليه ينبني كل نظر نقدي في جدواه ودواعيه. وثانيهما: إشكال تحديد محله ورصد ما سِيق من وجوه القول في قضاياه ومسائله.
المصطلح الناظم لما أثارته الورقة المرجعية هو مصطلح التجديد في علم أصول الفقه، وعلقت به ثلاثة إشكالات منهجية؛ منها إشكالان نظريان هما: وصف التجارب التجديدية ونقدها. وإشكال تطبيقي تعليمي، وهو تقديم تصور عملي لتجديد العلم، وتقنيات تعليمه في لحظتنا المعاصرة.
وإن العلم ليحيط بأن دراسة كل واحد من تلك الإشكالات يحتاج إلى مصنفات، وأن تعقد له مؤتمرات، يحضرها المحصلون أهل الاجتهاد في العلم.
ذلك، وإن التجديد في علم الأصول يثير إشكالين هما: أولًا: إشكال بيان مفهوم التجديد في ذاته، وعليه ينبني كل نظر نقدي في جدواه ودواعيه. وثانيهما: إشكال تحديد محله ورصد ما سِيق من وجوه القول في قضاياه ومسائله.
و كل ذلك يستلزم التداول في صفات القائم به، والاقتضاءات العلمية التي بها يستقيم نظره؛ والتي بمقدار توفرها فيه تسلم رؤيته من العوارض التي تمنع من تحصيل ما سيقت له. وإن ذلك لا يتحصل من غير استيعاب للعلم عبر تاريخه.
وإن استيعاب العلم يقتضي الإحاطة بالبناء المعرفي لمفاهيمه؛ وذلك من خلال عمليتين: تتعلق أولاهما بمرحلة بناء المفاهيم المؤسسة للعلم، والتعليل لمختلف ما أتى عليها من تغيرات، أو استمر عليه وضعها الاعتباري عبر تاريخها.
وترجع الثانية إلى التدقيق في الوظائف المنهجية المسندة لها، على اعتبار أن الغاية من العلم ليس نقل معارف، وتلقين معلومات؛ وإنما بيان الغايات المعرفية من مجموع الصياغة العلمية المقيمة لأركانه، والمميزة له عن غيره؛ ليحصل الاستقلال بمفاهيمه، والاستغناء عن غيره.
وبكل ذلك تستبين للدارسين وجوه الحاجة إليه؛ فينطلق العقل النقدي باحثًا عن المفاهيم التي يصح في مقام النقد إلقاؤها، أو تلك التي يلزم الإبقاء عليها، أو الارتقاء بما تظهر الحاجة العلمية وجهًا لإلحاقها بمكوناته.
وإن استيعاب المفاهيم- في ذاتها وعبر تاريخها- يتوقف على استيعاب منهج الاستدلال الباني لكيانها، والقائم على مسلك النفي والإثبات في الحجاج. كما يتوقف على معيار الوظيفة المنهجية المسندة لمفاهيم علم الأصول ابتغاء رصفها، وبناء أواصر العلاقة بينها في نسقية اقتضاها منهج العرض والتصنيف.
وبذلك يكون التراكم المعرفي بمستوييه المفهومي والمنهجي هو الكفيل بالتمكن من ناصية علم الأصول، وهو التمكن الممهد لكل مراجعة علمية نقدية أو تجديدية.
هذا وإن كثيرًا من المراجعات اليوم لتفتقر لهذا العمق العلمي[1]، ويترتب على ذلك أن كل رؤية لتدريسه ما لم تنطلق من هذا المنطلق تقتصر على تقديم معلومات عن علم الأصول ولا تدرسه. وإن مجموع ما تؤول إليه الصياغة النظرية البانية لهذا الإشكال ننظمها في مبحثين.
وقد اقتضانا النظر الناظم لكل ما نعتمده من قول في هذه الصناعة النقدية: أن نرتب في المبحث الأول الحديث عن الرؤية التي آل إليها العمل التجديدي، وما قرره من نتائج؛ ونرتب في المبحث الثاني الأسس التي أقيمت عليها الاقتراحات؛
مسائلين أصحابها عن مدى احتكامهم لمسلك نقدي واضح في ما قدموه من رؤى في التجديد، سواء ما اعتبروه تجديدًا في هيكلة العلم، أو في مضمونه بما حذفوه من مسائله، أو ما أضافوه إلى مبانيه من قضايا ومبادئ.
الهوامش:
[1] انظر مثلًا ما قرره نعمان جغيم؛ من كون الإمام الشافعي تناولَ القياسَ ضمن الاجتهاد. المسلم المعاصر: العدد: 125ـ 126، السنة 32. ومعلوم عند أهل الاختصاص أن الشافعيَّ جعلَ الاجتهادَ والقياس بمعنى واحد.
المصدر: مركز نهوض للدراسات والنشر
محتويات المقالة
للاطلاع على البحث الكامل اضغط على الصورة