خاص الاجتهاد: ذكر مؤلف كتاب «المستفاد في الأصول»، أنّ «الشمولية وبلاغة الكلام» هی من الخصائص الأخرى لآية الله الميرزا علي فلسفي وقال: لقد كانت بلاغة كلامه إلى درجة أن مخاطبيه في بعض الأحيان كانوا يظنون أن مواضيع الدرس سهلة، متجاهلين أن فصاحته هي التي تجعل المواضيع سهلة؛ لدرجة أنّ بعض الأساتذة كانوا يقولون أنّه مشهور في النجف بسحر بلاغته.
بالتزامن مع أسبوع الكتاب والقراءة، تمت إزاحة الستار عن كتاب «المستفاد في الأصول» وهي تقريرات الأبحاث الأصولية لآية الله الميرزا علي فلسفي (رحمه الله) بجهود قسم البحوث في المدرسة العليا للسطح الرابع في حوزة خراسان العلمية بشكل حضوري وافتراضي في مدرسة سليمانية العلمية.
وفي هذه المراسم تحدث كل من حجة الإسلام محسن قديري، وهو باحث ومدرس للمستويات العليا ومؤلف كتاب «المستفاد في الأصول»، وحجة الإسلام محمد حسن رباني البيرجندي الباحث وأستاذ البحث الخارج في حوزة خراسان العلمية حول الجوانب الشخصية والمباني الأصولية والمنهجية الفقهية والرجالية عند آية الله المیرزا علي فلسفي”ره”.
بحسب مراسل الاجتهاد، فإنه بعد تلاوة آيات من القرآن الكريم تحدث حجة الإسلام قديري من تلامذة المرحوم فلسفي متطرقاً إلى شرح سمات شخصية المرحوم الأستاذ الميرزا علي فلسفي وقال: كان آية الله فلسفي من بين أساتذة الحوزات العلمية جامعاً للجوانب العلمية والأخلاقية و الاجتماعية.
وأشار هذا الباحث المخضرم في حوزة مشهد العلمية إلى تاريخ دراسته الذي امتد 20 عاماً في محضر آية الله فلسفي معتبراً أن أهم سمة تميز أستاذه هي «معرفة الواجب والعمل به» وقال: عندما كان المرحوم الأستاذ يحدد الواجب، لا يعود لتردد الآخرين أي تأثير لديه، بل كان يخطو بخطة ثابتة في هذا الطريق. وبلا مبالغة فقد كان آية الله فلسفي مثالاً للعالم الرباني، ونادراً ما رأت الحوزة العلمية شخصاً مثله.
وعن الأسلوب الأخلاقي والسلوكي لآية الله فلسفي قال حجة الإسلام قديري: لا أتذكر خلال درسه أنه قال بعد طرح أية مسألة «هذا رأيي و هكذا أقول»، بل كان المرحوم الأستاذ ينقل الأقوال والأدلة وإذا لم تعجبه فإنه يقول رأيه بإحترام. وبعد الدرس كان الطلاب ينقلون آراءهم وأسئلتهم إلى الأستاذ، فإذا كان السؤال معتنى به، يشير إليه في الغد مع بداية الدرس ويفسره، وكان يقول بعض «الرفاق» قد قالوا هكذا.
وتابع كلامه قائلاً: عندما انتقل درس المرحوم آية الله فلسفي إلى مدرسة آية الله الخوئي (تحت القبة)، فكان الحاضرون في الأيام الأولى يطلقون الصلوات مع دخول الأستاذ، وقد صرّح وأكد الأستاذ فلسفي قبل بداية الدرس: الرجاء لا أحد يرسل صلوات لمجيئي! فقالوا له إن الصلاة على النبي حسنة، فقال لهم أرسلوا صلاة لأنفسكم.
وذكر مؤلف كتاب «المستفاد في الأصول»، أنّ «الشمولية وبلاغة الكلام» هی من الخصائص الأخرى لآية الله فلسفي وقال: لقد كانت بلاغة كلامه إلى درجة أن مخاطبيه في بعض الأحيان كانوا يظنون أن مواضيع الدرس سهلة، متجاهلين أن فصاحته هي التي تجعل المواضيع سهلة؛ لدرجة أنّ بعض الأساتذة كانوا يقولون أنّه مشهور في النجف بسحر بلاغته.
وأوضح قديري بأن دورس الخارج في الفقه هي أعلى مرحلة في الدروس الحوزوية، وهي بالطبع تتمتع بأهمية خاصة، وقال: الاجتهاد ليس استنساخ للأقوال، بل هو استنباط حكم الأدلة التفصيلية و روح الاستنباط وقوة الاجتهاد. وكان آية الله فلسفي من الأشخاص القلائل الذين استطاعوا الحصول على إجازة الاجتهاد من آية الله الخوئي، ويمكن القول أنه «أحسن الاجازه، ابلغ الاجازه و أقدم الاجازه».
ثم قرأ أستاذ حوزة مشهد العلمية جزءاً من مقدمة كتاب «المستفاد» وقال: لقد تشرفت بأنني كنت تلميذاً لديه لسنوات طويلة، وقد شاركت في دورتين كاملتين في بحث الأصول للأستاذ فلسفي. كان لديه ثلاث دورات درس خارج في الأصول وقد استغرق كل منها حوالي 10 سنوات تقريباً.
«المستفاد في الأصول» هو دليل لتحديد أولويات القضايا الأصولية
وقال قديري في الشق الثاني من كلامه عن كتاب «المستفاد في الأصول» فقال: قام المرحوم آية الله فلسفي بتدريس الخارج في الفقه والأصول حوالي أربعة عقود؛ لكن لسوء الحظ، وبعد مرور عقد على وفاته، لم تظهر أية تقريرات عن درسه ولم يتم اتخاذ أية خطوات في هذا الشأن.
وأضاف: على الرغم من أنه تم كتابة كراسات كاملة من درسه، إلا أنها كانت بعيدة عن النشر، كنت يومياً مع ابنه العزيز الأستاذ حجة الاسلام الشيخ محمد فلسفي نراجع عبارات ومحتوى المحاضرات، و نحاول استكمال المجلدات القادمة للنشر.
وأضاف مؤلف كتاب «المستفاد في الأصول»: كُتبت التقريرات على أساس الدورة الأخيرة من دروس المرحوم فلسفي، لسببين، السبب الأول أن آراء الأستاذ نهائية ومصون من تجديد الرأي فيها، والثاني أن المقرِّر كان قوياً وضليعاً في المباحث، وفي الوقت نفسه هناك بعض الحالات المجملة والمشكوكة، حيث تم الاستفادة من كتابات الدورة السابقة. كذلك كانت هناك محاولات للحفاظ على محتويات وكلمات و حتى تعابير الأستاذ، دون أية زيادة أو نقصان، و على حد قول بعد الأساتذة فإن هذا الكتاب يُظهر الأجواء الدرسية للاستاذ فلسفي.
وفي معرض الإجابة على سؤال أن الراحل آية الله فلسفي كان يتجنب طباعة الكتب بشكل متكرر وتكرار المكررات، وقال: هناك عدة أمور شجّعتني على نشر هذا العمل، الأول إحياء الإسم وتكريم المنزلة العلمية لآية الله فلسفي؛ الثاني تبيين مكانة آية الله فلسفي في دينامية حوزة مشهد العلمية ولا سيما بعد رحلة آية الله العظمى السيد علي ميلاني؛ الثالث: عرض أسلوب وطريقة تدريس آية الله فلسفي حيث عبّر بعض الأساتذة أنّ كتاب «المستفاد في الأصول» هو دليل لتصنيف أولوية المسائل الأصولية.
وفي الختام تقدم حجة الإسلام قديري بالشكر من القائمين على هذه المراسم و اعتبر أن عمله لا يخلو من بعض العيوب والإشكالات، واعتبر أن انتقادات العلماء والأساتذة وأهل الرأي مهمة ومؤثرة.
كان الدكتور گُرجي يقول أعتبرُ آية الله فلسفي أعلم العلماء
ومن الذين تحدثوا في هذه المراسم حجة الإسلام محمد حسن رباني البيرجندي، حيث قام بشرح قسم من الحياة العلمية والآراء الفقهية والأصولية لآية الله فلسفي وقال: قال المرحوم الدكتور گُرجي: كنت في طهران جاراً لآية الله فلسفي وصديقاً له، وبعد استكمال المقدمات سافرنا معا إلى النجف لمتابعة الدراسة، أنا أعتبر آية الله فلسفي أعلم العلماء، و إذا كتب رسالة كنت أشجّع الجميع و أحيلهم إليه، وبالطبع لم يكن الراحل فلسفي من أهل تلك القضايا وكان يتجنب الشهرة بشدة.
وتابع الأستاذ رباني البيرجندي قائلاً: كان آية الله فلسفي يقول: دخلت النجف، التحقت بدرس ميرزا محمد تقي الكاظميني صاحب فوائد الأصول، وقد أصبح درس السيد أبو الحسن احتفالياً. ذهبت إلى درس آية الله الخوئي وكنت في النجف لمدة 12 عاما. كان يقول: في ذلك الوقت لم يكن الطلاب في حوزة النجف يذهبون إلى المنبر والتبليغ، كان جلّ اهتمام الطلاب الدرس والبحث.
ثم تابع أستاذ الخارج في الفقه والأصول في حوزة مشهد العلمية فقال: في عام 1380 قمري أخذ آية الله فلسفي الاجازة في الاجتهاد من آية الله الخوئي. بدأ آية الله الخوئي أول دورة له في أصول الفقه بثمانية أشخاص، وكان المرحوم كلانتر واحداً منهم أيضاً. في الدورة الثانية والثالثة شاركت شخصيات مثل الآيات فلسفي والسيستاني و وحيد الخراساني و روحاني وغيرهم.
وأضاف: في بداية تدريسه كان المرحوم آية الله الخوئي يتبع طريقة الفقهاء المشهورة وهي الوثوق الصدوري، وتم تغيير مدرسته تقريباً منذ حوالي الدورة الرابعة لتدريسه. كان جميع طلاب الحوزة يحضرون درسه بشكل إلزامي وإن لم يكونوا من متابعي مدرسته. الأشخاص الذين كانوا يعتقدون بالوثوق السندي بطريقة الخوئي هم المرحوم آية الله سيد تقي طباطبائي القمي، المرحوم محمد آصف محسني و الأستاذ آية الله حسن مرتضوي في حوزة مشهد. أما أشخاص مثل آية الله فلسفي، آية الله ميرزا جواد اقاي تبريزي، آية الله وحيد الخراساني، آية الله سيد صادق روحاني صاحب فقه الصادق(ع) كانوا من طلابه في الدورة الأولى والثانية، ولم يتابعوا طريقة أستاذهم آية الله الخوئي.
وتابع رباني البيرجندي: كان لدى آية الله السيستاني مبرر واحد لتغيير أسلوب آية الله الخوئي، ولآية الله جعفر السبحاني مبرر آخر؛ وأنا لدي رأي ثالث، فقد كان المرحوم آية الله الخوئي يطالع كتاب «مدارك الأحكام» كثيراً، و عندما يستأنس شخص بكتاب ما لعدة سنوات، فسيتأثر به بالتأكيد.
ثم أضاف هذا المؤلف وأستاذ حوزة مشهد العلمية: كان المرحوم فلسفي يهتم بالمبنى المشهور و يوافق المشهور. أعتقد أنه يجب معرفة الهرم والمبنى العلمي لكل أستاذ، كما يجب على الأستاذ أن يذكر مبناه لطلابه مرة كل عدة سنوات.
وتابع رباني البيرجندي مشيراً إلى عودة آية الله فلسفي إلى طهران وقال: بعد أن أنهى دراسته عاد إلى طهران، وبعد وفاة إمام جماعة مسجد لُرْزادة؛ المرحوم الشيخ علي أكبر برهان، وبإصرار أهالي طهران قَبِل الحضور في ذلك المسجد، وكان يقول: « أُجبرتُ بالقبول لأنه لم يكن هناك شخص لإمامة المسجد».
طلب الناس منه أن يقرأ حديثاً بعد الصلاة مثل إمام الجماعة السابق، فكان آية الله فلسفي يقول : عندها أدركت أنه يجب العمل على الحديث وقد عملت لمدة 7 سنوات على علم الحديث. فقد عمل بشكل تفصيلي على كتاب «غرر الحكم» بشكل كامل، فكان مثالاً من حيث حسن الاختيار والتدقيق في الروايات.
وقال: تم إيفاد الأستاذ فلسفي إلى مشهد لزيارة الامام الرضا(ع)، وبقي في مشهد بدعوة من مراجع التقليد و قام بتدريس الدروس، وساهم في ازدهار حوزة خراسان العلمية.
فقام بتدريس مواضيع مختلفة ودوّن الكثير من المباحث حيث يمكن الإشارة إلى تقريرات الأستاذ إبراهيم سيبويه والتي تشمل 14 جزء من تقريرات المكاسب، و من الضروري عرضها بعد الإنتهاء من طباعة أجزاء كتاب «المستفاد».
الاحتیاط في ترك الاحتياط
وأنهى حجة الإسلام رباني البيرجندي كلامه فقال: كان أحد الأساتذة يقول: جاء شخص إلى آية الله فلسفي وکان یخبره کیف قام في منى بالأضحية مجدداً! فقال الاستاذ فلسفي: هنا كان الاحتياط في ترك الاحتياط.
وأضاف رباني بيرجندي: يظن البعض أنّ آية الله فلسفي محتاط في الفقه لكن لم يكن مشغولاً بالفقه وفي الحقيقة لم يكن فقهه صعباً.
وفي ختام المراسم تمت قراءة رسالة حجة الإسلام السيد مصباح عاملي مدير حوزة خراسان العلمية التي أرسلها إلى مراسم إزاحة الستار عن كتاب «المستفاد في الأصول» التي قرأها المعاون البحثی للحوزة حجة الاسلام کُندُرُي.
بسم الله الرحمن الرحیم؛ قَالَ الصادق عَلَیهِ السَّلاَمُ: اُکْتُبْ وَ بُثَّ عِلْمَکَ فِی إِخْوَانِکَ فَإِنْ مِتَّ فَأَوْرِثْ کُتُبَکَ بَنِیکَ فَإِنَّهُ یأْتِی عَلَى اَلنَّاسِ زَمَانُ هَرْجٍ لاَ یأْنَسُونَ فِیهِ إِلاَّ بِکُتُبِهِمْ. (الکافي، الجزء۱، صفحه۵۲)
إن سنة كتابة التقرير في الحوزات العلمية هي شكل قد تحول عن سنة كتابة الإملاء والتي خلقت الكتاب المعروف «الأمالي» في تاريخ الثقافة الإسلامية.
إن كتابة تقريرات علم الأصول للمرحوم آية الله فلسفي ضمن التعريف بمكانته الرفيعة وتكريمها، فإنها تكريم لمكانة العلم والتعلّم. آملين أن تكون من بين الأعمال الخالدة في حوزة خراسان العلمية، وتتألق أسماء في هذه الحوزة مثل اسم آية الله فلسفي.
كان المرحوم فلسفی أحد حسنات الدهر، يعني شخصيته العلمية والعملية البارزة في الحقيقة، إذا لم نقل لا مثيل لها، فإنها فريدة بين العظماء.
الجدير قوله أن المرحوم الميرزا علي فلسفي يمكن أن يكون قدوة لنا جميعاً، سواء للطبقة المثقفة في الحوزة، وللعلماء والمتعلمين وكذلك لعامة الناس. كان من بين العلماء الراسخين الذين لم يكتفوا بالالتزام بالظواهر، وقد سعوا وجاهدوا في طريق العلم و المعرفة والسلوك والتوحيد، في الحقيقة تعبّد حتى حظي برضا الحق سبحانه.
لقد كان درسه الخارج في الحقيقة ثمرة لجهاده العلمي، وخلاصة لتلقيه الدروس في حضرة عظماء مثل السيد محمود الشاهرودي، والشيخ محمد علي الكاظميني، آقا بزرك الطهراني، السيد أبو الحسن الأصفهاني والسيد أبو القاسم الخوئي، ولا شك أنهم جميعاً من علماء عصرهم العاملين.
یعتبر آية الله الميرزا علي فلسفي واحد من أشهر المتتلمذين في مدرسة آية الله الخوئي (ره) الذي كان يكتب تقريرات دروسه بشكل مستمر، وكان الأستاذ في بعض الأحيان يوقع بقلمه على نهاية تلك التقريرات، وكان يحيل الذين يطلبون مواضيعه الفقهية المكتوبة إلى كراسات ذلك التلميذ.
هذه الخصائص العلمية أصبحت هي السبب في حصول آية الله فلسفي عند عودته إلى طهران على أول إجازة كتبية في الاجتهاد باسمه صادرة من قبل المرجع الشيعي الكبير المرحوم السيد أبو القاسم الخوئي.
کما أن هجرته العلمية إلى مشهد المقدسة يمكن أن تكون ضمن إنجازاته العلمية، وهناك أصر آية الله ميلاني على بقائه في مشهد ليثري المكانة العلمية لحوزة خراسان العلمية ويبث الروح فيها . وقد قطف تلامذته ثمار هذه الهجرة العلمية.
إن کتاب «المستفاد في الأصول» هو تقریرات أصولية لدرسه وهي بمثابة جرعة من علم هذا العالم الكبير في حوزة خراسان العلمية. إن جمع هذه التقريرات ونشرها ما هو إلا تعريف بورقة صغيرة من الإرشادات العلمية لذلك المرحوم.
نأمل في أن تنتقل الجوانب العلمية والأخلاقية المختلفة للمرحوم آية الله الميرزا علي فلسفي إلى المجتمع العلمي والمهتمين بالعلماء العاملين أكثر من أي وقت مضى، و أن يكون تلامذته روّاد في هذا المجال.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجدير بالذكر أنه تمت إزاحة الستار في هذه المراسم عن كتاب «المستفاد في الأصول» بجزأيه وهو تقريرات الأصول لآية الله الحاج ميرزا علي فلسفي(ره)، بواسطة أستاذ الخارج في الفقه والأصول وعضو المجلس الأعلى لحوزة خراسان العلمية بحضور جملة من الأساتذة، و تم تكريم جهود المؤلف و مساعيه.
كما أنّ هذه المراسم قد أقيمت من قبل مدرسة المستوى الرابع في حوزة خراسان العلمية وبمشاركة معاونية البحث في حوزة خراسان العلمية، ومدرسة السليمانية العلمية مع مراعاة جميع الإجراءات الصحية مع جمع محدود بشكل حضوري، وقد تم بثها بشكل مباشر لجميع المهتمين عن طريق النظام الإفتراضي LMS2 و صفحة الإينستغرام الخاصة بمدرسة المستوى الرابع في حوزة خراسان العلمية.
سیرة آیة الله الميرزا علي فلسفي رحمة الله عليه :
آیة الله الميرزا علي فلسفي تُنِکابُنِي ابن آیة الله الحاج الشیخ محمد رضا تنکابنی ولد فی طهران عام 1300 هجري شمسي ، کان والده من علماء طهران المعروفین ومن طلاب المرحوم الآخوند الخراسانی المجاهدین ، أخوه المرحوم حجة الإسلام والمسلمین الحاج الشیخ محمد تقي فلسفي ، من علماء وخطباء العالم الإسلامی المعروفین الذین کان لهم أثر کبیر فی نشر التشیع وتبلیغه.
درس الحاج الميرزا علي فلسفي مقدمات الحوزة العلمیة والسطوح عند والده ثم هاجر إلى النجف الأشرف عام 1324 هجری شمسی لیکمل دراسته فی التحصیل العلمی بجوار العتبة المقدسة للإمام علی ( علیه السلام )، وقضى ما یقارب 16 عاماً على أیدی علماء کبار من أمثال المرحوم آیة الله الشیخ محمد علی الکاظمیني و آیة الله العظمى الحاج السید أبو الحسن الأصفهاني و آیة الله العظمى السید أبو القاسم الخوئی و آیة الله العظمى السید محمود الشاهرودی و آیة الله العظمى السید عبد الهادی الشیرازی و وصل الى مرحلة عالیة فی الاجتهاد لدرجة أنه کان أول الطلاب الذین حصلوا على درجة الاجتهاد من آیة الله العظمى السید أبو القاسم الخوئی و بخطه الشریف.
وضمن انشغاله بدرس الخارج بدأ آية الله فلسفي بتدريس السطوح العالية. وكان درس كفايته مشهوراً في النجف. وكان من أشهر تلامتذه الشيخ إسحاق الفياض والشيخ محمد مهدي آصف المحسني والشيخ علي دواني و الشيخ محمد علي آرياني الشاهرودي.
رجع الى طهران عام 1340 هجری شمسی فأم الناس فی مسجد لُرزاده باللإضافة الى تدرسیه للفقه و الأصول للطلاب وفضلاء الحوزة العلمیة في طهران الذین حصلوا منه على معارف معنویة وعلمیة جمة، دعاه المرحوم آیة الله المیلانی فلبى طلبه و سافر لیقیم بجوار حرم ثامن حجج أهل البیت علیهم السلام وانهمک هناک بتدریس البحث الخارج فی الفقه و الأصول فربى مئات العلماء و الفضلاء و المدرسین فکانوا ثمرة بحثه و تدرسیه فی الحوزة العلمیة فی مدینة مشهد التی اخذت رونقاً خاصاً بوصوله إلیها.
بالإضافة الى انشغاله فی الدرس والبحث العلمی وإمامة المصلین فی مسجد الشهداء فی مشهد کانت لدیه روابط إجتماعیة حمیمیة مع عموم الناس، فلن ینسى الناس ولا فضلاء الحوزة العلمیة دروسه الإعتقادیة والأخلاقیة، هذا العالم المخلص العامل کان مشهوراً بتنفیذه للمباحث الاخلاقیة قبل أن یطرحها ویعلمها للناس.
دافع عن حقوق الناس فی المطالبة برفع ظلم و فساد ملوک الجور و ساند علماء الحوزة الکبار فی الثورة على الظالمین، وبعد انتصار الثورة الإسلامیة أصبح الى جانب المرحوم آیة الله الحاج المیرزا جواد الطهرانی ومجموعة من علماء مشهد ممثلاً لمحافظة خراسان فی مجلس خبراء الدستور.
لبى آیة الله فلسفی نداء الباری سبحانه وتعالى فی تاسوعاء الإمام الحسین (علیه السلام) المصادف للتاسع عشر من بهمن 1384 هجري شمسي وذلک تحت أثر نوبة قلبیة، حیث أدمى قلوب شیعة أهل البیت وبالأخص قلوب علماء الحوزة العلمیة، وأدى صلاة المیت علیه آیة الله العظمى وحید الخراسانی فی الحرم المطهر و دفن جثمانه فی رواق دار السرور … لقد عاش آیة الله علی فلسفی سعیداً … و مات سعیداً .