الاجتهاد: قبل أربع سنوات كتبت مقالةً بعنوان: (المتقدّم والمتأخر في التقريرات الأصولية للسيد الخوئي) جواباً عن سؤال سألني إياه بعض أساتذتي الفضلاء دام مجده وعلاه عن اتّحاد بعض التقریرات الأصولية لزعيم الحوزة العلمية أستاذ الأكابر وفخر الأواخر السيد المحقق الخوئي “طاب ثراه”،
ولما كنت قد دوّنت سابقاً ما وجدته نافعاً في هذا المقام لمعرفة المتقدّم والمتأخر من التقريرات، وبالتالي معرفة الرأي الأخير للمحقق الخوئي، وكذلك ملاحظة مراحل تبلور الفكر لديه “قدّس سرّه” وتكامله،
أحببت أن أجيب أستاذي بإيراد ما كتبته وسجلّته سابقاً، فاستعرضت التقريرات الأصولية المطبوعة مع ذكر المتقدّم والمتأخر منها والإشارة لبعض خصائصها، كما أني ظننت أن نشره لإخوتي وأساتذتي قد يكون فيه بعض الفائدة.
وقد نالت هذه المقالة ولله الحمد والمنة استحساناً من قبل جمع من الأساتذة والفضلاء، وقد أضفت إليها خلال هذه المدّة ما اجتمع لدي من معلومات جديدة، سيّما مع طباعة قسم من التقريرات التي لم تُطبع سابقاً واطلاعي على بعض التقريرات التي لم تكن باليد حين كتابتي للمقالة، وقد عزمت على نشر هذه النسخة المنقحة والمزيدة لطلب جمع من الأعزة وإلحاحهم، ولما رأيته من استمرار تداول النسخة السابقة، وأسميتها: “دراسة توثيقية في التقريرات الأصولية للسيد الخوئي”.
فأقول مستعيناً بالله
بسم اللّه الرحمن الرحيم
والحمد لله وسلامٌ على عباده الذين اصطفی…
نصّ المرحوم آية الله السيد علي الهاشمي الشاهرودي “قدّس سرّه” في آخر تقريره (دراسات في علم الأصول) أن الدورة التي قرّرها هي الدورة الثالثة، وقد ذكر أن الفراغ منها تم في ليلة الاثنين ١٥ جمادی الثانية ۱۳۷٥ هـ، و ذكر آية الله الشهيد السيد محمد سرور البهسودي “قدّس سرّه” في “مصباح الأصول” أنه تم الانتهاء من الدورة في ليلة الثلاثاء ١٧ جمادى الثانية ۱۳۷٥هـ، ومثله قال في “غاية المأمول” وكذلك في “مصابيح الأصول”، إلا أنهم لم ينصوا على أن هذه الدورة هي الثالثة.
ويظهر أن الهداية في الأصول دورةٌ ملفقة وهي من تقرير آية الله الشيخ حسن الصافي الأصفهاني “قدّس سرّه”، فقد ذكر في آخر الاستصحاب أنه انتهى منه في ۲٤ شعبان ۱۳٦۹ هـ وآخر مباحث الاجتهاد والتقليد أن الدورة قد انتهت في ليلة الاثنين ۲٦ ذي الحجة ۱۳٦۹ هـ، بينما ذكر في نهاية مبحث المشتق أنه تم الانتهاء من المقدمات ليلة ٦ جمادى الأولى سنة ۱۳۷۰هـ، وذكر في “غاية المأمول” أن الدورة الأولى التي حضرها انتهت بتاریخ ليلة الاثنين ٢٦ ذي الحجة ۱۳٦۹هـ، وسيأتي مزید کلام حول الهداية في الملاحظة رقم ٨.
وبناءً على نصّ الدراسات أن تلك الدورة هي الثالثة تكون الدورة الرابعة هي اللاحقة لها، وهي ما قررها آية الله الشهيد السيد علاء الدين بحر العلوم “رحمه اللّه”، حيث إنه کما ذُکر في “مصابيح الأصول” (١) أن بداية حضوره في درس السيد الخوئي كان من مباحث الاستصحاب في الدورة الثالثة بتاريخ ٦ ربيع الثاني ۱۳۷٤ هـ وقرر الاستصحاب وما بعده، ثم التحق بالدورة اللاحقة وهي الرابعة، وكذلك كان التحاق آية الله المرجع السيد الكوكبي “قدّس سرّه” من استصحاب الدورة الثالثة ثم أكمل الحضور في الدورة اللاحقة كما ستعرفه في الملاحظة رقم (٦) .
وبالنسبة للمرجع الكبير آية الله الشيخ الفياض دام ظله فقد حضر عند السيد الخوئي قسماً من آخر دورته الثالثة المنتهية سنة ۱۳۷٥هـ وحضر بعدها دورة كاملة وقسماً كثيراً من الدورة التي تليها، وذكر الشيخ الفياض “دام ظله” أن تقريره “المحاضرات” هي نتاج الدورة الرابعة.
هذا وقد ذكر آية الله السيد محمد مهدي الخلخالي “دام ظله” في تقريره “أصول فقه الشيعة” أن الدورة الممتدة من ۱۳۷۰هـ إلى ۱۳۷٥هـ هي الدورة الرابعة وليست الثالثة، وأنه حضر الدورة الخامسة وهي الممتدة من ۱۳۷٥هـ إلى ۱۳۸۲هـ وأكدّ على هذا الكلام في آخر مباحث الألفاظ في الجزء الرابع المطبوع حديثاً.
كما أن السيد الخلخالي “دامت برکاته” ذكر في أحد هوامش تقريره أن السيد الخوئي “قدّس سرّه” ذكر مطلباً في الدورة اللاحقة التي بدأت في شعبان ۱۳۸۲هـ، وكذلك ذُكر في هامش استصحاب “مصابيح الأصول” أنه بُدأ فيها بتاریخ ليلة الأحد ٩ شبعان ۱۳۸۲هـ وهذا يتوافق مع ما هو موجود في بداية التسجيل للدرس الأول من دروس الأصول للسيد الخوئي، وما ذكره السيد الخلخالي يوافق ما ذكره السيد عبد المجيد الخوئي “رحمه اللّه” من أن تقرير “المحاضرات” للشيخ الفياض هو تقرير الدورة الخامسة التي تمتد من ١٣٧٥ —١٣٨٢هـ .
القول الصحيح في حساب الدورات
أقول: بناءً على أن السيد الخوئي الموسوي “قدّس سرّه” شرع في تدريس خارج الأصول سنة ۱٣٥٥هـ بشكل منظّم وبعد وفاة أستاذه شيخ الأساطين المحقق النائيني “قدّس سرّه” — کما ذُكر التاريخ في كتاب “أساطين المرجعية العليا” — وكون دوراته الأولى تستغرق ٥ سنوات فإن ذلك يكون متناسباً جداً مع ما ذكره السيد الخلخالي دام ظله والشهيد السيد عبد المجيد الخوئي، إذ ستكون الدورة المنتهية في نهاية ۱۳٦۹هـ هي الثالثة(٢)، والمنتهية في ۱۳۷٥هـ هي الرابعة، والمنتهية في رجب ۱۳۸۲هـ هي الخامسة، والمشروع فيها في ٩ شعبان ۱۳۸۲هـ هي السادسة وهي المسجلة على أشرطة الكاسيت كما ذكر السيد قدّس سرّه في المعجم، وتكون السابعة هي التي بدأها بعد ذلك والتي تخلى عنها في مبحث الضد كما نصّ في المعجم أيضاً، فهذا هو ما ينبغي أن يُصار إليه وإن ذُکر خلافه في كلات جمع من المقررین.
ومع ذلك كله فإن الشيخ الفياض”دام ظله” ذكر في مختصره عن حياة السيد الخوئي أنه قدّس سرّه درّس سبع دورات كاملات وشرع في الثامنة ولم يتمها (٣)! والتعبير بالسابعة ورد في بداية التسجيل الصوتي الأول لدروس الأصول في شعبان ۱۳۸۲هـ ! وهو اشتباه، والله العالم بحقائق الأمور.
فوائد وملاحظات:
١- تقرير الدراسات في علم الأصول للسيد علي الشاهرودي قدّس سرّه هو أول تقرير طُبع للسيد الخوئي “رحمه اللّه” وذلك في المطبعة الحيدرية سنة ۱۳۷۱هـ، وقد طُبع منه في حياة مؤلفه خصوص الجزء الثالث المبتدئ بمباحث القطع والظن والمنتهي بقاعدة لا ضرر، وكان تحت عنوان (دراسات الأستاذ المحقق الخوئي في الأصول العملية)، وتاريخ التقريظ الموجود فيه هو الثاني والعشرون من شهر صفر سنة ۱۳۷۰هـ.
وهنا تظهر مشكلة، وذلك من جهتين:
١- أن المقرر قد صرّح في بداية الكتاب أنه (أودع فيه ما استفاده من الدورة الثالثة) وسنة طبع الكتاب ۱۳۷۱هـ، وفي الطبعة المتداولة حالياً والتي هي من نشر مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي قد طبعت الدورة كاملة في أربع مجلدات وقد ذُكر في المقدمة أنهم حصلوا على التقرير كاملاً من نجل المقرر وهو آية الله السيد محمود الهاشمي الشاهرودي رحمه اللّه، وقد كُتب في أعلى الصفحة من المجلد الثالث الذي هو المطبوع سابقاً: (مقدمة الطبعة الأولى المطبوعة في النجف الأشرف عام ۱۳۷۶هـ).
2 – ما أشرنا له من ذكر المقرر بأن الدورة المنتهية سنة 1375هـ هي الثالثة.
والصحيح أن الطبعة الأولى للكتاب لم تكن في سنة 1376هـ کما مرقوم في الطبعة الحديثة، بل طُبع سنة ۱۳۷۱ هـ کما تجده في الصورتين التاليتين، وهذا يقوّي أن يكون التقرير للدورة المنتهية في أواخر سنة ۱۳۶۹هـ. وقد لاحظه السيد الخوئي وقرّظه في سنة ۱۳۷۰هـ ثم طُبع في سنة ۱۳۷۱هـ.
ويبقى السؤال حول التاريخ الذي ذكره المقرر لنهاية مباحث الألفاظ وكذا لنهاية الدورة؟
والجواب: أن من المحتمل أن السيد علي الشاهرودي “رحمه الله” كان يقرر كل دورة على حدة وبشكل منفصل، ثم طُبعت بقية المباحث من تقرير دورة لاحقة، إلا أن تعبيره عن الدورة المنتهية سنة ۱۳۷5هـ بالثالثة لم نعرف له وجهاً فإنه لا يستقيم مع تصريحه في الجزء المطبوع(4)
2- انتهت مباحث الألفاظ من الدورة الثالثة في ٥ ربيع الثاني سنة ۱۳٦۷هـ کما ستعرفه قريباً تحت الملاحظة رقم (۸) وكذلك من خلال ما ذُكر في مقدمة غاية المأمول ص ۳٦.
ويلاحظ أن الطبعة الثانية من كتاب أجود التقريرات والمشتملة على تعليقات السيد الخوئي على مباحث الألفاظ قد كانت في سنة ۱۳٦۷هـ فربما كانت کتابتها متزامنة مع تدريسه لتلك المباحث.
٣- بدأ مبحث الاستصحاب من الدورة الخامسة في ۲۰ ربيع الأول ۱۳۸۰هـ.
٤- بدأ مبحث الاجتهاد والتقليد في تلك الدورة بتاريخ ۸ شعبان سنة ۱۳۸۱هـ وانتهى في ٥ رجب ۱۳۸۲هـ، كما في مقدمة الرأي السديد في الاجتهاد والتقليد للعلامة الحجة الميرزا غلام رضا عرفانیان رحمه اللّه.
٥ – حضور السيد البهسودي “رحمه اللّه” صاحب مصباح الأصول كان من استصحاب الدورة الرابعة أي في ربيع الثاني سنة ۱۳۷٤هـ، وقرر تلك المباحث إلى آخر الدورة وقدمها للسيد الخوئي وطُبع الجزء الثالث من الكتاب سنة ۱۳۷٦ تقريباً، ثم حضر الدورة الرابعة وقرر خلالها بقية المباحث، ثم قدّم الجزء الثاني للطبع وهو المشتمل على مباحث القطع إلى آخر البراءة وطُبع سنة ۱۳۸٦هـ، هذا ما طُبع في حياته، وقد طُبع قبل سنوات مجلدان في مباحث الألفاظ من مصباح الأصول.
قال في مبحث الترتب: (لا يخفى أنه بعدما فرغنا من ذکر مرجحات باب التزاحم كان المناسب لنا أن نتعرّض لذكر مرجحات باب التعارض أيضاً تتميماً للفائدة، إلا أنه حيث كان التوفيق ساعدنا قبل سنين لطبع الجزء الثالث من كتابنا مصباح الأصول المشتمل على بحث الاستصحاب والتعادل والتراجيح والاجتهاد والتقليد وقد تعرّضنا في بحث التعادل والترجيح لذكر مرجحات باب التعارض والبحث عنها مفصّلاً اكتفينا به حذراً عن التكرار .
واعتذاري في طبع الجزء الثالث قبل الجزء الأول والثاني أن أول تشرّفي في مجلس درس سیدنا الأستاذ العلامة دام ظله كان في بحث الاستصحاب وشرعت منه في الكتابة، فلا جرم تقدّم هذا الجزء الثالث على أخويه الذي [كذا] كتبناهما في الدورة المتأخرة من مباحثة سيدنا الأستاذ دام ظله)(٥).
والحاصل: أن السيد البهسودي كتب مباحث الألفاظ لنفس الدورة التي كتبها الشيخ الفياض “دام ظله”، ولكنك تجد في أكثر من موضع من الهامش هذه العبارة: (هذا ما سمعناه وضبطناه من إفادات سیدنا الأستاذ العلامة في مجلس الدرس، وقد عدل عنه أخيراً على ما وجدناه فيها كتبه بعض الأفاضل الأصدقاء) (٦) ثم ينقل الرأي الجديد عن تقرير الشيخ الفياض “دام ظله”، وهذا إما أن يكون مدعّماً لما أعتقده من أن الشيخ الفياض”دام ظله” أدخل التعديلات والإضافات في الجزء الثاني من كتابه من خلال الدورة المشروع بها سنة ۱۳۸۲هـ – (٧) أو لأجل أنه حصلت تغييرات في التقرير بسبب مراجعة المقرر للمقرر له قبل الطباعة(٨).
ولا يفوتنا التنبيه على أمرين:
أ – أن هوامش هذين الجزئين من مصباح الأصول قد اشتملا على موارد عديدة ذكر المقرر فيها إشكالاته وآراءه.
ب – أن النواقص في الكتاب قد سدّها القائمون على طبع الكتاب من تقرير الشيخ الفياض دام ظله، ويوجد فيها مقدار معتد به وهو من مفهوم الغاية إلى آخر مباحث الألفاظ.
٦ – ورد في ترجمة المرجع الراحل السيد أبو القاسم الكوكبي قدّس سرّه أنه حضر لدى السيد الخوئي من مبحث الاستصحاب وقرر ما حضره إلى آخر الدورة الأصولية، وقد ورد في المجلد الرابع من مباني الاستنباط المقرّظ بتاريخ ٧ محرم سنة ۱۳۷٦هـ.
(هذا آخر ما أورده سيدنا الأستاذ الأكبر “أدام الله أيام إفاضاته” في مباحث الاستصحاب والتعادل والترجيح والاجتهاد والتقليد، وقد وقع الفراغ من تسویده بید مؤلفه العبد الحاج السيد أبو القاسم الحسيني التبريزي… في ليلة الثلاثاء السابع والعشرين من جمادی الثانية سنة ۱۳۷٥ من الهجرة النبوية وقد أضفنا إليه جملة من المطالب عند ملاحظة سيدنا الأستاذ دام ظله الكراسات، حيث دفعنا توهم المناقشة عن بعض الموارد).
فهذا يعني أنه حضر استصحاب الدورة الرابعة، ثم إنه حضر الدورة اللاحقة وقرر مباحثها وطبع منها مبحثي القطع والظن في مجلد سنة ۱۳۸٦هـ وذكر في مقدمته:
(هذا المؤلف بين يديك الباحث عن الحجج الشرعية والعقلية وعن الأصول العملية الفقاهية نتيجة ما استفدته في الدورة الرابعة(٩) من تحقیقات سیدنا الأستاذ الأكبر شمس الهداية، زعيم الدراسة، علم العلم مثال السداد، مفصّل الصواب، فصل الخطاب، قبلة المشتغلين، آية الله الكبرى في الأرضين، سیدنا ومولانا الحاج السيد أبو القاسم الخوئي أدام الله أيام إفاضاته ونفع الأمة الإسلامية بإفاداته).
ومن هذا تعرف اتحاده مع مصباح الأصول في كلا الجزئين المطبوعين سوی أنه لم يطبع بقية الأصول العملية (۱۰).
۷- تقرير غاية المأمول في علم الأصول – وهو الذي كتبه آية الله الشهيد الشيخ محمد تقي الجواهري قدّس سرّه – هو حصيلة ثلاث دورات أصولية حضرها عند السيد الخوئی، فقد حضر منذ سنة ۱۳٦۵ تقريباً و إلى رجب ۱۳۸۲هـ وقد صرّح في بعض موارد الإضافة أن السيد الخوئي ذكر هذا المطلب في الدورة الثانية التي حضرها وذكر في الثالثة كذا، وذكر في التنبيه الحادي عشر من تنبيهات الاستصحاب إضافة من الدورة الثالثة التي حضرها في سنة ۱۳۸۰هـ وهو يتوافق مع ما نقلناه أعلاه في الملاحظة رقم ٣ .
وقد ذكر في مبحث اختلاف المبادئ في المشتق (ص ۱۹۲) مطلباً ذكره السيد الخوئي في (دورته الأخيرة سنة ۱۳۸۳هـ) وهذا يعني أنه شرع في دورة رابعة مع السيد الخوئي ! فما أعظمه من أستاذ لا تنتهي فوائده وما أحرصه من تلميذ على التعلّم والاستفادة.
وهو تقریر مختصر ودقيق ويرى بعض أساتذة البحث الخارج صلاحيته لأن يكون كتاباً درسياً بعد دراسة الكفاية كدورة أصولية مصغّرة على ضوء كتاب يشتمل على أهم الآراء الأصولية الحديثة.
۸ – اطلّعتُ على لقاء مع الشيخ حسن الصافي الأصفهاني “قدّس سرّه” صاحب الهداية في الأصول فذكر فيه: أنه حضر الدورة الثانية – ومقصوده الدورة الممتدة من ۱۳٦۵ – ۱۳۶۹هـ- للسيد الخوئي ثم حضر من الدورة الثالثة خصوص مباحث الألفاظ والتي تنتهي في سنة ۱۳۷۲هـ والذي أستقربه أنه قرر الدورة الأولى التي حضرها كاملة ثم قرر مباحث الألفاظ من الدورة التالية کما لعله يُرشد إليه بعض التواريخ في أجزائه والتي ذكرناها في بداية الدراسة.
۹- طُبع في سنة ١٣٤٩هـ تقرير لآية الله الشيخ أبو الفضل الخونساري قدّس سرّه تحت عنوان (البيان المسؤول في تقريرات الأصول) ويقع في مجلدين، ورتّب بحث أستاذه الخوئي قدّس سرّه على شكل الحاشية على الكفاية، وهو تقرير للدورة الممتدة من سنة ۱۳٦۵هـ تقريباً إلى أواخر سنة ۱۳٦۹هـ، حيث جاء فيه بعد انتهاء مباحث الألفاظ: (وقد تمت مباحث الألفاظ في الليلة الخامسة من شهر ربيع الثاني سنة ۱۳٦۷هـ) وفي نهاية الجزء الثاني: (وقد فرغنا عن هذه الدورة ليلة الاثنين الخامس والعشرين من ذي الحجة في سنة ألف وثلاث مائة وتسع وستين من الهجرة النبوية). إلا أن هناك بعض الأبحاث ساقطة من الكتاب.
۱۰- طُبع في سنة ١٤٣٧هـ تقرير العلامة الدكتور الشيخ أبو القاسم الكرجي “رحمه اللّه”، وهو يتحد بحسب الظاهر مع تقرير الشيخ الخونساري، حيث إنه – کما ورد في المقدمة – أقام في النجف الأشرف في الفترة الممتدة من سنة ۱۳۶۳هـ تقريباً وإلى سنة ۱۳۷۰هـ قال: (منذ وصولي إلى النجف الأشرف حضرت أبحاث عدد كبير منهم إلى أن وفّقت بعد جهد واختبار طويل اختيار أعمقهم علماً وأدقهم نظراً وأكثرهم فائدة، العالم الذي استفدت منه كثيراً…. آية الله السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي الذي كان حقاً وحيد عصره و فرید دهره).
۱۱-طبع لآية الله السيد محمد حسين الحسيني الطهراني رحمه اللّه خصوص مباحث القطع والظن، والدورة التي حضر هذه المباحث منها هي الدورة الممتدة من سنة ۱۳۷۰هـ إلى ۱۳۷٥هـ، حيث إنه ورد النجف الأشرف سنة ۱۳۷۱هـ وغادرها أواخر سنة ۱۳۷۷هـ كما ذُكر ذلك في ترجمته.
۱۲- طُبع مؤخراّ مجلدان من تقرير للسيد محمد الصدر رحمه اللّه تحت عنوان: تقريرات في علم أصول الفقه، وهو تقرير الدورة السادسة، وسيُطبع في ثلاثة عشر مجلداً، وقد ذُكر في مقدمة الكتاب عدة فوائد نذكر أهمها: منها: أن عدد دروس هذه الدورة كاملة ٨٣٤ درساً. ومنها : أن الشروع في هذه الدورة كان في ٩ شعبان ۱۳۸۲هـ الموافق لـ ٦/١/۱۹٦۳م وأن تاريخ الانتهاء كان في ١٥ شوال ۱۳۹۱هـ الموافق لـ ٤ / ١٢ / ١٩٧١.
۱۳ – ذكر الدكتور الشيخ محمد حسين الصغير نموذجاً من تقريره لدروس الأصول من بحث السيد الخوئي قدّس سرّه وكان موضوع البحث هو أصالة الصحة، وذكر أن ابتداء کتابته لها كان من ١٩ شوال ۱۳۹۰هـ(١١).
والخلاصة من كل ما تقدّم:
١- إن أقدم التقريرات من البدء إلى الختم يقيناً والتي لم تحصل فيها أي إضافة من دورات لاحقة هو تقرير الشيخ أبو الفضل الخونساري والدكتور الكرجي، كما أن هذين التقريرين مضافاً إلى الهداية في الأصول يتحدون مع تقرير الدراسات من أول مباحث القطع إلى مباحث قاعدة لا ضرر.
۲- أحدث التقريرات المطبوعة على الإطلاق هي تقريرات السيد محمد الصدر رحمه اللّه، والأقرب أن ما يليها هو الجزء الثاني من المحاضرات – أي من أول بحث الأوامر إلى آخر مقدمة الواجب (۱٢) – ، ثم يتحد المصباح والمصابيح وأصول فقه الشيعة في مباحث الألفاظ ويشترك معها المحاضرات من الجزء الثالث إلى الخامس، وألفاظ الدراسات متحدة مع ألفاظ الهداية حيث عرفت حضور الشيخ الصافي الأصفهاني في ألفاظ الدورة الرابعة.
٣- متن غاية المأمول يتحد في ألفاظه مع الدراسات والهداية مع ملاحظة ما يشار له في الهوامش من إضافات الدورة الثانية التي حضرها، ويتحد متنه مع المصباح والمصابيح ومباني الاستنباط والدراسات في الاستصحاب إلى آخر الدورة حيث كلها تقرير للدورة المنتهية سنة ۱۳۷٥هـ، مع ملاحظة ما يُشار له في الهوامش من إضافات الدورة الثانية التي حضرها، وغاية المأمول اشتمل على إضافات عن تلكم التقريرات فقد عرفت أنه حضر الدورة اللاحقة وسجّل الإضافات و أشار في الهامش إلى ذلك، ويفترق متن غاية المأمول عن الثلاثة – الدراسات والمصابيح والمصباح – من أول القطع إلى قاعدة لا ضرر، لكنه يشترك في متنه مع تقرير السيد الطهراني في مباحث القطع والظن.
٤ – جواهر الأصول وهو تقرير الحجة الشيخ فخر الدين الزنجاني رحمه اللّه في خصوص التعارض والاجتهاد والتقلید، متحدٌ مع المصباح والمباني والمصابيح والدراسات.
ولتسهيل الأمر على الإخوة الكرام نضع الجدول التالي:
رقم الدورة | التقرير |
الأولى | لم يصلنا تقرير لها |
الثانية | لم يصلنا تقرير لها |
الثالثة
(انتهت ۱۳۶۹هـ) |
حاشية أجود التقریرات کما استقربناه .
تقريرات في خارج أصول الفقه.
|
الرابعة
(انتهت ۱۳۷۵هـ) |
غاية المأمول في علم الأصول (مدمج)
أصول فقه الشيعة (مدمج) المجلد الثالث من مصباح الأصول. المجلد الرابع من مصابيح الأصول. |
الخامسة
(انتهت ۱۳۸۲هـ) |
غاية المأمول في علم الأصول (مدمج)
أصول فقه الشيعة (مدمج) بقية مجلدات مصباح الأصول ومصابيح الأصول. مجلد القطع والظن من مباني الاستنباط. |
السادسة
(انتهت ۱۳۹۱هـ) |
يوجد تسجيل لها.
المجلد الثاني من المحاضرات کما استقربناه (مدمج)
|
السابعة | لم يصلنا تقرير لها، وهي غير مكتملة. |
ملحق: حول كتاب المحاضرات.
أحببت في ختام المقالة أن أسلّط الضوء بشكل موجز على بعض الأمور المتعلقة بكتاب المحاضرات للشيخ الفياض دام ظله الشريف.
١- يتردد في بعض الألسن أن تقرير الشيخ الفياض دام ظله إنما هو تفريغ نصي من الدرس أو الأشرطة، وهذا غير صحيح، فإن الشيخ دام ظله ينفي ذلك، بل يقول: إن الطلاب في ذلك الوقت لم يكن لديهم أدوات تسجيل مضافاً إلى أن الكتابة أثناء الدرس كانت أمراً معيباً، وكانت وظيفة الطالب هي الإنصات والتركيز في ما يقوله الأستاذ ثم الكتابة بعد الدرس، بل سمعت منه دامت إفاضاته أنه كان يكتب التقرير في بعض الأحيان بعد أسبوع أو أكثر من إلقاء السيد الخوئي له اعتماداً على ذاكرته.
۲- تردد في بعض الألسن وبعض الكتابات أن الجزء الثالث المختص بمبحث الضد كان من كتابة السيد الشهيد الصدر “قدس سره” وكذا أن السيد الصدر كان يراجع الأجزاء قبل طباعتها بل إنه هو الذي أجاز طباعة الجزء الأول للكتاب بعد اعتذار السيد الخوئي من مراجعته لكثرة اشتغالاته، وهذا ما ينفيه سماحة الشيخ دام ظله نفياً قاطعاً جملةً وتفصيلاً.
٣- قد يؤخذ على الكتاب إسهابه، وتكراره للمطالب إلى حد يوجب الملالة، وهو صحيح في الجملة، ومع ذلك قد تميّز الكتاب بالبيان الجميل، وتوضيح المطالب بشكل لا مزيد عليه، بحيث إنه أصبح مفيداً في شرح وفهم كلمات الأعلام كصاحب الكفاية رحمه اللّه مما جعله معيناً لأساتذة وطلاب الكفاية ببيان جميل، كما أنه يُرجِع في كثير من الأحيان كلمات الأعلام إلى نقاط فيذكر بأن المطلب الكذائي مثلاً يرجع إلى نقاط ثلاث ثم يبدأ بمناقشة تلك النقاط واحداً تلو الأخرى وهذا مما يجعل الطالب ملتفتاً إلى مصب النقض والإبرام،
وتميّز الكتاب أيضاً على غيره من التقريرات في ذكره لخلاصة كل مطلب عبر نتائج مما يساعده في لملمة البحث و رسوخه في الذهن بشكل مرتّب.
٤ – قد يُقال في الكتاب إنه غير دقيق في عرض مطالب السيد الخوئي و أن غيره من التقريرات أدق، و قبل الجواب نقول : إن النسبة بين العديد من التقريرات نسبة العموم والخصوص من وجه من هذه الجهة، فقد يوفق تقرير لعرض مطلبٍ ما بشكل أدق وأفضل من تقرير آخر، وبالعكس، وحينئذٍ فينبغي ملاحظة المجموع ثم التقييم.
ومن ناحية أخرى فالكتاب منذ صدوره وإلى الآن هو المعتمد لدى كبار الفقهاء والعلماء في عرض كلمات السيد الخوئي في مباحث الألفاظ، مع أن كثيراً من تلامذة السيد الخوئي المباشرين كانت لهم تقريراتهم الخاصة – وإن لم تُطبع – ومع ذلك لم ينقلوا عنها(۱۳)، مضافاً إلى أنه طُبعت التقريرات الكثيرة (١٤) في الفترة المتأخرة إلا أنك تجد أساتذة الخارج المعاصرين لا زالوا يعتمدون في الدرجة الأساس على المحاضرات في أبحاثهم.
ويكفينا توصيف المقرر له سيد الأساطين “قدّس سرّه” للمقرر في كلا الجزئين بـ(المدقق)، وما قاله في تقريظه للجزء الثاني من الكتاب بقوله: (وبعد فإن کتاب محاضرات في أصول الفقه الذي ألّفه قرة عيني المعظّم، العلامة المفضال المدقق، الشيخ محمد إسحاق الفياض “دامت تأييداته” تقريراً لأبحاثنا العالية في علم الأصول، قد تميّز بالدقة والإتقان، وحسن الأسلوب والبيان).
هذا ما أردت استعراضه في هذه الدراسة المتواضعة، وأرجو الله تعالى أن أكون قد وفقت فيها، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على صفوة المرسلين محمد وآله الطاهرين.
محمد جعفر الزاكي – ليلة الخميس ١٣ ذو الحجة ١٤٤٠هـ.
الهوامش
(١) مصابيح الأصول ٥:٤ .
(۲) وسيأتي معضّد آخر في الملاحظة رقم ١ المتعلّقة بتقرير الدراسات، فانتظر.
(٣) عندما تشرفت بخدمته “دام ظله” ذكرت له ذلك، فأجاب بأن هذا ما هو مرتكز في ذهني، لكن بما أن السيد الأستاذ صرّح بالمعجم بأنه درّس ست دورات كاملات فالعمدة هو كلامه “قدّس سرّه”.
(٤) في مصابيح الأصول للسيد بحر العلوم عند تقريره لأول درس من دروس السنة التحصيلية عام ۱۳۷٦هـ المصادف ليلة الأحد ٥ شوال: بحث الترتب، وكتب في الهامش: قد تأخر البحث عن موعده مقدار دقيقتين حيث أعلن السيد الأستاذ قراءة الفاتحة على أحد طلاب البحث العلامة المرحوم السيد علي الشاهرودي، صاحب الدراسات حيث وافاه الأجل أوائل شهر رمضان المبارك لمرض ألّم به “تغمده اللّه برحمته”.
ويحسن هنا ذكر ما نقله العلامة السيد ضياء الخبّاز “حفظه الله” عن أستاذه سماحة آية الله الشيخ هادي العسكري “قدّس سرّه” أنه سمع من السيد الخوئي “قدّس سرّه” قوله عن المجلد المطبوع من الدراسات — أي الثالث — : (الإشكال عليه إشكالٌ عليّ) مما يعني أنه كان في غاية الدقة ونهاية الضبط في نقل مراده ومطالبه.
(٥) مصباح الأصول القسم الثاني من الجزء الأول : ١٠٥ .
(٦) لاحظ مثلاً : ج ۱ ص ۲٤۸، ج ۱ ص ٥٦٣.
(۷) لاحظ ما سيأتي في الحوار معه دام ظله.
(۸) لاحظ كلام السيد الكوكبي في الملاحظة الآتية.
(٩) والصحيح هو الخامسة كما ذكرنا في البداية.
(۱۰) قال آية الله السيد محمد جعفر الحكيم دام ظله أثناء حديثه عن مصباح الأصول: (ونظيره في ذلك بل مثيله حتى في العبارة – أحياناً – کتاب زميله في الدرس: مباني الاستنباط). تاريخ وتطور الفقه والأصول في حوزة النجف الأشرف: ۲۱۵.
(١١) أساطين المرجعية العليا : ۳۰٦. وهنا نلاحظ كيف أنه طالت مدة دورة الأصول بسبب كبر السن وتحمل أعباء المرجعية والأحداث التي كانت تعصف بالعراق عموماً وبالحوزة خصوصاً مما تسبب في تعطيل الدروس، فإن كلام الشيخ الصغير عن الدورة المبتدئة في شعبان سنة ۱۳۸۲هـ و عند المقارنة نجد أن السيد وصل إلى أواخر مبحث الاستصحاب بعد ثمان سنوات من الشروع في الدورة، بينما نجده وصل إليها في خلال أقل من خمس سنوات في بعض دوراته کما اتضح ذلك مما عرضناه.
(۱۲) وذلك لأن الجزء الثاني طبع سنة ۱۳۸٥هـ. وهذا يعني أنه بعد شروع السيد الخوئي في الدورة اللاحقة بحدود ٣ سنوات.
وفي حوار لي مع الشيخ الفياض دام ظله أفاد بأن: الجزء الثالث والرابع من المحاضرات طُبعا بادئ الأمر کراسات، وطبعت ووزعت على الطلبة، وذلك لأن السيد الأستاذ وصل في الدورة اللاحقة إلى مبحث الضد، فقال لي: أنت كتبت هذا المبحث فاطبع منه (فورمة فورمة) والفورم يساوي ۸ صفحات، فكنت آخذ ما أكتبه إلى المطبعة ويطبعونه وآتي به للسيد الخوئي ويطالعه ثم يأمر باستنساخها ثم توزيعها على الطلاب، وكان السيد الأستاذ يعتمد عليها في تدريسه، وكان هذا قبل طباعة المجلد الثاني، واستمر على هذا المنوال إلى آخر الجزء الرابع ومقدار من الجزء الخامس.
(۱۳) بخلاف ما تجده في تلامذة المحقق الميرزا النائيني قدس سره فإنه على الرغم من طباعة تقريرين مجازين منه إلا أن كثيراً منهم ينقل عن أستاذه ما حرره بقلمه ويدعي أن ما كُتب غير دقيق في عرض مطالب الميرزا، فلاحظ كتب الأعلام: الحلي والشاهرودي والبجنوردي والزنجاني “قدس سرهم”.
(١٤) ولا أُخفي القارئ الكريم أني أعتقد بأن الأمر زاد عن حده، فلا زال هناك بعضٌ من تلامذة السيد الخوئي أو ذويهم في صدد طباعة بعض التقريرات المتحدة مع تقریرات أخرى! مع أنه ينبغي صرف الوقت والجهد والمال في طباعة آثار أخرى لم تُطبع سابقاً كتقرير أبحاث التفسير، أو أبحاث غير مُشبعة كبعض الأبواب الفقهية التي درّسها مثلاً، أو صرفها في إحياء تراث علم من أعلامنا الماضين الذين تضن المكتبات بمؤلفاتهم القيمة.
تحميل الدراسة بصيغة بي دي اف